عرض مشاركة واحدة
قديم 12-25-2011, 12:17 PM
المشاركة 344
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
فيليب روثالحياة أبقى من الموت!
2011-12-12 23نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة46
بوابة الشعر والأدب


طالب الرفاعي



هلهناك أجمل من كتاب يجعلك تتبصر في حياتك؟ ويفتح عينيك على دهشة كانت مخبّأة تحت خفققلبك؟ ويصارحك بما يجول في خاطرك، دون أن تستطيع التصريح به! ثمة كتب تتوفر على سحرالكلمة، لذا فإنها تعرف كيف تأخذ طريقها إلى القلب، لتترك أثراً يجوس بين جنباته،ورواية “كل رجل- Everyman” للروائي الأميركي “فيليب روث- Philip Roth” ترجمة مصطفىمحمود، إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، بسلسلة الجوائز (74)، هي رواية من هذاالنوع.

فيليب روث، روائي أميركي يهودي منأصل دانمركي، وبسبب رواياته الذائعة الصيت، وترجماتها إلى كل لغات العالم، فإنلأعماله حضوراً بارزاً في أقطار الوطن العربي، لاسيما أنه بات من أبرز الأسماءالمبدعة المرشحة لنيل جائزة “نوبل للآداب”. وفيليب روث، بالرغم من يهوديته، فإنهمعروف بمواقفه المناصرة للقضايا الإنسانية، بما في ذلك القضية الفلسطينية، وميولهالمضادة للصهيونية، مثلما هو معروف عنه اعتراضاته الكثيرة على السياساتالأميركية.

إن حرص البشر على تأمين حياتهمالمستقبلية، وانهماكهم في التخطيط لها، يضعان أرجلهم على بداية طريق، لكن أقدارالحياة الملتوية ربما تقودهم إلى دروب اشتغالهم بوظائف أخرى غيرها، لتصبغ هذهالحياة مشاوير أعمارنا بألوانها الزاهية أحياناً، والكابية في أحايين أخرىكثيرة.

الروائي فيليب روث، قال، في أحدلقاءاته الصحافية، إنه لا يعرف طريقة أخرى غير الكتابة ليكون إنساناً أو رجلاً. وربما هذا ما جعله يكرّس حياته للقراءة والكتابة، وإذا ما أضيف إلى ذلك الموهبةالنادرة التي يتمتع بها، فهذا، مجتمِعاً، يبرر اهتمام العالم الأدبي والثقافيبنتاجه الإبداعي، وترجمة أعماله إلى معظم لغات العالم، وكذلك حصوله على جوائز كثيرةلم تتوفر لكاتب أميركي معاصر. لذا فهو الكاتب الأميركي الحيّ الوحيد الذي نشرت “Library of America”، أعماله في طبعة شاملة، ومن المقرر طباعة آخر ثمانية مجلداتمنها في عام 2013.

رواية “كل رجل”، هي رواية تخاطبالحياة عبر النظر إلى الموت، وتنظر إلى الموت باعتباره النهاية الحتمية لكل إنسان. ولأن الموت ثمن باهظ وقاصم للحياة، فإنه يمكن النظر إليه بوصفه يشغل كفة، بينماتشغل أحداث عمر الإنسان كلها الكفة الأخرى. وإذا كانت أحداث الحياة تمرّ بنا مرةواحدة لا تتكرر، فإنها تطبع أعمارنا بطابعها، ليصبح استرجاع أي لحظة فائتة ضرباً منالمستحيل، وليس للإنسان سوى ذكرياته معيناً لمعايشة لحظة عمر يشتاق إليها. لكن هذهالذكريات قد تكون عمراً آخر يتعيش عليه الإنسان حين يتقدم به العمر، ويجد نفسه طريحفراش المرض يستحضر أحداث حياته بانتظار لحظة مفارقته لها. ومن هذا المنظور فإنرواية “كل رجل” في استحضارها للموت، إنما تمجد فعل الحياة، ساعية إلى فتح أعينوعينا على جمال الوصل الإنساني، وأهمية أن نراكم الطيب والجميل والإنساني في شبابنالنحصد ثمراً طيباً وراحة ضمير في نهاية مطافها، وبذا فهي رواية موت تضمن بقاءهاالإبداعي ما بقيت حياة الإنسان.

إن حياة متقدمة بعيدة عن الأهلوالأصدقاء ليس لها إلا الوحشة والألم والمعاناة، وفي ذلك يصف روث حياة ووجع بطلروايته: “صحيح أنه اختار أن يعيش في وحدة، لكن ليس في وحدة غير محتملة، والأسوأ منأن تكون في وحدة غير محتملة هو أنه يتحتم عليك أن تتحملها” ص101. قد تكون الذكرياتواحة نعمة، لكنها بالتأكيد أعجز بكثير من بث شيء من فرح في لحظة حياة آفلة.

رواية “كل رجل”، بقدر خوضها فيحياة رجل أميركي خاصة، فإنها تنفتح على حياة الإنسان بعمومه أينما كان وفي كلزمان