![]() |
أحجية المطر
أحجية المطر كلما هطل المطر صعدتُ مسرعة إلى غرفة ولدي في الطابق العلوي ، قالوا لي أنه مات و هو يدافع عن أرضه وكرامته لكنني أنتظر قدومه مع كل لحظة أو قطرة مطر ، أضع على الطاولة كوبين من القهوة ، وما هي إلا لحظات و يأتي ولدي آخذه إلى صدري أتشبث بجسده مخافة أن يهرب مع قطرات المطر ،أقبله بلهفة...قلت: لا تذهب يا بني ، على الأقل حتى تأتي أختك وتراك فهي لا تصدق أنك تأتي مع المطر وتتهمني بالتوهم والمرض ! قال : لن تراني. قالها بجزم قاطع ثم قال : لن يكتمل عرس دمي ويورق الربيع إلا بعد أن تعود الكرامة والحقوق لأهلها ، بعد قليل صعدت ابنتي إلي كعادتها ألحظ في وجهها الشفقة علي ، أحيانا تبكي وهي تمسح بقايا القهوة الذي تركته على الطاولة وتلملم أوراقي التي نسجتُ فيها أشعاري الممزوجة بالدموع ... أشفق عليها أكثر مما تشفق عليّ ، حاولت إقناعي غير مرة قالت : ولم مع المطر؟! قلت : لأنه يروي الأرض والنخل والقمح. قالت محاولة تفنيد فكرتي : وفي الصيف!! قلت : ينمو مع الرطب. ملأت جدران البيت بصور ولدي ، مؤطرة بإطار مليء بالزهور ومكتوب على شريط أسود ( شهيد) لكنّ هذا لم يجد نفعا من قتل ابني في خلدي.. ذات يوم ماطر كعادتي في غرفة ولدي مشرعة بالنافذة التي تطل على شجرة الليمون ، كان هناك عصفورة تحض بيضها رغم المطر وبرودة الطقس ، شاهدت ولدي أكثر من مرة يرقب تفريخ بيضها...صعدت لي ابنتي لاحظتُ في تقاسيم وجهها ظلاما تنفر منه حتى الخفافيش، قالت لي برجاء: متى تُفيقين يا أمي ؟.كأني لم أسمع حديثا قلت: كان عندي هنا وأخبرني أن البيض سيقفس بعد ساعة ، نظرت إلي ، شعرت أنها تود تصديقي كما وأنها سئمت وحدتها وتود العيش في خيالاتي ، ترقبت البيض بإصرار غريب ،أفرخ البيض منشقا من ذلك العالم الصغير، تكاد عيناها تقفز من محجريها من فرط الدهشة،ارتمت على صدري وهي تجهش بالبكاء ، أدركت من حينها أن بدأت تفهم الحقيقة ولكني لا أظن أنها ستراها ... |
كثيرا ما نلوم هؤلاء المنفصلين عن الواقع لفرط الصدمة و الحزن و نرثي لهم و نشفق عليهم لكننا لم نحاول يوما ان ندخل عوالمهم .. هو ميكانزم دفاعي اخترعته هذه الام الثكلى المؤمنة بقضية ابنها الشهيد كي تستطيع تحمل ألم الفراق لكي تشهد على الأقل ما حرم ابنها منه
و يأتيها دوما مع المطر دلالة اخرى موقفة استخدمها الكاتب ليرمز بها للأمل القادم الطرح كان جميلا و موفقا إلى درجة كبيرة و الأداء اللغوي متميزا أ. موسى الثنيان تحيتي لك |
ياله من تصوير ..
كأن الزمن اختزل تلك اللحظة و صورتها أنت بقلمك موسى الثنيان .. أي أحجية تقصد ؟؟ المطر أم الدموع ؟؟؟ ممتع .. و حزين .. يا له من مزيج !! ممتنة |
اقتباس:
الأستاذة ريم بدر الدين ممتن لهذا الحضور الجميل |
اقتباس:
هي لحظة فريدة تعيشها الأم مع روح طاهرة شكرا لك |
الساعة الآن 01:09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.