![]() |
تراثنا العربي - حكمة ٌ و جمال (9) معن بن زائدة ( الحلم و الجود )
الحلم والجود
يروون أن جماعة تذاكروا فيما بينهم آثار معن بن زائدة وأخبار كرمه ، معجبيين بما هو عليه من الحلم ، فقام أعرابي وأخذ على نفسه أن يغضبه ، فأنكروا عليه ذلك ، و وعدوه مئة بعير أذا هو استطاع ذلك . فعمد الأعرابي إلى بعير فسلخه ، وارتدى بجلده ، واحتذى ببعضه ، ودخل على معن ، و أنشأ يقول : أتذكر إذ لحافك جلد شاة ٍ و إذ نعلاك من جلد البعير قال معن : أذكره ولا أنساه . فقال الأعرابي : فسبحان الذي أعطاك ملكاً وعلمك الجلوس على السرير فقال معن : إن الله يعز من يشاء و يذل من يشاء . فقال الأعرابي : فلست مُسَلّماً إن عشت دهراً على معن بتسليم الأمير ِ فقال معن :السلام خير ، وليس في تركه ضير . فقال الأعرابي : سأرحل عن بلاد ٍ أنت فيها ولو جار الزمان على الفقيرِ فقال معن :إن جاورتنا فمرحبا بالإقامة ، و إن جاوزتنا فمصحوبٌ بالسلامة . فقال الأعرابي : فجد لي يا ابن ناقصةٍ بمالٍ فإني قد عزمت على المسيرِ فقال معن : إعطوه ألف دينار ، تخفف عنه مشاق الأسفار ، فأخذها وقال : قليل ما أتيت به ، و إني لأطمع منك في المال الكثير فثنّي فقد أتاك الملك عفواً بلا عقلٍ ، و لا رأيٍ منيرِ فقال معن : ألفاً ثانياً، كي يكون عنا راضياً . فتقدم الأعرابي إليه وقبل الأرض بين يديه ، و قال : سألت الله أن يبقيك دهراً فما لك في البريةِ من نظيرِ فمنك الجود ُ و الأفضالُ حقاً و فيض يديك كالبحر الغزيرِ فقال معن :أعطيناه على هجونا ألفين ، فليعطَ أربعةً عى مدحنا . فقال الأعرابي :بأبي أنت أيها الأمير ونفسي ، فأنت نسيج وحدك في الحلم ونادرة دهرك في الجود ، و إنك لعلى خلق عظيم . ولقد كنت في صفاتك بين مصدق ومكذب . فلما بلوتك صغّر الخُبْرُ الخَبَرَ ، و ما بعثني على ما فعلت إلا مئة بعير جعلت لي على إغضابك . فقال له معن : لا تثريب عليك . و وصله بمئتي بعير ، نصفها للرهان و النصف الآخر له ، فانصرف الأعرابي معجباً بحلمه و أناته . |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أستاذنا القدير عزت فائق أبو الرب علمك الكبير ، وجهدك الواسع ، وتشجيعك المستمر . بارك الله فيك وفي قلمك وفي علمك ونشاطك. |
الساعة الآن 06:25 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.