![]() |
الذاكرة
الذاكرة
على الشاطئ عيناي هاتان الفقاعتان اللتان تسكنان على جانبي أنفي , الجزء المفتوح من الخد في الخدين مفتوحتان على قطرتين زرقاوتين تناظران عيني كالبعد بين زجاجتي نظارتي أصغرمنهما كعيني تماما 0 عيناي ؟ ... لاأرى لي عينين . تلكما في المرآة . بحران ؟ هذا الذي أراه بحرا . ليسا بحرين على جانبي أنفي 0 السماء تغسل ألوان البرتقال القادمة من المدينة 0 الساحل لاينتهي . يستريح هنيهة ويمضي . يتمطى بعيد بعيدا يترجرج البحرفي هذا الإناء العظيم 0 الموج يأتي ابدا إلى الشاطئ . لاارى موجايذهب . لاأرى شواطئ -غيرشاطئي - أخرى تنتظرموجا يأتي إليها 0 الكلب الصغيرالذي للتو اعتمد على نفسه تركته أمه على الشاطئ 0 الكلب الصغيرتركته أمه على الشاطئ ودخلت المدينة دونه . تخلت عنه 0 نسيت منذاللحظة دونه منذ الخطوة دونه أنه كان ابنها 0 ستأتي غدا إلى الشاطئ تأكل مما يقذفه البحروجيران البحرعلى الشاطئ . لن تذكرأنها تركت هنا ذلك الكلب الصغيرالذي إلى لحظة مضت كانت تكشر- حنانا عليه – أنيابها للريح وتعتدي – شغفا به – على الآخرين 0 لن تذكرشيئاعن ذلك الصغير0 كيف تموت الأمومة في الحيوان ؟ كيف تتألف الأمومة في الحيوان ؟ ستراه على الشاطئ لايعني لها شيئا , كلبا كأي كلب . كلبا ككل الكلاب 0 سيركبها يوما وستحبل له وتلد . هكذاتتكون قبيلة الكلاب 0 يسألني طفلي : مامعنى إبن الحرام ؟ " حينما نتعلم الكلام فإننا نتعلم أن نترجم . فالطفل حين يسأل أمه عن معنى كلمة فهوفي الواقع يطلب منها ان تترجم له المصطلح الذي لم يألفه إلى كلمات بسيطة يعرفها " * الكلب الصغيرينبح ويأكل شيئا على الشاطئ هل وعت أمه هذا الأمرودربته حتى استوى عوده ؟ كيف تعي هذا ؟ وتتركه على الشاطئ وترحل عنه ؟ أهي التي تتخلى عن أمومتها ؟ كيف ومتى تأتي تلك اللحظة التي تموت عندها الأمومة ؟ السيارة بعيدة تأتي من المدينة وتقف على شاطئ البحر خيط أبيض أم أسود ينسل منها, يقترب من الماء , ينحني . طرح شيئا أوالتقط شيئا . إنتصب . إنتظرقليلا قبل أن يعود وينزرق في السيارة 0 عادت السيارة إلى الخلف . إستدارت . تحولت نحوي . ضبطني ضوؤها . إنطلقت . جاءتني . كادت تدهسني رايت في نافذة من السيارة مفتوحة عينين تبحلقان في وجهي تتوتران في وجهي تندمجان في وجهي تلتقط وجهي وتطبعه في الذاكرة وتنحرف وتنطلق عائدة إلى المدينة 0 الكلاب لاتسوق المركبات إلى الشاطئ لتتخلى عن أمومتها وتترك صغارها وتدخل المدينة 0 القمرالمغربل يتناثربعيدا حتى مطلع البحر. والمدينة تزدرد السيارة 0 السماء تغسل ألوان البرتقال تنثر رذاذها على الشاطئ0 سمعت بكاءا0 أسمينا صوت الكلب نباحا لكنه يبكي 0 لم يستوعوده 0 أي نسيان عظيم جعل تلك الكلبة تنفرد عن بقية الكلبات وتتخلى عن صغيرها قبل أن يستوي عوده 0 أي أمومة تلك التي دون غيرها تموت قبل الأجل0 كل الكلبات يتركنهم عندما يرشدون 0 الصغيربين أحجارالشاطئ يبكي 0 الساحل لاينتهي يستريح هنيهة ويسيرلاينتهي وأناأسيرولاأنتهي وبكاؤه هذا الصغيريتبعني ولاينتهي 0 الساحل يتمطى بعيدا بعيدا وبكاؤه يتمطى معي لايفارق قلبي 0 لماذا هذا الصغيربكاؤه لا يبرح قلبي ؟ سأعود 0 أيتبنون الكلاب ؟ سأتبناه حتى يكبر . سأقول لزوجتي أننا لن نكون أبوين لهذا الكلب 0 سنعطف عليه حتى يكبرويستوي عوده يعتمد على نفسه 0 الكلاب لاذاكرة لهم – سأقول لها – لقد نسيت أمه أنه ابنها وإلى الأبد 0 حين يبلغ رشده – سأطمئنها – نأتي به إلى الشاطئ نتخلى عنه ونقفل راجعين 0 أننوب عن تلك الكلاب التي تترك صغارها على الشاطئ وتعود تدخل المدينة 0 الكلب الصغيريبكي . أعود . أوتارقلبي تعزف رأفة الرب 0 رذاذ ألوان البرتقال يتناثرعلى الشاطئ أمد يدي إليه : رائحة الفل . البحرالليلة يتنفس فلا أتحسسه : جسد رغو ناعم وفم شفاف وأصابع خمس ممتدة . لاذيل في مؤخرته . وهذا البكاء ليس ذلك نباحا إنه إنسان طري بدأ حياته للتوهذا الذي بين يدي 0 تلك السيارة ؟ شيئ خامرني وأنا ألمس رذاذ الموج على جسده الرضيع . لاأدري لماذا رفعته وتذوقت رذاذه حملت طفلي . الكلاب لايحملون أبناءهم . الكلاب لايعرفون أباءهم 0 بعد ثمانية عشرعاما أعني قبل ثمانية عشرعاما تمكن هذا الانسان بين يدي من أن يكتب وينادى باسم ثلاثي محوره أنا 0 في مرة من مرات البكاء التي تتحفنا بها زوجتي طعمت الدمع في خدها كطعم تلك الدمعا ت التي تخلفت مع إبني على الشاطئ حين تركته تلك السيارة وعادت إلى المدينة 0 الكلاب لاتذكرأبناءها . تتركهم على الشاطئ وتنساهم إلى الأبد 0 ليست كلبة تلك التي لازالت تذكرأنها منذ ثمانية عشرعاما لفت رضيعها في خرقة بيضاء وأتت به إلى الشاطئ وحين رأت رجلا يمشي على الشاطئ نحوها قبلته . بللته بدموعها وتركته على الشاطئ . جاءتني . كادت تدهسني . رأيت في نافذة في السيارة مفتوحة عينين تبحلقان في وجهي تتوتران في وجهي تندمجان في وجهي تلتقط وجهي وتطبعه في الذاكرة 0 راحت السيارة تغيب عن هذا الذي بين يديَ وتتماهى في السراب البرتقالي ---------------------- أكتافوبياث " في موضوع عن الترجمة |
الساعة الآن 10:05 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.