وجبة مُحرّمــــــــة
 

لا دخان بلا نار
\
/
\
هناك نار دخانها ( عـــــار )


صيام القلب عن ثمار حبه دليل (عتب)
و امتناع الأدب عن تذوق نبله (قلةُ أدب)

\
/
\

ذات اشتهاء، وقبل أن تُقدّم الفواكه الساخنة في أطباق الليل، وقبل أن ينتصب الضياءُ في قامة الليل، و قبل أن يخترق ندى الفجر غشاء الليل، وقبل أن ينتحر عطر اللقاء داخل زجاجته الثمينة، وقبل أن يبتر الوقت بسيفه، أقدام عقارب مسمومةٍ، خانت ثمن الزمن بزيفِ وهم،

كانت لليل حكاية، بدايتها تتوسل نهايتها، ونهايتها تصدُ عن بدايتها وتدفعُ بها إلى الجحيم.
/
\
/

خرجت ليلاً أحلام الشتاء دون رداء، حافية الصبر، عارية الفكر، حرارةُ جسدها تجاوزت مئة صيف، وأذابت حِدّةَ السيف،
رجمت سكون الليل بأنفاسِ عطرها،،فقتل الليل جوعه في ساحةِ جسدها،
هتك الهلع بأعصابها، وقضم الظلام تفاحة يقينها، التهمها، والتهم مسافةً كانت تفصل بينها وبين جنونها، نهش الندم روحها وشرب من دمائها.
/
\
/


اختبأت في جحر أسرارها هاربةً من عدالةِ الصبح، لكنها نسيت أنها تمتلك ساقين طويلتين ترقصان فوق ظهر الليل، بهما تُجيد لف الأعناق، وجذب الأحداق، ورغم إصابتهما بهشاشة الحياء إلا أنهما ترقصان بمهارةٍ فائقة..!

/
\
/
تحت لِحاف الصمت تسامر أفكارها، فتُسافرُ أفكارٌ وتُحكم أخرى قيد أسرها، لا تدري أين تكون، يكادُ الجنون يُهذبُها، لم يتبقّ من الوقتِ شيْئًا يؤنسها، سوى بالونة تراها تُحلق عالياً (تحت) غيماتِ ذاكرتها، تلونها الأحلام، وتذكرها بأروع الأيام. ما أروع تلك الأيام !، لكن لا بد أن يتخلل الأيام شيء من كِتمان الكلام.
بالونة صمتها ملئت بكامل أسرارها، تُحلق عالياً محكمة الإغلاقِ، تحلق بعيدًا خشية لهيب أنفاسها، وهي سعيدة تغني لذاتها،
تصفعُها الدنيا.
يا للمصيبة !!
إحدى الزوايا الحادة لتلك النجمة المتعالية قد ثقبت بالونة صمتها، فتساقطت أسرارها في آذانِ همسها، فاستيقظ صوتها حروفاً صاخبةً تنتحِبُ بين أضلاعِ هولها.

هربت إلى جسرٍ هزيلٍ يُصدر أنيناً تحت انفعالاتِ السماء، وترك لها الليل لحناً حزيناً يُغنّي على أوتارِ ماضٍ مسودّ.. خفافيشُ الكهوفِ ترحلُ إليها، وهناك أصواتٌ تعاتبها بقسوة حين اتضحت أطرافُ الدنيا في عينيها.

اقشعر جلد السماء، بكت ضجيجاً أخرس الأرض، حطم جباه الطرق، وألثم القناديل ظلمة سوداء !
الذهول سرق من صحاري الصمت رمالاً ليدفن صرخته في جوف أحشائه، فعندما ترقص النار في مدفأة الصيف، وتُغلق نوافذ الضميرعمداً من الداخل؛ تحترق غابات الليل، وتذوب أنامل الشتاء في وعاء الروح، فتغرق الروح في وحل الألم ولن يأخذ الألم بثأره !

/
\
/

مدينته مكتظةٌ بالأكاذيب، تدّعي النسيان وتهزأ بعقارب الوقت، مصابيحها متثائبة، أرهقها طول الليل، فلا شيء هناك سوى الظلام !
فضولهم بات يهرول في طرقات الإنصات، فاليوم الذي ظنوه مفقوداً، أو أن حيتان النسيان قد ابتلعته كما زعموا، قد وجد في ملجأ ناءٍ عن الوجود..
كان أسيراً في أعماقها، مكبلاً بألسنة الكتمان، لكنه كان طليقاً هارباً من ذهنها، ينام كحلمٍ مع الأحلام !

من يقبض من الصمت رشوة سيبقى في عجزٍ دائمٍ عن الكلام، وسيرقص الخوف في نبراته ونظراته، ولن يفصح للوحدةِ عن خفايا ذاته !
لقد ضاع وجهها في ساعته المتأخرة من الليل، برد طبق اللذة على مائدة الانتظار، ذابت شموع السهر حين تنهدت أركان الليل، فلا شيء في وقت سيدها سوى الحسرات.. والحسرات فقط !!

سأدع الصبح يتثاءب في الليل، والليل يرقص مع الشمس في الصبح، فتختنق كل السيقان، وتتكسر على جبين الورد أفواج من الراقصين والراقصات فوق مدفأة الصمت.. الصمت الذي يكوي الوجوه قطعة قطعة؛ كقطع الحلوى التي كانت تمشي على الرصيف في النهار، وتداس بالجباه والشفاه في أطراف الليل، عندما يعشق القمر قهوته حلوة، وتسهر خفافيش الليل حتى ساعات الشروق..!!
القديرة/ ريم.
شكرًا، تكفي؟
لقد قرأت فكرًا..
أبو أسامة

أختي الفاضلة ريم حفظها الله

مثيرة هذه الوجبات المحرمة ،

يلزمنا وقت كاف لكي نسبر أغوارها ،

نص فلسفي عميق تُقنا له منذ زمن حان أوانه الآن بيدك وفكرك المهيب

تحيتي وأحترامي مع جوري القدس بهية المدائن