![]() |
في بيتنا مطر
في بيتنا مطر
عبد الرحمن محمد الخضر المطر يقبع في السطح , يحفر في الإسمنت والخشب , ويفتح إلى السقف ثغرة إثرثغرة0 في شمال السقف يكمن عنكبوت في شبكة بيضاء تورطت فيها مجاميع من النمل والبعوض وفراشتان وجرادة وخنفوس وديزنة ذباب 0 " المطر يتبق بق في الخارج " سحبت عينيٌ من السقف فمال رأسي يسارا ويرصان في الجدار لا يبرحانه كبصمتين في عقد سحبت عينيٌ إلى الأسفل فحطت في الركن بين أقدام, وأعناق, وقضبان , وأصابع , وسيقان , وأفخاذ , وحواجب , وصدور, ورموش , وبطون , وأنوف , وأيد , وعيون , وأجفان , وأكف , وشوارب , وآذان أفرغت فوق فاطمة وتناثر بعضها على جانبيها وعند طرفيها 0 " البرق يلمع في الخارج ويتوهج بيننا في شقين من الجدار " سحبت عينيٌ نحوي فحطت اليسرى أيمن المخدة وحطت اليمنى القاع بين قوافل الماء0 " فاطمة بي رغبة إليك . كيف من بينهم ؟ " لملمت عيني اليمنى بين القوافل حطت يمين المخدة وقفزت اليسرى إلي يمين اليسار0 دسست ذراعي اليسرى تحت يسار اليسار ووضعت كف يميني خلف جبهتي , غاصت أنفي في المخدة وشهقت أذناي 0 أدخلت في جوفي جبلا من الأنفاس شهق بظهري إلى قمته وراح يطحن صدري في السرير0 زفرت كثعبان يتلوى في وكره وأوصد صدري منافذه , شدها من كتفي إلى كتفي ومن منتصف القولون المستعرض إلى منبت لساني 0 إنفجرت الزفرة بين حدود البنكرياس ورأس المعدة وشمال غرب الكبد عند مثلث القفص الصدري فانقلبت صدرا على ظهر0 انفلتت قطرتا ماء من السقف ودخلتا جوف فمي مع مرفقاتهما 0 زحزحت سريري إلى اليسار : ثمة مساحة جافة هنا لكن رأس السرير لازال يغرورق0 زحزحته إلى اليمين مع سحبة إلى الجنوب . تمددت 0 راحت قطرة تلذع ذقن سرتي , وقطرة تقرع منتصف جبهتي تدثرت وأشنفت سمعي إلى القطر قطرة فوق بطن . قطرة فوق جفن . بين جفنين . في سرة . فوق شفة . بين شفتين . بين فخذين . على دثار . قطرة تطن في صحن . وقطرة تتغرغر في التراب0 أقوام من الإيقاعات تضرب في كائنات وأشياء الغرفة 0 خيول البقابق تزحف في مسمعي راحت فاطمة تدثرهم بما اتفق من أغطية تمددها فوق أجسادهم العارية , تسحبها إلى طرف فتنحسر عن طرف . تلملمهم هنا فينفرطون هناك 0 رحت ألملم معها . نكومهم في المساحات الجافة كومة كومة لكن كل المساحات ابتلت . انتثرت كومة وانتثرت أخرى 0 بكى أحدهم . انفتح فم ثان وثالث . انفتحت الأفواه كلها 0 في كل نقطة في السقف قطرة تتخلق فيها قطرات تكبر, تثقل , تترهل , تمط أنوفها إلينا وتهوي 0 إعتجن التراب بماء الأجساد . تلطع وسال 0 وقفت , ووقفت فاطمة , ووقف الصغار بين قوافل الماء 0 اتجهت إلى باب الغرفة فتحته وخرجت إلى الحوش أهطل مطرا وخرجت في إثري فاطمة تهطل مطرا فوجدنا فوقنا سماءا حنونة زرقاء لا يخد ش ألقها سحابة يتربعها قمر وهاج 0 جثت فاطمة على ركبتيها وقطبت عينيها إلى السماء : لماذا المطر غزير هكذا في بيتنا يا إلهي ؟ وتهطل مطرا 0 وأنا أبحلق في هذا الصفو الأزرق الذي لا تحده حدود وأرفع كفي وأدعو : اللهم اجعل سقف بيتنا صحوا كهذه السماء وأهطل مطرا 0 وحولنا يتحلق الصغار يحاولون شيئا مثلنا ويهطلون مطرا |
الأديب الكريم عبد الرحمن محمد الخضر المحترم
أرحب بك وبأسلوب كتاباتك الجميل وأرجو أن تجد في منابر الخير كل متعة وفائدة . . قرأت قصتك هنا بشغف ورغبة . . وقد أعجبتني جداً . . ومن ناحية ثانية فلا أعلم لما خطر في بالي خاطر . . لو يكتب هذا الأديب المميز بمثل هذا الأسلوب عن الثورة . . وما يحدث في بلادنا الحبيبة على أرض الواقع . . فالأمة العربية تحتاج إلى توثيق كل ما يحدث . . كي يعرض كل ذلك في صفحات من نور للأجيال القادمة . . عزيزي . . أهلاً وسهلاً بك بيننا . . دمت بصحة وخير . . ** أحمد فؤاد صوفي ** |
الساعة الآن 01:00 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.