![]() |
أثناء المطر
( أثناء المطر ) لأن .. الطفل سؤال .. لا يكفّ عن السؤال . ( فرج أبو شينة ) ( أ ) .. البرق يشطر الليل .. الرّعد يقصّ الكهرباء .. المطر يصفع زجاج النافذة .. القطة الصفراء تتكوّر قرب الكانون .. تتثاءب أحيانا .الأم تطرّز جوربا .. تمدّ ساقيها .. رؤوس أصابع قدميها تكاد تلامس حافّة الكانون . الطفل ينبطح على بطنه فوق النّطع .. مسندا وجهه براحتيه .. يثني رجليه إلى الأعلى .. يؤرجحهما إلى اليمين وإلى اليسار .. يتأمل لهب الفنار .. يقضم الكعك ويطرح الأسئلة : ـ أمّي ؟ ـ نعم . ـ متى يتوقف المطر ؟ ـ حين تذوب الغيمة . ـ ومتى تذوب الغيمة ؟ ـ ربما بعد ساعة .. هذا يتوقف على حجم الغيمة . ـ من أين يأتي الغيم ؟ ـ من البحر . ـ لا أصدّق ذلك . ـ الشمس تسخّن البحر .. فيتصاعد البخار .. ثم يبرد .. تسوقه الريح .. وحين تعجز عن دفعه يسقط . لماذا هذه الدورة الطويلة ؟ ـ هكذا شاء الله . ـ لماذا لا يمطر الله بلا غيم ؟ ـ ....... ( س ) ـ أمّي ؟ ـ نعم . ـ لماذا بيت جيراننا بخمس غرف .. بينما بيتنا بغرفة واحدة ؟ ـ هذه هي الدنيا .. هناك أغنياء وهناك فقراء . ـ لماذا ؟ ـ هكذا اقتضت حكمة الله . ـ وما الحكمة في أن يكون بيتنا بغرفة واحدة ؟ ـ ........... ( ئ ) ـ أمّي ؟ ـ ماذا أيضا ؟ ـ متى يأتي أبي ؟ ـ حين تنتهي الحرب . ـ ومتى تنتهي الحرب ؟ ـ لا أحد يعرف . ـ هل الفقراء فقط هم الذين يدافعون عن الوطن ؟ ـ غالبا . ( ل ) ـ أمّي ؟ ـ ماذا هذه المرّة ؟ ـ لماذا يضعون الأموات في حفرة ؟ ـ إكراما لهم . ـ وما الكرامة في وضع الناس في حفرة وإغراقهم بالتراب ؟ ـ الأموات يذهبون إلى السماء . ـ كيف يذهبون إلى السماء عن طريق حفرة في الأرض ؟ ـ ............... ـ هل سأموت أيضا ؟ ـ .............. ـ لماذا نولد إذا كنّا سنموت ؟ ـ ............... ـ أين الله ؟ ـ ................. ـ لماذا الحرب ؟ ـ ............ ـ ما هو الوطن ؟ ـ ............. ـ طيب سأسأل أبي حين يعود . ( ة ) .. المطر يصفع زجاج النافذة .. القطّة الصفراء تتكوّر قرب الكانون .. الأمّ تغرق نفسها في تفاصيل الجورب .. الطفل يغفو فوق النّطع متوسدا ذراعه .. يتحدث أثناء نومه : ( متى تنتهي الحرب ؟ لا أريد أن يذهب أبي إلى السماء ) .. ينعكس على وجهه ضوء الفنار الخافت .. في رأسه الصغير الكثير من الأسئلة العالقة .. وفي يده كعكة مقضومة . ( أحمد يوسف عقيلة / ليبيا ) * الكانون في اللهجة الليبية .. موقد النار . * الفنار .. مصــــــباح الكيروسين . |
اقتباس:
تحيّاتي أشكرك أستاذنا الواعي محمد عبد الرزاق عمران على ما تقدمه من أدب جديد رائع ، ننتظر دائما عبير حرفك العبق ، واشراقاته الندية ومشاركاتك العذبة في منابر علوم اللغة . بوركت ، وبورك اليراع. |
* ماجد جابر .. أيها الجميل .. سعدت بحضورك المؤثر دائما .. شكرا لك .. مودتي .
|
الساعة الآن 04:11 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.