![]() |
موسم الحكايات 1
( الحكاية الأولى ) [justify]كان ثمة مخلوق يسكن في أحد الفنادق في بنغازي الضّيقة الصّدر ، وكانت غرفته لا تحتوي سوى آلة كاتبة ، وحزمة من الورق ، ومنفضة سجائر ، وبعض الأثاث القديم ، وكان صامتا طول الوقت ، ولكن عندما يطول الليل إلى حدّ تتمنى أن تحكي فيه لأحد ما ، تنبعث ـ عبر الصّمت ـ أصوات الحروف فوق الآلة الكاتبة ، ممزقة سكون الليل ، وأحلام النزلاء في الغرف المجاورة . وطفق الرّواد يشتكون بلا انقطاع ، لأنهم يريدون أن يحلموا فقط ، على حين ظلّ يواصل حكاياته لآلته الكاتبة ، شاعرا بصداقة الحروف التي ستقبّل ذات يوم عيون الآخرين المستغرقة الآن في نوم عميق ، ولم يعد أمامه سوى أن يغيّر غرفته في نفس الفندق .. وتكررت نفس الشكوى ، وتكرّر تغيير الغرف ، بينما لم يحدث أيّ تبدّل في مسلكه سوى أنّه اكتشف حقيقة بالغة الأهمية وهي أنّ الغرف كلّها واحدة سواء في الفنادق أو منازل الأهل أو الأصدقاء ، أو حتى في البيوت المهجورة هناك ، في أقصى الأرياف ن أثناء رحلة ما . الشئ الوحيد الذي يتغيّر هو الإنسان نفسه .. فعندما تفتح عينيك في الصّباح في غرفة جديدة ، تشعر فجأة بالذهول ، وتحاول أن تتذكر جيّدا ، في لحظات استيقاضك الأولى ، أين نمت ليلة البارحة ، محاولا أن تتعرف على الجدران ، والأثاث ، وجهة النّافذة أو مكان الباب ، إلى أن تكتشف أنّك نمت في غرفة أخرى أو منزل آخر ، وليس في حجرتك المعتادة ! ذلك المخلوق لم يعد يعتاده هذا الشّعور ، لم يعد يشعر بالحيرة حين يستيقظ ، ذلك أنّه أدرك أنّ السّقف واحد ، وأنّ الأرض واحدة ، وأنّ الإنسان وحده هو الذي يضع الفروق بين الغرف ، والمنازل ، والمدن ، وبين البشر كذلك ! [/justify] ( خليفة محمد الفاخري / ليبيا ) |
نصّ توعوي رائع مليء بالعبر والتوجيهات الإجتماعية المفيدة القيّمة، أعجبتني الفكرة جداً.
محبتي مطر |
* مطر .. أسعدتني زخاتك المنعشة هنا .. شكرا لك .. مودتي .
|
الساعة الآن 12:56 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.