![]() |
|
العجوز المتصابي
العجوز المتصابي في عصر العولمة مقامة*: نزار ب. الزين* همست في أذن صديقي أبوسمير،بعدأن نفثت أحر زفير .... *فن المقامةقلت يا أخي أعترف لك أني عاشق، و كأنني غِرّ مراهق،عيناها يا صديقي - آه من عينيها - تدوخان، خداها بحمرة غامضة يتوهجان ، وشفتاها تعزفان على أوتار قلبي عندما تتحركان ، وإذ أكون بقربها أنسى الزمان و أتوه في دهاليز المكان . قال :- وأيم الله انك لمجنون ، أو عجوز خرف و مأفون ،من كان في عمرك انزوىفي محرابه ، و استغرق في صلواته ، في انتظار ساعته ! قلت : صحيح أنني مصدور و بتعددالعلل مقهور، و قد اشتعل رأسي شيبا و ملأت وجهي الغضون و البثور ؛ إلا أن قلبي لازال ذلك الخافق ، و كأنه لغرّ مراهق .!. قال: بالله دعك من حديث الهزل و الخيال ، و انقلنا إلى الجد و حقيقة الأحوال . قلت : إذاً حدثني عن رأيك بالعولمة فهي أحدوثة اليوم الشائعة! و بعد طول تمحيص و تفكير أجابني صديقي أبو سمير : قال:- هل تعلم يا أخي أن العولمة هي بنت عم الهيمنة ؟ و أنها ظاهرة إنسانية منذ البدايات البشرية ، فما امتداد الإمبراطوريات عبر البلاد ، الا من ضروب العولمة و أشكال من التسلط و السيطرة ، تسلط القوي على المقدرات و نهب الثروات و الخيرات ، و استعباد الناس و تسخير الأجناس . ما الفارق بين حمورابي و توت عنخ آمون ، أو بين الاسكندر المقدوني و نيرون ، أو خلفاء أمية و بني العباس و العثمانيون ، و ما الفرق بين هتلر و نابليون أو بين موسليني و أباطرة النيبون ؟ كلهم هدفوا إلى الهيمنة التي نسميها اليوم العولمة! قلت لصديقي أبوسمير بعد روية و طول تفكير، ولكن الاستعمارغاب يا أخي في بطون التاريخ ، وعولمة اليوم تجارية و ثقافية،ومن يمتلك زمام التقنية و جودة الإنتاج، وفنون الدعاية و الرواج، فاز بالأسواق وانتشرت منتجاته عبر الآفاق . قاطعني أبو سمير بشيء من المودة،مشوبة ببعض حدة : أنت يا صاحبي إما جاهل أو متجاهل ، فما الفارق بين البونابارتية و النازية و الفاشية و بين مناهج دول هذاالعصر الإمبريالية ، إلا باختلاف الأسلوب و المناهج الإحتيالية ،فالمسلوب يبقى مسلوبا ، و المنهوب يظل منهوبا ، وخيرات الضعفاء يستمر بابتلاعها الأقوياء . لقد كانت العولمةتفرض بالحديد و النار و أساليب الحماية و الاستعمار، و اليوم تفرض عن طريق المنظمات الأممية و دوائرالاستخبار ، وعقول العلماء بمساعدة العملاء . لا حاجة اليوم لتجييش الجيوش من أجل تقويض العروش، فشراء حفنة من الضباط تقلب اعتى بلاط ،وتحريك زمرة من المأجورين تذهب بمنجزات المخلصين . لقد نطق صديقي بالحكمة و أفحمتني معلوماته الجمة، و لكنني عدت لواقع الحال ، فوجدت هناك بطشا لا زال ، و إحتلالا و قتلا و إغتيال ، و أن القوي لا زال لحق الضعيف أكّال . وإذ تركته مودعا عدت إلى خيالي و إلى أحلام الليالي،أنسج من ظلام الليل جدائل شعرها و من خيوط البدر نور وجهها ،ولم تثنني آلام مفاصلي و قرقعةعظامي ، أو ارتفاع السكر في دمائي،عن تكوين صورتها في عمق خيالي ! حقا أنى لعاشق كأنني غرٌّ مراهق؛ و لكن لاحيلة لي فقلبي لازال بالحب خافق ! ------------------------------------ المقامة جنس أدبي يعتمد على الترصيع البياني وتسجيع نهايات العبارات ولذا اعتبر فنا، ويمتاز بطرافة موضوعاته و ميلها الى التهكم و التندر و الفكاهة؛ و أشهر من كتب في فن المقامة : بديع الزمان الهمزاني _ أحمدحسين الهمزاني 1007 ميلادية ) و( الحريري - محمد القاسم الحريري 1112 م.) ------------------------------------ *نزار بهاء الدين الزين سوري مغترب عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب الموقع : www.FreeArabi.com --------------- |
حقا انك تتقن هذا الفن وارى بأنه يمكن تطوير هذه الحكايات لتصبح مجموعة شيقة على شاكلة الف ليلة وليلة...
|
العجوز المتصابي
العجوز المتصابي في عصر العولمة مقامة*: نزار ب. الزين* همست في أذن صديقي أبوسمير،بعد أن نفثت أحر زفير .... *فن المقامةقلت يا أخي أعترف لك أني عاشق، و كأنني غِرّ مراهق ، عيناها يا صديقي - آه من عينيها - تدوخان ، خداها بحمرة غامضة يتوهجان ، وشفتاها تعزفان على أوتار قلبي عندما تتحركان،وإذ أكون بقربها أنسى الزمان و أتوه في دهاليز المكان . قال :- وأيم الله انك لمجنون ، أو عجوز خرف و مأفون ، من كان في عمرك انزوى في محرابه، و استغرق في صلواته ،في انتظار ساعته ! قلت : صحيح أنني مصدور و بتعدد العلل مقهور، و قد اشتعل رأسي شيبا و ملأت وجهي الغضون و البثور ؛ إلا أن قلبي لازال ذلك الخافق ، و كأنه لغرّ مراهق .!. قال: بالله دعك من حديث الهزل و الخيال ، و انقلنا إلى الجد و حقيقة الأحوال . قلت : إذاً حدثني عن رأيك بالعولمة فهي أحدوثة اليوم الشائعة! و بعد طول تمحيص و تفكير أجابني صديقي أبو سمير : قال:- هل تعلم يا أخي أن العولمة هي بنت عم الهيمنة ؟ و أنها ظاهرة إنسانية منذ البدايات البشرية ، فما امتداد الإمبراطوريات عبر البلاد ، الا من ضروب العولمة و أشكال من التسلط و السيطرة ، تسلط القوي على المقدرات و نهب الثروات و الخيرات ، و استعباد الناس و تسخير الأجناس . ما الفارق بين حمورابي و توت عنخ آمون ، أو بين الاسكندر المقدوني و نيرون ، أو خلفاء أمية و بني العباس و العثمانيون ، و ما الفرق بين هتلر و نابليون أو بين موسليني و أباطرة النيبون ؟ كلهم هدفوا إلى الهيمنة التي نسميها اليوم العولمة! قلت لصديقي أبوسمير بعد روية و طول تفكير، ولكن الاستعمار غاب يا أخي في بطون التاريخ ، وعولمة اليوم تجارية و ثقافية ، فمن يمتلك زمام التقنية و جودة الإنتاج ، و فنون الدعاية و الرواج، فاز بالأسواق و انتشرت منتجاته عبرالآفاق . قاطعني أبوسمير بشيء من المودة ، مشوبة ببعض حدة : أنت يا صاحبي إما جاهل أو متجاهل ، فما الفارق بين البونابارتية و النازية و الفاشية وبين مناهج دول هذا العصر الإمبريالية ، إلا باختلاف الأسلوب و المناهج الإحتيالية ،فالمسلوب يبقى مسلوبا ، و المنهوب يظل منهوبا ، و خيرات الضعفاء يستمر بابتلاعها الأقوياء . لقد كانت العولمة تفرض بالحديد و النار وأساليب الحماية و الاستعمار، و اليوم تفرض عن طريق المنظمات الأممية و دوائرالاستخبار ،وعقول العلماء بمساعدة العملاء . لا حاجة اليوم لتجييش الجيوش من أجل تقويض العروش ، فشراء حفنة من الضباط تقلب اعتى بلاط ، وتحريك زمرة من المأجورين تذهب بمنجزات المخلصين . لقد نطق صديقي بالحكمة وأفحمتني معلوماته الجمة،و لكنني عدت لواقع الحال ، فوجدت هناك بطشا لا زال ، و إحتلالا و قتلا و إغتيال ، و أن القوي لا زال لحق الضعيف أكّال . و إذ تركته مودعا عدت إلى خيالي و إلى أحلام الليالي،أنسج من ظلام الليل جدائل شعرها و من خيوط البدر نور وجهها ،ولم تثنني آلام مفاصلي و قرقعةعظامي ، أو ارتفاع السكر في دمائي،عن تكوين صورتها في عمق خيالي ! حقا أنى لعاشق كأنني غرٌّ مراهق؛ ولكن لاحيلة لي فقلبي لازال بالحب خافق ! ------------ ------------------------ المقامة جنس أدبي يعتمد عل ىالترصيع البياني وتسجيع نهايات العبارات و لذا اعتبر فنا ، و يمتاز بطرافة موضوعاته وميلها الى التهكم والتندر والفكاهة ؛ و أشهر من كتب في فن المقامة : بديع الزمان الهمزاني _ أحمد حسين الهمزاني 1007 ميلادية ) و( الحريري - محمد القاسم الحريري 1112 م. ------------------------------------ *نزار بهاء الدين الزين سوري مغترب عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب الموقع : www.FreeArabi.com ------------------------------------ |
مساء الورد
منذ فترة طويلة لم نقرأ نصا كتب بأسلوب المقامات و هذا هو أ. نزار الزين يقدم القصة في قالب المقامة بكل اقتدار زخر النص بالكثير من الافكار الغنية و المتميزة أ. نزار الزين تحيتي لك |
اقتباس:
****************** أختي الفاضلة ريم ممتن لزيارتك و إطرائك الدافئ الذي أعتبره وشاح شرف طوق عنقي و على الخير دوما نلتقي معا لنرتقي نزار |
اقتباس:
*********** إشادتك بأسلوب كتابة هذه المقامة شهادة شرف سأظل أعتز بها فلك الشكر و الود بلا حد نزار |
أخي العزيز نزار الزين ، كتبت فأجدت ، هنا أجدك تطرق فنا تراثيا جميلا برع فيها الأسلاف كالحريري ، والهمذاني ، وحتما سيمر بخيالنا اسم عيسى ابن هشام ، ونحن نستمع لحكييك المتقن ، على لسان الراوي المتصابي في حديثه عن العولمة ، دام لك وهج الإبداع.
|
سلام الله عليكم الأخ الغالي الأديب القاص نزار ب الزين أكنب وأنا يغمرني شعور الاشتياق إليك , والاشتياق لقراءة أعمالك , صحيح أننا لم نلتق يوما في زمان أو مكان , ولكنا كما يمكن أن يطلق علينا : أصدقاء في العالم الافتراضي وقصة " العجوز المتصابي " التي كتبت بفن المقامة الخفيف , دونما إغراق في الصنعة البديعية , وهذا يسجّل للقصة , جاءت بالاسلوب القصي الذي عهدناه , للقاص نزار ب الزين , الذي يشعر القارئ وكأنه في جلسة ودية , يستمع خلالها إلى حكاية هادفة , ترويها شخصية دمشقية محببة , في جوّ من الحميمية , وببساطة المفردات , وسهولة البناء , يوَضب القاص الأجواء , لما يريد أن يصل إليه , مستخدما بعض الجمل الشائعة , أو اللقطات الحارة , من الصور اليومية ,أو بعض الاستحضارات التاريخية , دون الولوج في تفصيلاتها أو مراميها , ونجد القاص نزار ب الزين , في قصته العجوز المتصابي , عندما أراد أن يرسم وجهة نظر في موضوع العولمة , وهو موضوع ثقيل على النفس , لجأ إلى مقدمة مشوّقة , تتضمن مفارقة إجتماعية خفيفة الظل , يشعر القارئ وهو يتابعها , وكأنه يسمع القاص وهو يغالب ضحكته , وكأننا أمام طاه بارع , وهو يضع البهار الشهي , فوق طبق وجبة الطعام , حتى عندما قدّم القاص وجهة نظره في العولمة , فقد أوردها بشكل غير مباشر , بإسلوب رشيق , مستخدما إسلوب المشابهة , عبر استحضار نماذج تاريخية مقارنة , ويسجل له سهولة ايصال الفكرة , وإن كنت شخصيا , لاأوافق القاص تضمين نماذجه المقارنة , نموذج الدولة الأموية , فقد كانت هذه الدولة امتدادا , لنشر رسالة , وبناء حضارة . وقصة " العجوز المتصابي " بصورة عامة , قصة ناجحة , سهلة شيّقة , وجميلة هادفة . د. محمد حسن السمان ملاحظة : هناك بعض الهنات اللغوية , التي لم تؤثّر في النص , ربما نجمت عن لوحة المفاتيح , أو عن الانسجام مع الموسيقا اللفظية للكتابة المقامية . |
اقتباس:
*********** و دام لطف تعبيرك أخي محمد محضار متضمنا ثناءك الذي أعتز به فلك من الشكر جزيله و من الود عميقه نزار |
اقتباس:
********* أخي الحبيب الدكتور محمد حسن السمان يشرفني أن أكون صديقك الإفتراضي و الفضل لهذه الطفرة الألكترونية المسماة بالشبكة الدولية أو "الأنترنيت" التي عرفتني بك و بزملاء عرب كثيرين من المحيط إلى الخليج *** أما تحليلك للنص فقد أضاء جميع جوانبه مما رفع من قيمته و أثراه و أما إطراؤك لأسلوب كتابتي فهو شهادة شرف سأعتز بها على الدوام فلك من الشكر جزيله و من الود عميقه نزار |
الساعة الآن 12:58 PM |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.