منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أبي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=4655)

محمد السيامي 05-17-2011 01:48 AM

أبي
 



أبي ، هل تستطيع سماعي ؟ أتعرف كم اشتقت إليك ؟ إلى ابتسامتك ، ضحكك ، حديثك ، رائحتك ، صوت خطواتك وأنت ترتقي درج منزلنا ، وتهبط ، إلى قرع عكازك على أبوابنا وقت الصلوات ، ونداؤك لنا : قوموا صلوا ، اشتقت حتى إلى عبوسك في وجهي عندما أرتكب خطأ ، وكثيرًا ما كنت أرتكبها .

أبي يستوطن الزمن حجرتك الصغيرة ، كأنه توقف هنا ، يتربع على مقعدك الخشبي القديم ، يقلب صفحات كتابك الأخير، ويرتشف ذكرياتنا معك من فنجانك المفضل ، يحكي القصص التي كنت ترويها لنا ، يخبأ أبطالها ، خلف الباب ، وبين خزائن ملابسك وكتبك ، وفي ثنايا ثيابك المعلقة ، وطي الستائر ، وفي شقوق الجدار .

أبي أشيائك في أماكنها التي تركتها فيها ، كأنك ستعود إليها في أية لحظة ، ما زالت تلك الأشياء تحتفظ بدفء يديك ، لم نلمسها لأنك عودتنا ألا نعبث بأشيائك ، أو نحركها، حتى العصا التي تؤدبنا بها ، ما زالت معلقة خلف الباب ، لم نستغل غيابك ونُخفِها عنك ، لم نلمسها .

كتابك المفتوح ، ينتظرك لتنهي قراءته ، سجادتك ، تشتاق لجبينك ، ملابسك ، تحن لحبات عرقك ، مذياعك الصغير ، الذي طالما قذفت به نحونا ، يفتقد من يحرك أثيره ، أتعرف كم اشتقت إليك ؟

أمي بخير يا أبي ، نرعاها ونهتم لأمرها ، لا تنشغل بأمرها ، لكنها أكثر شوقًا إليك منا ، في كل صباح بعد أن ترتشف فنجان الشاي بجوار مقعدك ، تقرأ في كتابك بضع أسطر ، قبل أن تعيده على المنضدة ، كما تركته ، ثم تعود إلى مكان ، لتقرأ في وردها الصباحي ، وبعد أن تفرغ ، تبدأ في تمشيط شعرها ، همست لي ذات مرة بأنك تفضله طويلاً ، ثم تجمع تلك الشعيرات ، وتدسها في صرة ، تخفيها تحت وسادتها ؛ نقدم لها كل فرائض البر ، لكننا لم نستطع تعويضها عن حبها الكبير .

أبي هل تسمعني ؟ هل أنت بخير حيث أنت ؟ رحمك الله يا والدي وغفر لك ، وجزاك عنا خير الجزاء ، كم اشتقت إليك .

.

أحمد فؤاد صوفي 05-17-2011 02:32 PM

الأديب الكريم محمد السيامي المحترم

هو بوح ومناجاة من أسمى ما يقوله البشر لأبيهم الذي غاب . .
هذا هو البر في أعلى معانيه . .

بورك القلم وصاحبه . .

تقبل جميل مودتي . .

** أحمد فؤاد صوفي **

ريم بدر الدين 05-17-2011 02:56 PM

رغم اليقين انهم انتقلوا الى رحابة و أمداء ماكانت تستطيعها الروح في إسار الجسد لكنه متعب حقا هذا الغياب ... تأبى النفس أن تصدق أن من عبروا للضفة الأخرى لن يعودوا أدراجهم ليستأنفوا ما تركوه وراءهم من أعمال و ترفض أحيانا رغم يقينها أن تتصور أن عبورنا نحن لضفتهم هو ما سيمنحنا اللقاء و هذا خاضع لمعايير كثيرة لن نعرف إن كنا نحن و هم سنؤدي التزاماتها
هو بوح جميل و راق أ. محمد السيامي
بارك الله بك
تحيتي لك

محمد السيامي 05-18-2011 12:04 AM

الأستاذ أحمد فؤاد الصيرفي
الأستاذة ريم بدر الدين

شكرًا ،، لمروركما من هنا ،، أثر كالمطر


الساعة الآن 08:33 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team