![]() |
|
ارتحال نحو ثنايا الغياب...
ارتحال نحو ثنايا الغياب... هل أصدقك القول كما تعودت مني دوما؟ كنت أحاول دوما أن أجتهد في وأد تلك الساكنة فيَ بينما فروض ولائها تقدمها لكينونة أخرى ! ظننت أنني قد بلغت أقصى اليأس ،لكنني اليوم أراني احتززت عنق الشوق و ألقيت به في جب عميق و إن جربت ان تطرق بابها ستعرف أن المكان قد خلا منها !! جل ما أخشاه أن يلتقطه السيّارة و يتخذونه ولدا يرسل لي رائحته في قميص يرتد الحب في قلبي إثرها بصيرا كأن لم يمسسه سوء... هل أخبرتك يوما أننا عندما نكون في قبضة الحب نفقد ذواتنا، نسد أمداءنا ببضعة حروف مكررة متشابهة و باهتة تماما كغسيل فقد رونقه، و في اللحظة التي نخال أننا منه تحررنا نسترجع إحساسنا بالأشياء و طزاجتها و روعة الاندهاش لدى اكتشافها على الطريق و نسيانها على الطريق أيضا ..؟سؤال غريب يطرأ على قلبي دوما : لماذا كلما عدت أدراجي وجدت أشيائي الضائعة و المستعادة لا تتخذ سبيلها في درب النسيان سربا بل تفترش الأرض في انتظاري ؟ هل تجدني غريبة الملامح هذا النهار؟ و أنا أيضا أجد هذا ...فتصور كيف لنا القدرة على حمل هذا الكم من القدرة على إدهاش ذواتنا دون أن ندري ..و دون أن نعي نبذرها بلامبالاة كبيرة في حنايا الروح ... لتزهر دهشة جديدة ذات دهشات وليدة .. أهيئ نفسي إن امتد بي العمر لأيام تعدني بالهدوء، و أعرف أن الأزمنة لا تفي بوعودها غالبا لكنها معي ستصدق يوما ما !! أمنية ماثلة أمام قلبي : شروق في حضن الخضرة ارتقي ضلوع الوقت أغوص في زرقة السماء .. أو استرق من ورديها نتفة ألون بها نسيجي، أشاركها الشغب إذ نكثت حشايا وسائدها البيض طول المدى و عرضه ثم أشاركها جمعه في أكياس مثقوبة عند أفول النور.. لست أدري إن كنت سأتنازل عن كمية التمرد التي بذرت في ساحات روحي ، لاعلم متوفر لدي إن كانت الحرية التي ستكون ستهبني السعادة التي أنشد لكنني أعرف أنني في حينها سأدع ذاتي تمارس ذاتها لو مرة في العمر . سأبتسم في ذاك الوقت عندما أتذكر عجوزا طرقت علي باب بيتي العربي الدمشقي ذات شتاء...كانت بائعة " القضامة " و بيتها بعيد و البرد قارص ... غزلت لي ذاكرتها في حكاية أضحكتني و أبكتني ثم فتحت راحتي ووضعت فيها بعضا من روحها ..سرت في دمائي امتنانا فقبلت يدها ..كلا منا كانت أنثى لكن بطريقتها ! ربما سأجلس كتلك العجوز التي زرتها في بيتها صبيحة يوم صيفي جالسة في" أرض الديار "ترتشف القهوة ،لا تعجب يا صديقي فيبدو أن القهوة صديقة مقربة لكل النساء ، " رقصة ستي " انسابت من أوتارها كجدول عطر مازال ينعم بحريته،حدثتني موسيقاها عن غيمات وردية و حدثتها كم هو مولع عودها بأناملها الشفافة ..كلا منا كانت عاشقة، لكن بأسلوبها! سأكون، ربما ، تلك التي عقدت صلحا كبيرا مع حتمية الرحيل و بدأت تعد أمتعتها له . كتلك عجوز ناراياما ...أعدت كل ما يلزم ، كل ما يليق، كل ما تريد ليكون الرحيل مناسبا و لائقا .. تبتلت و تهجدت و طلبت من الخالق أن يمنحها سلاما و بردا يوازي محبتها له . لست أعلم إن كان المرء على مشارف مرحلة أخرى من العمر على استعداد أن يعيد ترتيب أصابعه و مقاعد قلبه و "كراكيب " ضميره و فكره بطريقة أخرى ... ليقوم بحركة جديدة كل الجدة و غريبة أيضا و أحيانا مستهجنة ،يتخلى عن الترف و الدعة إلى حياة فيها الكثير من التعب و فيها الكثير من الحب أيضا .. في هذه اللحظة حيث كل الأواصر ممزقة إلا تلك التي تربطني بك ، كل الطرق مسدودة إلا التي تؤدي إلى قلبك ، كل الكون لا يصغي إلا سكان روحك المتعبة أجدني كشجرة اجتثت من جذورها و رميت في رحم الهواء سأجلس في شرفتي أحتسي رائحة القهوة من ذاكرة يديك و عينيك... ألم أعدك أنني إن هيأ لي ربي عمرا طويلا سأنعم فيه بالهدوء؟ فـ عليك من قلبي السلام * بائعة " القضامة" بائعة عجوز متجولة كانت تبيع القضامة وهي عبارة عن حمص مملح المحمص أو المغطى بالسكر .. تمر ببيوت حينا آتية من الريف و إذا تأخر بها الوقت في المدينة تطرق أي باب من أبواب الحي دون أن تعرف أهله فيضيفونها بكرم و هي عادة دمشقية أصيلة. *عازفة العود خالتي أم ذكاء تلك التي جمعت مهارات الأنثى الأنثى في امرأة من القرن الماضي برعت في عزف العود و خصوصا معزوفة " رقصة ستي " التي ألفها الموسيقار الدمشقي الراحل " عمر النقشبندي" . *أغنية ناراياما : رواية من الميثولوجيا اليابانية للروائي سيتيشيرو فوكازاوا ريم بدر الدين 15/5/2011 |
الي / ريم بدر الدين
ريم بدر الدين
صباحك سكر ياسيدتي الدمشقيه تخاطب منا في الوجوه عيوننا ترانا سكوت والهوي يتكلم وماهو الا اننا روح واحد تقاسمنا جسمان وهو عجيب !! كشخص له اسمان بأي منهما تنادي الذات فهي تجيب لاأدري سيدتي لماذا ذكرتني معزوفتك الساحرة بهذه الابيات وانت تحكين عن العجوز الدمشقيه وأخذني سحر الكلمات وروعة المعني وتزاحم الصور الي آفاق بعيدة في ساحة الاعجاز الادبي في حديقة النثر دمت / ريم بدر الدين ودام التألق يفتخر بأنتمائه الي كلماتك وعباراتك الذهبية واسلمي |
بلاغة وأدب ومفردات وذكريات وأحلام ونرجس يعانق رحابة المكان وصور جميلة للوحة تناغمت مع رقصة وصوت دمشقى بلحن دمشقى بحروف دمشقية سكنت في الأماكن تقديرى لك ولشمخ أدبك وعلمك وجمال وصفك ورصفك |
أختي الفاضلة ريم بدرالدين حفظها الله ورعاها
كم هو مثير هذا الإرتحال نحو الغياب ، نصك كشدو طائر أدمن الغياب عن الأحبة فتذكرهم في هجرته نحو الشمال أو الجنوب ، فعاد ليقص نبض ذكرياته معهم ولكن بلحن عذب ، لكِ كل جوري القدس بهية المدائن ، |
اقتباس:
أ. حسام الدين ريشو أشكر لك هذا الحضور الباذخ دمت بخير تحيتي |
حين نفتح شرفة للذكريات في مساحة العمر ونأمل بما سيأتي ،أكيد أن الواقعي علمنا الكثير وامتلكنا قوة داخلية لمقاومته وهذا واضح من لغة النص تحيتي وتقديري الفاضلة ريم بدر الدين |
مناجات جميلة وفلسفية في آن واحد للذات و وللحلم الضائع تحياتي أخت ريم لهكذا نص يسترعي منا جهدا في التأمل والفهم |
عذرا وطني الغالي !
عذرا سعوديتي الوطن ! لقد كنت في ضواحي الشام، تنزهت هناك، وارتشفت قهوتي هناك، وأكلت "القضامة" هناك أيضا ! تربعت على تلة أتأمل انقضاء النهار، وخدي في يدي، أدعكه تارة، وأوكزه بإصبعي السبابة تارة أخرى.. لم أكن في حاجة إلى العودة، رغم جمالها، وعذوبتها في رقصة ليست مثيرة؛ ولكنها جميلة.. لم أر دمشق، ولم أزرها، ولكنني رأيتها وزرتها ! أعادني زلزال اليابان، وتسونامي إندونيسيا، وحب السعودية في قلب دمشق التي تسكن كل شبر من هواء الرياض.. من أجل رجل "عليه السلام" وامرأة "سلام عليها" في لقاء لم يعد بعيدا، ولكنه إلى روحيهما أقرب عندما تسكب رائحة القهوة فوق صهوة جواد دكتوراه الاشتياق.. وفقك الله أختي ريم.. وحقق كل أمنياتك ورجائك.. أبو أسامة.. فقط ! |
اقتباس:
أشكرك أخي جميل لهذه الشهادة الكبيرة و التي أتمنى ان أستحقها فعلا تحيتي لك |
الأستاذة
ريم بدر الدين الأديبة هذا الذي قرأت جميل لدرجة أني وقفت عليه مليا هذا الدوران في طرح الأسئلة والبحث عن إجابات ومحاولة الهروب أو الرحيل من مكان ضاق على كاتبتنا المبدعة هذا الهم يخالج المبدعين وهو الانفلات من السائد وتوقفتهنا على استخدامك الرمز الذي يحمل على التأويل وله مدلولاته فلماذا اخترت عجوز ناراياما فرمزك هنا وهو العجوز اليابانية التي كانت قبيل السبعين وأرادت الخلاص على جبل السنديان رمز ليس كالرموز المطروقة عند الذين يكتبون الحداثة وهم الآلهة الإغريقية أو أنصاف الآلهة الذي تعودنا عليها في كثير من النصوص اختيارك كان موفقا إلى حد كبير وانفلاتك لم يكن عبثيا لمجرد الانفلات ولكنه كان يريد نهاية يكون فيها المسير إلى منتهاه وهو الوصول لغتك أنيقة ووسطية بلغت ما تريدين من هذا النص المتحرك وأوصلت لنا الفكرة وتحية لقلب نحرص الا يموت فالعجوز اليابانية كان الانتحار عندها قيمة اجتماعية والانتحار عندنا يحمل عكس المدلول فأنت لم تريدي الموت بقدر ما أردت البحث عن السكينة |
الساعة الآن 12:31 AM |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.