البرغي (المسمار الملولب) ... بقلم اسماعيل عشا
 

البرغي (البولت)
http://im2.gulfup.com/2011-03-17/1300382386691.jpg
دخل علي صديقي أبو العلا غاضبا حانقا ..ناولته كوبا من الشاي الأخضر وطلبت منه أن يهدأ ويخبرني عن سبب غضبه وحنقه فقال :
منذ قليل , وأنا أقلب (البرغي) بين إصبعي , أدقق في تفاصيله . رأس مستديرة فيها شق يستوعب حافة المفك . وعنق طويلة مدببة على أطرافها أثلام دائرية الشكل ..يا له من إنجاز عظيم هذا البرغي .. فعلا إن مخترعه لإنسان مبدع مفكر. عرف كيف يصنع هذه الأداة الصغيرة التي تثبت قطعة الخشب أو المعدن في قطعة أخرى أو مكان آخر. بدأت أتخيل لو أن هذه الاثلام عند منتصفها تم عملها عكس الجزء الأول أي باستدارة معاكسة ! كيف يا ترى ستكون فعالية الأداء ؟!
وبينما أنا غارق في تفكيري محاولا تطوير عمل هذه الأداة الصغيرة التي غيرت مستقبل الإنسانية .. دخل علي أكبر أولادي صارخا بحماس شديد :
بابا حللت المسألة بطريقة أسرع من طريقة الأستاذ بل وتمكنت من إثبات النتيجة بخطوة واحدة .. ؟؟ّّ!!
تبا لهذا الولد المغفل , قلت في عقلي , هل جاء ليقطع حبل أفكاري ويفسد علي خلوتي العلمية ليخبرني انه تفلسف وحل المسألة بطريقة أخرى .. ثم لم تمر دقائق حتى جاء أخوه الأصغر يسأل : أبي لماذا يخشي اليابانيون من عدم إمكانية صب الماء على المفاعلات وهي تقع جانب البحر ....؟ ( شوف الغبي , حاط راسه براس اليابان ومفاعلاتها ) .. أين أذهب من هذا الخلف الذي سيصيبني بالضغط والسكري ؟!!
حاولت مئات المرات أن اقنع أمهم بأن يتركوا المدرسة ويبحثون عن عمل يسترزقون منه بدل من هدر أوقاتهم بلا فائدة . ولكن ماذا أقول ! صدقت يا حبيبي يا رسول الله (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس).
هل هذا ما آل إليه جيل اليوم؟ وحال الأمة ؟؟وأسفاه !وأسفاه !
أخرج أبو العلا برغيا من جيبه وبدأ يقلبه بين أصابعه وراح يتأمل فيه ونحن نشرب الشاي
http://im2.gulfup.com/2011-03-17/1300382386632.jpg
. بدأت أرقبه وهو يشرب الشاي فكان يرثي لحال أولاده تارة و يتغزل بأثلام البرغي تارة أخرى .
كانت آخر عبارة قالها أبو العلا قبل أن يرشف الرشفة الأخيرة من كوب الشاي
http://im2.gulfup.com/2011-03-17/1300382386983.jpg
: أخ .. لو في مثلي مئة يا أبو موسى .. لحكمت العالم !!! أغلقت الباب خلفه وهرعت إلى خزانة الأدوية بحثا عن أقوى المسكنات لعلها تسكن ألم رأسي .


http://dl.glitter-graphics.net/pub/2...lxlble1hnk.gif

الأديب الكريم اسماعيل عشا المحترم

أرحب بك ترحيباً كبيراً . .
وأرجو أن تكون سعيداً بتواجدك بيننا . .


ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى . .
هذه هي علامة هذه القصة الممتعة . .

هذا النوع من القص قليل لأن موهبته لا تظهر إلا لدى القلة من الأدباء . .
وهو نوع صعب . . يحتاج خبرة حياتية كبيرة . . وهو ينبع من قلب المجتمع الصغير . . والحكايا اليومية . .

عزيزي . .
لا تحرمنا من مشاركاتك العالية . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

اخي الفاضل اسماعيل حفظه الله

مبدع بالفطرة أنت ، لا كلام عندي اكثر من ذلك .

تحيتي وأحترامي لشخصكم الكريم

أخي الكريم أحمد
اشكرك جزيل الشكر على تشجيعك الدائم والمتواصل
وأرجو أن لا تكون هذه الكلمات مجاملة وليس أسعد
على قلبي من النقد الذي يحسن من اسلوبي في القص
خالص شكري وتقديري لك أيها العزيز

الأخت الاديبة ريم بدر الدين
ربما كان سبب حنقه الوضع المتردي الذي آل اليه حال أولاده
سبحان الله ... البعض يرى الدنيا بالمقلوب وهؤلاء من الصعب
اقناعهم بأن يروا الدنيا كما خلقها الله ..
شاكرا مرورك الطيب دمت بخير

أخي الفاضل عبد الحكيم
أشكر مرروك الكريم ... دمت طيبا كما أنت دوما

من الناحية الفنية هذه قصة ناجحة وهي تتمحور حول الشخصية.
فهي قصيرة والفضائين الزمني والمكاني محدودين ومناسبين، الاحداث في الحبكة تساند بعضها بعضا والسرد فيها صاعد متطور، وتمتاز بوحد الموضوع، وربما ان النهاية ليست حادة كما يجب.
كل الاشخاص المذكوره تخدم الشخصية الرئيسية. اللغة السردية جميلة وفي القصة حركة وحيوية وذلك الصراع بين البطل ( ابو العلا ونقيضه الراوي).
وربما يكون الاهم في القصة هو الفكرة الخفية التي تبدو وكأنها نقد لبعض التصرفات الاجتماعية على المستوى الفردي والجماعي...

القاصّ المبدع اسماعيل عشا،
عبقريّة هذه القصّة وجميلٌ الأسلوب الذي شدّني لآخر حركة في آخر حرف في هذه الرائعة.
محبتي
أتابعك ..
مطر