منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أصدقائي والحبّ (2) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=3688)

مطر ابراهيم 02-15-2011 09:46 PM

أصدقائي والحبّ (2)
 
ما ذَنْبُها ..؟

12-06-2009
في ذات الشقّة الصغيرة المتواضعة، نجتمع كلّ فترةٍ من الزمن لنعبث بوجع الغربة علّه يغيب عن أفئدتنا، لنخرج من عالمٍ لا يعرف إلإ الكدّ والتعب، لا يعترف بالمشاعر الإنسانية ولا ينطق الكلمات الجميلة إلا في المناسبات القليلة، جلسنا نتسامر كالعادة، نسترجع ذكريات الشباب، عبث المراقهة وجمال قلوبنا الحالمة، نستذكر الأيام الخوالي، ووجع الذات أحياناً.

قررنا أن نعطي الجلسة نكهة الإثارة والتشويق، فتّشنا عن مصدر السعادة فلم نجد أجمل من الحبّ ليكون مدار حديثنا، «أنس» الشاب الوسيم ذو العينين الساحرتين والنظرات الثاقبة وشعرٍ ينساب فوق جبينه كشلالاتٍ سوداء لامعة، عاش شبابه لا مبالٍ بالقادم، يعشق المغازلة، يهوى افتراس كلمات الحب دون عناء، بعد مغامراتٍ كثيرة والحب، قابلها في رحلته مع زملاء الدراسة في إحدى المناطق الأكثر جمالاً في وطننا، بين الجبال التي تستمد ألوانها من سحر أشعة الشمس، وتستنطقُ العيون لتبهرها وتشدّ الفكر بعمق، رمالها النقية وحسناواتها من شتى بقاع الأرض، التقى بها لا ليحب، بل كعادته ليمضي بعض الوقت مع أنثى بطعمٍ آخر، ولونٍ آخر وشكلٍ أجمل، كانت أجمل مما يحلم أروع مما يتصوّر، رمقها بنظراته الجاذبة، ومشى إليها بخطواته الواثقة ليطلب التعرف والصداقة، لم تنكر بينها وبين نفسها أنه يستحق الإهتمام، وشاءت الصدفة أن تعجب به كما أعجب بها، بعد ساعات من الكلام الجميل في ظلّ جمال الطبيعة الخلابة، حصل على رقم هاتفها المحمول، وعادا على موعدٍ للقاء، انتظرها كي تتصل، لم تفعل، تعجب من نفسه حين اشتاق إليها، حين راوده شوقه كي يتصل بها، لا يريد إلا أن يستمع لصوتها الساحر، قرر أن يهاتفها لكن لبضع دقائق كي لا تكتشف سرّه، ولتكن علاقة عابرة ستنتهي بسماع صوتها لا أكثر، استمرت المكالمة ساعتان، كانتا من أجمل الساعات اللاتي عاشهنّ في حياته، لم يقفل السمّاعة بل أجبره نفاد الرصيد على ذلك، أمضى ليالٍ طويلة يهتم بها، يسمعها عذب الكلام، وهي تتمنع بدلال ورقة وأنوثة أثارت غروره، وأربكت كبرياءه، وفي إحدى مقاهي الجامعة باح لها بسرّه الكبير، أخبرها بكل ثقة أنه سعيدٌ بمعرفتها لا لشيء ولكن لأنها تمنحه شعوراً آخر حين تتمنع وحين تجبره على الإتصال بها، وأخبرها بأنه كان دائماً يستقبل لا يرسل الاتصالات الهاتفية!!! واليوم هو من يتصل ويهتم ويرتب مواعيد الغرام. قابلت اعترافه بكل الكبرياء والغرور والتعالي، بضحكات عالية عصفت برجولته وكبريائه المصطنع، لكنها ورغم هذا وما فعلته به، كانت قد أيقنت أنه وقع وأنها كذلك وقعت في شباك غرامه، لذا تغيرت معاملتها، وأصبحت أكثر التزاماً نحو علاقتيهما، أصبحت هي من تبادر بالإتصال، هي من تهتم به أكثر وانقلب السحر على الساحر، عادت إلى أنس نشوة الإنتصار القديمة، أصبح لا يأبه بها وقد يقفل هاتفه لبعض الوقت كي يعذبها، تعلقت به كثيراً، ولا ينكر هو أنه أحبها جداً، وفي يومٍ من الأيام كانا يتمشيان على الرصيف وأشعة الشمس ترسم طريقيهما، همست لهُ بحنوّها المعتاد ورقتها الساحرة، وأفشت له بسرها، طلبت خطة لإتمام الزواج، في هذه اللحظة استيقظ أنس من حلمه الجميلْ على واقع العادات والتقاليد التي تربى عليها، والتي تحكم تصرفاته، إن ارتباطه بها لا يعني فقط نهاية قصة حب جميلة، بل بداية صراع ثقافي حاد بين مجتمعه المحافظ جداً والملتزم اكثر وبين مجتمعها المتحرر الذي لا يعترف باللباس المحتشم أبداً، والأحكام الخانقة في نظرها، فكّر كثيراً، وبعد صمتٍ دام دقائق، قال لها: (لا يا ريم، هذه العلاقة لن تكون أكثر من حب جميل ومشاعر دافئة، لم يُرَد لها أن تصل للزواج، فأرجوكِ قرري من الآن إما البقاء على حالنا هذا أو الإنسحاب).

صعقت بما قاله، وكأنه ألقى في قلبها جمرةً أحرقت مشاعرها وأحاسيسها الطفولية البريئة، ارتبكت وأسندت جسدها على الحائط، شعرت بالضعف بالمرض بالبؤس ..حدّق في عينيها ودعاها لتسامحه، وأخبرها بأنه لم يعدها بشيء من هذا القبيل، وأنه لن يستطيع أن يتزوج بها! لم تحتمل النظر في وجهه، لم تحتمل تصوّر الموقف الراهن، فسقطت مغشياً عليها.

بعد شهورٍ من الإنقطاع، من البعد، اقتربت أيام الجامعة على الإنتهاء بعد أن حُدِّدَ موعد حفلة التخريج لفوج أنس، كان يسبق ريم بسنتين، تخرّج أنس وعمل في إحدى شركات عمّان، حاول أن ينساها بشتى السبل، انهمك في العمل، لكن ما إن تنتهي ساعات العمل حتى تعود ريم لترتسم في مخيّلته من جديد، قرر أن يتعرف على غيرها، علّه ينساها، لم يستطع، فتّش عن أي شيء يلهيه عنها، لم يستطع، كانت ذكراها تلاحقه في كلّ مكان. وفي يومٍ من الأيّام اتصلت به أخت ريم الكبرى وهي التي كانت معهم يوم الرحلة تذركها لأنها هاتفها من قبل، خمّن أن اتصالها بسبب قصتهما هو وريم، لكنها طلبت منه طلباً عادياً كخدمة في إحدى الدوائر الحكومية حيث لعائلته نفوذاً فيها، خدمها بكل احترام وتفانٍ، بعد أسابيع رنّ جرس هاتفه فكان رقم هاتفها الذي لن ينساه أبداً، فكّر كثيراً قبل أن يجيب، وكان يقول في نفسه، ربما كان الأمر طارئاً! فأجاب وبدأ صوتها يتسلل إلى مسمعه بعذوبته ورقته، (كيف حالك يا أنس؟ أريد فقط أن أشكرك على موقفك النبيل مع أختي) بدا الحديث رسمياً أكثر من العادة، فارتاح لهذا أنس، واعتقد بأن ريم نسيت القصة وأنها الآن إنسانة جديده، لم يكن بمقدوره البوح بشوقه لها لأنه لن يكون هناك أمل للإرتباط لذا حاول بالصكمت والتهرّب أن يلجم مشاعره، وبعد اتصالاتٍ عديدة، بدأ الشوق يشتعل في قلبيهما، وعادا من جديد لكلام الحبّ والشوق والغزل، كان كم ارتوى بعد عطش سنين، وكانت كمن عاشت بعد موت، لم تدم سعادتهما كثيراً حين جاءت فرصة أنس ليعمل هنا حيث نجلس وحيث يبوح بقصته لنا، كان يقول بينه وبين نفسه، هذه فرصتي الوحيدة لأنهي الموضوع بالبعد، ويوم سفره، كان يحضر حقائبه ويودّعه أهله حين اتصل به صديقه ليخبره بأن ريم أمام بيت أنس! صعق أنس، كيف استطاعت هذه الأنثى من القدوم إليّ من مدينة أخرى، كيف استطاعت أن تقطع هذه المسافة لوحدها! نزل إليها وصرخ فيها (هل أنت مجنونة؟ نحن لن نكون لبعضنا! فلماذا تعذبين نفسك وتعذبينني؟؟!) وبدمعةٍ نزلت على خدمها ترشّها بسكّر فرحها بلقائه..(أنس.. كل ما أريده أن أكون معك في وداعك ..) .. قال: (لن تكوني معي.. ولن تذهبي إلى أي مكان، لأنك ستغادرين الآن يا ريم) .. صمتت .. وأعادت من جديد (أرجوك فقط في المطار..!) أجابها (لا .. وألف لا .. سأوصلك إلى مجمّع المواصلات لتعودي إلى مدينتك).

وفعلاً أعادها إلى المجمع، وأدخلها عنوة في الحافلة المتجهه إلى مدينتها، ثم انطلق مع صديقه إلى المطار، أنهى معظم اجراءات السفر ودّع صديقه بحزن وألم، دمعة حنينه وشوقه لريم باغتته فجأة، تمناها معه الآن رغم كل شيء! أدار ظهره ليبدأ رحلته إلى الغربة، لكن صوت ريم شقّ صمت مشاعره!!!!:
(أنس .. أنا هنا أرجوك انتظر..) تبكي بحرقة بشوق بألم ..

(أنس حبيبي .. لن أنساك .. لن أنساك أيها الشقي.. لن أكون لغيرك ..) ، تجمّدت الدماء في عروقه وكم احتقر نفسه في هذا الموقف بالذات، وكم غضبنا عليه وهو يقصّ هذا المشهد المؤلم، حتى أنني هممت بضربه من شدّة الغضب والألم على هذه العاشقة الطاهرة. لم ينطق بكلمة أمام عظمة وفائها وحبها وعشقها، لم يستطع أن يتكلم إلا بعيونه مودعاً محباً للأبد.. أحبها ولكن بضعف .. وهزيمة، باستكانة وانكسار لعاداتٍ وتقاليدٍ بالية!



إلى اللقاء ..
مطر

سالم رزقي 02-16-2011 12:55 AM

مساء النور الفاضل / مطر ابراهيم
لم أستطع متابعة القراءة فهي متعبة
لأن حجم الحرف صغير جدا
أرجو تجاوز هذه السلبية وشكرا
تحيتي ولي عودة

أحمد فؤاد صوفي 02-17-2011 12:18 PM



قصة مؤلمة . .
يجب أن ندعم الحب الحقيقي بالشجاعة والنبل . .
فهو قليلاً ما يأتي . .
فإذا هربنا منه . . فقد يطول ندمنا إلى الأبد . .


عزيزي . .
تقبل تحيتي واحترامي . .
دمت بكل خير . .


** أحمد فؤاد صوفي **

سالم رزقي 02-17-2011 05:22 PM

مساء النور الفاضل /مطر إبراهيم
يبدو أني لم أنتبه لماقسات النص بالكمبيوتر
لذلك بدت الحروف مصغرة. أعتذر صديقي
الحب دوما يصطدم بالتقاليد ويحيا العشاق
على نار الصراع ..لكني أعتقد أنه ينبغي
أن نترك مساحات بياض ليستنتج القارئ على ضوء التأويل
الممكن للنص ما يستهدفه .وهذا لاينقص من قيمة القصة
التي قرأتها بشغف
تحيتي وتقديري

مطر ابراهيم 02-17-2011 11:37 PM

أستاذ أحمد فؤاد شكراً على مرورك الجميل، تحياتي لك
مطر

مطر ابراهيم 02-17-2011 11:38 PM

أستاذ سالم رزقي
لا إنها ليست مشلكة مقاسات الشاشة لديك، بل كان حجم النص صغيراً فعلاً. على كلّ حال أهلاً وسهلاً بحضورك الجميل.
مطر

رقية صالح 02-19-2011 11:35 PM

قصة موجعة ومؤلمة
وكان ذنب ريم أنها أحبته بصدق وإخلاص
في زمن خلا من الوفاء والإخلاص
لا يستحق أنس ذاك الحب من ريم
تحمست حين قرأتها بالبداية وحزنت في النهاية


الأديب الفاضل
أ. مطر ابراهيم
تحيتي لقلمك وشكري
الجوري والياسمين الدمشقي

مطر ابراهيم 02-21-2011 09:36 AM

أستاذة رقيّة صباح الخير
وأعتذر إن تأخر ردّي عليكِ، بداية هذه السلسلة القصصية هي من وحي الواقع الحياتي الذي عشته مع أصدقائي، وللأسف معظم القصص تعبّر عن مآسي تدور حول نواة واحدة اسمها الحب.
مودتي
وعبق فلسطينيّ النكهة
مطر

منال الشايع 02-21-2011 04:13 PM

استاذي القدير/ مطر
استمتعت جداً بقراءة القصة بالرغم مما يغلفها من أسى كحالنا العربي تماماً!!
فكل النهايات مؤسفة وحزينه على الأغلب في حال الأنثى التي تدفع ضريبة الاخلاص والوفاء جحوداً ونكرانا!
أكثر من رائعه ...تقبل مروري مغلفا بالتقدير لحرفك.

مطر ابراهيم 02-22-2011 12:30 AM

أستاذة منال الشايع
شكراً على هذا الحضور البديع وبارك الله بكلّ امرأة منهجها الوفاء والصدق.
مودتي
مطر


الساعة الآن 05:41 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team