منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   عن مسرح الكوميديا العبثية* (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=31598)

أحمد فؤاد صوفي 07-07-2025 05:35 PM

عن مسرح الكوميديا العبثية*
 

*بحث مختصر ومثال عن مسرح الكوميديا العبثية* (الحلقة الأولى)
*تقديم تعريف سريع لكوميديا المسرح.
كوميديا المسرح هي نوع المسرحيات، تُعنى بتقديم مواقف وشخصيات بطريقة فكاهية، تهدف إلى إضحاك الجمهور، وإلى نقد الواقع والسلوك البشري بأسلوب ساخر، تقوم الكوميديا المسرحية على مواقف هزلية، حوارات خفيفة الظل، ومفارقات تُظهر التناقض بين ما يُقال وما يُقصد به، أو بين ما هو متوقع وما يحدث فعلاً، وتتفرع هذه المسرحيات إلى عدة أنواع مثل:
*الكوميديا الاجتماعية: تنتقد العادات والتقاليد، أو تسلّط الضوء على ظواهر مجتمعية.
*كوميديا الموقف: تعتمد على المفارقات الناتجة من مواقف ذات أحداث متشابكة.
*كوميديا الفارص: (Farce) تقوم على المبالغة والعبث والسخرية الجسدية.
*الكوميديا السوداء: تعمل على إضحاك الجمهور من موضوعات مأساوية أو قاسية.
الكوميديا الساخرة: وهي التي تتهكم على الشخصيات أو المؤسسات أو السياسات.
والهدف من الكوميديا بشكل عام، هو الامتاع والتسلية ونقد الواقع والسلوك الإنساني، وكذلك تقديم رسائل اجتماعية أو سياسية بأسلوب غير مباشر.
*الميزات الخاصة في كوميديا الفارص:
وكوميديا الفارص تحديداً، هي نوع من الكوميديا يتميز بالمبالغة في الأحداث والمواقف والسلوكيات، ويقوم على الهزل الجسدي، والعبث، والتهريج، والسخرية من الواقع الاجتماعي، وهي واحدة من أقدم أشكال المسرح الكوميدي، وهي تقدم مواقف عبثية ومبالغ فيها، تعتمد على المفارقات، سوء التفاهم، والمواقف غير المتوقعة مثل: شخصيات نمطية، الزوج الغبي، الخادم الماكر، المرأة المتسلطة... الخ، ونجد فيها حواراً سريعاً وساخراً، ومليئاً بالنكات والتلاعب بالألفاظ، ولها على المسرح إيقاع سريع، يتطلب تمثيلاً حركياً كبيراً، ومهاراتٍ في الأداء الجسدي، كما تتميز بغياب العمق النفسي أو الدرامي، لأن الهدف منها هو الإضحاك فقط، وليس تقديم شخصيات معقدة أو حبكات عميقة، ونجد فيها السخرية من الطبقات الاجتماعية أو السلطة، وهي أيضاً أداة للتنفيس الجماعي والسخرية من النفاق أو الظلم. والفرق بين كوميديا "الفارس" والكوميديا العادية، أن الكوميديا يمكن أن تمزج بين الضحك والدراما، مع النقد الاجتماعي الهادئ، أما "الفارص" فهي أكثر مباشرة وصاخبة، تقوم على الإضحاك المجرد والمواقف غير المنطقية، وتخلق الضحك من الفوضى والغرابة، وتقدّم نقدًا ساخراً مغلفاً بالعبث بدون حدود.
وفيما يلي نجد مثالاً لمشهد مسرحي قصير، على طراز كوميديا "الفارص":
اسم المشهد: الطبيب المزيف
الشخصيات:
عثمان: رجل خفيف العقل، يحاول التظاهر بأنه طبيب.
الخادم فتوح: أكثر ذكاء من سيده، لكنه يسايره.
المرأة المريضة: سيدة عجوز تعاني من صداع بسيط.
المكان: هو بيت عثمان.
----------------------
(فتوح يدخل راكضًا)
**فتوح: سيدي عثمان! جارتنا تطلب طبيباً، إنها تشكو من صداع حاد!
**عثمان، (واقف بثقة، يرتدي نظارته مقلوبة، تكاد أن تسقط، ويرتدي معطف طبخ مخطط بدلاً من المعطف الأبيض المعتاد والخاص بالأطباء).
**تحتاج إلى طبيب؟! إذاً دعني أخرج أدواتي... (ويخرج ملعقة خشبية كبيرة، ودفتر على غلافيه تجد صوراً للخضار واللحم والفواكه، يستخدم عادة في تدوين وصفات الطهي).
**فتوح يخاطب عثمان (متردّداً): لكنك لست طبيباً يا سيدي.
**عثمان (بفخر وبصوت مرتفع): أنا دكتور عثمان، خبير أمراض الرأس والقدم والحلويات، هيا، دلّني على المريضة!
(ينتقلان سوية إلى المريضة التي تضع يدها على رأسها وتتألم).
(يقرع عثمان رأسها بالملعقة الخشبية قرعات منتظمة، وينصت متفكراً، ويعيد الكرة ثلاث مرات): **هممم... الصوت يدل على وجود فراغ خطير! ما آخر شيء أكلتهِ؟
**المريضة: فقط شوربة عدس!
**عثمان (يكتب في دفتر الطهي): السبب واضح... إنها "متلازمة العدس المتخمر"، تحتاج فوراً إلى كمادات من مربى التين الساخن، وأن تضع رجليها في حوض فيه كتب شعرية.
**المريضة: ماذا؟! كتب؟! شعرية؟!
**عثمان: نعم، الشعر يخفف الصداع! هكذا تعلمت في جامعة "فلفل ستان" !
**فتوح (يهمس): سيدي، أليست هذه وصفة كعكة البرتقال؟
**عثمان (بهمس وابتسامة): الشفاء بمربى التين يا فتوح، هو أسرع علاج نفسي عرفه الإنسان حتى اليوم.
----------------------------------------
ولو أردنا التعليق على هذا المشهد، فسوف نلاحظ أن هناك مبالغة كاريكتورية في تشخيص المرض، ونرى عثمان يتظاهر بالعلم بينما هو جاهل، كذلك هنالك استخدام الدعابة الجسدية (قرع الرأس، استخدام أدوات غير منطقية مثل الملعقة الخشبية الكبيرة). ولنعلم بأن هذا النوع من الكوميديا لا يهتم كثيراً بالمنطق، بل يخلق الضحك من الفوضى والغرابة، ويقدّم نقدًا ساخراً مغلفاً بالعبث الدائم وبدون حدود.
-----------------------------------------
وإلى موعد قريب قادم لعرض مسرحية "فارص" قصيرة بإذن الله.
تحياتي واحترامي للجميع ،،






الساعة الآن 12:37 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team