أثر الأفكار في حياة الإنسان
هل يستطيع الفرد منا أن يسيطر على أفكاره ؟
هل يستطيع أن يختار الأفكار الصائبة ويتجنّب الأفكار الخاطئة ؟ أم أن الأفكار - كالتفس مثلا ً - تصعب السيطرة عليها جدا ً ؟ . يقول الإمام ابن القيّم رحمه الله في كتابه ( الفوائد ) كلاما ً نفيسا ً معناه : ( إن الإنسان لم يُعط القدرة على إماتة الخواطر , ولا القوة على قطعها , فإنها تهجم ُ عليه هجوم النَّفس , إلا أن قوة الإيمان , والعقل تعين ُ على قبول أحسنها ودفع أقبحها , وقد خلق الله سبحانه وتعالى النفس الإنسانية شبيهة ًبالرحى الدائرة التي لاتسكن , ولا تتوقف عن الدوران , ولا بدّ لها من شيء ٍ تطحنه , فإن وضع فيها حب ٌّ طحنته ُ , وإن وضع فيها تراب ٌ طحنته . والأفكار والخواطر التي تجول في النفس , هي بمنزلة الحب ِّ الذي يوضع في الرحى , فمن الناس من تطحن رحاه حبّا ً يُخرج دقيقا ً ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملا ً وتبنا ً وما إلى ذلك , فإذا جاء وقت ُ العجن والخَبز تبيَّن له حقيقة طحينه ! ويقول رحمه الله : دافع الخواطر الضارة التي تهجم على عقلك , فإن لم تفعل تحوّلت الخواطر إلى أفكار , ثم تتحوّل الأفكار إلى شهوات , والشهوات إلى همم وعزائم , فإن لم تُدفع صارت فِعلا ً , فإن لم تتداركه بضدِّه صار عادة يصعب الانتقال عنها ! ! ) انتهى كلامه . |
لقد وردت أحاديث عدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنهى عن التطير والتشاؤم - وهما طريقتان سلبيتان في التفكير - وتشجع على التفاؤل -
وهو طريقة إيجابية في التفكير - منها ما رواه البخاري ومسلم , وغيرهما , أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا عدوى , ولا طَيْرة , ويعجبني الفأل قال : وما الفأل ؟ قال : كلمة طيبة ) . وعند أبي داود ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أحسنها الفأل ) ولاتؤذ مسلما ً , فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل : ( اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت , ولا يدفع السيئات إلا أنت , ولاحول ولا قوة إلا بك ) . والذي أفهمه من هذين الحديثين الشريفين , أن الأفكار السلبية - كالخوف والتشاؤم - تهجم على الإنسان بدون دليل معقول , أو علامة صحيحة , فيدفعها بالأفكار الإيجابية , ويؤكد ذلك بكلمات يقولها وأدعية يرددها , فهو - إذن - قادر على اختيار الأفكار الصالحة , وطرح الأفكار الرديئة . |
يقول ( ديل كارينجي ) في كتابه : ( دع القلق وابدأ الحياة ) فصلا ً بعنوان :
( حياتك من صنع أفكارك ) وهي حكمة رومانية قديمة , قال فيه : ( اعتقادي الذي لا يتطرق إليه الشك , أن المشكلة الكبرى التي تواجهنا جميعا ً هي كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة , فالإنسان هو حصيلة أفكاره , فإذا نحن راودتنا أفكار سعيدة كنا سعداء , وإذا تملّكتنا أفكار شقية أصبحنا أشقياء وإذا سيطرت علينا أفكار المرض فالأرجح أن نُمسي مرضى ) . إن هذا الكلام لا يعني أن يتخذ الإنسان موقفا ً سلبيا ً أمام الأمور التي تحتاج إلى تصرّف , بل هو يدعو إلى ( مواجهة ) المشكلة إذا نشأت , لا إلى ( القلق ) من أجلها . ( المواجهة ) تعني إدراك طبيعة المشكلة واتخاذ التدابير كلّها و ( القلق ) بشأنها هو اللف والدوران حولها دون القيام بالإجراء المناسب . يقول عالم النفس الشهير وليم جيمس ما معناه : ليس في استطاعتنا أن نغيّر شيئا ً من أحاسيسنا بمحض إرادتنا , ولكن نستطيع أن نغيّر أفعالنا , فإذا غيّرنا أفعالنا تغيرت أحاسيسنا تبعا ً لذلك . ومن ثم فإن الطريق إلى السعادة - إذا افتقدها الإنسان - أن يتصرف كما لو كان سعيدا ً . ويقول جيمس آلن : ( سيجد المرء متى غير اتجاهه الذهني حيال الأشياء والناس , أن الأشياء والناس سيستجيبون لهذا التغير بمثله .. وسوف تتملكه الدهشة لسرعة التحوّل الذي يحدثه هذا التغير في جوانب حياته المتعددة .. ) . انتهى بحمد الله . |
الساعة الآن 09:32 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.