![]() |
ويل للتاريخ من المؤرخين
( ويل ٌ للتاريخ من المؤرخين , لأن الناس لا يعرفون من يعيش بينهم في قيد الحياة , ومن يسمعهم ويسمعونه , ويكتب لهم ويقرؤونه , فكيف
يعرفون من تقدّم به الزمن ألف سنة , ولم ينظر إليهم قط , ولم ينظروا إليه ؟ ) هذا ما كتبه عباس محمود العقاد رحمه الله في مقال له بعنوان : ( أنا ) يتحدّث عن نفسه . يقول : ( عباس العقاد كما أراه - بالاختصار - هو شيء ٌ آخر مختلف كل الاختلاف عن الشخص الذي يراه الكثيرون , من الأصدقاء أوالأعداء . هو شخص أستغرب كل َّ الاستغراب عندما أسمع يصفونه أو يتحدثون عنه حتى ليخطر لي - في كثير من الأحيان - أنهم يتحدثون عن إنسان ٍ لم أعرفه قط , ولم ألتق ِ به مرة ً في مكان , فأضحك في نفسي وأقول : ويل للتاريخ من المؤرخين !! ) . دعونا ننظر في واقعنا الحاضر ونتساءل : إلى أي مدى تنصِف - الدول الكبرى - في تدريس تاريخ الدول الصغرى ؟ إلى أي مدى يصدُق المؤرخون في كتابة تاريخ أعدائهم ؟ هل صدقت روسيا الشيوعية في تدريس تاريخ غيرها , وتاريخ نفسها ؟ وصين ماوتسي تونغ ؟ ومصر جمال عبدالناصر ؟ وألمانيا هتلر ؟ والحلفاء مع النازيين والنازيون مع الحلفاء ؟ وأم ُّ الحضارة والعدل والحريّة , أمريكا اليوم مع الهنود الحمر ؟ وبريطانية العظمى عندما استعمرت ؟ وفرنسا في الجزائر ؟ وإيطاليا في ليبيا ؟ وإسبانيا والبرتغال ؟ |
لو رجعنا بالفكر بضعة قرون :
هذا كتاب الله العزيز , الذي ( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) . فصلّت . تناوله بالشرح علماء أجلاّء , عرفنا في سيرهم الفضل والنُّبل , كيف سمحوا لأنفسهم أن ( يغرفوا من بحور الإسرائيليات ) ما يندى له الجبين ليفسروا به كلام رب العالمين ؟ ! أليست ( الإسرائيليات ) جزءا ً من التاريخ ؟ وبعض الفضلاء من العلماء : كيف اعتمدوا في أمور ٍ لها ما بعدها على أحاديث واهية , ومنكرة , وضعيفة ٍ , وربما موضوعة ؟ ! وأشهر مثال على ذلك كتاب إحياء علوم الدِّين , للإمام العبقري أبي حامد الغزالي , غفر الله له ورحمه , والشاهد من ذكره : هل نصدّق كل ما نقرأ , أم نتوقف للتدقيق والتمحيص ؟؟ والفِرق الإسلامية المختلفة : أهل ُ السنّة فيما بينهم , والشيعة فيما بينهم , والخوارج فيما بينهم , وكل فئة مع الأخرى , هل كانوا صادقين , أم أن كل فرقة ادّعت أن ّ الحق ّ معها لا يتعداها ؟ وكل ٌّ يدّعي وصلا ً بليلى .. وليلى لا تُقر ُّ لهم بذاكا !! سوّد أصحاب الرأي تاريخ أصحاب الحديث , فكال لهم أصحاب الحديث الصاع صاعين ! واضطهدت ( مدرسة العقل ) وعذّبت أئمة ( مدرسة النقل ) فكفّرها أولئك , ولعنوها , وأخرجوها من المّلة .. |
لماذا قص ّ الله سبحانه علينا قصص الأنبياء , وقصص الأمم , وغيرها من القصص ؟ لنعتبر , ونتدبر , ونتفكر , ولنتعّظ , ونتعلم .
ما جاء في القرآن الكريم متواتر مقطوع بصحته , لكن ّ ما دونه لا بدّ فيه من النقد والتمحيص , صحيح ٌ أننا لا نستطيع تطبيق القواعد الرائعة التي وضعهاأئمة الحديث , فكانت تاجا ً على رأس ِ الإنسانية كلّها - لا نستطيع تطبيقها على كل حادث ٍ تاريخي , لكننا مطالبون بالاقتباس منها , والاهتداء بها , وكلما كان الحدث التاريخي أهم َّ كان احتكامنا لها أكثر . دارس التاريخ ( في بعض أحواله ) كسائق السيارة ينظر إلى الخلف في مرآته ليُحسن السير إلى الأمام ,وإلا إذا لم يستفد , فالوقت الذي ينفقه يضيع سدى ً : مَن ْ لم تُفِده عِبراً أيامُه ... كان العمى أولى به مِن َ الهدى إن الدارس الحصيف الذكي للتاريخ يقرأ بذهن متفتّح واع ٍ , وفكر ناقد ٍ مقارن ولا بد ّ من ضياع كثير من ( الحقائق الصغيرة ) عنه , ولكن كثيرا ً من ( الحقائق الكبيرة ) يمكن أن يتعلّمها , ويمكن أن يكون عنده التأمل فيها ملكة لا يستغني عنها الأفراد , ولا تستغني عنها الأمم في التعامل مع غيرها ويصدّق هذا قول الشاعر الحكيم : ومَن ْ وعى التاريخ َ في صدره ... أضاف أعمارا ً إلى عمره . هذه السطور دعوة إلى دراسة التاريخ بضوابط صارمة قدر الإمكان وإلى استخلاص العبر منه , والاستفادة منها على مستوى الأفراد ( فائدة صغرى ) وعلى مستوى الأمة ( الفائدة العظمى ) . هذا والسلام . |
بحث رائع ..وطرح بديع أخي عبد السلام .
التاريخ لا يكتبه - دائماً - المنتصرون . لي عودة . |
أهلا ً بك في كل حين بشير أحب ُّ أن أقرأ لك , أينما كنت . شكرا ً لك دائما ً . |
عزيزي |
اخي عبد السلام بارك الله فيك وتبقى كتابة التاريخ بيد من لايرحم هم يكتبونه حسب اهواءهم والجيل ضائع لايعرف اين الحقائق مودتي |
اقتباس:
أنت مكسب ٌ كبير لنا , ومنك نتعلم , وبقلمك نستنير أشكرك على ما تبذله من جهد مبارك أيها الفاضل شكرا ً لك . دمت متألقا ً دائما ً . |
اقتباس:
علينا أن نتجرأ ولا نسلّم بكل ما نقرأ نمحص ونحلل ونتعلم , فلا عصمة إلا لكتاب الله وما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما تفضل الجميع وأجمع بأن الذين دونوا التاريخ بشر , والإنسان بطبعه خطاء سلامي لك أيتها الأميرة وشكرا ً لك على كل ما تبذليه |
الساعة الآن 02:03 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.