![]() |
" هناك من يتمنى الموت "
هذهِ الحياة : لا تزهو حتى تتكدر ، هي تسير بين متغيرات ، والإنسان فيها بين متفائل يتجاوز بذلك ما يعترض طريقه من عقبات وابتلاءات ، بل ينثر ذلكَ التفاؤل على رؤوس من نالهم من الدنيا النصب والتعب ، قائم على مبدأ قد ترسخ بذاك الإيمان في قلبه ، حتى صار هو المحرك لكل أحاسيسه ، ومشاعره ، وحركاتها ، وسكناته ، متلفّع بصنوف آلات الدفاع ، وإذا : ما اقترب اليأس والهم من عرين عزمه ، سلّ سيف همته من غمده ، ليقطع أوصال وأطماع قاصده ، ومع هذا : لا يخلو من أن يتسلل داعي الحزن ولكن يبقى تمني الموت لمن كان ذاك حاله وشأنه له شروط ، وحالات ليس من ضمنها هروب من ابتلاء سواء كان فقرا ، أو مرضا ، أو كل ما دون ما يخدش مبادئ الدين ، أما : من كان حاله أنه يسير في الحياة تتلاعب به الظروف ، وتتقاذفه الريح كريشة ترفرف في الهواء ، قد رهن استقرار حياته في ثبوت الأحوال ، وأن يغدو ويروح من غير أن تحدث تقلبات الدهر أي تغيرات ، فإذا : ما تدهور الحال ، وتكالبت عليه المنغصات أذاع التذمر ، وأخذ يتأفف ويزفر ، غالقا عليه كل باب يخرجه إلى بر الأمان ، بل يتخندق في سرداب اليأس ، والقنوط ، والخنوع ! ليصل بذلك إلى مرتبة الإكتئاب ، مما يحدوه إلى تمني الموت اذا لم يسعى إليه بالانتحار ، وذلك في أسوء الأحوال ! لأنه لم يعزز في داخله معنى التفاؤل ، كي يكون له وجاء ، وحائط صد يحتمي به من كل ابتلاء وأخطار . في نظري : " على الإنسان أن يغترف من نهر الإيمان ، كي يكون له حصنا يقيه من تقلبات الأيام ، وأن يكون الموت يعيش على لفظه ومعناه بين متشوق من غير تعجيل لما أبلاه من عمل صالح _ مع هذا لا يأمن مكر الله _ ، ومتخوف من الذي بعده ، وما الله قاضٍ فيما عمله في دنياه " . ملحوظه : ما يردده البعض من تمني الموت ما هو في الغالب إلا لقلقة لسان ، إما ان يكون رسالة مبطنة يفهم منها أن الصبر قد بلغ حدّه ، وهي لمن حوله ، وإما من باب التغلي ، ولفت الإنتباه ، ومع هذا الإنسان عليه أن يعلم أن الموت ، _ كما يقول المثل العماني _ " الموت ما دعواه " ، بمعنى : " أنه حق ، وكل الناس وارده " . |
الساعة الآن 06:57 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.