![]() |
" مدعي الثقافة "
هي :
تلك الهلاميات الزئبقية من العبارات ، التي تحاول الانفلات من قبضة التساؤلات - البوليسية - ، لتكون السلامة في ذلك ، وإن كان انفلاتا لا يتجاوز الخارج من حوزة الذات ناهيك عن ذات الذات ! المصيبة : عندما تختزل الحقيقة ، وتصنف أنها الحق المُنزّل من عقل المرء على قلبه ، ليكون الإيمان القطعي على ما جاء به الوحي من عند النفس المنظرة ، التي تجعل من دليل الصدق على رسالتها ذلك التشكيك والتكفير لكل ما جاء ليخالفها ! من : هنا كان الجهاد فرض عين على المعتنق لذاك الفكر يقلّب نظره يحاول رؤية من يشاطره الرأي ، ويدخل في دينه ليكونا طلائع التنوير ! تلك : المصطلحات التي توضع في غير محلّها ، وما هي الا انعكاسة تترجم ما يكتنف دواخل ذلك الفرد - اتكلم بشكل عام لا أقصد بذلك الشخصنة - يحاول التحرش بمن حركت فيهم شهوة الفضول لمعرفة مغزى ومعنى ذلك المنطوق ، ليبدأ مراجعة ما اختمر في العقل والذي كان ثمرة البحث بالأخذ والرد بما يترافق مع المناظرة أو الحوار ، وما : كان لكل من امتطى صهوة البحث عن التي هي خلف الظواهر ، أكانت معنوية أو مادية ليصيبها مشرط التنفنيد والتشريح ، " ويوضع المقصل على المفصل " ، ليكون النطق بالحكم عن مدى فاعليتها في هذا الوضع من الوقت في ظرفه الزماني ! إلا : أن تكون تكون لديه مرجعية معرفية يستند ويقف عليها ، وبغير ذلك يجد أن كل ما في الكون من ذرة إلى المجرة مجرد فوضى عبثية تعيش على التنافر ، والتشتت ، والتباين ! وهذا : بعيد عن الحقيقة ، فالخلل هنا في الاستنباط الناقص ، الذي لا يقف على الحقائق ، أو لنقل النظريات التي يصعب مشاغبتها بالعنتريات ، أو الكلام المفرغ الممجوج ، البعيد عن الواقعية ، وأقرب ما يقال عنه أنه من بنيات الأوهام ! لكل : فرد في مجتمع ما ثقافته التي يستقيها إما عن منطوق ، أو مكتوب ، أو مطبق على أرض الواقع كفعل ممارس ، ولكون : العالم والعوالم التي نتنفس معها من ذات الهواء ، لابد ان يصلنا شرر ما يأخذوه ويذروه ، ليكون من ضمن السلوكيات والممارسات، حتى ولو سلمنا جدلا أنها من غير وعي منا ، وإنما يحركنا ما اختمر في العقل الاواعي ! قد : يكون الاستقلالية الفكرية والنفسية تطرق باب عقل احدنا ومن ذاك ، يسعى جاهدا أن يمحّص ما يتراما ويطفو على سطح الواقع ، محاولا البحث عن حقيقة ذاته ، ولكن على المنصف أن يبحث بتجرد من غير أن يسارع في تحقير كل ما تربى عليه ، ليتمرد ويتنمر عليه من معان وقيم ، ويرى الاشخاص فيما دونه وفكره مجرد امعات تقلد وتناغي ما يُقال لها من غير تفكر ولا تدبر ، لأن منها ما هي من شعائر الدين ، التي لا يختلف عليها اثنان ، ولا يتمارى فيها عقلان ، وعلينا : أن لا ننظر لذلك المثقف بأنه المعصوم الذي يرى الأشياء بحجمها الطبيعي ، وأنه لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في قوله وفعله ! وكأنه نبي يوحى إليه ! لكونه متجرد من المؤثرات الجبرية ، التي تخرج من رحم الكيان الفلسفي الديني ! الفيلسوف : ما كان ذلك المسمى له معنى ملاصقا لمن تلفّع ، وتسرّبل بمقتضاه المعرفي ، لكون ذلك الحكيم لايركض خلف الألقاب البراقة ، فالعاقل هو من يعرض بضاعته تاركا لمن يمر عليها تقييمها وتمحيصها تاركا لهم الخيار والحكم عليها . ما يهم في هذا الأمر : لابد على المرء أن يكون مثقفا ثقافة يستمدها ويتكىء بالأخلاق الحميدة ، وما التدين إلا ذلك الداعم والمحرك والباعث لروح المنافسة ، لا نتحدث في هذا المقام عن الخامل منهم ممن ينتسبون للالتزام ، لأنهم اهتموا بالمظهر ليكون التزاما صوريا شكليا ، من هنا علينا معرفة : أنه لا يوجد هنالك تضاد ، ولا تقاطع في مزاوجة الثقافة والتثقيف ، وبين أن يتلفع المرء بالاخلاق والقيم النبيلة ، الثقافة : تبقى ربيبة توجهات الفرد على وجهته وتوجهه . وللأسف الشديد : نجد ذلك الجمود الفكري عندما يكون الإنسان حبيس ما يؤمن به من غير البحث عن مساحات أخرى تُعمل عقله ، وتوسع مداركه ، لتكون نظرته شاملة وشاسعة ، ليحيط بعوالم الأشياء ، وليكون موسوعة علمية وفكرية شديد المحال . |
رد: " مدعي الثقافة "
أجد :
في تلكم الكلمة _ المثقف _ في عصرنا الحالي ترادف كلمة " الكهنوت " ! على قياس بعض الذين لا يروق لهم تفرد المختص في صميم اختصاصه !! مما : أوقعهم في ذلك الخلط الذي لا يبدأ حتى يبدأ ، ولا ينتهي حتى يبدأ !!!! للأسف الشديد : بتنا اليوم نسمع جعجعة ولا نرى أثرا لذاك المثقف في معناه الحقيقي _ إلا ما رحم ربي _ بل ما نجده هو ذاك الذي يزيد العامة تيهاً ، ويدخلهم في امتحان يختبر فيهم مدى انتمائهم ، وتشبثهم بالمبادئ التي عاشوا عليها . لنجد : ذاك المُثقف يأخذ دور المغرّب للجمهور حين يتجاوز " المكان " ويخرج عن البيئة التي يعيش فيها ، ليستورد لنا ما لا يتناسب معنا ، ليدخلنا في اضطرب نفسي ، وعقلي ! و يخلق فينا ذاك الشقاق ، و الخلاف ! مع أني : لا أجد تلك المؤهلات والخصائص المطلوبة في المثقف قد تضافرت فيمن يدعون بأنهم من جملة المثقفين ! _ في غالبهم - لأن منهم من أغرته " شهوة الشهرة " ! ولكي ينال نصيبا منها دخل من باب " خالف تُعرف " !! لأني أرى : الشطحات تتساقط من بعضهم حينما اختاروا أن يكونوا مهاجمين للقيم التي كان الواجب منهم أن يكونوا داعين للتمسك بها ، والعض عليها بالنواجذ ! وما نراه اليوم : هو تسور بعض المحسوبين على المثقفين على ما يتقاصرون الولوج فيه ، لكونهم ينفصلون وينقطعون عن تلكم الإمكانيات ، والمفتقرون لتلكم الأدوات التي تعينهم على الوقوف على قاعدة صلبة ، وأن تكون لهم مرجعية ثابتة لا تتقاطع مع المتفق عليه ديناً وعرفا ، ناهيك علماً ، ومعرفيا ! كنت : في زيارة لعدد من أساتذة الجامعات الذين يختصون في الأدب وعلم المنطق ، وهم من بني جنسنا ، ومن تفخر البلاد بهم ، دار : حوار بيننا في شأن ما حدث من جلبة وردات فعل على ضوء تلك الردود على ذلك الهجوم على كتاب : أستاذي و شيخي و صديقي و أخي الذي أسماه " خلاصة المنطق " . الذي : ما كان ينبغي أن يكون على ذلك الحال من السجال !! هنا : يتبين ضيق الأفق لتقبل الآخر ، ويتبين ذلك التعجل في النقد ، وذاك الشطط والجهل في التعاطي مع النقد !! حين يأتيك النقد معتلاً ، وليس له دافع غير الشخصنة الخالية من الموضوعية ، و بعيدة عكل البعد عن الحرفية ، والعلمية . ما نعانيه : هي تلك " الأنا " حين تتمكن من صاحبها لتجعله يرى نفسه أنه فوق الجميع ، وأن قوله هو القول الفصل !! حين : يتعجل في رده من غير تبين الأمر ، كي لا يحدث في الساحة شقاقا وافتراقا ، و هناك تلكم " التعصبات " والتكتلات ونصرة " المخطئ " بدل أن تكون المراجعة للحساب والاعتذار على " سبق القلم " والتعجل في الحكم قبل الإطلاع على حيثيات الأمر ، كي لا تكون لتلك الانجذابات لذاك الانتماء عاملاً يخرجنا عن الصواب . قلت لذلك الأستاذ : للأسف الشديد أننا نجد اليوم ذاك الانكفاء على الذات من قبل المفكر والأكاديمي ، الذي اختار الانزواء وبالمشاهدة كان له اكتفاء !! و نتاج ذاك : هو ما نشاهده اليوم من اعتلاء " الأغمار " لتلك الهامة والقمة ليكون منهم " العطاء" ، الذي يرسم في مخيلة العامة تلك الخطوط العريضة لمعنى الحياة ،لنرى ذاك الخبال وتلكم السقطات الفاضحة التي تنهش في عضد العقيدة وتؤثر في معارف الناس ! حين : يسكبون في قلوبهم وعقولهم تلكم المعلومات القاصرة التي يرفضها العلم والمنطق ، والتي تُعبر عن ضحالة ما تشربوه من معلومات ! فقال : ماذا نفعل إذا لم يريدوا سماعا غير أنفسهم ؟! فقد بادرهم بالنصح ، وبين لهم مواطئ الخطأ فلان وفلان ، ولكن بدون جدوى ، تشجع على التكرار ومعاودة البيان ! قلت له : عندما تتحدثون فإنكم تتجاوزونهم حين توجهون البيان لهم إذ عيونكم - في ذات الوقت - على العامة تبينون الجانب الآخر ، ليكون منهم الخيار و القرار ، فمن جملة ما نعانيه اليوم هو : تمادي أولئك " المعظمين لأنفسهم " ، والذين تطرقوا وخاضوا في بحور لا يستطيعونها ولا يحسنون السباحة فيها و لا الغوص في بطونها لقصر وشح الأدوات التي تعينهم على ذلك ، لتكون منهم تلكم الشطحات والسقطات ، والشبهات التي تدحضها الحقيقة الشماء . أنا لا أقصد : بدعوتي هذه الحشد والتهييج للمواجة التي وقودها " العصبية ، والردات العاطفية " ، و " تكميم وإقصاء " من يبايننا التوجهات والفكر ، لنصرة ما لدينا من مبادئ " بقدر " ما أريد بذاك توضيح المسائل ، ووضع النقاط على الحروف ، ليكون الحوار حواراً علمياً ومنهجياً ، لا أن يكون الحوار مبنيا على عواطف ، وردات فعل وعصارة ما تشربه الفريقان ، وكأنه وراثة من غير تمحيص ولا تمريض ! ما أتعجب منه : هو ذاك الحاجز الذي ضربه الفريقان على بعضهما !! أتساءل دوماً : لماذا لا تُعقد اللقاءات بين المثقفين ليكون بذلك تبادل الأفكار وبلورة الرؤى _ مع تباين التوجهات _ ليكون التكاتف والتعاون لرسم خارطة الطريق لأفراد المجتمع ، ليكون بذلك التنوير والإرشاد الذي يزرع المحبة واللحمة بين مكوناته " بصرف النظر " عن توجهاته واعتقاداته ، فالمكان يتسع للجميع لا أن نمارس " الإقصائية والتحقير ، والتقزيم " ، ونقضي على حقيقة وجود ذاك الذي يخالفنا ما نؤمن به ونعتنقه . " المجتمع يحتاج للتعددية ، ليكون المسير إلى المصير " . فقط : " نحتاج لذاك الإقرار و الاعتراف بحجم وقدرة الواحد منا ومعرفة الحدود التي يجب الوقوف عندها ، الذي عندها يكون مبلغ علمنا ومعارفنا لنتوقف على أعتابها ، لا أن نُقحم أنفسنا في متاهات لا نُحسن الخروج منها " . |
رد: " مدعي الثقافة "
قال لي أحدهم بعد أن كتبت مقالي السابق :
كيف لكم أن تبدو لسان حرفكم ؟! وتخوضوا غمار الأدب والثقافة برصيد جهلكم !! وأنتم عن العلم مبتور سندكم !!! أما كان الصمت أولى لكم ؟! به تصان كرامتكم ، ويسلم به حالكم ! قلت : أعترف بأن البادرة مني خرجت من روع المشاهد ، من عقيم المعطيات ، وتلك النتائج المعلقة في مشاجب الهوان !! ما : اقتحمنا ميدان العلم والثقافة والأدب قاصدين بذاك التعامي عن معرفتنا بحقيقة أنفسنا ، وبأن العلم الذي عندنا لا يجاوز آلاف الأصفار التي عن يسار الواحد من الحساب !! ولكن : هي انتفاضة في وجه ذاك الخبال الذي صار ديدن البعض ممن امتهنوا حرفة الإغراق والإستغراق في ذاك " التزييف والمجاهرة " بطعن كرامة التراث و الرموز ، الذين أفنوا حياتهم ليقدمو لنا علما صافياً من أكدار الشبهة على طبق من ذهب !! ولكن للأسف : كانت البادرة منا عندما توارى أرباب الحكم ، وأرباب العلم ، والثقافة ، والمعرفة بحجاب النأي بالنفس ، والتواضع الذي أخفق البعض منهم عن معرفة " مكانه وزمانه " ليخلطوا بذاك الأمور ، فيكونوا مذبذبين بين بين متباينين ، ما بين إقدام وإحجام ، فأدخل البعض أدوات القياس والاجتهاد فيما يُقدم عليه في قادم الأيام ، فكان الترجيح أن يسكن في بيت الانتظار ، يفترش الرجاء والأمل ، وينام على حصير التسويف ، ويطارد أحلام اليقظة التي يصعقُها الواقع المُعاش !! بُحّ صوتنا : ونحن نحاول تحريك الساكن منهم !! وقد بينا لهم بأنا لا نريد منهم جر ألسنتهم وأقلامهم من أغمادها ليبيدوا الآخر ! وإنما عمدنا لذاك من أجل خلق التوازن ، ولنخلق ذاك الواقع المتدافع الذي به نقف على خطوة واحدة والتي بها " يُراجع الحساب " ، ونخرج بها من غُرف " التوجس والخوف " التي نتهامس فيها ، وتعترينا في أثنائها تلكم الرعشة المتمخضة عن ذاك الخوف من المستقبل الذي يُجلّي " ماهيته " قادم الأيام . من هنا : لا زلنا نُعوّل على أولئك المخلصين ، أن ينبروا ليحملوا راية العلم ، والثقافة ، والمعرفة ليوصلوا الناس بذاك إلى معين الحقيقة ، وليبينوا لهم الحق ومعالم طريقه . |
الساعة الآن 06:57 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.