![]() |
|
أفْيُوْنُ الحُبّ
أفْيُوْنُ الحُبِّ
عندما يُرخي الليلُ سدوله، يتوحّشُ الكونُ من حولها، تتوحّشُ الأشياءُ في حجرتها، يهوي قلبها في عمقِ الوحدة، وتشتعلُ أنفاسها بالأنينِ وبالألم. تُصادِفُهُ في أحلامها ويقظتها، تصادفه في الروايات المتكدّسة على مكتبها، في الأوراق المتجعّدة السطوح، في كلّ قطرة حبرٍ سقطت سهواً من دواتها، في كلّ الصور المصلوبة على جدران حجرتها، في كلّ الذكريات المتشبّثة بذاكرتها الصغيرة .. لم تُكمل العشرين من عمرها .. لم يكتمل طول شَعرها ولا حتى استقرّت ملامح وجهها. ذات يومٍ حين استعمرها بالحبّ، مرّر أفيون كلماته إلى روحها الغضّة وترك على جدار قلبها آثار سياط الرحيل. تساءلت: لماذا رحل ونسي نفسه فيّ ؟ في أيّامي؟ في أنفاسي ؟ في أشلاء أشلائي؟ لماذا رحل عنّي وقد كنتُ جميلته وحبيبته ومدلّلته وصديقته وسيّدة قلبه الأولى ؟ أسئلة تدورُ وتدور في رأسها .. تكاد تثقب قلبها .. لم تجد الإجابة منذ رحل، ربّما لن تجد الإجابة إلى الأبد .. لكنها تريد أن تمحوه من ذاكرتها .. تريدُ أن تزيل آثار فمه عن شفتيها وخدّيها وعنقها وأناملها وخصرها وشعرها وحروفها وأوراقها وأحبارها وأقلامها وقصائدها وأشيائها وحجرتها.. تتمنى أن يختفي طيف عينيه من سقف حجرتها .. فكلّما حاولت الخلود إلى النوم .. رمقها بنظرة اشتياقٍ ولم يحضر.. كأنه يتلذذ بدموعها .. بعذابها .. وموتها. في تلك الليلة .. أسرجت أقلامها عند أوّل صفحةٍ بيضاء ثمّ انتفضت من سريرها .. وقفت عليه .. أخذت تقفز إلى الأعلى .. تحاول ملامسة السقف .. تحاول أن تفقأ عينيه .. لعلّه يرحل عنها .. إنّها تحبّه .. إنّها تحبّهُ تعشقه .. كأنّ في عينيهِ سرّ حياتها وفي حضوره خلودها! ظلّت تحاول بالقفز حتى شارفت على الثلاثين من عمرها .. حينها فقط .. كانت قد كَبُرَت .. وازداد طولُ شعرها .. واكتملت أنوثة جسدها .. حينها فقط .. صار باستطاعتها ملامسة السقف وعينيه .. حينها خرج الليلُ من حجرتها .. واختفى خيال عينيه.. خلف عينيّ مروّجٍ آخر... |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
قصة جميلة بأسلوبها المشوق وحبكتها الآسرة ...وهي ذات بعد عاطفي بما حملته من إشارات مباشرة بالغة الدلالة حيث جاءت معبرة عن ما يفعله الحب والتعلق في العشاق وما يصنعه من سحر يشبه إلى حد كبير مفعول الأفيون .. رائعة وأكثر..
و سأحاول إن شاء الله في المداخلة (2) الإشارة لبعض الهنات اللغوية الطفيفة وبعض الملاحظات بخصوص بعض التعابير اللفظية المتضمنة في النص.. وتقبلوا تحياتي وتقديري أخي أ.ابراهيم موسى . |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
عندما يُرخي الليلُ سدوله، يتوحّشُ الكونُ من حولها، تتوحّشُ الأشياءُ في حجرتها، يهوي قلبها في عمقِ الوحدة، وتشتعلُ أنفاسها بالأنينِ وبالألم. تُصادِفُهُ في أحلامها، في صحوهاوفي يقظتها، تصادفه في الروايات المتكدّسة على مكتبها، في الأوراق المتجعّدة السطوح، في كلّ قطرة حبرٍ سقطت سهواً من دواتها، في كلّ الصور المصلوبة على جدران حجرتها، في كلّ الذكريات المتشبّثة بذاكرتها الصغيرة .. لم تُكمل العشرين من عمرها .. لم يكتمل طول شَعرها ولا حتى استقرّت ملامح فمها. ذات يومٍ حين استعمرها بالحبّ، مرّر أفيون كلماته إلى روحها الغضّة وترك على جدار قلبها آثار سياط الرحيل. تساءلت: لماذا رحل ونسي نفسه فيّ ؟ في أيّامي؟ في أنفاسي ؟ في أشلاء أشلائي؟ لماذا رحل عنّي وقد كنتُ جميلته وحبيبته ومدلّلته وصديقته وسيّدة قلبه الأولى ؟ أسئلة تدورُ وتدور في رأسها .. تكاد تثقب قلبها .. لم تجد الإجابة منذ رحل، ربّما لن تجد الإجابة إلى الأبد .. لكنها تريد أن تمحوه من ذاكرتها .. تريدُ أن تزيل آثار فمه عن شفتيها وخدّيها وعنقها وأناملها وخصرها وشعرها وحروفها وأوراقها وأحبارها وأقلامها وأشعارها وقصائديها"قصائدها" وأشيائها وحجرتها.. تتمنى أن تختفي"يختفي" طيف عينيه عن سقف حجرتها .. فكلّما حاولت الخلود إلى النوم .. رمقها بنظرة اشتياقٍ ولم يحضر.. كأنه يتلذذ بدموعها .. بعذابها .. وموتها. في تلك الليلة .. أسرجت أقلامها عند أوّل صفحةٍ بيضاء ثمّ انتفضت من سريرها .. وقفت عليه .. أخذت تقفز إلى الأعلى .. تحاول ملامسة السقف .. تحاول أن تفقأ عينيه .. لعلّه يرحل عنها .. إنّها تحبّه .. إنّها تحبّهُ تعشقه .. كأنّ في عينيهِ سرّ حياتها وفي حضوره خلودها! ظلّت تحاول بالقفز حتى شارفت على الثلاثين من عمرها .. حينها فقط .. كانت قد كَبُرَت .. وازداد طولُ شعرها .. واكتملت أنوثة جسدها .. حينها فقط .. صار باستطاعتها ملامسة السقف وعينيه .. حينها خرج الليلُ من حجرتها .. واختفى خيال عينيه.. خلف عينيّ مروّجٍ آخر.
********* *في صحوها وفي يقظتها : باعتقادي أن الصحوة واليقظة يحملان نفس المعنى ... ويستحسن بنظري استعمال عبارة في منامها وفي يقظتها للتمييز بين الحالين، وربما هو ما كنت تقصده إن لم أكن مخطئا. *ملامح فمها : مجرد اقتراح "ملامح وجهها " تعبير أدق بتقديري.. *تريدُ أن تزيل آثار فمه عن شفتيها وخدّيها وعنقها وأناملها وخصرها وشعرها وحروفها وأوراقها وأحبارها وأقلامها وأشعارها وقصائدها ...يستحسن من وجهة نظري أن تنتهي رغبتها في إزالة آثار فمه عند عنقها..!! مع الإشارة إلى التكرار في العبارة "أشعارها وقصائدها" على اعتبار أن لهما معنى واحدا.. *أسرجت أقلامها : إذا كان من الممكن ايضاح معنى العبارة مع العلم أن أسرج تأتي في الغالب بمعنى أوقد.؟ وتقبلوا أستاذنا القاص المبدع خالص التحايا.. مودتي و :43: |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
أبدعت أديبنا العزيز موسى إبراهيم
الحب قد يكون أشد إدمانًا وألما من كل المخدرات والفكاك منه صعب جدا استمتعت بهذا النص الجميل وبلغته الوصفية الدقيقة دام العطاء والإبداع تحياتي وتقديري |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
فنّان أنت في خلقِ الأجواءِ القصصية
التي تسحرُ القارئَ وتجعل من ممارسة القراءة متعةً لا غنى للقلبِ عنها استمتعت كثيراً هنا رائعة بكل فحوى الكلمة:45: |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
اقتباس:
شكراً على حضورك الجميل، لقد اطلعت على ملاحظاتك القيّمة، وبالتالي قمت بتعديل النص وفقاً لتلك الملاحظات. أتمنى أن لا تحرمني من هذه الطلّة البهيّة. ملاحظة: أسرجت أقلامها قصدت هنا تشبيه الأقلام بالخيل، إستعداداً لبدء الكتابة فقد أسرجت الأقلام عند أول صفحة بيضاء. تحياتي واحترامي |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
اقتباس:
عمت صباحاً يا سيدي، شكراً على هذه القراءة الرائعة. تحياتي وكل الودّ |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
اقتباس:
حضورك هو أجمل لوحة فنية، قراءة أعتز بها. حمداً لله على السلامة، تحياتي واحترامي |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
اقتباس:
تقديري ومودتي :43: |
رد: أفْيُوْنُ الحُبّ
اقتباس:
تحياتي واحترامي |
الساعة الآن 03:00 PM |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.