![]() |
|
تعلم كيف تنظر فى المرآة
|
|
إن ابتعاد هيكل عن مسرح الأحداث معترضا فى تلك الفترة كان كفيلا بتحقيق إحدى الحسنيين ..
إما تراجع عبد الناصر لما يمثله هيكل من قلب وعقل فى جسد التجربة بأكملها .. وإما إيقاظ النائمين بقلمه صاحب الشعبية الخرافية والمكانة النادرة وإنا وإن كنا نتفق مع أستاذنا القدير هيكل فى شأن عقدة الهزيمة التى تمكنت إسرائيل من بثها بأعماق الشعوب العربية حتى بعد حرب أكتوبر .. إلا أننا لا نملك أن نؤيد وجهة نظره كاملة لأن هزيمة معركة وخسارتها هى بالطبع لا تمثل مبررا للبقاء رهنا لثقافة الهزيمة على حد تعبير أستاذنا الكبير لكن من قال إن هزيمة يونيو كانت هزيمة معركة .. لقد كان احتلال الأراضي العربية هو أهون أثر فى تلك الهزيمة لأن الضربة الحقيقية كانت متمثلة فى وضوح الضباب الذى ظل حاجبا حقيقة القوة الفارغة وساق خلفه الملايين تأييدا فإذا بالهزيمة تأتى مدمرة وعلى نحو غير متوقع ليس بسبب تفوق الخصوم وإنما ـ من باب أكبر ـ بسبب هوان الأساس القائم على الكذب وبالتالى كانت الهزيمة هزيمة مبادئ التجربة وانكشاف عريها وهو الدافع الحقيقي لليأس ولم تكن الأرض المحتلة لتسبب تلك العقدة أو تكرس لهذه الثقافة إذا كانت الهزيمة لفارق تفوق الخصوم فقط .. كما حدث مع فرنسا مثلا بالحرب العالمية الثانية فقد سقطت فى قبضة هتلر كاملة وهى إمبراطورية ذات شأن فى تلك الآونة .. ودخل الألمان العاصمة الفرنسية الشهيرة وشاهدهم الفرنسيون أمام قوس النصر يمزقون معاهدة فرساى التى وقعتها ألمانيا المنهزمة بالحرب العالمية الأولى لفرنسا المنتصرة بها وبالرغم من كل هذا الهوان لم تستسلم فرنسا وتفجرت المقاومة وقادها الجنرال شارل ديجول من الخارج حتى استعادت حريتها وكل هذا كان بسبب قيام الدولة الفرنسية على أسس حقيقية بين الحكم والشعب وبالتالي فلا يوجد مبرر لليأس وتكريس ثقافة الهزيمة طالما أن الخسارة جاءت لتفوق الخصم الذى تمكن من تحطيم القدرة الفرنسية مرحليا وفعلتها ألمانيا عندما قامت من كبوتها وإهانتها بإرغامها على توقيع معاهدة الإستسلام فى الحرب العالمية الأولى فى فرساى ورضخت لشروط المنتصرين ولكنه كان رضوخا لمرحلة وقام الممثل الألماني بالتوقيع على المعاهدة وهو يقول للفرنسيين فى حزم " سنتقابل هنا مرة ثانية بعد عشرين عاما " وقد كان .. لأن الهزيمة هنا أيضا لم تكن هزيمة تجربة أو مبادئ أو روابط بل هزيمة جيوش أما بالنسبة للقسم الرابع من المفكرين وهو أشدهم إثما فى نظرى فهم أولئك القادة من المفكرين الذين سقطوا أسري لعدم المنطقية حتى مع أنفسهم .. ومثالهم الماركسيين الذين ركزوا قدراتهم على الماركسية كمذهب وغضوا الطرف عن هموم أوطانهم حتى لو كانت تلك الهموم غير قابلة للحل بالطريق الماركسي .. فصاروا يدافعون عن الوسيلة وأهملوا الغاية فى سبيل ذلك !! فالمفروض أن أى مذهب أيديولوجى قائم على أساس الإرتقاء بالوطن تبعا لنظريات يؤمن بها فإن وقعت مصلحة الوطن فى مفترق طرق مع المذهب فمن الطبيعى أن يدير المفكرون رأسهم عنه لصالح الغاية وهو الوطن ويهملوا الوسيلة التى ثبت فشلها وهى المذهب كما فعلت معظم البلاد الشيوعية بعد فشل تجاربها فى مواطنها الأصلية .. لكن ومن باب الغرائب المألوفة لعالمنا العربي تمسك الشيوعيون العرب بالمذهب الماركسي أكثر من تمسك الماركسيين أنفسهم به !! ولم يتوقف أحدهم ليسأل نفسه عما يبحث وعن أى شيئ يدافع .. وهل يدافع عن الفكرة لكونها ضرورة للتطبيق أم يدافع عنها حتى لو ثبت فشلها فى التطبيق ؟! وكان منهم وللأسف واحد من أعظم مفكرى مصر مثل الدكتور فؤاد زكريا الذى أثار الإنتقادات حول تجربة عبد الناصر فقط لكونها تجربة ضربت اليسار لصالح اليمين مع تطبيقها الخاطئ لنظرية الاشتراكية وهكذا ضاع مفهوم الوطن بين يمين ويسار ولم يتوقف أحد من المؤيدين أو المعارضين ليسأل عن مصير أمة تفككت بينهما , وفى نفس الوقت ظل عداء اليسار واليمين معا للتجربة والتاريخ الإسلامى واعتبار الحديث فى هذا الجانب أمرٌ من أمور التخلف ينبغي الإبتعاد عنه ! واليوم وبعد أن حدثت نقطة فصل بين الأجيال السابق ذكرها من المفكرين وبين ما تلاهم من أجيال .. عاشت مصر ومعها العالم العربي انحدارا مستمرا وتراجعا مطردا فى الفكر وما زال مستمرا إلا من قليل |
|
|
|
|
|
محمد جاد الزغبي .. طرح في غاية الرقي سيدي .. وموضوع يستحق أن نقرأه بإمعان .. هي بادرة تصفيق لفكرك المشوب بالبهاء .. أبادر بها هاهنا على عجالة .. ولي عودة بحول العظيم لتفنيد المحاور ومن ثم نقاشها مع قلمك الباهر .. تحية تقدير وإكبار فاضلي لوعيك الباهظ .. |
مرحبا بك شقيقتنا الفضلي سحر الناجى
وأسعدنى مرورك وفى انتظارك دائما .. |
الساعة الآن 05:39 AM |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.