منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   وحش لطيف (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=27433)

منى الحريزي 12-10-2020 06:35 PM

وحش لطيف
 
-أين ذهب السكان ؟
سأل والدهشة تملأه ...
وقفت أم عمر , وأم رشيد , وجدته العجوز أمام متجر أبو فخري , هناك حيث اصطف جموع من المارة مذهولين ..
هاهو تلفاز أبو فخري الذي اِشتراه منذ أيام قليلة يعرض أمام أهالي القرية جمعاء لأول مرة .
همس أحدهم لمن بجواره ...
- يقال أنه لايوجد سوى 40 قطعة من هذا الجهاز في عموم البلاد ..
سقطت كل الأصوات في بئر مكتومة , راحت الأنظار تلتهم المشهد , سكت الصغار وافترشوا رمل الأرض جالسين .
اقتحمت المشهد أم سعيد حاملة أرطال من الخبز الدافئ على رأسها في لفافة قماش ,
وبدا وكأنها كانت تلهث متلهفة لرؤية هذا الحدث العجيب .
أعادوا على مسمعها القصة من البداية , اِشترى السيد أبو فخري جهازاً منذ أيام يدعى التلفاز ,
شيء كثيراً ما سمعنا عنه ولم نره من قبل , وهاهو يعرض هذا الجهاز الفريد على أهالي القرية هذه اللحظة .
انطلقت بعض الأصوات محشوة بالدهشة . أكمل أبو عامر صب أنغام الثناء والمدح على أبو فخري ,
وحين أنهى حديثه أنصرف الحضور وعادوا في المساء .
تسامر الأهالي أمام المتجر حتى بزوغ الفجر .طل الصباح فاتراً , غطى القرية في سبات عميق ,
خرج الناس الى أعمالهم في وقت متأخر وعانوا آثار السهر .

مرت ثلاث أشهر ...
بدأ الجهاز الجديد يغزو منازل القرية , بيت أم سمير, وأبو أمير العطار , وبضع بيوت ..حتى باع فقيرهم قطعة أرضه وأقتناه .
بدأت تُسمع دوي حوادث في القرية , طفل أصيب بحادث جراء تقليده ماأسموه الرسوم المتحركة ,
أبو أمير يطلق زوجته بعد رحلة 40 عاماً , خميس الحلاق يستبدل مهنته بالغناء في الأفراح .
أبتلع الجهاز الجديد ضحكات الأطفال وصوت قباقبهم في الطرقات ,
تسمرت الأعين أمام الشاشة . جفت , وترهلت , وذبلت حكايا الجدات .
الجميع أنغمس في المشهد .

ناريمان الشريف 12-10-2020 08:11 PM

رد: وحش لطيف
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى الحريزي (المشاركة 271446)
-أين ذهب السكان ؟
سأل والدهشة تملأه ...
وقفت أم عمر , وأم رشيد , وجدته العجوز أمام متجر أبو فخري , هناك حيث اصطف جموع من المارة مذهولين ..
هاهو تلفاز أبو فخري الذي اشتراه منذ أيام قليلة يعرض أمام أهالي القرية جمعاء لأول مرة .
همس أحدهم لمن بجواره ...
- يقال أنه لايوجد سوى أربعين قطعة من هذا الجهاز في عموم البلاد ..
سقطت كل الأصوات في بئر مكتومة , راحت الأنظار تلتهم المشهد , سكت الصغار وافترشوا رمل الأرض جالسين .
اقتحمت المشهد أم سعيد حاملة أرطالاً من الخبز الدافئ على رأسها في لفافة قماش ,
وبدا وكأنها كانت تلهث متلهفة لرؤية هذا الحدث العجيب .
أعادوا على مسمعها القصة من البداية , اشترى السيد أبو فخري جهازاً منذ أيام يدعى التلفاز ,
شيء ، كثيراً ما سمعنا عنه ولم نره من قبل , وهاهو يعرض هذا الجهاز الفريد على أهالي القرية هذه اللحظة .
انطلقت بعض الأصوات محشوة بالدهشة . أكمل أبو عامر صب أنغام الثناء والمدح على أبو فخري ,
وحين أنهى حديثه انصرف الحضور وعادوا في المساء .
تسامر الأهالي أمام المتجر حتى بزوغ الفجر .طل الصباح فاتراً , غطى القرية في سبات عميق ,
خرج الناس الى أعمالهم في وقت متأخر وعانوا آثار السهر .

مرت ثلاثة أشهر ...
بدأ الجهاز الجديد يغزو منازل القرية , بيت أم سمير, وأبو أمير العطار , وبضع بيوت ..حتى باع فقيرهم قطعة أرضه واقتناه .
بدأت تُسمع دوي حوادث في القرية , طفل أصيب بحادث جراء تقليده ماأسموه الرسوم المتحركة ,
أبو أمير يطلق زوجته بعد رحلة أربعين عاماً , خميس الحلاق يستبدل مهنته بالغناء في الأفراح .
ابتلع الجهاز الجديد ضحكات الأطفال وصوت قباقبهم في الطرقات ,
تسمرت الأعين أمام الشاشة . جفت , وترهلت , وذبلت حكايا الجدات .
الجميع أنغمس في المشهد .

يسعد مساك ,, عزيزتي منى

ناريمان الشريف 12-10-2020 08:13 PM

رد: وحش لطيف
 
حقاً هذا بالضبط ما فعله التلفاز وما تفعله اليوم شاشات الفضائيات
لقد قتل الحوارات العائلية ، وشتت شمل المودة والألفة بين الناس
وعزلهم عن بعضهم البعض
قصة ذكية
عرضتِ خلالها مضار هذه الشاشة الصغيرة
وبالصوت والصورة ما نتج عن متابعته من جرائم وحوادث
والذي أسميته في العنوان ( الوحش )
هو الوحش بعينه ..
لغة جميلة وسرد لطيف
سامحيني عزيزتي منى
سمحت لنفسي بتصحيح ما ورد في النص من خطأ
وأشرت إليه بلون مختلف
لك المحبة والاحترام
ناريمان

ياسَمِين الْحُمود 12-10-2020 08:42 PM

رد: وحش لطيف
 
هل هي الأشياء حقا المرقطة بأقطارنا؟
أم هي خيبات وأحلامنا الموءودة التي تضع أختامها
على الأشياء من حولنا؟
تجعلها تتضخم تملأ المساحات حول رؤانا وأمنياتنا؟
قصة ممتلئة من كثير من تفاصيل فلسفة الحياة
والنظر إلى ما هو أبعد...
انتهينا من التلفاز وجئنا للوتس أب
يقرّب البعيد ويُبعّد القريب
ويقتل الحوارات العائلية كما تفضّلت الأخت ناريمان
شكراً منى:30:

ماجد عبدالله العلي 12-18-2020 08:53 AM

رد: وحش لطيف
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى الحريزي (المشاركة 271446)
-أين ذهب السكان ؟
سأل والدهشة تملأه ...
وقفت أم عمر , وأم رشيد , وجدته العجوز أمام متجر أبو فخري , هناك حيث اصطف جموع من المارة مذهولين ..
هاهو تلفاز أبو فخري الذي اِشتراه منذ أيام قليلة يعرض أمام أهالي القرية جمعاء لأول مرة .
همس أحدهم لمن بجواره ...
- يقال أنه لايوجد سوى 40 قطعة من هذا الجهاز في عموم البلاد ..
سقطت كل الأصوات في بئر مكتومة , راحت الأنظار تلتهم المشهد , سكت الصغار وافترشوا رمل الأرض جالسين .
اقتحمت المشهد أم سعيد حاملة أرطال من الخبز الدافئ على رأسها في لفافة قماش ,
وبدا وكأنها كانت تلهث متلهفة لرؤية هذا الحدث العجيب .
أعادوا على مسمعها القصة من البداية , اِشترى السيد أبو فخري جهازاً منذ أيام يدعى التلفاز ,
شيء كثيراً ما سمعنا عنه ولم نره من قبل , وهاهو يعرض هذا الجهاز الفريد على أهالي القرية هذه اللحظة .
انطلقت بعض الأصوات محشوة بالدهشة . أكمل أبو عامر صب أنغام الثناء والمدح على أبو فخري ,
وحين أنهى حديثه أنصرف الحضور وعادوا في المساء .
تسامر الأهالي أمام المتجر حتى بزوغ الفجر .طل الصباح فاتراً , غطى القرية في سبات عميق ,
خرج الناس الى أعمالهم في وقت متأخر وعانوا آثار السهر .

مرت ثلاث أشهر ...
بدأ الجهاز الجديد يغزو منازل القرية , بيت أم سمير, وأبو أمير العطار , وبضع بيوت ..حتى باع فقيرهم قطعة أرضه وأقتناه .
بدأت تُسمع دوي حوادث في القرية , طفل أصيب بحادث جراء تقليده ماأسموه الرسوم المتحركة ,
أبو أمير يطلق زوجته بعد رحلة 40 عاماً , خميس الحلاق يستبدل مهنته بالغناء في الأفراح .
أبتلع الجهاز الجديد ضحكات الأطفال وصوت قباقبهم في الطرقات ,
تسمرت الأعين أمام الشاشة . جفت , وترهلت , وذبلت حكايا الجدات .
الجميع أنغمس في المشهد .

ليس وحشا لطيفا حسب القصة ، بل غول مرعب ! احسني الظن بالتلفاز ، فهوا نعمة عظيمة سبحان المولى يسر لنا هذا الجهاز العظيم الذي لم يعد ممكن الاستغناء عنه .

القصة جميلة وبسيطة ودافئة وتعبر عن موهبة قصصية أنيقة ،،،

تحياتي

محمد عبدالفتاح 12-18-2020 05:11 PM

رد: وحش لطيف
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى الحريزي (المشاركة 271446)
-أين ذهب السكان ؟
سأل والدهشة تملأه ...
وقفت أم عمر , وأم رشيد , وجدته العجوز أمام متجر أبو فخري , هناك حيث اصطف جموع من المارة مذهولين ..
هاهو تلفاز أبو فخري الذي اِشتراه منذ أيام قليلة يعرض أمام أهالي القرية جمعاء لأول مرة .
همس أحدهم لمن بجواره ...
- يقال أنه لايوجد سوى 40 قطعة من هذا الجهاز في عموم البلاد ..
سقطت كل الأصوات في بئر مكتومة , راحت الأنظار تلتهم المشهد , سكت الصغار وافترشوا رمل الأرض جالسين .
اقتحمت المشهد أم سعيد حاملة أرطال من الخبز الدافئ على رأسها في لفافة قماش ,
وبدا وكأنها كانت تلهث متلهفة لرؤية هذا الحدث العجيب .
أعادوا على مسمعها القصة من البداية , اِشترى السيد أبو فخري جهازاً منذ أيام يدعى التلفاز ,
شيء كثيراً ما سمعنا عنه ولم نره من قبل , وهاهو يعرض هذا الجهاز الفريد على أهالي القرية هذه اللحظة .
انطلقت بعض الأصوات محشوة بالدهشة . أكمل أبو عامر صب أنغام الثناء والمدح على أبو فخري ,
وحين أنهى حديثه أنصرف الحضور وعادوا في المساء .
تسامر الأهالي أمام المتجر حتى بزوغ الفجر .طل الصباح فاتراً , غطى القرية في سبات عميق ,
خرج الناس الى أعمالهم في وقت متأخر وعانوا آثار السهر .

مرت ثلاث أشهر ...
بدأ الجهاز الجديد يغزو منازل القرية , بيت أم سمير, وأبو أمير العطار , وبضع بيوت ..حتى باع فقيرهم قطعة أرضه وأقتناه .
بدأت تُسمع دوي حوادث في القرية , طفل أصيب بحادث جراء تقليده ماأسموه الرسوم المتحركة ,
أبو أمير يطلق زوجته بعد رحلة 40 عاماً , خميس الحلاق يستبدل مهنته بالغناء في الأفراح .
أبتلع الجهاز الجديد ضحكات الأطفال وصوت قباقبهم في الطرقات ,
تسمرت الأعين أمام الشاشة . جفت , وترهلت , وذبلت حكايا الجدات .
الجميع أنغمس في المشهد .

جميل جدا جدا بالتوفيق

فلاح العيساوي 12-20-2020 12:22 AM

رد: وحش لطيف
 
لكل قادم من المجهول دور
على الخصوص في عالم التكنولوجيا الحديثة
لكن العبرة في ثقافة المجتمع وكيف يتم استخدامه والفائدة منه وتجنب تأثيره السلبي على الأفراد...
قصة جميلة في طرحها..
تحياتي للكاتبة.

منى الحريزي 12-25-2020 01:06 AM

رد: وحش لطيف
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 271463)
يسعد مساك ,, عزيزتي منى


أسعد الله أوقاتك كلها أيتها العزيزة الغالية ناريمان ...
نعم هو كذلك ... تصويب جيد ... تذهليني دوماً بملاحظاتك ...
شكراً على الأهتمام .. سأعدله إن شاء الله ..

منى الحريزي 12-25-2020 01:14 AM

رد: وحش لطيف
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 271464)
حقاً هذا بالضبط ما فعله التلفاز وما تفعله اليوم شاشات الفضائيات
لقد قتل الحوارات العائلية ، وشتت شمل المودة والألفة بين الناس
وعزلهم عن بعضهم البعض
قصة ذكية
عرضتِ خلالها مضار هذه الشاشة الصغيرة
وبالصوت والصورة ما نتج عن متابعته من جرائم وحوادث
والذي أسميته في العنوان ( الوحش )
هو الوحش بعينه ..
لغة جميلة وسرد لطيف
سامحيني عزيزتي منى
سمحت لنفسي بتصحيح ما ورد في النص من خطأ
وأشرت إليه بلون مختلف
لك المحبة والاحترام
ناريمان

يسعدني دوماً تفاعلك أختي الغالية ناريمان
ربما كنت مبالغة بوصفه وحشاً ولكنه لايبدو إلا كذلك .
يروجون لأن التلفاز لمة العيلة و لكن ماهو إلا العكس ...
والحوارات العائلية باتت شحيحة و الكلمات تكتب لاتقال ...

شكراً لـإهتمامك ... أقدر دوماً رأيك وبترحاب :45:
مودتي ..

منى الحريزي 12-25-2020 01:58 AM

رد: وحش لطيف
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الحمود (المشاركة 271472)
هل هي الأشياء حقا المرقطة بأقطارنا؟
أم هي خيبات وأحلامنا الموءودة التي تضع أختامها
على الأشياء من حولنا؟
تجعلها تتضخم تملأ المساحات حول رؤانا وأمنياتنا؟
قصة ممتلئة من كثير من تفاصيل فلسفة الحياة
والنظر إلى ما هو أبعد...
انتهينا من التلفاز وجئنا للوتس أب
يقرّب البعيد ويُبعّد القريب
ويقتل الحوارات العائلية كما تفضّلت الأخت ناريمان
شكراً منى:30:


مرور رائع ... يسعد القلب .. أسعدك الله ياغالية
كلماتك في البداية ذكرتني بحالة هبوط المعنويات التي تعرض لها جيل المنتديات
التي أستفدنا منها و صقلت مواهبنا و تعلمنا فيها معنى الأجتهاد وبلوغ الغايات .

ولما جاء الوتس أب أختفى شعب كثير . وبقى المخلصين الأوفياء أمثالنا نبحث عن مرسى لسفننا التائهة حتى رسونا هاهنا في منابر وكان حسن الأختيار .

تذكرت أيضاً قبل سنوات طويلة ... عبارة كتبت على إحدى الواجهات الإعلانية معلنة عن شركة إتصالات ..
وكان الإعلان متضمناً بما معناه " كن أجتماعيا أكثر ... "
وعلى الواجهه صور لـ وسائل التواصل الأجتماعي منها الوتس أب ...
وأنا أردد بداخلي " كن أجتماعيا أكثر أم كن أنطوائياً أكثر ؟؟؟"

لقد أخذ الوتس أب منا ماأخذ , مع إني لاأراه بتلك المنفعة وتواجدي فيه قليل , ولكنه لازال يحضى بشعبية أكبر بين وسائل التواصل الأخرى .

هو كذلك ... يقرّب البعيد ويُبعّد القريب ...
وأزيد على ذلك ... ينمي الشعور بالوحدة والعزلة ....
ربما هي نوعا ما من العزلة الإختيارية .

أنرت الصفحة ... أختي الغالية ياسمين
شاكرة مرورك الكريم وتفاعلك ... يسعدني ذلك
شكري ومودتي
..:31:


الساعة الآن 01:13 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team