![]() |
فحيح الموت
كآبة عميقة ، غيمة داكنة .. ملئت أفقه .. ذكرى فَقْدٌ هبَّت ، سحبتْ لتملأ مساءه بالوهن . الضّبابُ حضر بكاملِ عنفوانه ليمنعه من الهروب من ليلته الكئيبة . الأيام قصيرة ، وذاكرته أقصر .. استحضرت تاريخ (20 رمضان 1438) .. رحلة الاضطراب مع الفقد .. مواجهة الموت وخطف أمِّه من بين يديه قضى لمدة أربع سنوات يحرسها من أنيابه ظن أنَّه سيمنعه عنها . من بعد تلك الليلة أصبح يعيش خارج اللاوعي حتى لا تفتّته حقيقة موتها .. لعل روحها تعود مع ماء السحاب المتدفق في يومٍ ما . تعب .. حاول يتقبّل موتها وذهابها في رحلة أبدية ، لكن كلما حاول ينتحب ويأخذه العويل المتكسر إلى دمعٍ متدفق يلهب جوانحه ، فيغيب عن الوعي ويرجع لحالة اللاوعي بأنها ستعود . على الرغم من العاصفة الهوجاء التي مزَّقتْ نياط قلبه في ذلك التَّاريخ إلا أنَّه ما يزال مُصِرًّا على عودتها .. منذ رحيلها بقي كل شيء مكانه ينتظر رجوعها .. سريرها ، شجرة الحناء التي غرستها ، نخلتها السامقة .. حتى ملابسها في أيامها الأخيرة احتفظ بها .. وضعها بين كتبه يشمّ رائحة عطرها وأنفاسها الزكية في كتبه التي أصبحت هي الرفيق الأمثل في مواجهة تلك الاضطرابات النفسية . يهربُ مسرعًا بعقلِه وذاكرته إذا أتاه الشعور المميت أنَّها ماتت ولا عودة لها . ما يزال البائس يصارع أمر رحيلها .. ويطرح سؤاله منذ ذلك التاريخ .. كيف لذلك اليوم أن تشرقَ شمسه من دون وجود وجه أمه في الدنيا ؟ أين اختفت ؟ لم تكن الحياة سخيّة ، بل قذفت به في حممٍ من المتاعب وجحيم الأفكار المزعجة . روحها تزوره في كل ليلة عبر منامه تأتي بلباسٍ أبيض يصحبها الضباب لتثبت له أنها لم تمت .. ما زالت حيّة .. في حلمه تأتي كحلمٍ لطيف يتهادى بالطمأنينة إلى أعماقِ روحه. كانت غيمة تظلّه ، سحابة تمطر قلبه بالسعادة والدعوات .. كبر على ربيع حنانها واهتمامها وعطفها . في ليلة رحيلها بكى بكاء الأطفال .. صرخ في الموت وتوسل إليه أن يتركها .. لكن لم يسمع غير (فحيح الموت ) يملأ المكان . سليّم السوطاني |
رحم الله أمهاتنا وأسكنهن فسيح جناته هن الفقد الذي لا يعوضه وجد أبدا سليم مؤلم بوحك |
رحمها الله
واسكنها وكل الأمهات الراحلات فسيح الجنان ويبقى انك أبدعت في تصوير أفق الحزن والشجن طوبى للصابرين |
الموت القطار الذي سيمر بكل محطات الكون ولابد أن يمتطي صهوته الجميع ويترجل الجميع منه إلى حياتهم الأخرى ذات فقد وألم وجراح ٍ لاتندمل سيكون الله كفيلاً بمن رحلوا سيكون أكثر رحمةً بهم منّا هم وفدوا إليه والله يحسن وفادة من يفِدُ إليه |
الساعة الآن 07:10 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.