![]() |
حكاية النهر( قصة قصيرة )
كل من يأتي الى النهر،يحكي له حكايته،النهر يصغي للجميع بصمته الرهيب ،ومهما طالت الحكايا ،فقد تعاهد الصمت منذ زمن طويل،وأدمن الاصغاء. تحدثني نفسي مرات ومرات وانا على جرف النهر،ان احكي له حكايتي لكنّي اجد غصة فأمسك عن الكلام، وفي هذه المرة قررت ان القي بنفسي في النهر،واغمر جسدي بالماء، أرتمس ثمّ اغطس الى الأعماق، كمن يغطس في الأحلام ،أو يسافر مع هالة الضوء الى النجوم. في باب الشركة التي يعمل بها، طلبوا هويته للتأكد من الأسم،انت فلان؟ قال نعم فاقتادوه الى السيارة المصفحة جعلوه بين جنديين مدججين بالسلاح، شدّو عينيه وقيدو يديه، كان يحمل بيده اليمنى قارورة الماء، لأنه يعاني من جفاف الحلق بعد ان أُجريت له عملية القلب المفتوح ، لم يشفع له مرضه ولا كبر سنه في طلبه منهم فك القيد ليتمكن من رفع قارورة الماء الى فمه. كان الجنديين يتعاملان معه وكأنهما عثرا على صيد ثمين، يعبثان به ويحركانه ويستفزانه بالكلمات النابية. شعر الرجل ان نفسه ينقطع بعد ان ضغطه الجنديين بجثتيهما الضخمتين،نفس الشعور كان ينتابني وانا اغطس في ماء النهر فاضطررت الى اخراج رأسي الى الاعلى لاستنشق الهواء، كانت الشمس حينها تميل الى الغروب، وتنزع اشعتها الحمراء على سطح الماء ليتلون باللون الاحمر ،بينما تغطس هي لتستحم في الافق. كانت العصافير في هذه الاثناء تعود الى غصن الشجرة المتدلّي الى النهر،ممتلئة البطون بعد يوم من البحث عن الرزق. بعد ان تغيب الشمس، وتتوارى في عمق الظلام،تبدأ المعاناة ، عدد كبير من الموقوفين جميعهم في سن الشباب يفترشون بلاط غرف الاعتقال ويجعلون احذيتهم كوسائد تحت رؤوسهم ،كانت نظراتهم تشفق على الرجل كبيرالسن الذي يعاني من مرض القلب،وكانوا يبادرون بالتقرب منه ويتسابقون في تقديم الخدمة له وقد جعلو له فسحة ليمدد جسده المتعب وسط الاجساد المحشورة حشرا . لم يغمض للرجل جفن في يومه الاول وكانت نظراته معلّقة على الشباك الصغير يترقّب الصباح، صباح تعلن عنه زقزقة العصافير وهي تتجمع على الغصن المتدلي قريبا من الشباك، ليبدأ يوم آخر من استدعاء مجموعة من الموقوفين للتحقيق، عصافير لغتها واحدة كما هي لغة الموقوفين وتهمتهم الوحيدة انهم عرب تحت سلطة الاحتلال. في صباح اليوم التالي وقفت على حافة النهر،نظرت الى الغصن المتدلي فوجدته خاليا من العصافير،شعرت بنسمة خفيفة من الهواء تحرّك المويجات باتجاه واحد وهي تصدراصوات منخفضة وكأنها تهمس لي..لقد اقتادو الرجل للتحقيق ولم يعد حتى الآن. . |
اقتباس:
باقة ود لك |
أحيانا تخذلني مشاعري فلا استطيع أن اكتب او اعبر عما يجول بخاطري، انبهارا وتعجبا بروعة ما خطت أناملك هنا .. دام عطائك العذب ودمت نجما لامعا فى سماء الروقان |
فن القص يحتاج عبقري ألفاظ وأنا أول قارئة تفتقد هذه الموهبة ولكني أسعد جدا بقراءة القصص الجميلة قصتك
|
اقتباس:
هنا يطرح المتعمق في النص كيف عرف المتحدث بتلك التفاصيل في للسياره والغرفة ؟ اتصور انه كان على القاص ان يستخدم ضمير المتكلم لكل النص حتى يكتسب النص المصداقية وأصدق أنا كمتلقي ما ورد على لسان المتحدث في النص. طبعا الزمكانية مناسبة لطبيعة النص وعدد الشخوص محدود والشخصيات دائرية مكتملة على الرغم من قصر النص. فنحن نعرف تفاصيل الحالة الصحية الأسير ونعرف ما جرى له حتى غاب كما غابت العصافير. أيضاً النص فيه تشويق وحتما اخر النص يمثل انقلاب غير متوقع للأحداث. لكن تظل الفكرة هي العنصر المهم في هذا النص. فواضح ان القاص أراد ان يوصل لنا حكاية واقعية تتمثل في مأساوية الظروف التي يعيشها الانسان العراقي. فهو غير امن على نفسه حتى لو كان كبيرا في السن ومريضا معرض للاعتقال حتى من باب الشركة التي كان يعمل بها ويقف على بابها جنود احتلال. ولكنه يستخدم اسلوب وصفي رومنسي يدخل فيه عناصر تجمل السرد مثل ذكر النهر وجعل العصافير احد شخوص النص. لكن لماذا غابت العصافير؟ هل غابت حدادا على ذلك السجين ؟ ام حدادا على الوطن ؟ وكيف نفهم هذا الغياب. كل هذه تمثل جوانب غموض تحسب للنص لان الكاتب لم يشأ ان يقول لنا كل شيء. وانما كفونا لنفكر في تلك الظروف . |
[justify]الاستاذ ايوب صابر
سرني ان قراءتك للنص تشي بناقد متذوق ومتفحص لمقومات النص واسلوبيته وفكرته شكرا مع باقة ياسمين[/justify] |
الاستاذة هتوف السلطان
شكرا لجمال الحضور والاطراء احترامي وباقة الورد. |
الاستاذة زمزم صافي
سرني حضورك واكليل الاطراء شكرا معطّرة بأريج الورد. |
الاستاذة بتول الدخيل
لاحرمنا من حضورك الجميل وبهاء وطنيتك ومشاعرك تجاه بلدك. |
الساعة الآن 02:29 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.