منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   قصة وأدت في مهدها (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=21751)

عبدالعزيز صلاح الظاهري 10-05-2016 09:16 PM

قصة وأدت في مهدها
 
كمراقب للعقود ،كنت دائم التجوال، والواقع أن هذه الوظيفة كانت تناسبني ،فانا اكره المكاتب ، والأماكن المغلقة ، وفي احد الأيام ، وكان ذلك في فصل الشتاء، طُلب مني السفر إلى احد المدن في أعماق الصحراء , فرحت بهذه الرحلة فرحًا شديدًا , فبالقرب من تلك البلدة ، كان هنالك لي صديق عزيز يعمل مدرس في احد الهجر، وبمجرد أن أنهيت عملي اتجهت إليه . وما أن وصلت ، ساقني صديقي لبيت شعر في البرية ،ولم تكن تلك الخيمة أو" بيت الشعر" بعيدة عن المنازل، وعندما دخلنا تم الترحيب بنا وأجلسوني ،وباشروني بالقهوة وبعد أن انتهت كلمات الترحيب ،قام أكبرهم سنا بالحديث فقال :
- عندما كنت في الثامنة عشر من عمري حدثت لي قصة ، كان لها اثر في مجرى حياتي ،هذه القصة من الصعب لأي إنسان أن يصدقها حتى أولئك الهائمون الساكنون في عالم الخيال . أنها اقرب لان تكون كذبة كذبتها وصدقتها ، وتفاعلت معها لتصبح واقعا ما زال أعيشه ، رغم أن عمري الآن تجاوز الستون !
توقف ذلك الرجل ونظر لمن حوله والذين كان جلهم يداعبون هواتفهم المحمولة !ثم التفت إلي وواصل حديثه :
- هذه القصة لم احكها لأحد من قبل فلقد احتفظت بها داخل دهاليز نفسي ، واختلقت قصة أخرى ، قريبة للمنطق حكيتها إلى أصدقائي
لماذا فعلت ذلك ،وأنا لا أحب الكذب ، ولا أخشى ما أقول ؟!
- قد يكون للعقل دور في هذا ، ففي بعض الأحيان يحتاج الإنسان لشيء من الخبث والحكمة ! ولكن لماذا أقصها الآن ؟! هل الفراغ الذي أعيشه الآن بعد تقاعدي هو السبب ؟
توقف برهة عندما لاحظ أن من حوله ما زالوا بأجهزتهم المحمولةمنشغلون !
ثم عاد لحديثه :
- وعودة لقصتي، ففي احد الأيام خرجت من منزلي حاملا بندقية الصيدوتوغلت في البراري، وعندما مالت الشمس إلى المغيب، أخذت ابحث عن مكان لأقضي فيه ليلتي فوجدت ربوة تطل على وادي سحيق ، فقررت أن يكون فيها مباتي، أوقفت سيارتي ،وأخرجت فراشي، ومددت ظهري. حاولت النوم ولكنني لم استطع ، كان هنالك شعور أن المحبوب الذي طال انتظاره قريب فالبشارات تسبقه تحملها الرياح تتجول بها ، أحسست ببعضها - قطرات باردة تلامس بحب وحنان وجهي ويدي، سطع البرق فجأة ، وسمعت هدير الرعد ، وزادت قطرات الماء المتساقطة فأسرعت ، وحملت فراشي ودخلت سيارتي . كان البرق يتراقص يخترق السماء طولا وعرضا ليظهر أجزاء من الوادي كانت الأرض حولي لها لمعان. ضللت أراقب واستمتع بهذه المكرمة ألإلهية حتى هاجمني النعاس. أصبح المنظر يغيب ويعود. كان راسي يترنح في جميع الجهات و يرتطم بما حوله. وأخيرا : تلاشى المنظر، خطفه الإرهاق، واستسلمت عيني للنوم. توقف ونظر حوله مرة أخرى
كان الجميع منهمكون في مداعبة أجهزتهم !!
نظر ألي وكأنه يسألني أيواصل سرد قصته أم يتوقف !
تسمرت في مكاني انظر إليه بعينين لا تظرفان ، وأنا في قمة الإحراج والحزن عليه . تنهد وصوب عينيه للفراغ ثم التفت إلي وقال بغضب : زمن اغبر!
سوف يجف نبع الإلهام من ارض الواقع والخيال في هذا الزمان ، لقد قتلت هذه الأجهزة كل شيء جميل فينا !
وغادر في صمت بدون أن يكمل قصته !!

فاطمة جلال 10-05-2016 10:39 PM

كاتبنا القدير عبد العزيز

لعلك وضعت في هذه القصة التي لم تكتمل اصبعك على الجرح ،،،وخاصة في زمن التطور التكنولوجي الذي نعيشه في زمن تعلقت عيوننا باجهزة الهاتف المحمول ،،،في هذا العالم الرقمي الذي اصبح فيه الانترنت حاجه ملحة كالماء والهواء انشغلنا عن أنفسنا وحتى اقرب الناس الينا من اهل بيتنا

لغة راقية وقصة معبرة

كل التقدير

ايوب صابر 10-06-2016 09:31 PM

قصة في قصة والنهاية مفتوحة بحيث تترك المتلقي في شوق شديد لمعرفة النهاية . قصة مكتوبة باحتراف. فيها شد وتكثيف وحبكة متقنة فيها احداث متصاعدة تساند بعضها بعضا . الزمكانية مناسبة وبناء الشخصيات مناسب.
اسلوب سردي شديد الروعة . وما يميز النص انه مشبع بالحركة( دام التجوال + السفر ) وهو ما منحه الحياة وجعله بالغ التأثير على نفس المتلقي. والفكرة جميلة للغاية فعلى الرغم ان القاص يتحدث عن مشهد ما يزال يحتفظ بعاداته وطقوسه البدوية الجميلة من بيت شعر وقهوة الخ لكنه مصاب بلوثة التكنولوجيا.

قصة جميلة وفكرة اجمل.


*

عبدالعزيز صلاح الظاهري 10-07-2016 02:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة جلال (المشاركة 216016)
كاتبنا القدير عبد العزيز

لعلك وضعت في هذه القصة التي لم تكتمل اصبعك على الجرح ،،،وخاصة في زمن التطور التكنولوجي الذي نعيشه في زمن تعلقت عيوننا باجهزة الهاتف المحمول ،،،في هذا العالم الرقمي الذي اصبح فيه الانترنت حاجه ملحة كالماء والهواء انشغلنا عن أنفسنا وحتى اقرب الناس الينا من اهل بيتنا

لغة راقية وقصة معبرة

كل التقدير


الأستاذة العزيزة فاطمة جلال
شكرا أستاذتي على تفاعلك مع ما كتبت وفي الحقيقة أنت من وضعت إصبعك وبتعليقك شاركتي وقدمتي رسالة علينا الوقف والتفكر فيها
نعم هذه الأجهزة شغلتنا عن اقرب الناس إلينا فرغم أننا في منزل واحد في حي واحد إلا إنا متفرقون

عبدالعزيز صلاح الظاهري 10-07-2016 02:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 216094)
قصة في قصة والنهاية مفتوحة بحيث تترك المتلقي في شوق شديد لمعرفة النهاية . قصة مكتوبة باحتراف. فيها شد وتكثيف وحبكة متقنة فيها احداث متصاعدة تساند بعضها بعضا . الزمكانية مناسبة وبناء الشخصيات مناسب.
اسلوب سردي شديد الروعة . وما يميز النص انه مشبع بالحركة( دام التجوال + السفر ) وهو ما منحه الحياة وجعله بالغ التأثير على نفس المتلقي. والفكرة جميلة للغاية فعلى الرغم ان القاص يتحدث عن مشهد ما يزال يحتفظ بعاداته وطقوسه البدوية الجميلة من بيت شعر وقهوة الخ لكنه مصاب بلوثة التكنولوجيا.

قصة جميلة وفكرة اجمل.


*

الأستاذ العزيز صابر أيوب
لم تكتفي بقراءة النص بل ذهبت ابعد من ذلك
لقد رأيت القصة قصتان ، حركتها ،أخرجتها من جمودها
وذلك لسبب بسيط
لأنك لا تنظر لنص بعين واحده بل عينان
عين أديب وناقد


الساعة الآن 03:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team