ترانيم الروح
 

دخلت القرية خلسة منتصف الليل هاربا من المدينة لأنعم بالهدوء ، ومع طلوع الشمس بداء الإزعاج ،لقد علم أهل القرية بوصولي ،أخبرتهم سيارتي اللعينة ،وبدا الباب الخشبي العتيق يئن ويرتعش من طرق الكفوف التي خلقت لتكون مبسوطة ، كان صوت ندائهم كأنه مطارق تهوي على راسي ، وأنا محجوز داخل غرفة الطين ، كي لا يراني احد من متسلقي النخيل ، فالفصل شتاء ، وهو الوقت المناسب لتلقيح النخيل ، ضللت متخفيا صامدا لا أجيب على احد منهم ،خوفا من هذه الجملة "الله يحيك على القهوة وعلوم الرجال "
فجأة سمعت صوتا لا أنكره يجفل منه الطير والحيوان انه " ثوبان " الذي يخافه الإنس والجان
تأكدت إن لم اجب سوف يسوقه فضوله ،ويتسلق الحائط ،والعذر موجود (خفنا انه أصابك مكروه )
وما أن فتحت الباب ساقني من يدي إلى منزله ، وأجلسني وصرخ في أهل بيته القهوة ،الفطور، اذبح يا ولد
غاب لدقائق ثم عاد حاملا معه ورقة ،وضعها بين يدي ، وقال : إقراء ،واسمعني
فاستجبت له وبدأت أقراء :
لطمتني بيد من حرير وقالت : أين كنت أيه الحبيب ؟
أين جنتك اخبرني ؟
أين عالمك حثني ؟
اهو هناك عند المغيب ؟!
أم خلف الأفق عالمك العجيب ؟!
أو فوق رؤوس الجبال منتصب ؟
أو انه على الصخور الصماء منسكب ؟
فجأة تاهت نظراتها
ثم عادت إلى تتهادى وتحدق بفضول وتسال : من أنت ؟
عرفت عندها أن هنالك شيء في عيني يناديها
فقلت بكل ثقة :
أنسيتني ؟!!
أنا الحبيب العجيب الغريب
وما أن انتهيت نظر لي وقال ما رأيك فيما كتبت فأنت منهم بياع كلام
فسألته لأعطي نفسي فرصه لأختار بعناية الكلمات التي ترضيه :
منذ متى وأنت تكتب ؟
قال :اكتب ها لا هذه أول محاوله أعجبتك
فقلت له: نعم
صمت برهة ثم قال : بنت أختي الدكتورة أهدت احد بناتي كتاب قامت بتأليفه كله خيطى بيطى ماني عارف له رأس من رجلين الغريب انه أعجبني وكتبت مثله
ولكن تقول أعجبك أش فهمت منه ؟!
عندها علمت أنني في ورطه ولابد لي من كلام فلسفي لخداعه فقلت :
إن ما كتبت هو فن نسميه "صول سونغز" وهو يعني بالعربي ترانيم الروح
إنها مثل الحمم تخرج من أعماق النفس البشرية ، تطرب الأذان ، تفهمها أرواحنا ، وتتواصل معها ، لكن من الصعب التعبير عنها ، فهي ليس لديها لغة البشر
عندها نظر إليه وقال تشتريها !!
ها !!
وش فيك فتحت فمك أقولك تشتريها ؟
يا شيخ خذها ببلاش
وقام من مكانه وقال خليني أروح أجيب القهوة وهو يردد ساخرا : تكذبون وتصدقون أنفسكم
يقول لك : أعماق ، صول ، مول
والله أنكم مضيعين وقتكم بهذه الخرابيط اللي ما انتم عارفين رأسها من رجولها

الأستاذة الفاضلة فاطمة جلال
لقد أسعدني مرورك نعم سيدتي الفاضلة هنالك الكثير من ثوبان الذي اختلطت عليه
الأمور ولم يعود يعارف الطيب من الرديء
فذائقتنا واغلب أمورنا أصبحت معلقه بتقليد الآخرين وخروجنا عن هذا الطريق يجعلنا عرضة لنقد
لذى أصبحنا نبحث عن ما يرضي الآخرين حتى ولو كنا كارهين

الأستاذ القدير أيوب صابر
شكرا على مرورك أستاذي العزيز وقوفك هنا وتعليقك أثمنه لأنه صادر من رجل مميز ومحب للأدب