منتديات منابر ثقافية - وعليك بالتفصيل والتبيين..........

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

وعـلـيك بالتفصيل والتبيين فالـإجمال والإطلاق دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبـطا الـأذهان والآراء كل زمـان"

لو كتبت مقالاً حشوته بكلمات فضفاضة رنانة عن قيم العدل والتسامح و حب الخير إلى أخره.. فلن يختلف عليك اثنان لأن
الإجمال الذي أتيت به يقبله كل أهل الملل والنحل المتناحرة.. إذن لماذا هم مختلفون ومتناحرون؟.. بسبب التفصيل والتبيين.. والبعض يقول الشيطان يقبع في التفاصيل .. لكن أهل السنة يقررون أنه يقبع في الإجمال من غير تبيين.. الإجمال إن نفعك في وقت فلن ينفعك بقية الأوقات..
وإن لجأت إليه مرة فلن تقدر على مواصلته بقية المرات.. لابد أنك ستفصل.. وعند التفصيل والتبيين.. تنجلي حقائق الأمور..
والإجمال طريقة معروفة من قديم عند أهل البدع والأهواء لتمرير بدعهم وأهوائهم على الناس.. لذا كان دائماً ما يلزمهم أهل السنة بالتفصيل والتبيين وينكرون أشد الإنكار على من يجمل الكلام فيحتمل
كلامه حق وباطل.. فيردون كلامه ويعتبرونه باطلاً ويطالبون دائماً بالقول المبين..
قال شيخ الإسلام : "فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل. ويراعون أيضا الألفاظ الشرعية، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه. ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه إلى البدعة أيضا، وقالوا: إنما قابل بدعة ببدعة ورد باطلا بباطل". انتهى

وقال ابن القيم رحمه الله:

"إن هؤلاء المعارضين للكتاب و السنة بعقلياتهم،التي هي في الحقيقة جهليات، إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة، تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى، والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحق وباطل، فبما فيها من الحق يَقْبَلُ ـ مَن لم يُحِطْ بها علما ـ ما فيها من الباطل، لأجل الاشتباه والالتباس، ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء، وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع كلها، فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لَمَا قبلت، ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها، ولو كانت حقًّا محضًا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنة، ولكنها تشتمل على حق وباطل، ويلتبس فيها الحق بالباطل، كما قال تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون. انتهى
.
فعلى المريد لنشر معاني الحق والفضيلة والحث على الاجتهاد في اقتضاء الصراط المستقيم الموصل إلى الله أن يلتزم بالألفاظ الشرعية
وما كان عليه السلف الصالح في القول والعمل وأن يقف حيث وقف القوم دون اللجوء للمصطلحات الحادثة الفضفاضة التي تحتمل حق وباطل وينشأ بسببها النزاع والشقاق.. فكن سلفياً على الجادة لا على طريقة فلان أو حزب علان.. تدخل الجنة بسلام..
وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ... الزمر 75