منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الشعر العمودي (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   شيءٌ بينَنا (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=15530)

محمد حمدي غانم 01-01-2015 12:12 PM

شيءٌ بينَنا
 
شيءٌ بينَنا

نَعدو إلى التِّلقاءِ غَضْبةَ ثائرٍ = وتَلَهُّـفَ الأعداءِ لا الأحبابِ
وكأنّنا خَصْمانِ في أرضِ الوَغَى = تُدمِي العيونَ طبائعُ استِذْآبِ
فتَودُّ تَخمِشُ مُهجتي أَظفارُها = وتَودُّ تَنهَشُ جِيدَها أنيابي
فإذا بها تَغفو بِصدري طِفلةً = كيمامةٍ تَنسابُ في أَسْرابي
وتَقولُ تَكرهُني، فأَلثِمُ خدَّها = وتُذوبُ بينَ دُموعِها أهدابي
وبلحظةٍ نَصفو بِغيرِ مَلامةٍ = وأُذِيقُها هَمْسي ولَحنَ تَصابي:
بيني وبينَ الشِّعرِ سِربُ بلابلٍ = يَرنو إلى عينيكِ باستغرابِ
أدنو ولا أدنو ويَنداحُ المَدَى = ألوانَ طَيفِ مُذهِلِ الإطرابِ
يا أنتِ يا أَبَدِي بِكَونٍ صاغَهُ = نِسبيّةُ الأبعادِ والأَحقابِ
يَنسابُ عِطرُكِ في شهيقي مُنبِتًا = سُدُمًا مِن الرَّيحانِ والأعنابِ
ماذا سأفعلُ في كواكبِ لهفتي = منّي تَفِرُّ لِحُسنِكِ الجذّابِ؟
تتناثرُ الأقمارُ بينَ حُطامِها = عندَ انعكاسِ ضِيائِكِ الزِّريابي
إنّي جعلتُ العُمرَ ليلةَ عاشقٍ = أغزو سماءَكِ باحتراقِ شِهابي
لا تَسأليني: أينَ آخرُ حُبِّنا؟ = ما الضوءُ يَبلغُ منتَهى إعجابي
ويَرُوعُ قلبي أنْ تلاشتٍ مِن يَدِي = هلْ كُنتُ مجنونا حَضنْتُ سَرابي؟!
فإذا بها ذابتْ بصدري نَبضةً = تَسرِي إلى الشِريانِ والأعصابِ
يا كيفَ نَعشقُ حينَ نُعلنُ كُرهَنا = يا كيفَ تَنزِعُ رِيحُها أبوابي
لا ليسَ حُبًّا.. ذاكَ شيءٌ بينَنا = يَخفَى عنِ الشعراءِ والكُتّابِ
لا تَسألوني كيفَ أحضُنُ عِطرَها = أو كيفَ راقصَ طَيفُها أثوابي
أو كيفَ حولي حلّقتْ أشياؤها = والحُورُ تَشدو عازفاتِ رَبابِ
أو كيفَ أنظرُ في الجِدارِ شُرودَها = فأُقبّـلُ الأحجارَ باستعذابِ!
أو كيفَ في سُهدي أُتمتمُ بِاسْمِها = عَذْبًا فأَسْـكَرُ عنْ لهيبِ عَذابي
أو كيفَ أَرسُمُها جَناحَ فَراشةٍ = وشِفاهَ نَبْـقٍ واخضرارَ الغابِ
ورحيقَ فَجرٍ وابتسامةَ زهرةٍ = وتَعانقَ الأشجارِ واللَّبلابِ
أو كيفَ في عُنفٍ أُمزّقُ شِعرَها = لو قدْ أغارُ لأتفهِ الأسبابِ
أو حينَ أَكرَهُها وأَلعنُ هَجرَها = أو حينَ أهجو شَعْرَها بِغُرابِ
وأَسُبُّ خدّيها بِنزفٍ مِن دَمِي = وأُغيمُ ناعسَ بدرِها بِسَحابي
فتَظلُّ تَرميني بِحُمقِ تَوَهُّمي = وتُعيِّرَنِّي كيفَ طاشَ صوابي
وتقولُ تُبغِضُني، فأُعلِنُ أنّها = مِلْكي وأنَّ زُهورَها بِتُرابي
وأقولُ إنّي سوفَ أَكسِرُ كِبْرَها = وأَجُرُّها جَبْرًا إلى مِحرابي
ولَسَوفَ تَشدو لي بألفِ قصيدةٍ = تَرجو تَذُوقُ هَوَايَ باستعتابي
ولَسَوفُ أَربِطُ قلبَها بِسلاسلي = وجدائلِ الأزهارِ في سِردابي
حتّى تَبوحَ بِكلِّ ما ضَنَّتْ بهِ = وتُقِـرَّ حبّي لحظةَ استجوابي
تَروِي الجَوَى بالدمعِ ثمَّ تُذيقُني = شَهدَ الخُضوعِ بِثغرِها الكذّابِ!
ولسوفَ... أُقسمُ سوفَ... وَهْيَ تَغيظُني = وتُهدِّدَنْ قلبي بِكلِّ عِقابِ
أعلنْتِ ساعةَ صفرِنا فتَخيّري = أرضَ التحدّي والتقاءَ حِرابِ
نَعدو إلى التِّلقاءِ غَضبةَ ثائرٍ = وتَلَهُّـفَ الأعداءِ لا الأحبابِ
فيَضُمُّ شَطُّ البحرِ هادرَ مَوجِها = ويَذوبُ حِصنُ الرملِ في تَرحابِ!
لا تسألوني.. ذاكَ شيءٌ بينَنا = يَعلو على الأسماءِ والألقابِ
هيَ حسْبُ تلكَ، وذا بعينيها أنا = سِرٌّ عَصِيُّ الشرحِ والإسهابِ
أناْ حسبُ أهواها بِكلِّ عيوبِها = أناْ قدْ فُتِنتُ بِسِحرِها الخلاّبِ
محمد حمدي غانم
29/12/2014


الساعة الآن 01:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team