منتديات منابر ثقافية - الهر يموت واقفا

الهر يموت واقفا
صعدالسلم الخشبي المتآكل، المؤدى إلى برج الحمائم، الكائن فوق سقف داره، لتفقد حمائمه لم يسمع هديلها هذا الصباح، لم يرها تحط فوق السياج تنتظره لنثر الحب والحُب، هى كل مايشغله فى هذه الدنيا، كاد أن يسقط من علوه حينما ترنح ذات اليمين والشمال، ثم ولج داخل البرج حاشر جسده البدين بصعوبة كادت أن تكتم انفاسه، لم يأبه للمسامير التى مزقت ملابسه،كان فزعا بما رأى غير مصدق مجزرة حقيقية لحمائمه، الريش الأبيض منتشرا، كالبساط وقد تلون بدماء كثيفة، هر شرس قام بإعدامها.. صرخ مندهشا:ــ
ــ ياللهول من فعل بها ذلك؟!
هبط مسرعا تقوده رغبة عنيفة فى الإنتقام، خرج بأسماله الممزقة المصبوغة ببقع بالدم،وهو يزمجر كأسد جريح، امتشق بندقية الصيد، إلتف الصبية حوله فى حذر واجمين ، صاح أشجعهم
ــ ياعم عبدالجليل هر سمسومة المدلل من فعل ذلك! لقد قضى على طيور الحي
كانت اسمها على قيد الحياة سمسومة، فتاة مغناج ثرية، متكلفة فى الحديث تعطش الجيم، وتخرج الحروف من بين أسنانها المفلجة مختلفة..يهيمون بحبها الشباب وخاصة جنس الذكور ولكن يخشون هرها الشرس المتنمر، الذي يشتم رائحة الهرمونات من بعد ، عندما تخرج من دارها الخالية الا منها والهر الذى أقسمت إنها ستورثه كل مالديها، تحمله فى سلة أنيقة موشاة بالزهور الإصطناعية عند حوافها،وتضع على رأسه تاجا موضوعا بعناية فوق هامته، ويحيط برقبته طوق من حرير، تتدلى منه قطعة ذهبية منقوش عليها اسمه (شمسون)..
يجلس القط هادئا فى السلة.. ينظر للناس من حوله بخيلاء وعدوانية،كان الهر يكره عبدالجليللسبب غير معروف، عندما رآه يقترب من الفتاة، قفز عاليا من داخل سلته منطلقا نحو عبدالجليل، الذى عاجله بطلقة فى جبينه وأرداه قتيلا يتمرق فى دمائه، قبل أن تلامس أقدامه الأرض،ابتسم الشارع، وصفقت الطيور بأجنحتها،صرخت سمسومة صرخة أخرجت كل من فى داره مسترخيا، ومن أفزعهم صوت الرصاص،واندفعت نحو عبد الجليل فانطلقت طلقة أخري لايدري أحد مصدرها!؟