![]() |
باتريك موديانو روائي السيرة الذاتية
مجهولات / باتريك موديانو
ريم بدر الدين بزال كان من المفاجئ في الأوساط الأدبية منح جائزة نوبل هذا العام لباتريك موديانو إذ يعتبر باتريك موديانو روائي السيرة الذاتية للمهمشين و الذي لا يسترعون انتباه أحد فهو يحاول أن يدخل إلى الأزقة المعتمة و البحث في زوايا لم يكن أحد ليطرقها سواء كانت هذه الزوايا في النسيج الانساني أو الاجتماعي على مستوى الفرد و الكل سلطت الرواية الضوء على حيوات مجموعة من الفتيات المهمشات اللواتي عانين صعوبات كثيرة جراء اختفاء القدوة في مجتمع استهلاكي يعهد بكل امرأ إلى نفسه مهما صغرت خبرته في الحياة و كل فتاة من هؤلاء روت قصتها في عتبة منفصلة يمكن لها أن تكون قصة قصيرة أو رواية صغيرة منفصلة و بدت هذه القصص كما لو أنها منتزعة من دفتر مذكرات كل واحدة منهن تقص به تفاصيل يومها و حياتها و الاحباطات و التجارب المريرة التي عايشتها و كم الخوف و القهر و السلطة البطريركية ففي القصة الاولى لدينا فتاة جميلة في الثامنة عشر تبحث عن عمل يناسبها و عن مغزى لحياتها وتبحث في نهاية الأمر عن الرضى عن نفسها .. و بالرغم من وجود والدين لكنهما يكادان يكونان هلاميان لا دور لهما في حياتها ، تسافر إلى باريس لتبحث عما يمكن أن يثير فيها روح المنافسة و تلتقي بشخص غريب الاطوار يجذبها إلى عالمه الغامض ثم يتضح أنه من الخارجين عن القانون و تنجو من القبض عليها فقد سجلتها محاضر الشرطة ( إنهم لا يعرفون من أنت حتى الآن، لست حاليا سوى فتاة شقراء مجهولة الهوية )ص47مازلت فتاة شقراء مجهولة الهوية .. غالبا ما يطلقون على الفتيات اللاتي يتم انتشالهن من مياه ( الساون) أو ( السين ) صفة مجهولات الهوية أو غير المعروفات. أما أنا فأتمنى أن أبقى هكذا للأبد...)ص48 مؤرقة هذه الحلة من كسر الطموح حيث يصل المرء إلى أن يكون مجرد شخص مجهول الهوية و الأصعب أن يقدر على التعايش معها ( بينما تروي القصة الثانية حياة فتاة رفضتها والدتها خالتها التي ترتكز حياتها على الفائدة المادية و القواعد الصارمة فعهدت بها إلى مدرسة داخلية كنسية اطلعنا فيها على القهر الذي يمارس على هؤلاء الفتيات داخل اسوار المؤسسة الدينية هذه الفتاة التي تعاني من النبذ و القهر و السأم و الحياة الرتيبة التي لا هدف منها حلتها في نهاية قصتها بأن انتقمت من غني يحاول اغتصابها بقتله بطلقة من مسدس منحتها إياه صديقتها ( في كل الأحوال ستكون دوما نفس البحيرات، نفس المواسم، نفس لحافلة يوم الأحد مساء.. الاثنين ، الثلاثاء ، الجمعة ، يناير ، فبراير ، مرس ، مايو ، سبتمبر، نفس الأيام نفس الأشخاص في نفس المواعيد، دائما خمسة أصابع كما يقول أبي ، دخلت الغرفة كان ينتظرني ، جالسا على المقعد بجانب الطاولة ، انتفض رافعا جفونه الثقيلة بالنسبة لأسلوب الرماية يبدو أنني ورثت هذه الموهبة عن أبي ، لأنني قتلت السيد من أول طلقة) بينما عادت بنا الفتاة الثالثة إلى باريس حيث يبدو حضورها مبهما و غير مبرر اذا استعارت من صديق قديم لا نعرف عنه شيئا سوى أنه نمساوي اعتاد السفر و التنقل بين المطارات فلم ينتبه إلى أنه يعيش في حي المسالخ ، استعارت منه مشغلا ( استوديو) و لا نعرف لماذا استعارته لكننا نعرف من خلال تقنية الفلاش باك أنها مثقلة بخيبة قصة حب فاشلة بالإضافة إلى الضجر الذي يقتلها من التسكع و الانتظار لما لا تعرف مما أتاح لها الحديث عن التفاصيل الانسانية التي استطاعت رصدها بالاستماع و المراقبة و خصوصا لغز الخيول التي تساق إلى المسلخ لقتلها و التي أصابتها بنوبات من الهلع و القرف و رغبة في مغادرة المشغل و لا يقدم لنا الكاتب من خلال بطلته الراوية سبب قتل هذه الخيول و تكتشف حقيقة ذاتها من خلال تأملاتها ( اكتشفت فجأة بخجل شديد أنني لم أتساءل أبدا عن معنى الحياة .. اكتفيت بأن أعيش يوما بيوم باحثة في الغالب عن المتعة )ص120 و في بحثها هذا تلتقي الفتاة بمجموعة من تلك المجموعات التي تتبنى فلسفة حياتية يعتقدون أنهم إن تمكنوا من نشرها قدموا خدمة جليلة لحل مشاكل الانسانية و تنتهي قصتها بقطع مفاجئ في الرد عند مشهد مفتوح لا ندرك في الوهلة الأولى أنه أنهاء لرواية و لكنه في حقيقة الأمر يجعلنا ندرك أن الحياة هكذا لا تمنح النهايات الفاصلة أو السعيدة دوما ( و ها أنا أجد نفسي ممددة على أريكة في شارع 7 دومباسل، لم يكن ذلك صدفة إذا كنت أريد أن أعرف المزيد عن الحياة ، عن النور و الظلال ، كما يقول الدكتور بود ، فمازال علي أن أبقى لبعض الوقت في الحي ) ص149 في هذه الرواية قدم باتريك موديانو محاور ثلاثة تتناوش امرأة مهمشة فيما بعد الحرب العالمية الثانية و هذه المحاور هي الطموح و المعيقات التي تقف دونه و القهر الاجتماعي و الديني و البحث عن الكينونة و يجمعها خيط رفيع لا يذكره بكل صريح لكننا نستطيع تلمسه ما بين السطور و هو ضياع القدوة و الرابط الأسري و الإحساس بالوحدة هذا يرتبط بشكل وثيق مع حياة موديانو الشخصية فقد ولد باتريك موديانو في 30 يونيو 1945 في منطقة بولوني بيلانكور في الضاحية الغربية لباريس من اصول يهودية و الطبيعة اليهودية إقصائية غالبا و يتنامى لديها الشعور بالاضطهاد كجزء من الثقافة الدينية و التاريخية و قد غادره والده بشكل غامض في سن صغير و كان يظهر و يختفي بشكل غريب الى ان قطع موديانو علاقته به بشكل نهائي في السادسة عشرة من عمره و علم فيما بعد بوفاته لكنه لم يعلم أين دفن والده . اشتغل موديانو على نفسه كروائي و حصل على جوائز متعددة و اختار لنفسه أن يكتب الرواية بصيغة السيرة الذاتية متتبعا التفاصيل الصغيرة و المهمشين في هذا العالم و قد ترجمت بعض من رواياته إلى اللغة العربية ساحة النجمة- 1968 دائرة الليل 1969 شوارع الحزام 1972 المنزل الحزين 1975 كتيب العائلة 1977 شارع الحوانيت المعتمة 1978 شباب 1981 دولاب الطفولة 1989 مستودع الذكريات 1986 ايام الاحد 1984 سيرك يمر 1992 محلب الربيع 1993 بعيدا عن النسيان 1994 دورا بروريه 1997 مجهولات 1999 الجوهرة الصغيرة 1999 حادث مرير 2003 مسالة نسب 2005 في مقهى الشباب الضائع 2007 الافقق 2010 عشب الليالي 2012 حتى لا تضيع في الحي هي أحدث رواية له جوائز جائزة غونكور الادبية الجائزة لكبرة للاكاديمية الفرنسية جائزة مرغريت دوراس جائزة روجيه نيمميه مجهولات ترجمة رنا حايك/ دار ميريت شارع الحوانيت المعتمة/ترجمة عبد المنعم جلال / دار الهلال الافق /ترجمة توفيق سخان / دار ضفاف و اختلاف مقهى الشباب الضائع /ترجمة محمد المزيودي / الدار العربية للعلوم * نشرت في مجلة خوابي الالكترونية العدد الثاني عشر ديسمبر 2014 |
الاستاذة ريم بدر الدين - هذا تعريف واف بالكاتب الفرنسي
باتريك موديانو الذي اعتبره بعض النقاد شبيها بالروائي الفرنسي الشهير مارسيل بروست. فالذاكرة تلعب دورا بارزا في كتاباته. تأثرت اعماله تأثرا عميقا باصوله اليهودية، فهي تدور حول الثقافة اليهودية والاحتلال النازي لاوربة وفقدان الهوية. وتأثر الكاتب ايضا تأثرا واضحا بعلاقته بابيه الايطالي وامه الممثلة البلجيكية. يذكر ايضا انه ولد بعد شهرين فقط من نهاية الحرب العالمية الثانية. |
ارى بان هذه المعلومات عن طفولتة لها اهمية في صناعته :
- يمتلك خلفية أسرية معقدة : فقد ولد في نهاية الحرب العالمية الثانية، يوم الـ 30 من يوليو عام 1945، في ضاحية بولوني الباريسية، حيث مهدت خلفية أسرته المعقدة لمرحلة حياتية تملأها الهواجس مع تلك الحقبة المظلمة في التاريخ. والده كان يهودياً ايطالياً وكان مقرباً كذلك من العصابات الإجرامية، ووالدته كانت ممثلة فلمنكية. * - تنشئة غير سعيدة : اتسمت الأعمال التي قدمها بما قال إنها كانت تنشئة غير سعيدة له مر بها على مدار سنوات في مرحلة الطفولة، بجفاء مشاعر والدته تجاهه وقضائه فترات طويلة في المدارس الداخلية. بالإضافة لوفاة شقيقه الأصغر، رودي، عام 1957، وباتريك ما يزال صبياً. وحين بلغ من العمر 17 عاماً، قطع باتريك كل علاقاته بوالده، الذي توفي بعدها بـ 15 عاماً، والذي خصص له العديد من الكتب. |
اقتباس:
في حقيقة الأمر لم أكتب عنه إلا بعد ان قرأت بعض رواياته و اذهلني باسلوبه الرئع تحيتي لك أستاذي الكبير |
اقتباس:
أ. أيوب صابر تحيتي لك |
الساعة الآن 01:37 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.