منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   على أطلال الذاكرة..2...قصة قصيرة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=15279)

زياد القنطار 12-07-2014 03:24 AM

على أطلال الذاكرة..2...قصة قصيرة
 
[justify]
علـــى أطــــلال الذاكــــرة

• المكانُ طفلٌ تجوبه خطاي الحابية,و الزمنُ راحلٌ رحيلَ مودعٍ مازالتْ رؤوسُ أصابعِهِ تنْسلُّ مرغمةً من بين الأكفِ المودعةِ .وبين حبوِ المكانِ والزمنِ المسافر .تفيضُ الحياةُ بعبقِ الاشتهاء ألزمها حبواً فتخاتلني عدواً ,وتبدأ الرحلة .
بيدي أمسكُ صحيفتي المدرسية (الجلاء)وبثمرةِ تعب ذلك العام خرجتُ أحثُ الخطى مغادرأ بوابةَ سورها لم يكن سوراً ولم يكن هناك بوابةٌ تحكم سد الطوِّق ....هي بعضُ أحجارٍ مبعثرةٍ لم يكن اجتيازها يلزمه الكثير من العناء ,فكانت مكان لهونا الأثير ... حتى مدرستي كانت حرةً ,وبلا أسوار ,وليتها كانت ,لكنتُ أدركتُ مبكراً حدوداً للمكان تبدأ وتنتهي ,وماأوسعتُ للأحلامِ المدى ...!!
بعبثي الطفولي ..رميتُ بكرةٍ كنتُ قد بيَّتها من أمسي لتشاركني فرحي كان لها مواصفات الكرة بشكلها ,أما براءة اختراعها فكانت مسجلة باسمي , جورباً قديماً وخيراً أني وجدته ,,حشوتُه بقطع قماشٍ رثَّة ,ومن (كركر) والدتي ــ ومن لايعلم فخيط (الكركر) أكثر متانة ومقاومة ــ كورتها وأحكمت لفها وهاهي تدرجُ أمامي وتحاكي سعادتي بنجاحٍ لم يكن أكثر سعادة بانعتاق من مستحقات سنة دراسية أثقلت كاهلي .....!!
في المنزل لا أذكر أن الاحتفالية بتفوقي كانت من الأهمية بحيث تتصدر قائمةَ اهتمامات اليوم , فتلك أيامُ قحطٍ لايسمحُ بتأخير أولوياتها...!! الحصاد على الأبواب ,التمر و القمردّين سيكون قلق تأمينهما مستبداً ,لايسمح بالالتفات إلى تفاصيل أقل قداسة ,وكأن المواسم لايحل قطافها إلا بهذا الطقس المهيمن ........!!!
@ ـــ قاتل الله التربية الحديثة وتأخرها !!,في باكورة تلك السنة ,وبلهو الطفولة ,أوقعَ أحدهم صديقاً له من على حجرٍ فكسر يده ,في صبيحة اليوم التالي كان قرار (الفلق ) قد اتخذ ,في سهرةٍ للمعلم عند أهل المصاب ,فالجريمةُ واضحةٌ وموصوفة والحكمُ فيها بينٌ ,والقصاصُ سمةُ العدل .ما كان الجاني والمجني عليه من أصدقائي إنما ما أثار تعاطفي مع الجاني هو مكرٌ في عيني ذلك الرجل (المعلم ) بلونهما الذي يفيض بزرقة مخضرة لاتشعرك بالأمان مع جحوظ بيّنُ المعالم . لم أكن أكرهه ولكن لم يشعرني النظر إليه يوماً بطمأنينة المفروض أن تكون حاضرة . ألزم زميلان من زملائنا برفع رجلي الجاني ,ومازالت عصا أبو العينين ذاك ترن في أذني إلى هذا اليوم , وبدا الأمر طبيعياً مع حضورٍ لبعض أهل القرية المصطفين على ذلك السور الذي أسلفت وصفه ,فخط العدل أولى سطوره في سماء طفولتي .
@ ـمخيلتي المتواضعة لم تستطع أن تحيط بتفاصيل ذلك البحر الذي كان يحدثنا عنه المعلم بطرب فهو أنهى خدمته الإلزامية للتو ,وقدِّر لها أن تكون في مكان يطلُّ على شواطئه ,إلا أنني لم أكن أتصور أن شواطئه ولهو ولعب وفرح من عليها سيكون أكثر فرحاً مما تثيره شواطيء ( بركة الماء ) في قريتي ,حيث اصطيافي ومتنفسي ,وهربي من قيظ الصيف إليها وإلى ظلال جوزة أبي فهد التي اتكأت هناك على حافة ذلك المنهل ,ولم يكن ليقلقني إلا صوت ندائه الدائم ً ,بعدم المساس بها ,في ذلك اليوم .أجفلَ أحدُ الصبية بلهوه حصانَ أحدهم فأوقعه عنه ,,فرَّ الصبي من استحقاقِ المواجهة ,وبعدها بزمن ليس ببعيد سمعنا بعض طلقات من بندقية ,نطقت بحكم مبرم على الحصان بالاعدام ,يومها قيل لي أن الرجولة لاتحتمل مثل هذه المواقف فالحصان يستحق ما ناله بما اقترفت قائمتاه الأماميتان واقفاً عليهما ,ليرمي صاحبه.أما أنا فما زال ذلك الحصان واقفاً على قائمتيه في ذاكرتي ...!!

@ ـــ في نهايات السنة الماضية ,وقبل أن تودع البذور في بطون حقول القرية ,اصطحبني والدي إلى حيث نصبَ أفخاخاً لطيور (الزرعي ) فحبة القمح المشدودة إلى الفخ لم تكن أكثر إثارة من مياه تنعكس منها أشعة الشمس ,أودعها والدي في ذالك الصاج الذي قررت أمي أن تحيله إلى التقاعد بعد أن فترت همته في إنضاج رغيفها الذي تباهي به ,وربما تقديراً لخدماته قرر والدي أن يخصه بعمل آخر كي لايسام خردة من أحد الجوالين ....!!
إحداهن لم يطبق الفخ على رقبتها بشكل جيد ,فكتب لها أن تحيا وقتاً آخر ,أخذتها بيدي حية فَرِحْتُ بعصفورتي التي أهداني إياها والدي لإمساكي جناحيها وفردهما , وحسدتها امتلاكهما وطيرانها .. لم يدر بخلدي يومها أي جدلية مرتبطة بالحرية والحقوق ,إلا أنني أتحسس ألماً في معدتي عندما تمر ذكراها .....!!!!!ِ


[/justify]

عبدالحكيم ياسين 12-07-2014 08:58 PM

-مدرسة الطفولة.. بلا أسوار..والأحلام .. تصدمها أسوار مابعد المدرسة..
-الفرحة بالتفوّق لاتجد متسعاً لها في قائمة الهموم التي تتصدّرها اللقمة..
-خيال الطفل يجد البدائل ويبتكر الحلول للإفلات من الحرمان من أهمّ همومه (الألعاب)..
فيجد في التوالف أداة لعب معشوقة لغالبية الناس(الكرة)..
-العنف في أساليب التربية القديمة كان يلبس أثواب الفضيلة(العدل)..
-الحصان الذي يأبى أن يركبه راكب ..ينال جزاء إبائه ..
وربّما ماكان قاصداً الإباء فيجازى على شبهته..
-(إحداهن لم يطبق الفخ على رقبتها..أخذتها بيدي حية .. فَرِحْتُ بعصفورتي ..
لإمساكي جناحيها وفردهما..وحسدتها على امتلاكهما.. وعلى طيرانها..)
وبعد ..ربّما تبيّن أنّ الأجنحة إن لم تكن في عالم يحترمها تقود إلى الأفخاخ ..
ويصبح الناجي ألهية الصغار وفريسة الكبار..

سلمت أناملك أخي زياد ..
أردت تلخيص ماقرأت من أفكار في نصّك الفيّاض بالوجدانيّات ..
أرجو أن أكون قد وفقت في التعبير عن تقديري لحرفك ..
مع التحيّة والتقدير..

ياسر علي 12-07-2014 11:06 PM

أهلا بالأستاذ زياد القنطار


هذه الورقة الثانية من كتاب الذاكرة أبت إلا أن تبدأ من البدايات الأولى ، و اتخذت العدالة ثيمة لها .
يقارب الأستاذ زياد القنطار العدالة من مفهوم الحقوق ، سواء تعلق الأمر بالحق في التعلم و الحرية والرعاية و اللعب . وينقل تلك المفارقة التي يصطدم بها الحق مع القانون المنظم للحقوق سواء أكان عرفيا أو مكتوبا ، فيرصد طغيان الجانب التأديبي على التحفيز ، أو بمعنى آخر تجاهل مقاربة الاستحقاق في فلسفة العدالة. فيدها التي صفعت الطفل هنا كانت عقابية في غياب الثواب ، رغم ذكره للصحيفة التي حظي بها جراء تفوقه وهي عنوان تعاسة كما الشواهد التقديرية التي تعطى إلى اليوم من قبل المؤسسات للمبدعين و المتميزين ، فهي في الأخير نوع من ذر الرماد في العيون .

اصدام الطفل بالعقاب كعنوان للعدالة جعله يعمم من حالة التلميذ المذنب وصولا إلى حالة الحصان البريء و من ثم إلى العصفور الذي تعرض للنصب باسم العدالة ، ليكتشف الحرية و لو ضمنيا ، وهو يتأمل أجنحة الطائر ، الذي كان يجوب الفضاءات الشاسعة .

نص قوي جدا ينتمي لأدب السيرة الذاتية . و من خلاله غاص الأستاذ زياد في ربوع ذاكرته القصية ، ليجد محطات بينة معالمها كانت بداية الوعي بالذات والمحيط ، لا تزال جروحها قابلة للنزف ، في حاضر لم يقدم لها ما يكفي العلاج .

تقديري أستاذي الكريم .

حسام الدين بهي الدين ريشو 12-09-2014 05:22 PM

كما قال من سبقوني
قصة تنتمي الى أدب السيلرة الذاتية
تظل الطفولة عالقة بأذهاننا مهما كبرنا
ومررنا به من أحداث

ايجاز بليغ
ورؤية من زاوية النضج
تحياتى وتقديري
استاذى الفاضل / زياد القنطار
وكن بألف خير

زياد القنطار 12-10-2014 01:44 AM

مرحباً بالأستاذ عبد الحكيم .
أنا مدين لذائقتك دائماً ,ومدينٌ لقراءة تهدي من حرفك النفيس عقداً يزين جيد نصي .أنت لامست عمق الحاله وأضفت بعداً جديداً بغوصك الذي تتقن فنونه .نعم هي العدالة وحبوها في أذهاننا ,وإسقاطاتها ومفاعيلها التي تخلق أنماط سلوكنا وتوجهها إلى حيث تريد .....
تقدير يحاكي وقفتك وود يسير على خطى مرورك مع خالص احترامي وامتناني

زياد القنطار 12-15-2014 04:00 AM

الأستاذ ياسر علي .
الحقيقة أنني أطمع دائماً بوقفتك ,وأطمع أكثر بمفردة ناقدة عارفة يسرني تتبعها أينما طافت . دائماً تسعف النص بقراءتك بإضاءة أخرى وبعداً إضافياً يوسع معانيه ويفرد سطوره ,وهذا مدعاة سروري الدائم والذي يجعلني أحمل جميل وقفتك ...تقبل مني دائماً خالص الود وفيض احترام وتقدير

زياد القنطار 12-17-2014 04:42 AM

الأستاذ حسام الدين.
سنوات الطفولة المبكرة ,مكون أساس لشخصية الفرد ,ومرتكز تكوينه النفسي وصحته ,ونحن قدرنا في مجتمعاتنا أن نغادرها مبكراً بجهلنا بالمفردة التربوية ,وطبيعة الطفولة واستحقاقاتها وكم منا يفرح أن يرى الطفل الرجل في إبنه وكأنه يسابق فيه الزمن وهو من حيث لايعلم يثلم طفولته ويأسرها عنوة ....!!
تسعدني وقفتك دائماً بما تدفع من تساؤلات تستنفر همة الإجابات ...خالص مودتي وتقديري


الساعة الآن 07:06 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team