منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الشعر العمودي (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   ردي التحية (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=14679)

محمد محمد أبو كشك 09-13-2014 02:41 PM

ردي التحية
 

ردي التحية يا مهاةُ فإنّني

من بعد هجركِ تائهٌ في الأربعِ

وجفتْ عيوني النّوم بعدك واكْتَوَتْ

من بعد هجركِ يا حبيبةُ أضلُعِي

والّليل طَالَ عَلَيَّ أرْقُبُ نَجْمَةً

بين الكواكب والنُّجُوم اللُّمَّعِ

فذكرت بدري إذ رأيت ضياءها

هاجَ الهوى وأسال مِنّي أَدْمُعِي

وكأنّما أَخَوَاتها من حولها

أنْشَدْنَ لَحْنَ الْحَائِمًاتِ السُّجَّعِ

وكأنّمَا عقدُ النُّجوم قلادةٌ

قدْ جُمِّعَتْ منْ حَبّ درٍّ أرْوَعِ

وكأنّما حبّاتها -درّ السّنَا-

ضحكتْ لِنَجْمَات الضّياء السُّطَّعِ

واللّيل طالَ عَلَيّ أَرْقُبُ فَجْرَهُ

بين الأنينِ ولَوْعَتِي وتَوَجُّعِي

رقَّتْ لِحالي الطّيْرُ في وُكْنَاتِها

وَمَضَتْ تُرَاقِبُ فجْرَهَا سُهْدًا مَعِي

وتساءلتْ فوقَ الغصون حمامةٌ :

ما بال صاحبِها أَسِير الأدْمُعِ؟!

فأجَبْتُها والشّوق يحملُه الهوي :

حالي كحالِكِ يا حمامةُ فاسمعي:

قدْ أيقظتْ نارُ الصبابة مُقْلَتي

والهجْرُ أسْهَدَني وأرّقَ مَضْجَعي .

وعَتِ الحمامةُ ما ألَمّ بِمُهجتي

وبَكَتْ لِحَالي بينما هي لا تعِي!!

يا بسْمةَ الأمسِ البَهِيِّ تذكّري

وتَرفَّقِي بفَتي الغَرَامِِ الْمُولَعِ

طَالَ اشْتِيَاقي في الغرامِ ولَوعَتي

وأنا بدونِك كَالغريبِ بِبَلْقَعِ

أَوَلَمْ تَقُولي :سوف أرجعُ فانتظرْ

طالَ انْتِظَاري بينما لَمْ تَرْجِعِي

أتَجَرَّعُ الآلامَ مِنْ بَعْدِ الْهَنَا

وَجَوَى فِرَاقٍ مَا لَهُ مِنْ مفْزعِ

وَرَسَمْتُ فوقَ الْماء صورتَنَا مَعًا

وَحَفَرْتُهَا نَقْشًا عليْهِ بإصْبَعِ

كانَتْ رُسُومِي كالسّرَابِ لِظاميءٍ

والمرء إنْ يَتْبعْ سَرَابًا يُخْدَعِ

عذبُ الغدير اليومَ أمْسَى مالِحًا

بعْد الفراق وبعد سكْبِ الأدْمُعِ

فكأَنّه ملأتْهُ عَيْني بالبُكَا

أسَفًا عليْكِ فباتَ مُرَّ الْمشْرَعِ

أنَا في مكانٍ عِنْدَهُ ذُقْنَا مَعًا

عذْبَ الغرام علي خَريرِ الْمنْبَعِ

وكأنّه لَحْنٌ عليه ترنّمتْ

من حولنا كلّ الطّيور السّجّع

طربَتْ لها ومضتْ تُرَجّع خلْفَها

ما رجّعَتْ في نَظْمِهَا الْمُتَنَوّعِ

نَظَمَتْ طُيُورُ الصُّبْحِ منْ ألْحَانِها

شِعْرًا تَنَاقَلُهُ يَرَاعَةُ مُبْدِعِ

حَامَتْ بهِِ حَوْل الزُّهورِ كأنّمَا

قدْ عَطّرَتْهُ مِنَ الشّذا الْمُتَضَوِّعِ

وعَلَتْ تُرَفْرِفُ تحت ظلّ سحابةٍ

وهوت تَرَقْرَقُ مثل ماء الْمنْبَعِ

هَمَسَتْ بأنْفاسِ العَبيرِ كأَنّهَا

نَسمٌ رقيقٌ في رياض الْمرْبَعِ

فكأنّها لَمّا تبسّم ثُغْرُها

زَهْرٌ يَجُودُ بِعِطْرهِ الْمُتضَوِّعِ

فَاقَتْ جَمَالًا كلَّ زهرٍ سافرٍ

يخفي محيّاها ستارُ البُرْقُعِ

فكأنّهَا شَمْسٌ وراء سحَابةٍ

أوْ دُرّة ٌ مكنونةٌ في قَوْقَعِ


الساعة الآن 08:15 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team