![]() |
الزيارة والمزارات
زيارة القبور أما زيارة القبور فقد منع منها صلى الله عليه وسلم ثم أذن فيها . ودلت الأحاديث على مشروعية زيارة قبور المؤمنين للدعاء لهم ولتذكر الآخرة . ونص العلماء على استحبابها للرجال , أما النساء فمنهم من منعهن , ومنهم من كرهها لهن , ومنهم من أذن لهن فيها إذا أمنت الفتنة . ومما ورد فيها : 1- عن بريدة رضي الله عنه أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) أخرجه مسلم . 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور ) رواه أحمد 3 - وعن بريدة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا - إن شاء الله - بكم لاحقون . نسأل الله لنا ولكم العافية ) أخرجه مسلم . 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال : ( إستأذنت ربي عزوجل في أن استغفر لها فلم يؤذن لي , واستأذنت في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا والقبور فإنها تذكركم الموت ) أخرجه مسلم . ورواه النسائي تحت عنوان : ( زيارة قبر المشرك ) . |
حياة الأرواح بعد الموت : وأما حياة الأرواح بعد الموت فهي ثابتة سواء أرواح المؤمنين والكافرين , ولكنها حياة برزخية مختلفة عن الحياة الدنيوية . ومما ورد فيها : 1 - قال الله تعالى في شهداء بدر : ( وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)) البقرة . 2 - وعن كعب بن مالك أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( نسمة المؤمن طائر يَعْلُق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ) أخرجه أحمد . يعلق : يرعى 3 - وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، وإنه ليسمع قرع نعالهم ، أتاه ملكان ، فيقعدانه فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ، لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعدا ًمن الجنة ، فيراهما جميعا ً. قال قتادة وذكر لنا : أنه يفسح في قبره ، ثم رجع إلى حديث أنس ، قال : وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال : لا دريت ولا تليت ، ويضرب بمطارق من حديد ضربة ، فيصيح صيحة ، يسمعها من يليه غير الثقلين ) . البخاري فهذه النصوص في حياة الأرواح بعد الموت حياة برزخية لا نشعر بها ولا نعلم كيفيتها , وهي متفاوتة في هذه الحياة , أعلاها حياة الأنبياء ثم الشهداء ثم سائر المؤمنين وأرذلها حياة أرواح الكافرين . وعلى كل حال هي حياة غيبية لا تشبه حياتنا الدنيا فلا معاملة بيننا وبينها بالبيع والإجارة والنكاح ولا تكلف مثلنا بالعبادات . |
اتخاذ المزارات : وأما اتخاذ المزارات فممنوع شرعا ً ولو للصلاة فيها سواء بالبناء على القبور , أم بدق المسامير وتعليق خيوط على الأشجار أم بوضع المباخر والمصابيح عندها . ومما ورد فيها : 1 - في الصحيحين عن عائشة وغيرها , أن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : ( قاتل الله اليهود والنصارى اتخذورا قبور أنبيائهم مساجد ) وفي رواية : ( لعن ) بدل قاتل . 2 - وعن أبي الهياج أن عليا ً رضي الله عنه قال له : ( ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدعن قبرا ً مشرفا ً إلا سويته ولا صورة إلا طمستها ) مسلم . سويته : هدمته . 3 - وعن أبي واقد الليثي قال : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبحان الله ، هذا كما قال قوم موسى : { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة } ، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم ) صحيح , الترمذي |
السفر إلى المزارات وأما السفر إلى المزارات التي لم يأذن بها الله فمحرم شرعا ً . ومما ورد فيها : 1 - في الموطأ عن أبي هريرة أنه قال : لقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري , فقال : من أين أقبلت ؟ فقلت : من الطور , فقال : لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تُعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد , إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيليا أو بيت المقدس ) . ورواه أحمد 2 - في الصحيحين وغيرهما عن غير واحد من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تشد ُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) . 3 - حديث زيارته صلى الله عليه وسلم قباء راكبا ً وماشيا ً يصلي فيه ركعتين يدل على مشروعية زيارة الأمكنة الفاضلة من غير سفر . قال البيضاوي : لما كان ما عدا الثلاثة من المساجد متساوية الأقدار في الشرف والفضل وكان التنقل والارتحال لأجلها عبثا ً ضائعا ً , نهى عنه , فلا ينبغي للإنسان أن يشتغل إلا بما فيه صلاح دنيوي أو فلاح أخروي . قال : والمقتضي لشرف الثلاثة أنها أبنية الأنبياء ومتعبداتهم ) . |
الغرض من الزيارة أما الغرض من الزيارة فليس الناس متحدين فيه وقد يكون للزائر غرض واحد , وقد تجتمع له أغراض . ولبيان ما هو من الأغراض مشروع أو مبتدع نفصلها إلى خمسة أنواع : 1 - زيارة المحبة : قال السبكي في شفاء السقام : ( ويشبه أن تكون زيارة النبي صلى الله عليه وسلم , قبر أمه من هذا القبيل ) وهذا غرض صحيح . 2 - زيارة الاتعاظ بالموت : الاتعاظ بتذكر الموت والاعتبار بحال الميت ومصير الحي . وهذا غرض صحيح في زيارة المقابر لا فرق بين من من الأقارب والأباعد . 3 - زيارة الدعاء للميت : الدعاء للموتى والسلام عليهم مشروع في مقابر المسلمين سواء كانت مقابر المطيعين الصالحين أم العصاة المذنبين . 4 - زيارة دعاء الميت وطلب المدد منه : إن إراد الزائر الانتفاع بالمَزُور أو المَزار في قضاء الحاجات فهو من نسبة التصرف في الكون للمخلوق , وذلك شرك بواح . قال في زاد المعاد : ( وكان هديه صلى الله عليه وسلم أن يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة عليه من الدعاء والترحم والاستغفار . فأبى المشركون إلا دعاء الميت والإشراك به والإقسام على الله به , وسؤاله الحوائج والاستعانة به والتوجه إليه , بعكس هديه صلى الله عليه وسلم فإنه هدي توحيدالله وإحسان إلى الميت , وهدي هؤلاء شرك بالله وإساءة إلى نفوسهم وإلى الميت ) . 5 - زيارة التبرك والاستمداد من الأرواح : الزائرون لما يعبّرون عنه بالتبرك والاستمداد من أرواح الصالحين يعتقدون أن الموتى أحياء في قبورهم حياة عادية يتصرفون في العالم ويقضون حاجات قاصديهم ويستدل مستدلهم بما ورد في حياة الأرواح . هذا مع الفارق فيتخذون المزارات يبنون عليها البناءات ويرون أن روح الصالح فلان هنالك , إما لأنه دفن هنالك أو جلس به أو رؤي فيه مناما ً . بل تجد بناءات كثيرة على مزارات عديدة كلها منسوبة للشيخ عبد القادر الجيلاني , دفين بغداد رحمه الله تعالى , وهولم يعرف تلك الأمكنة ولا سمع بها . ومن مظاهر هذا الشرك التبرك الاستمدادي , تقبيل الجدران والتمسح بالحيطان وتقديم النذور وإيقاد الشموع والتزود بقطعة من خرق أو ملح أو ماء موضوع في المزار . وكل هذا جهل وضلال , فإن توحيد الله أساس لتوحيد التوجه إليه والاستعانة به فيما لم ينصب له سببا ً عاديا ً , وأبن آدم بلغ فضله مابلغ ليس له إلا التصرف المعتاد مادامت روحه في جسده , ولا تأثير للأرواح التي في البرزخ في شيء من العالم الدنيوي . |
اجتناب السلف اتخاذ المزارات : لقد علمت الحكم بتحريم البناء على القبور ولعن فاعله . وأجمع الصحابة على العمل به ؛ فلم يبنوا على الأمكنة التي جلس فيها الرسول صلى الله عليه وسلم في أسفاره إلى الحج والعمرة والغزو , وهم عالمون بها شديدو الحب له . ولم ينوطوا بشجرة الرضوان ولا غيرها خيوطا ً ولا خرقا ً ولا وضعوا تحتها مباخر ومصابيح , ولا قبلوا غير الحجر الأسود ولا استلموا غير الركنين من أركان البيت . بل نهى أمير المؤمنين ومحَدث الأمة : عمر بن الخطاب رضي الله عنه , عن تعمد الصلاة في موضع سجوده صلى الله عليه وسلم في طريق المدينة إلى مكة , وقطع شجرة الرضوان , وبين وجه تقبيله للحجر الأسود . إحداث الخَلف للمزارات : أين أنتم من هذا يا من اتخذتم من القبور والمزارات أوثانا ً مودة بينكم في الحياة الدنيا ؟ وشيدتم عليها القصور ورفعتم القباب وأشركتموها برب الأرباب ؟ ! وجاوزتم ذلك تكثيرا ً لمظاهر الشرك , فبنيتم على غير القبور واتخذتم من شجر البطم والسدر وغيرهما ذوات أنواط تعلقون بها الخرق والخيوط , وتسرجون لها الأضواء , وتعطرونها بالمباخر والرياحين وجاوزتم ذلك إغراقا ً في الشرك إلى الصخور الضخمة والأودية الموحشة ؟ نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , ويعملون بدليل قطعي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . تم بحمد الله الكتاب : ( رسالة الشرك ومظاهره ) للشيخ مبارك بن محمد الميلي ( رحمه الله ) من جميعة العلماء في الجزائر . |
اقتباس : المشاركة الأصلية بواسطة أمل محمد
كم من الناس من ابتدع البـِدع في مسألة الزيارات هذه ولا حول ولا قوة إلا بالله أسأل الله أن يكون كل ما كتبت حُجـّـة ً لك َ يا عبد السلام ~ اللهم آمين , شكرا ً لك أخت أمل وبارك الله فيك على تحري الخير والحرص عليه زادك الله يقينا ً وقربة ومحبة له . |
معلومات لا بد لنا من معرفتها بارك الله فيك أزكى تحية ... ناريمان |
بارك الله فيك أخت ناريمان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ليس فقط معرفتها أختي , بل تطبيقها ونشرها , وردع العوام عن الشرك بالله , ابتغاء الأجر من الله , وامتثالا ً لأمره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جعلني الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه شكرا ًللمتابعة |
الساعة الآن 05:50 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.