![]() |
من وصايا حشاش سكير(الوصية الثانية )
الوصية الثانية بنى العزيز لعلك تعجب من هذه الوصية الغريبة التى لا معنى لها فى ناظريك و خاصة أنك فى ريعان الشباب والفتوة و قد تأخذك الغاوية إلى الهاوية ، والغاوية يا بنى هى الكتب و الهاوية هو اليأس."إياك والمثقفين ، عاشقوا الوهم ، ومحبى الضلال ." بنى حينما عارض ليوباردى المنهج الأرسطى فى نظرية اجتماعية الانسان بالطبع ، ركز على أن الإنسان بعدما يخرج من بين كتبه وقراءاته يصطدم بالواقع فيتحطم و تزيد عنده أثرة النفس ويصبح أشد الناس كراهية إلى الاجتماع. إذا فأول ما تفعله بك القراءة هى أن تجعلك واهم يعيش فى عالم الأحلام ، ثم ترمى بك إلى الواقع لتحولك إلى إنسان عاشق لنفسه تغلب عليه الأنانية ، وأخيرا إلى فرد منعزل عن العالم فتجعلك تعيش غريبا و تموت وحيدا رغم كونك وسط أهلك و فى عالم يعج بالناس. فهاهى الكتب الغاوية رمت بك فى أعماق هاوية الوحدة واليأس. أمــــا المثقفون: فهم أمثالك عشقوا الكتب و غوتهم و عاشوا فى وهمها لأنهم كرهوا الاصطدام بالواقع ، فبنوا فى مخيلاتهم حياة أخرى عاشوا فيها و عشقوها فهم ولا ريب عاشقوا الوهم. و أما عن كونهم محبى الضلال: لأنهم يريدون بحماقتهم تغيير الواقع و ما جبل عليه الناس من خلال أوهامهم و لم يبذلوا أدنى جهد فى أن يفكروا أن يحييوا حياة الناس أو معهم. ستقول أنهم أصحاب رسالة أقول لك إن أول من ييأس هو من يحمل هدف صعب المنال ، فما بالك بالأهداف المستحيلة ، إنهم يا بنى قد أصروا على أن يجعلوا اعمالهم و جهودهم تذهب أدراج الرياح . فـــاعلم يابنى أنك إن أردت أن تكون عالما بين الحمقى فأنت أحمق منهم . و إن سعيت للحمق كى تصبح مثلهم فالحمق يا صغيرى اصطفاء و ليس اكتساب. فأحيى و كأنك ميت .... و مت كما حييت ..فى صمت فالعالم الموجود ما هو إلا عدم...دون فلسفة مع تحيات جدك العنيد ابن العميد |
الساعة الآن 05:43 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.