منتديات منابر ثقافية - سليمان الحلبي و جان دارك

سليمان الحلبي و جان دارك

*

العاصمة الفرنسية باريس أشبه بكتلة مليئة بالتناقضات ، فهناك يتم التباكي على حرب المئة عام و التي اجتاحت فيها القوات البريطانية فرنسا و حولتها إلى ساحة حرب مليئة بالنار و الرماد ، و يغضون الطرف عن جرائمهم التي لا حصر لها في العالم الإسلامي سواء كانت في الماضي أو في الحاضر .

إحدى التناقضات و أبرزها في باريس هو متحف الإنسان في قصر شايو ، ففي مشهدٍ يخلو من كل الجوانب الإنسانية في المتحف ، يتم عرض رفات سليمان الحلبي و إلى جانبه الفيلسوف الفرنسي ديكارت ، و قد كتب بجانب جمجمة الأول : السفاح سليمان الحلبي ، و أما ديكارت فقد كُتب تحت جمجمته : العبقري !

و لا شك أن وصف الحلبي بهذه الصفات يُعد انتهاكاً صارخاً لكل القيم الأصيلة ، فهذا الرجل حين قام بقتل كليبر و هو قائد القوات الفرنسية التي تحتل مصر آنذاك ، فإنه رد بفعلته هذه على من قام بهدم وتخريب وقتل و حرق مصر و أهلها من دون ضمير حيّ ، و هنا يطل التساؤل : ما هو الفرق بين سليمان الحلبي و عذراء أورليان ؟

جان دارك هي مُلهمة حرب المئة عام ، فتاة بسيطة كانت ترعى الماشية و تعشق ريف بلادها الجميل ، و كمواطنة فرنسية هالها الاجتياح البريطاني الغاشم على فرنسا ، و رفضت كما رفض الشعب هناك أن تُضم فرنسا للانجليز ، و ادّعت الإلهام الإلهي و سلّـت السيف و سار من خلفها الشعب نحو التحرير ، ففرنسا للفرنسيين ويجب أن يتراجع العدو إلى ما وراء الحدود ، و قد اعتقلتها القوات البريطانية و أحرقتها حية لتُصبح بطلة قومية شأنها من شأن ديجول و جورج واشنطن و غيرهم مِمَن ذكر التاريخ وقوفهم في وجه الإستعمار و الاحتلال .

فلماذا يُسمّى هؤلاء بالأبطال و القوميين ، ولماذا تحتفي بسيرتهم المتاحف و مختلف الجهات بينما يُطلق على سليمان الحلبي لقب السفاح و المجرم ؟

ربّما لأن كليبر هو المناضل و الحلبي هو الطاغية ..