![]() |
غروب في ضوء الشمس
غروب في ضوء الشمس قال القاضي وقد شمر عن زنديه ؛ وهيأ القلم : .- أيتها الحاجَّة ماذا تقولين في شكوى زوجك ، وطلبه ؛ فكما سمعت لم يترك عيبا ولا نقيصة إلا ألصقها بك ، فهو كما يزعم عاش معك جحيما لا يطاق، ولم يعد قادرا على مواصلة المشوار ، وحسب أقواله فإن عدم الاستجابة لطلبه بتطليقك منه ظلم ترفضه مبادئ العدالة. قالت العجوز وهي ترنو نحو زوجها وحبها الوحيد: - سيدي القاضي زوجي هذا شيخ فاضل، أتعبه الدهر بكره وقسوته، وهاجمه العجز من كل جهة... نهرها القاضي: قولي ردك بشأن طلبه الحكم بتطليقك: سيدي الرئيس: - زوجي هذا كان دوما فاضلا، شهما وكريما وقطعنا معا ستين سنة ؛ لكل سنة منها ألف وجه ووجه ، فيها من الليالي المرة الكثير ، وفيها مثلها من الأيام الحلوة، ولعله- ولطول المسيرة- قد مل عشرتي، وقد أكون أهملته في غمرة الاهتمام بالأبناء فاعترى مشاعرنا الصدأ ، وقد يكون محقا لأني لم أعد قادرة على إرضائه فالزمن يذيب الاجساد ويذهب برونقها ، ويخرب العقول وينهك الأرواح يصرخ القاضي بضيق واضح: - (يا الحاجَّة) قولي ردك بشأن طلبه الحكم بتطليقك: وكأنها لم تسمع صراخ القاضي: ولكنني لا أنكر أنه كان خير زوج يمكن أن ترزق به امرأة ،وكان نعم الرفيق حتى الأشهر القليلة الأخيرة حيث تغير مزاجه ، وأصبح عصبيا، ينزعج بسرعة وبغير سبب : حاول الشيخ ان يتدخل فنهره القاضي. اسكت، أنت. قالت : - العجوز سيدي القاضي ليس من حقك أن تنهره بهذا الشكل ،لأنه رجل فاضل؛ يستحق أن يعامل بلطف واحترام. سيدي القاضي. لقد أحببته ، كنت دوما ، ولا أزال ، ولا أحب أن ازعجه ؛ أو أرد له طلبا، ولا أحب أن يزعجه أحد مهما كان ، فقد جعل حياتي كلها سعادة ومتعة رغم صعوبة الحياة ومرارة الصراع ، ويكفيه أنه منحني الاحساس بالاطمئنان المطلق على مستقبلي حتى آخر لحظة ، وحيث أنه الآن يرغب في تطليقي أرجو سيدي القاضي أن تلبي رغبته كما كان الأمر دائما. في هذه اللحظة تقدم الشيخ من رفيقة دربه ، أمسك يدها التي انقادت له في رقة الحرير ،احتضنها بين كفيه برقة ، قبلها وهي تتابع حركاته بهدوء وحنان أغرق قاعة المحكمة ، ثم قبص على معصمها الأيسر بيسراه ،و مرر ذراعه فوق كتفها الأيمن برفق واستدارا وقد احتضنها ، وخرجا متجاهلين القاضي، وكاتبه ؛وشرطة الحراسة ، تحت تصفيق الجمهور الذي وقف احتراما ، وغابا هاربين من عثرة حتمتها ظروف طارئة، عبر باب المحكمة و ذابا في ضوء شمس الأصيل الذي كان يغرق المدخل الغربي الضيف حمراوي 24/01/2014 |
أهلا بالأستاذ القاص الضيف حمراوي عودتك تحمل حبا عتقته السنين ، و رسمت بهجة زوج لا يزال العرفان يتوج أيامه الأخيرة . مرحبا بكم سيدي و لكم جزيل الشكر أتمنى أن ترصع هذا المنبر بزهرات نصوصك الجميلة ، و لا تطل علينا الغياب فللغروب طعم آخر غير الذي تبتهج به النفس ، و خاصة عندما يكون تحت أضواء شمس الأدب . تقديري أستاذي الكريم . |
الساعة الآن 02:57 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.