![]() |
هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه في العصر الحاضر ؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال أحب أن أنبه على أن حكم التبرك بآثار الرسول صلى الله عليه
وسلم باق على مشروعيته , لا يقتصر على الصحابة رضي الله عنهم أو التابعين فقط . فإن بركة آثار الرسول صلى الله عليه وسلم باقية فيها , وليس هناك ما يرفعها . وإجابة عن السؤال الآنف الذكر لا بد من بيان الأمور الآتية : - جاء في صحيح البخاري عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه أنه قال : ( ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ً ولا دينارا ً , ولا عبدا ً ولا أمة ولا شيئا ً , إلا بغلته البيضاء , وسلاحه , وأرضا ً جعلها صدقة ) . - وردت أخبار عديدة بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم والتابعين , إلى يومنا هذا تدل على حصول هذا التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم , من قبل بعض الخلفاء والعلماء والصالحين , وإن كان بعض هذه الأخبار ليس صحيحا ً , وهذا إما بسبب ضعف في روايته أو لعدم صحة نسبة الأثر ذاته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم , وهذا هو الأكثر . قال صاحب كتاب ( الآثار النبوية ) بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وغيره , بالقسطنطينية - عاصمة الخلافة العثمانية - : ( لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة , غير أنا لم نر أحدا ً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي , فالله سبحانه أعلم بها وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها من الشكوك ) .. الخ - ثبوت فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى الأيام والقرون ومن الأمثلة على هذا ما يأتي : جاء في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ( اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما ً من ورِق ( فضة ) فكان في يده , ثم كان في يد أبي بكر ثم كان في يد عمر , ثم كان في يد عثمان , حتى وقع منه في بئر أريس , نقشه - محمد ٌرسول الله -) . - فقدان البردة والقضيب ( عود مقطوع من الشجر ) في آخر الدولة العباسية حين أحرقها التتار عند غزوهم لبغداد سنة 656 هـ . - قال الإمام ابن كثير : ( وقد توارث بنو العباس هذه البردة خلفا ً عن سلف , وكان الخليفة يلبسها يوم العيد على كتفيه , ويأخذ القضيب المنسوب إليه صلوات الله وسلامه عليه في إحدى يديه , فيخرج وعليه السكينة والوقار ما يصدع به القلوب , ويبهر به الأبصار ) . كتاب البداية والنهاية لابن كثير 6\8 - ذهاب نعلين ينسبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في فتنة تيمورلنك بدمشق سنة 803 هـ ومن الاسباب أيضا ً لفقدان الآثار النبوية وصية بعض من عنده شيء منها أن يكفن فيه إن كان لباسا ً , أو يوصي بأن يدفن معه بعد موته , إن كان ذلك الأثر شعرات مثلا ً . - يلحظ كثرة ادعاء وجود وامتلاك شعرات منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من البلدان الإسلامية في العصور المتأخرة , حتى قيل إن في القسطنينية وحدها ثلاثا ً وأربعين شعرة سنة 1327 هـ , ثم أهدي خمس وعشرون وبقي ثماني عشرة . ولذا قال مؤلف كتاب الآثار النبوية بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه : ( فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد ذلك فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب رضي الله عنهم , غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها ) . وهناك عناية بحفظ تلك الشعرات المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل من يدّعي ذلك , حيث إنها تحفظ في صناديق أو قوارير وتُلف بقطع من الحرير ونحوه . على أنه في بعض الأماكن يحتفل بإخراجها - على طريقة خاصة - مرة واحدة أو أكثر كل عام في بعض المواسم , كليلة 27 رمضان , أو ليلة النصف من شعبان مثلا ً . ومن خلال ما تقدم فإن ما يدّعى الآن عند بعض الأشخاص , أو في بعض المواضع من وجود بعض الآثار النبوية , كالشعرات أو النعال وغيرها , موضع شك , فيحتاج في إثبات صحة نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى برهان قاطع يزيل الشك باليقين . لإمكان الكذب في إدعاء نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للحصول على بعض الأغراض , كما وُضعت الأحاديث ونُسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كذبا ً وزورا ! وعلى أي حال فإن التبرك الأسمى والأعلى بالرسول صلى الله عليه وسلم هو اتباع شرعه والاقتداء به والسير على منهاجه ظاهرا ً وباطنا ً , وإن في هذا الخير كله . هذا والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسلميا ً كثيرا ً . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . المرجع : كتاب ( التبرك , أحكامه وأنواعه ) د . ناصر الجديع - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية |
نعم . هذا ما انتظرت توضيحه
جزاك َ الله كل ّ خير يا عبد السلام ~ |
الأخت الكريمة أمل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا ً على المشاركة والردود أعزك الله بطاعته |
الساعة الآن 05:55 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.