لعله العمى
لعله العمى ريم بدر الدين بزال الرياض 14/7/2013 لم يعد يعني لي انقطاع الكهرباء شيئا سوى أنني أحدّ من تحركاتي في البيت خشية الوقوع أو الاصطدام بجسم ما قد يسبب لي أذية جسدية .. كان هذا الانقطاع في الشتاء يعني لي البرد الشديد و التكور تحت الأغطية في انتظار عودة الطاقة اللازمة لتشغيل المدفأة الكهربائية .. كم هو غريب هذا العالم يفعل ما بوسعه لنعتاد التكنولوجيا و عندما ندمنها يستلبها منا دون أن يفكر في معاناة أعراض الانسحاب التي ستعترينا انقطاع الكهرباء في شتاء قارص كان كتدريب على التحمل أو تعذيب في معتقل أو محاولة لإثبات أن نظرية البقاء للأقوى . و مع هذا لا يتركك الانقطاع دون تسلية أو محاولة لإلهائك عما تعانيه .. صوت القذائف و الرصاص سمفونية متواصلة تعزف في مكان بعيد لكنها فيما يبدو سخرت من أجلك كي تكسر الروتين المحيط بك في هدأة الظلام .. في الحقيقة هو ليس ظلاما بالمعنى الحقيقي فحدقة عينيك عندما تتعود الظلام تبدأ في تعرف أماكن الأشياء من خلال ذاكرتها المسبقة و تبدأ في استعادة الألفة مع المكان لم تعد تعني لي كل الشعارات و الحوارات و المناظرات و الحلقات التلفزيونية شيئا و هي تتناول حياتنا و منغصاتها و كل ما نعانيه جراء صراع محموم على كرسي .. إنا الوحيد الذي تتم باسمي كل هذه الحروب و أنا الوحيد غير المعني بها ..أنا الخاسر الوحيد و الجميع رابحون .. بعضهم ربح شهيته للدم باسم الرب و بعضهم ربح أموالا تغدق عليه من جهات متعددة و آخرون ربحوا الشهرة التي كانوا يقطعون من أجلها مسيرة أعوام.. و كثيرون لم يربحوا شيئا على الإطلاق لكنهم أوهموا أنفسهم أنهم كذلك .. و نحن القابعون في العتمة و البرد .. الصامتون ننتظر انقطاع الكهرباء فعلا لم يعد يضايقني رغم أنني كنت أخشى على أطفالي من البرد أما اليوم في موسم الدفء ما يزعج فقط هو صوت القذائف و المدافع لكن أطفالي أيضا تعودوا و أصبحوا كائنات تجوس في العتمة كما لو أنهم في وضح النهار . انقطاع الكهرباء لم يعد يعني لي شيئا لكن حدقتي عيني هذه المرة لم تتعودا الظلام و لم تألفاه و لم تتحسسا مواضع الأشياء العماء يحيط بي من كل مكان و كأنه- بالعدوى -أصاب أذني بالصمم لم أعد أسمع شيئا أتراهم أوقفوا القتال؟ أنادي بأسماء أولادي لكن ما من مجيب انقطاع الكهرباء لم يعد يعني لي شيئا فهذه المرة أنا فقط من انقطعت عنه الكهرباء! |
النهاية تمثل لحظة انقلاب حادة وغير متوقعة . لعله العمى لكنه ليس عمى العيون على ما يبدو *
|
بل هُوَ عمى القَلب الذّي تعوّد الصدمات ...
فتوقف عن الحياة كهذا ببساطة .... نحن قلب و روح قبل جسد ... ما إن تنطفئ جذوة الروح حتى نتداعى كمدينة متهالكة .... يا له من نص شفيف ...! جميلة يا ريم ... أشتاق جمالك .... محبتي الخالصة |
اقتباس:
تحيتي لك |
اقتباس:
لقراءتك دوما نكهة أخرى اعتز بك تحيتي لك |
حين تتكالب المنغصات، تفقد الحياة لذتها الحقيقية، وما من شيء يغدو يستساغ.
نص معبر يجلو عن رؤيا نفسية استهجنت ما حولها من متناقضات.. تقديري لما أبدعت أختنا ريم.. محمد غالمي |
اقتباس:
أ. محمد غالمي أشكرك للحضور الجميل تحيتي لك |
كنت هنا ولي عوده
|
قرأتها و التيار الكهربائي غائب , خشيت على نفسي أن أكون بطلاً لمثل هذه القصة ! نسأل الله السلامة و العافية من كل عمىً إن كان عارضاً أو مستديماً . حفظكِ ربي أ. ريم , وبارك هذا الحرف الثري دائماً . مودتي |
الساعة الآن 05:36 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.