![]() |
أريد حقوقي
خرج للتو من مخفر الشرطة ، مشتكيا مما لقيه من تلك الجارة الجديدة الساكنة في العمارة ، كان ألزم نفسه وأسرته التقوقع حول الذات في محيطهم الضيق ، كلفه ذلك تحمل مصروف زائد نهاية كل أسبوع ، فيسافر بعيدا عن المكان وساكنيه ، فيسري بأهله وأولاده في فضاءات الله الواسعة ، مرة يزورون القرى السياحية المتناثرة حول الساحل ، وأحيانا يصلون أرحامهم الموزعة على مدن مختلفة ، الجارة الجديدة تحشر أنفها الطويل في كل شيء ، كسبت ود زوجته التي جعلتها والوحدة هدفا سهلا ، وقلة خبرتها الاجتماعية وطن في عمقها سذاجة الطباع ، الجارة خبيرة بكل أصناف النساء ، ما إن ترى الوجه حتى تستشف القلب ، ما إن تسمع النغمة حتى تعزف على الوتر الحساس ، تقدم لها دروسا توعوية بتدرج متقن ، تحكي لها عن بطولات النساء ، فتظهر حياتهن سمنا عى عسل ، فتصقل حياتهن كأنها مخرجة أفلام دعاية ، فهذه سلوى صيرت زوجها خاتما في أصبعها لا يرفض لها طلبا فهي الأميرة المتحكمة ، وهو الخادم المسكين ، تأمر فيطيع ، تنهر فيرتدع . أما جارتي السابقة لمياء فتلبس من الفساتين آخر الصيحات ، و من الحلي ما شعت أحجاره الكريمة ، و برق معدنه ، و تلألأت ومضاته . يا أختاه إن حدتثك عن قريبتي سارة بنى لها زوجها قصرا بحديقة وحمامات و بهو يكبر شقتك ، وتملك شقة تمضي فيها أوقات فراغها مع صديقاتها وهي مفروشة عن آخرها بأجمل المفروشات وألينها ، لا تسألي عن مطبخها فيه كل جهاز خطر ببالك ، أما غرفة نومها فمراياها وحدها جنة ، ناهيك عن سريرها الوثير ومخداته الحريرية و بطانياتها المصنوعة من الفرو القطبي ، أما الإضاءة فتحدثي عن الثريا كأنك بين النجوم ، شقتها مكيفة طبيعيا تخترق جدرانها مياه دافئة شتاءا وباردة صيفا . لكن تبقى الحرية هي الأساس يا صديقتي ، فغادة تفعل ما يحلو لها تحضر الحفلات و ترقص في السهرات ، لديها سيارة وخادمة وقريبا سيكون لها سائق ، فقط لم تعثر بعد على الذي يواتي نفسها الحالمة ، فهي صاحبة ذوق رفيع ، ماذا أقول لك صديقتي ، هناك نساء على قدر النساء وهناك نساء حرمن أنفسهن ورضخن صاغرات ، هؤلاء فضلن الذل و لا يستحقن حتى الشفقة .
يتغير سلوك الزوجة التي تجلت أمامها حياتها جحيما لا يطاق ، فهي صاحبة الجمال الفتان و النسب الأصيل و الكبرياء الشامخ ، أنا أنثى حقيقية ، أنا التي كانت أحلامي واسعة فسيحة ، كيف قزمت نفسي ، واستصغرت روحي و قبلت بهكذا حياة ، كنت أرى نفسي بطلة من بطلات الشاشة ، متأنقة في كسوات شفافة وأحذية براقة ذات عقب طويل يزيد من رفعتي وعلو كعبي ، ما هذه الجلابيب الداكنة ؟ ما تلك العباءات ، ما هذه الخيام ؟ أنا قضيت على نفسي ، وأدت أنوثتي ، من أجل ماذا ؟ لا أعلم من أين أتاني هذا الغباء ؟ - ما المعمول حبيبتي ؟ ماذا تفعلين ؟ هه و هل هذا سؤال ؟ طالبي بحقوقك يا امرأة ، فنحن في عالم الحقوق غير المنقوصة ، كفى من عيش الدل والهوان ، فالمرأة وصلت إلى كل ميدان ، فإن عجز زوجك عن توفير متطلبات العيش الكريم ، فاخرجي إلى العمل وانسجي خيوط مستقبلك بنفسك و تصرفي في مالك على هواك ، وتحرري من هذه الأفكار البئيسة ، هو لن يرضى بخروجك إلى العمل سيوفر لك كل شيء فهم متخلفون وحتى إن رضي لا تحملي هما فأنا هنا للمساعدة . تفاجأ الزوج بتحول حياته إلى جحيم ، لسان حبيبته يطلق الرصاصات تلوى القذائف ، بركان نشيط يتثر الحمم بلا توقف ، تريد كل شيء دفعة واحدة ، يلبي بعضا من الطلبات فتزداد لائحتها يوما عن يوم ، اقترض وكاد يفلس وهي راكبة صهوة المزيد ، تعاتبه بدون توقف ، تتهمه قائلة " أيها السارق ، أين كل الأموال التي جمعتها وكدستها ونحن نعيش على الخبز الحافي ، ونشرب الماء والزغاريد ، حقق طلباتي وإلا خرجت إلى العمل ، عوضني عن سنوات البؤس التي قضيتها في هذا القفص ، وتلك الأفرشة البالية ، لم أطالبك بعد بسيارة وسائق ، وحضور الحفلات مثل النساء الحقيقيات ." " يا حبيبتي اتق الله في عرضك وأبنائك فهذه فتن ما أنزل الله بها من سلطان " "أتتهمني في عرضي أيها الفاشل ، من أنت ومنهم أهلك وعشيرتك ، ألم تتنازل عن حقك في الارث لأن أمك استعطفتك " سمع أمه في درج كلامها فثارت هشاميته ، فنزل على وجهها بصفعة فازرورقت وجنتها ، صاحت بكاء وعويلا ، فإذا بالجارة تدفع الباب ، وتدعوها إلى بيتها ، طردها الزوج وزوجته تدافع عنها بقوة ، بكى الأطفال بكاء مريرا وهم يرتعدون خوفا من غضبة أبيهم ، و يشاركون أمهم دمعها الغزير ، ونحيبها المستمر . رجع من عمله و لم يجد لهم أثرا فتوجه إلى الشرطة ، مساء تزينت يدا الجارة بدملجين توأمين لا ينفصلان ، إنها شريرة مبحوث عنها تستدرج البنات والنساء إلى ....... |
|
( إن كيدهن عظيم )
قصة تلمس واقع الكثير من النساء .. مودتي. |
من قلب الواقع استقيت أحداث قصتك،
الإشكال يتعلق بأمرين: واحد كما وصفه الأستاذ حامد الشريف وهو نقص المضادات النفسية التي تقي الانسان التبعية فلا يكون إمعة تحركه خيوط الآخرين كدمى... والثانية انعدام المضادات الدينية، إذ الوازع الديني من شأنه أن يحصن الانسان عن اتباع الهوى فكانت هذه المرأة ستتصدى لجارتها بقوة لو كان للدين وتعاليمه ثبات في قلبها. قصة جميلة بأفكارها وصياغتها ونهايتها غير المتوقعة... تحياتي أ. ياسر |
اقتباس:
أستاذي العزيز حامد الشريف قراءتك للنص زادته ألقا و زادته قيمة و وزنا ، قراءتك جملته و زينته فأضحى مقربا إلى النفوس ، شكرا لك أستاذي الفاضل لتكريمك لهذا النص بهذه القراءة الواعية . |
اقتباس:
الأستاذة صفاء سرني وجودك وحضورك . شكرا على ما تفضلك بمتابعة ما ينشر في منبر القصة تحياتي |
اقتباس:
الأستاذة آية أحمد هو الضعف الإنساني يستغله البعض للنصب و الاستغلال هي النفس الطيبة يسهل خداعها هي مفارقات نعيشها كل يوم ذلك الصراع الذي سيبقى دائما بين الخير والشر . أنا ممتن لهذه الإضافة الشافية التي نورت بها النص . شكرا لحضورك الكريم |
الساعة الآن 06:44 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.