ياسر علي |
06-28-2015 06:31 PM |
مقلالت في المعرفة : من الشك إلى اليقين
مقالات في المعرفة
المعرفة بين الشك واليقين
يميل الناس في عصرنا إلى وصف المجتمع بالمعرفي قياسا إلى ما يشهده العالم من ثورة معلوماتية متكاثرة ، جعلت المعرفة في متناول أفراده بمختلف مشاربهم و ألسنتهم ، فلم تكن المعرفة متاحة عبر العصور كما اليوم ، و لم تكن ضرورية للاندماج في المجتمع الكبير كما في عصرنا .
لذلك ، كان حريا بنا محاولة تلمس المعرفة و محاولة الإحاطة ببعض حقولها و تعرف بعض ينابيعها ، قصد الإبحار وسط هذا الزخم المعرفي معتدين ببوصلة و خارطة معرفيتين تكونان لنا سندا نحدد به محطات استراحتنا و الأماكن الخصبة الغنية بالثروات المعرفية و المواضع الصالحة للإقامة .
فما المعرفة ؟
المعرفة هي تمثل الإنسان للحقيقة ، و بصيغة أخرى إدراك الإنسان لذاته و محيطه .
و أول سؤال نطرحه بعد تحديد المفهوم هو هل هناك معرفة ؟ وبتعبير آخر ما منسوب صدقيّة المعرفة ؟
لو رجعنا إلى الحكماء القدامى لوجدناهم يشككون في إطلاقية المعرفة و ينحون إلى استحالة قيام أية معرفة كحقيقة ، بل يعتبرون الشك مذهبهم فالسفسطائيون مثلا يبرهنون على الشيء ونقيضه و يقولون أن الأدلة على إثبات الشيء ونقيضه تجنحان نحو التكافؤ فأطلق على هذه المدرسة "البيرونية" نسبة إلى بيرون الشكّاك .
على العكس منهم نجد الدوغمائيون الذين يعتقدون بإطلاقية المعرفة ، أي أن الإنسان يعرف كل شيء ، أي أن المعرفة مثبة و صالحة لكل زمان و مكان و يصمّمون على المعتقد و لا يقبلون بالشك و يتعصبون لمذهبهم ولا يؤمنون بالواقعية أو العلمية ، بل ينصب نشاطهم على الحفاظ على المعلومة وصونها من أي تطور أو تفسير أو استدلال .
بخلاف المدرستين الشكية و الدوغماتية اللتان تجنحان إلى الإطلاقية سواء في القبول بالعرفة أو رفضها ، تأتي المدرسة الوسط بينهما و هي التي تؤمن بالمعرفة اليقينية العقلية متوسلة من الشك منهجا للوصول إليها ، و نشأت هذه المدرسة مع أوائل الفلاسفة اليونانيين " سقراط "
عندما نتعمق في المذهب الشكيّ نجد العبثية تتلبسه ، فعلى الأقل إن كان الفرد منا يؤمن و لو بشيء واحد كقاعدة عامة مطلقة كقول الشكّاك أن المعرفة غير حقيقية فهو يؤمن بهذا القانون كمعرفة يقينية ، وهذا ربما كاف لكسر نسقية الأيديولوجيا الشكيّة ، أما الذين يعتبرون المعرفة الإنسانية مطلقة بذاتها ، فلربما الزمان كسر مجموعة من اليقينيات أو البديهيات التي سادت لأعوام خلت و سنذكر من بينها على سبيل الاستئناس ، انبساط الأرض و سكونها .
|