منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   علوم القرآن (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=5707)

محمد عبدالرازق عمران 08-09-2011 11:10 PM

علوم القرآن
 
( علوم القرآن )
[justify]اعلموا حفظكم الله أن الكلام على القرآن يستدعي الكلام في اثني عشر فنا من العلوم ، وهي : التفسير ، والقراءات ، والأحكام ، والنسخ ، والحديث ، والقصص ، والتصوّف ، وأصول الدين ، وأصول الفقه ، واللغة ، والنحو ، والبيان : فأما التفسير فهو المقصود بنفسه وسائر هذه الفنون أدوات تعين عليه أو تتعلق به أو تتفرع منه ، ومعنى التفسير شرح القرآن وبيان معناه والإفصاح بما يقتضيه بنصه أو إشارته أو فحواه ، وأعلم أنّ التفسير منه متفق عليه ومنه مختلف فيه ، ثمّ إنّ المختلف فيه ثلاثة أنواع : الأوّل اختلاف في العبارة ، مع إتفاق في المعنى : وهذا عدّه كثير من المؤلفين خلافا ، وليس في الحقيقة بخلاف لاتفاق معناه ، وجعلناه نحن قولا واحدا ، وعبرنا عنه بأحد عبارات المتقدمين ، أو بما يقرب منها ، أو بما يجمع معانيها ، الثاني اختلاف في التمثيل لكثرة الأمثلة الداخلة تحت معنى واحد ، وليس مثال على خصوصه هو المراد ، وإنما المراد المعنى العامّ الذي تندرج تلك الأمثلة تحت عمومه فهذا عدّه أيضا كثير من المؤلفين خلافا ، وليس في الحقيقة بخلاف ؛ لأنّ كل قول منها مثال ، وليس بكل المراد ، ولم نعدّه نحن خلافا : بل عبّرنا عنه بعبارة عامّة تدخل تلك تحتها ، وربما ذكرنا بعض تلك الأقوال على وجه التمثيل مع التنبيه على العموم المقصود ، الثالث اختلاف المعنى ؛ فهذا هو الذي عددناه خلافا ، ورجحنا فيه بين أقوال الناس ؛ فإن قيل : ما الفرق بين التفسير والتأويل ؛ فالجواب أن في ذلك ثلاثة أقوال: الأوّل : أنهما بمعنى واحد ، الثاني : أنّ التفسير للنص ، والتأويل للمعنى الثالث وهو الصواب : أنّ التفسير : هو الشرح ، والتأويل هو حمل الكلام على معنى غير المعنى الذي يقتضيه الظاهر بموجب اقتضى أن يحمل على ذلك ويخرج على ظاهره وأما القراءات : فأنها بمنزلة الرواية في الحديث ، فلابدّ من ضبطها كما يضبط الحديث بروايته ، ثم إنّ القراءات على قسمين : مشهورة ، وشاذة ، فالمشهورة : هي القراءات السبع وما جرى مجراها : كقراءة يعقوب ، وابن محيصين ، والشاذة ما سوى ذلك وقد بنيت قراءة نافع لدينا لوجهين : أحدهما أنها القراءة المستعملة بسائر بلاد المغرب ، والأخرى اقتداء بالمدينة شرفها الله لأنها قراءة أهل المدينة ، وقال مالك بن أنس : قراءة نافع سنة ، وأما أحكام القرآن فهي ما ورد فيه من الأوامر والنواهي ، والمسائل الفقهية ، وقال بعض العلماء إنّ آيات الأحكام خمسمائة آية ، وقد تنتهي إلى أكثر من ذلك إذا أستقصي تتبعها في مواضعها ، وأمّا النسخ فهو يتعلق بالأحكام لأنها محل النسخ إذ لا تنسخ الأخبار ولابدّ من معرفة ما وقع في القرآن من الناسخ والمنسوخ ، والمحكم وهو ما لم ينسخ ، وأمّا الحديث فيحتاج المفسر إلى روايته وحفظه لوجهين : الأوّل أنّ كثيرا من الآيات في القرآن نزلت في قوم مخصوصين ونزلت بأسباب قضايا وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الغزوات والنوازل والسؤالات ، ولابدّ من معرفة ذلك ليعلم فيمن نزلت الآية وفيما نزلت ومتى نزلت فإنّ الناسخ يبنى على معرفة تاريخ النزول لأن المتأخر ناسخ للمتقدم ، الثاني أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كثير من تفسير القرآن فيجب معرفته لأنّ قوله عليه السلام مقدم على أقوال الناس ، وأمّا القصص فهي من جملة العلوم التي تضمنها القرآن فلابدّ من تفسيره إلا أنّ الضروري منه ما يتوقف التفسير عليه ، وما سوى ذلك زائد مستغنى عنه ، وقد أكثر بعض المفسرين من حكاية القصص الصحيح وغير الصحيح ، وأما التصوّف فله تعلق بالقرآن ، لما ورد في القرآن من المعارف الإلهية ورياضة النفوس ، وتنوير القلوب ، وتطهيرها باكتساب الأخلاق الحميدة ، واجتناب الأخلاق الذميمة ، وقد تكلمت المتصوّفة في تفسير القرآن ، فمنهم من أجاد ووصل بنور بصيرته إلى دقائق المعاني ووقف على حقيقة الأمر ، ومنهم من توغل في الباطنية وحمل القرآن على ما لا تقتضيه اللغة العربية ، وأمّا أصول الدين فيتعلق بالقرآن من طرفين أحدهما : ما ورد في القرآن من إثبات العقائد وإقامة البراهين عليها ، والرد على أصناف الكفار ، والآخر : أنّ الطوائف المختلفة من المسلمين تعلقوا بالقرآن وكل طائفة تحتج لمذهبها بالقرآن وترد على من خالفها ، وتزعم أنّه خالف القرآن ، ولاشك أنّ منهم المحق والمبطل ، فمعرفة تفسير القرآن أن توصل في ذلك إلى التحقيق مع التشديد والتأييد من الله والتوفيق ، وأمّا أصول الفقه فإنها من أدوات تفسير القرآن ، على أنّ كثير من المفسرين لم يشتغلوا بها ، وإنها لنعم العون على فهم المعاني وترجيح الأقوال ، وما أحوج المفسر إلى معرفة النص ، والظاهر ، والمجمل ، والمبين ، والعام ، والخاص ، والمطلق ، والمقيد ، وفحوى الخطاب ، ولحن الخطاب ، ودليل الخطاب ، وشروط النسخ ، ووجوه التعارض ، وأسباب الخلاف ، وغير ذلك من علم الأصول ، وأمّا اللغة فلابدّ للمفسر من حفظ ما ورد في القرآن منها ، وهي غريب القرآن ، وأما النحو فلابد للمفسر من معرفته ، فإن القرآن نزل بلسان العرب فيحتاج إلى معرفة اللسان ، والنحو ينقسم قسمين : أحدهما عوامل الإعراب ، وهي أحكام الكلام المركب ، والآخر التصريف ، وهي أحكام الكلمات من قبل تركيبها ، وأمّا علم البيان : فهو علم شريف تظهر به فصاحة القرآن . [/justify]
( محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي )


الساعة الآن 01:15 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team