هفوة السراب
 

هفوة السراب
أَمَا زلْتَ كَطِفْلٍ
تَتَعَثَّرُ بِصَرْخَتِكَ الأولى ؟
أما زَالَ لَيْلُكَ الأَخْرَسُ يُؤوي عَويلَ المكَائِدِ ؟
كَمَخَاضِ نبَات (الكالانشو) 1
يَطغَى على المسَاحَاتِ المُقْفِرَةِ بِسَخَاءٍ
كثَورَةِ زَهْرِ (الأضاليا) 2
وهي تَرْثي عُقْمَ أورَاقِها
كإشْطَاءِ حقُولِكَ حَدَّ التَّلاشي
* * *
بِتَأَنٍّ
تسبلُ صَدَى صَمْتِكَ
كارتِخَاءِ العرَائِشِ المُتَأهِّبَةِ للمَواسِمِ الجامِحَةِ
لِتَنْثُرَ موَائِدَكَ الهُلامَ بِمذرَاةِ السَّديم ِ
تُلَمْلِمُ بَعضَكَ المَشْغُولِ مِن الطِّينِ السَّمَاويِّ
ليسَ كتُرابِ الأرضِ المُعَفَّرِ بِخُذْلانِكَ المُرَوَّضِ
أرفعُ يَديَّ عَالياً عَالياً
لعَلِّي أَجني ثِمَارَ البَرقِ الوَحْشيَّةِ
فَتَرتَبِكُ أصَابعي بِشَعرِكَ الخُرَافيِّ كفِخَاخٍ مَنْسيَّةٍ
تُؤَرِّقُ حيادَ المَجْهُولِ المُرِيبِ
* * *
سَافِراً
تُعلِنُ رُزَمَ الكِبْرياءِ المُتَبَاهي
وأنا أقَشِّرُ الأفُقَ خَلفَ أسرَابِ الحَجَلِ العَنيدَةِ
تَرشي السَّرابَ لِتَنثُرَ اليَقينَ الأكِيدَ على سَاحَاتِ فَوضَاكَ
تتبَاهى بِأَجْرَاسِكَ البِلَّوريَّةِ
تَدسُّ يَديكَ في مِعْطَفِ الغَيْم ِخِلسَةً
وتُرَمِّمُ البِرَكَ كَتوَسِّلِ الرَّبيعِ هَذَيان الثَّلج ِ
* * *
هَكَذَا كُنَّا
نَحْملُ الشَّمْسَ والقَمَرَ على كَفِّ طِفْلٍ رَضيعٍ
وأحياناً
فَوقَ نَزقِ السُحُبِ المُهَاجِرَةِ
كي لا نَبْرَحَ حُدُودَ الشَّمس ِ
وحينَ يَغفو على صَدر ِأمِّهِ
تَدُورُ بِنا الجِّهَاتُ كَعُتْمَةٍ أَربَكَهَا هَرَجُ الضَّوءِ
حَيْثُ لا جِهَاتَ غيرَ ثَرثَرةِ الفَرَاغ ِ
* * *
تَتَضَخَّمُ السَّاعَاتُ حَولَ معصَمي
كجَوفِ الهَواءِ الصَفير ِ
تَتَشَظَّى كشُهُبٍ مُنْسَكِبَةٍ مع لُهَاثِ أنفَاسِنا المُرَاقَةِ
* * *
امضِ
امضِ إلى حَيْثُ تُرَمِّمُ انكسَارَاتِ عُمْرِكَ
فتنسابُ معَ الرّملِ المُنْفَلِتِ من بَينِ أصَابِعِي نَحْوَ السَّحيقِ
كعبُورِكَ إلى اللامُتنَاهي
لتَنْتَعِلَ الطِّينَ مُعَفِّراً أَسْمَالَكَ بِغُبَار ِالمَحتُوم ِ
* * *
رويدَكَ أيُّها الحَامِلُ لأشلائِي المُتَنَاثِرةِ
كظِلٍّ فَقَدَ شَهْوةَ النُّور ِخَلْفَ المدَى
تَلَمَّسْ الرّيحَ وانظُرْ سَطْوَةَ الحقيقيِّ الجَسور ِ
كعُهودِ الشَّمس ِمع أقراط ِالثَّلج ِ
أبداً أقدَارُكَ مَسْكُونَةٌ في خيامٍ مُرتَعِشَةٍ
كنَهَارَاتِنا المَفْقُودةِ خَلفَ ظلِّنا منذُ أنْ تَدثّرنا أعماراً مباحةً
فامضِ . . .
امضِ إلى حيث تشااء . . .
إلى حيث تُذَابُ كنهرِ ضوءٍ يترَبَّصُ باللامكانِ . . .


صيف 2014 م

(1) الكالانشو : من نباتات الزينة , لها أوراق كثيفة , ليس لها أزهار , كل ورقة منها تتفرع عنها أوراق جديدة , تتكاثر عن طريق الأوراق , حيث كل ورقة صغيرة تقع على التربة تعطي نبتة جديدة .
(2) الأضاليا : من نباتات الزينة , لها ساق بطول 50 سم تعطي زهرة واحدة تكون أوراق التويج لهذه الزهرة كثيفة , لكن لا تحمل هذه النبتة أوراق خضراء على الساق سوى ورقتين أو ثلاث في الأسفل .

جميل
 

جميل جدا هذا النص
دام لبنانك الوهج

روعه كلماتك العذبه والرنانه سلمت يداك يا اخوي وتقبل مني كل الاحترام والتقدير

فهل كانت كل هذه الصور الباذخة التي انداحت من وجيب القلب لايكار ؟
كانك تستقي مفرداتك من معين لا ينضب من ابداع و تميز
ا. عامر عثمان
قصيدة مميزة بكل ماتعنيه الكلمة .، لم اقرا منذ زمن طويل بهذا العمق
للتثبيت و النشر في المجلة

أخي الفاضل عامر حفظه الله

كتبت مقدسات في النصوص حاشا لغيرك أن يبدعها ،

دمت بهذا الألق ودام اصدقائك لك ،

تحيتي وأحترامي ،،

الاستاذ محمد الشيخ
شكرا على المرور الجميل
دمت بود