من بلاغة العرب
عبدالله علي باسودان
من بلاغة العرب قال معاوية لضرار الصدائي: يا ضرار، صف لي علياً! قال: اعفني يا أمير المؤمنين. قال: لَتصفنَّه! قال: أما إذ لابد من وصفه : فكان -والله- بعيد المدى، شديد القُوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجَّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته. وكان والله غزير العَبرة، طويل الفكرة، يقلِّب كفَّه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن. وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن، مع تقريبه إيانا، وقربه منا، لا نكاد نكلمه لهيبته، ولا نبتدئه لعظمته، يعظِّم أهل الدين، ويحب المساكين،ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله. وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه، قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا، إليك عني، غُرِّي غيري! ألي تعرَّضْتِ؟ أم إليَّ تشوقتِ؟ هيهات! هيهات! لقد باينتك ثلاثاً لا رجعة فيها؛ فعمرك قصير، وخطرك حقير، وخطبك يسير. آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. فبكى معاوية حتى أخضلت دموعه لحيته، وقال: رحم الله أبا الحسن، فلقد كان كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال حزن من ذُبِحَ وحيدُها في حجرها. قال معاوية بن أبي سفيان لصعصعة بن صوحان: صف لي عمر بن الخطاب! فقال: كان عالماً برعيته، عادلاً في قضيَّته، عارياً من الكبر، قَبولاً للعذر، سهل الحجاب، مَصون الباب، متحرِّياً للصواب، رفيقاً بالضعيف، غير مُحاب للقريب، ولا جاف للغريب. |
بارك الله لنا في رفيع ذوقك أستاذ عبد الله باسودان، وأغدق علينا من وافر سيبك .
ولك شكري وامتناني . |
بورك طرحك النير وذائقتك الرائعة ...
دمت ماتعا . |
الساعة الآن 02:29 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.