اسمها ميلاد
اسمها ميلاد
تفر من عينى دمعة حارة... فتفزع أبنتى الصغيرة وتمسك من يدى المرتعشة العجوز كوب الشاى وقد أنسكب حزناً على الجريدة المكللة بالسواد حيث ترقد فى كفن صفحاتها ميلاد... وتزوى الصغيرة بين حاجبيها وهى تقرأ ما أثار روحى:- الجميع ينتحرون فى لندن.... فأغوص فى افكارى لسنوات منصرمة تحمل رائحة شواء الجسد العربى اتذكر ميلاد الشابة ..وهى تدخل مكتبى فى كلية الآعلام بخطواتها الفتية وصوتها الشجى يهمس:- أستاذتى....فأذن لها بالجلوس ريثما انتهى من اوراقى تجلس منتصبة كقمرية وادعة... تتناقض ما تفور بها أعماقها... فأبتسم لها وهى تقدم لى المقال معنوناً:- "رسائل المنتحرين" أرعبنى العنوان مع ثوبها الرمادى وأناملها المصبوغة سواداً وهزنى حماسها وهى تشرح:- نظن ان المنتحرين ضعفاء وأغبياء ,بل هم من صفوة مجتمعاتنا ... يتحملون الكثير يقدمون التضحيات فى مذابح الشرف والفخر ولكنهم فى لحظة يستغيثون يبعثون برسائل أن نرحمهم ..وقد بلغت انفسهم الاجهاد إينما مبلغ...فنسخر لاننا لانتخيل ان هؤلاء الجبابرة الذين نرتشف طاقتهم وقواهم ونقتات أحلامهم لنحقق أحلامنا .... قد ينهارون ...فينهون حياتهم لأن لم يعد لديهم المزيد لتقديمه و... أقاطعها ميلاد :- أبعدى افكارك السوادء ...انت شابة وجميلة و... تقول فى دهشة واستنكار:-- مثلى لا ينتحر.. سيدتى.. وتردف فى فخر...لنساء العراق قلوب الفولاذ... يزيدها الطرق قوة فأشير لاناملها السوداء...فتقول فى غصة حداداً على بغداد...ولن اضع الحناء الا والوطن يلتحف الكبرياء. .حينما تنهمر دموعى اكثر تهزنى ابنتى بلطف أماه:- تعرفينها ... من هى؟؟؟؟ أنظر لملامح الصغيرة الفتية حينما التقتيها منذ عشرة اعوام ..غضة بعد فى الثانية تقبع فى أحضان ميلاد التى ترد على تساؤلى :- ابوها فلسطينى...كنا جرحين التقيا...لكن الجروح المهترئة لا تربى الآطفال بل تنتج الصديد. احتضن ميلاد الصغيرة وقد افزعنى تخلى أمها عنها فاتوسل منها البقاء... فكثيرا من العراقين يقيمون فى القاهرة فضحكت وقالت :- أتذكرين سميراميس ملكة اشور اوملكة الحلم حينما نجحت فى تحدى قدرها..عابثها القدر فى ليلة دامسة وقتلت بيدها حبيبها.... ولكن يكفيها شرف المحاولة لم افهم يومها مقصدها وفهمته بعد سنوات وانا أراها صريعة نضالها ..فقد نالت شرف المحاولة. ذاك اليوم البعيد أغمضت عنيها تهدهد ميلاد الصغيرة وتدندن بكلمات "درويش" روما على جلودنا... أرقام أسرى .و السياط... تفكها إذا هوت، أو ترتخي.. كان العبيد عزّلا ففتتوا البلاط! ....بابل حول جيدنا وشم سبايا عائدة... تغيرت ملابس الطاغوت... من عاش بعد الموت... لو آمنت.. لا يموت... متنا و عشنا، و الطريق واحدة وكأنها ساحرة أشور المسكينة.. تربط مصيرها بدرويش ... فمن العجيب أن مات درويش وقتلت ميلاد فى نفس اليوم ومازلت اتذكر أخر كلماتها الدامعة حينما غفت الصغيرة :- هى بأمان معك لكن أعيدها يوماً للوطن فسوف يناديها الفرات دائما ..ان للهو امواجه صدى فى النفس يتوارثه الابناء. وها هى ميلادى الصغيرة تقف حائرة تردد نفس السؤال من هى ؟ فأربت على يدها فى حنان وأقول:- مناضلة عراقية يعشقها الفرات ويردد كل اصيل أسمها... اسمها ميلاد ،،،، |
رد: إسمها ميلاد
حقـًّا رائعة ياروان
أسلوبك ِ في سرد القصة جذّاب لم ألتقط أنفاسي إلا حين انتهيت :) اقتباس:
// دمت ِ رائعة يا روان وبانتظارك ِ مجدّدًا ~ |
رد: إسمها ميلاد
"نظن ان المنتحرين ضعفاء وأغبياء ,بل هم من صفوة مجتمعاتنا "
صدقت ان المتنحرين اقوياء لكن ليس بقدر قوه غدر الزمن او حتى المجتمع . كل يوم سوف تموت فيه ميلاد الا أن ياتي زمن تتغيير فيه الاسماء . من ميلاد الى رحيل الى حداد الا ان تنتهى صفوة مجتمعاتنا . تقبلى مني كل الود فقد زينت الواقع بمعنى أدبي حزين لكنه يبقى حقيقي . سلمت يداك وسلمت ميلاد |
رد: إسمها ميلاد
اقتباس:
|
قصة أكثر من رائعة . . الحبكة شيقة . . والموضوع من أرقى المواضيع . . بورك القلم . . تقبلي تحيتي واحترامي ** أحمد فؤاد صوفي ** |
لقد تعبت من قول: رائعة يا روان .. ولا أجدها تكفي ..!!
لديكِ قلم فذ .. يحمل دوماً قصصاً ..من أرقى ما قرأت .. \ \ تقبلي ودي وتقديري مي علي |
ما اخر اخبار الاستاذة روان عبد الكريم يا ترى؟
|
غدا ... سأعود من المعركة المحتدمة، مسجى في دمي، شارعا سلاحي للتيه أبحث على صدر ي الممزق على بقايا كرامة، تنمو فيها كرياتي الحمراء عوسجا، أطعم به طفلي في خيمة ممزقة في بوادي النار و في عين الغربة نجتمع في شوارع صوفيا نرفع إشارات النصر تحيا بغداد ، تحيا الفلوجة ، تحيا الفتاوي المرقعة ،تحيا الاعلام المنكسة السوداء و الصفراء و المدنسة ..اه تذكرت علم واحد ...الله اكبر.. المسكين زاحمته تلك الرايات و لكي أعود لمدرستي ..الى شوارع طفولتي . و لكي اعود اليك يا وطني.. يجب ان اشتري كثيرا من الرصاص و احارب كثيرا من اللصوص اروع ما قرات ..تقديري لحرفك سيدي ..تقبل خربشة شاب جزائري يعتصر قلبه ألما |
انها فعلا قصة جميلة
ليت روان تعود لنا بجديدها |
الساعة الآن 03:48 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.