منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   رصيف الأشباح (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=15564)

سعاد الأمين 01-06-2015 04:55 PM

رصيف الأشباح
 
رصيف الأشباح

انكشاط الأرجل على حجارة المقابر ، جعل حارس المقبرة ينتفض ويقشعر بدنه، لمن هذه الخطوات الثقيلة؟ تمتم فى سره..
انتظر تأقلم عينيه مع العتمة،الأموات الجدد لايندمجون مع الأموات القدامي، مازالوا متعلقين بدنياهم، كذلك كان يعتقد عبد الصمد حارس المقابر، المهنة التي ورثها عن أب وجد، يجيدها يستقبل الجثامين دون تعاطف، كأنه يحضر مأتما لايعنيه فى شئ.
كان الليل مدلهما، والسماء مكفهرة مخططة ببرق عنيد يبرق بقوة تخطف الأبصار ثم يتلاشى،هزيم الرعد يرج الأرض بشدة. لأو ل مرة ينتاب عبد الصمد هذا الرعب، سمع صراخ استغاثة يثقب ضجيج الليل المضطرب، حمل قنديله وتدحرج نحو المقبرة الأخيرة، ليرى الجسد الذى رقد عند سقوط الشمس فى مستقرها وليتلو عليه قوانين الرقود الأبدي،كان ضوء الشعلة يترنح ثم ينطفئ، فيزداد وجيب قلبه، يبسمل ويقرأ ماتجود به الذاكرة فى مثل هذه المواقف، ولكنه نسي ماحفظه:
ــ مالهذا الميت لايستقر فى مرقده الأبدي.. !؟
وساوس دواخله غير المطمئنة تشوش واقعه.
مازلت الضوضاء المتلاحمة، من صراخ وخطوات تقيلة تدوّم فى المقابر،وعبد الصمد متكورا.. يردد فى همسه :
ــ ماذا يقع لهؤلاء الموتي؟! أقامت قيامتهم!
أدركته سنة من النوم ربما ثوان أو ساعة،لايدري لقد أضاع الزمن، أصاخ السمع.. هناك اهتزازات حناجر حزينة تشبه الأنين، تنبعث من جميع أركان المقبرة، وشواهد القبور تلمع مع كل وميض، شاهدة على مايحدث ولكنها شواهد صامته..
تسللت أشعة الشمس بعد أن إنكمشت الغيوم، فأيقظته، هرول مسرعا ليكشف سر مخاوفة التي انتابته لأول مرة، وجد قبرا جديدا فى الجهة القصية من المقابر، وقد كان سطحه مترعا بدماء لم تغسلها أمطار ليلة الأمس..وبدل الشاهد وضع سيفا يبرق نصله تحت وهج الأشعة ، شعر بالحزن لأول ميت وهمس:
ــ قتلوه..كان يصرخ مقاوما أبديته؟ ليتني حضرت لأمنعهم ..
طرد الفكرة مسرعا من مخيلته، ونبذ هذا التعاطف الذى اعتراه..تمتم:
ــ لقد تم أجله ماذا أنا فاعل له...
رجال الشرطة يزرعون أرض المقابر جيئة وذهابا، ينتظرون نبش الجثة المغدورة.
عبد الصمد يراقب مقهورا، لم يقم بواجبه فى الحراسة،فأدى إلى موت ضحية قضت مضجعه ، وأزعجت الموتي فى مراقدهم بصراخها، كان يتعايش معهم كالأحياء، ويجلس قرب كل قبر جديد يتلو عليه قوانين رحلة الخلود..كان هذا عالمه. اعتاد رؤية الأشباح الليلية وهمسها ووقع خطواتها الخفيفة وتوترها،لايخشاهم يظن أن الموتى يزورون بعضهم، هم أهل هناك الجد والأب والخال وأبن العم يرقدون وتكتمل قناعاته وينجلي الخوف. الرعب الذى هد كيانه ليلة الأمس، جعله لايثق فى الموتى ولا أشباحهم، فقد أصبحت خطواتهم ثقيلة، وضجيجهم يثير مخاوفه، ولكنه ناقم على الشرطة يهمس محدثا نفسه التي اعتاد مخاطبتها:
ــ لايأتون إلأا بعد سفك الدماء..ماذا لوطافت دوريتهم ليلا
أوشك أن يقول شيئا للشرطي!ثم ترنح وسقط مغشيا عليه، عندما نبش القبر ووجد خاليا
!

فاتحة الخير 01-06-2015 06:27 PM

السلام عليكم ورحمة الله


هكذا أصبح الحال، لم يعد هناك توقير ولا احترام لا للأحياء ولا للأموات، يظن الميت أنه سيرتاح بعد أن يدخل مأواه الأخير، لكن هيهات... أصبحت هناك اختراقات حتى لأرض الموت
قصة أجد فيها واقعا لماحا، فكم من جثة دفنت حية ليتم إخراجها بعد حين، وكم من ميت فصلت عنه بعض أعضائه لتصبح بخار مشعوذ أو مادة حية لينال بها الأحياء شهادة تخرجهم

ويبقى قلم الأستاذة سعاد الأمين، كالصقر يقتنص كل دسم جيد، فشكرا لك

سعاد الأمين 01-06-2015 07:23 PM

الأخت فاتحة الخير
كل عام وأنت بخير شكرا على مرورك البهي وتعليقك الوافي
النص يحوى تأويلات كثيرة ولقدسبرت غوره
الاجساد لاترتاح فى هذا الزمان حية اوميتة
هناك من يقض رقودها ويزعج روحها..
شكرا على فهمك العميق..اعجبني
دمت بخير

عبير المعموري 01-06-2015 10:30 PM

طرح مميز اختي سعاد
لااعلم لماذا اشعر ان القصة تحتمل سردا اكبر..تمنيت لو كان فيها بعض الحوار..شعرت ان في القصة ميتا سيكلم عبد الصمد..ربما الحوار عندها سيكون فكرة مجنونة تناولتها في مخيلتي ولكن لست اشعر بالغرابة لو حدث ذلك واقعا..
تقبلي مروري الجد متواضع
عبير المعموري

سعاد الأمين 01-07-2015 03:35 PM

الأخت الأديبة عبير
كل عام وأنت بخير
شكرا على مرورك الجميل وتعليقك المبهر
قد تحتمل تأويلات وأضافات..
وفكرة حوار مع عبدالصمد لم تخطر اثناء الكتابة ولكنها فكرة اكثر رعبا هههه
دمت بخير

زياد القنطار 01-07-2015 03:45 PM

في هذا النص كان الاشتغال على اللغة واضح ,وراحت الأستاذة سعاد الأمين بنا لنبش بعض الكلام المعجمي الذي له حسنته في إعادة إنتاج المفردة اللُغوية .إلا أنه في بعض الأماكن التي أفسحت للإشتغال على اللغة كان هناك مشكلة في بناء الجمل وجاء على حساب الصياغة لتأتي بعض الجمل مبهمة ,وعلى حساب فكرة النص والإضاءة .
(ببرق عنيد يبرق ..أصاخ السمع ..خطوات ثقيلة تدوّم في المقابر )
قي جملة ببرق عنيد يبرق ,أحسست بالإنكشاف والتكرار برق يبرق أقفل الجملة ولو استتعمل الومض باعتقادي لكان أسلم للأذن ....في جملة أصاخ السمع ..هناك تكرار فأصاخ لفلان استمع إليه فكيف أصاخ السمع هذه الجملة التكراروالمقابلة مربكان في غير مكانهما , تدوّم في المكان على جزالة تدوّم إلا أنها أفقدت الجملة موسيقاها فجاء الإيقاع خارج الرتم ...مازالوا متعلقون ..؟؟
تبقى عين الأستاذة سعاد الأمين القانصة .هي عنوان هذا النص ولطالما أنارت بحروفها على قضايا في الظل واستطاعت أن تقدمها لنا لنقف قبالتها وجهاً لوجه .
مازلت أسعد بمتابعة هذا الحرف وأتتبع إبداعه ,ويبقى كل ماتقدم هو وجهة نظر ,لا تقلل من قيمة النص العالية ,ولا من شأن هذا الحرف المبدع ,فأرجو أن تتقبلي مروري ,مع خالص الاحترام والتقدير

[/tabletext]
لك ودي وتقديري
[/tabletext]
فاطمة جلال 01-07-2015 05:43 PM

[tabletext="width:70%;border:5px solid gray;"]

سلام الله عليكم
الأديبة القديرة سعاد الأمين
أولا اسمحي لي سيدتي أن أرحب بك في يربوع منابر وهذا الحرف اللامع الذي يخطف الابصار خاصة في عالم القصة

لقد دخلت هنا عدة مرات عندما استوقفني العنوان ( رصيف الاشباح ) بحد ذاته عنوان يجعل القارئ متشوقا للقراءة وبتوجس حتى يجد عنصر الدهشة والاثارة وما بين المقابر ما تدو ر من أحداث قصة موفقة ورائعة من حيث الاسلوب رغم عنصر الحوار الذي افتقده النص وربما كان يترك للقراءة مساحة من الدهشة والانفعال

ولكن مجرد تعليق بسيط أحسست ان الزمن هنا لم يتناسب نوعا ما لحظة ان حمل قنديله وتدحرج نحو المقبرة الى أن أدركته سنة من النوم

[tabletext="width:70%;background-image:url('http://www.mnaabr.com/vb/backgrounds/17.gif');background-color:firebrick;"]
حمل قنديله وتدحرج نحو المقبرة الأخيرة، ليرى الجسد الذى رقد عند سقوط الشمس فى مستقرها وليتلوا عليه قوانين الرقود الأبدي،كان ضوء الشعلة يترنح ثم ينطفئ، فيزداد وجيب قلبه، يبسمل ويقرأ ماتجود به الذاكرة فى مثل هذه المواقف، ولكنه نسي ماحفظه:

ــ مالهذا الميت لايستقر فى مرقده الأبدي.. !؟
وساوس دواخله غير المطمئنة تشوش واقعه.
مازلت الضوضاء المتلاحمة، من صراخ وخطوات تقيلة تدوّم فى المقابر،وعبد الصمد متكورا.. يردد فى همسه :
ــ ماذا يقع لهؤلاء الموتي؟! أقامت قيامتهم!
أدركته سنة من النوم ربما ثوان أو ساعة،لايدري لقد أضاع الزمن، أصاخ السمع.. هناك اهتزازات حناجر حزينة تشبه الأنين، تنبعث من جميع أركان المقبرة، وشواهد القبور تلمع مع كل وميض، شاهدة على مايحدث ولكنها شواهد صامته..
تسللت أشعة الشمس بعد أن إنكمشت الغيوم، فأيقظته، هرول مسرعا ليكشف سر مخاوفة

سعاد الأمين 01-07-2015 05:54 PM

الأخ الأديب زياد
تحية طيبة
لقد أضفت وأنرت النص شكرا على نثرك هنا وتعقيبك على بعض المفردات.. واستخدامها فى النص...عندما أكتب تتدافع المفردات تباعا.أحيانا تخرج عن السيطرة. أصاخ السمع أقصد الاستماع فى إصغاء..ومفردة تدوَم أحس أنها للرياح كما أجدها فى كتب الأدب.. وقصدت بها هنا كثرة الحركة والانتشار الغير عادية..يبرق فأحسها أكثر حدة من وميض أو وقع شدة البرق..وأكون سعيدة دائمة يتحليل النصوص وتقيمها قطعا استفيد كثيرا.. تقديري وامتناني

سعاد الأمين 01-07-2015 06:03 PM

الأخت الأستاذة فاطمة
تحية عطرة
سعدت بعبورك من هنا كان حرفك انيقا..هنا شخص يحرس موتي بمفرده ويحاورنفسه بمنولوج داخلي..وهذا ما احتاجه النص مع من يدور حوار؟ والا انعكس مسار الفكرة..الزمن محدود بين سقوط الشمس فى مستقرها..والليل المضطرب حتى مطلع الفجر...هذا هو الزمن.. لم افهم ماذا تقصدي بالزمن..
شكرا لك على ماتفضلت به..دمت بخير

ريم بدر الدين 01-07-2015 09:31 PM

احببتها كثيرا فقد حاولت استكناه عالم غير منظور و اسقاطه على واقع معاش
فيها تشويق و فيها نقد و فيها ذات معذبة
ا. سعاد الامين
وددت انها اطول لاستمتع بهذه القدرة السردية الرائعة
تحيتي لك


الساعة الآن 11:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team