منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   هل انتهى الربيع العربي؟ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=19535)

ايوب صابر 01-24-2016 07:50 PM

هل انتهى الربيع العربي؟
 
السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة التاريخية وبعد مرور خمسة سنوات على الثورات الشعبية العربية والتي اطلق عليها اصطلاحا الربيع العربي هو :
- هل انتهى الربيع العربي؟ الم تفشل كافة الثورات التي انطلقت في تحقيق ما سعت اليه بعد ان دفعت الشعوب وما تزال ثمنا باهظا ؟

لكن :

- ما دلالات ما يجري في تونس ؟
- وهل يقول الحراك الشعبي لفئة المعلمين المتدربين في المغرب شيئا ؟
- ثم ما دلالات هذا الخوف الذي يسيطر على حكومة الانقلاب في مصر ؟
- والي ماذا تؤشر التحركات الشعبية في الجزائر ؟


الواضح ان الشعوب التي انطلقت لتحقيق مجموعة من المطالب وعلى رأسها الحرية والكرامة ولقمة العيش وتمكين الشباب لن تعود الى حالة الذل والمهانة والاستكانة من جديد ابدا ولن تتوقف عن الحراك الشعبي والثوري العارم دون ان يتحقق لها على الاقل الحد الأدنى من المتطلبات مهما كان الثمن .
لقد انطلق المارد من قمقمه ولن يستكين الا بعد ان ينتصر ...
فهل انتهى الربيع العربي ام ان المخاض طويل ؟

عبدالله علي باسودان 01-24-2016 08:32 PM

الأخ ايوب صابر

الثورة الفرنسية لم تستقر إلا بعد خمس سنوات من قيامها.
والله غالب على أمره.
ودماء الشهداء المنكسرين المظلومين لن تروح هباء.

يقول الله جل جلاله في محكم تنزيله :

" وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران: 140]، ..

يقول أحد العارفين :
"عندما أرى الظلم، من الظالمين وأعوان الظالمين أسلي نفسي بأن هنا جهنم تنتظرهم."

خالد أبو إسماعيل 01-24-2016 10:51 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للأسف الشديد تخرجون الصهاينة من الحسبة وقد يكون والله أعلم كل هذا ï»·ن الله جل في عï»»ه سيسبب اï»»سباب لزوالهم ï»·نه من كره الله انبعاثه ثبطه ، وهل يكتب الله نصره الموعود في الكتب على يد نصيري أو طاغية مجرم أو عميل . ركزوا قليï»» يامسلمين ربنا قال(عبادا لنا) وقال(بعثنا عليكم) والفعل بعث ï»»يعدى بعلى بل بإلى وهذا على مذهب يسمى تضمين فيضمنون الفعل بعث معنى فعل يعدى بعلى قال ابن عاشور هو سلطنا أي سلطنا عليكم وبعثنا إليكم ، أي ينتصر العرب عباد الله أولو البأس الشديد بتسليط الله سبحانه وتعالى المؤمنين على اليهود .
والله أعلم

خالد أبو إسماعيل 01-24-2016 10:54 PM

تضمين على مذهب سيبويه رحمه الله تعالى ومن تبعه البصريين .
والله أعلم

ايوب صابر 01-25-2016 12:47 AM

اشكرك استاذ عبدالله باسودان على تفاعلك مع الموضوع .

اذا انت ترى بان الثورات منتصرة لا محالة وسوف يستقر لها الامر في نهاية المطاف كما حصل في الثورة الفرنسية، لكن هل كان في زمن الثورة الفرنسية قوى عالمية مقتدرة تسعى لفرض نظام عالمي على مزاجها وبما يخدم مصالحها وتحارب بقسوة كل من يحاول الخروج عن الأطر التي ترسمها هذه القوى ؟

ثم الا ترى بان الثورة في تونس مثلا لم تحقق شيء يذكر في مجال ما قامت من اجله اصلا ؟ رغم انها الأنجح من ضمن الثورات واستقر لها الامر فالبطالة ما تزال مستشرية والفقر مريع الى حد ان مأساة البو عزيزي تتكرر في ذلك البلد حتى بعد خمس سنوات من استلام القوى التي كانت منظمة للحكم كبديل عن النظام القديم والتي يبدو انها استفادت من قدرتها التنظيمية لاستلام الحكم دون ان يكون في نيتها او قدرتها تحقيق اين من مطالب الشباب الثائر ؟
وهل تمتلك هذه القوى القدرة على تلبية مطالب الشباب وخزائن البلد فارغة وتحتاج الي دعم البنك الدولي ؟
الا يبدو ان تلك المطالب مستحيلة التحقيق ضمن المعطيات والوضع الاقتصادي الدولي وان الفشل حتمي لأي سلطة تحاول الخروج على النظام العالمي ؟ وهذا حتما مصير الثورات لانها لا تمتلك مقومات النجاح وإلبقاء وتحقيق المطالب الثورية ؟
*

ايوب صابر 01-25-2016 12:51 AM

البرادعي يقول عبر حسابه على موقع "تويتر": "لكل من شارك وضحى من أجل الحرية والكرامة الإنسانية: الوطن مدين لكم وفخور بكم. ثقوا أن الثورة ستنتصر لأنكم المستقبل ولأن لا قوة فوق قوة الحق".

فهل ستنتصر الثورة فعلا على الرغم ان الثورة المضادة ما تزال تضرب بيد من فولاذ ؟ *

عبدالله علي باسودان 01-25-2016 08:35 AM

[size="5"]أخي الباحث القدير أيوب

اقتباس

البرادعي يقول عبر حسابه على موقع "تويتر": لكل من شارك وضحى من أجل الحرية والكرامة الإنسانية: الوطن مدين لكم وفخور بكم. ثقوا أن الثورة ستنتصر لأنكم المستقبل ولأن لا قوة فوق قوة الحق"

يقول الله تعالى : " يمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين."
وهذه سنة الله في خلقة.

ألم ترى أن نبينا علية افضل الصلاة والسلام حوصر في شِعب عامر بمكة المكرمة أكثر من سنتين إلى
درجة أنهم أكلوا أوراق النباتات من شدة الجوع في ذلك الشِعب. فماذا كان بعد ذلك ؟؟؟ أليس الله
نصر عباده المؤمنين ؟ وهذه سنة الله وتدبيره.

وصدق الله في مخاطبة حبيبه بقوله :
لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ[/size]


اما عن ثورة تونس وكذلك ثورة اليمن بن علي والمخلوع نهبوا ثروات البلاد والعباد حتى لم يبقوا
لشعوبهم الرمق يقتاتون عليه. والذي أراه في تقديري أن كل شعب يمجد ويؤله رئيسه لابد من أن ينال
العقاب من الله في الدينا قبل الآخرة. مشكلة الشعوب العربية أنها الوحيدة من شعوب العالم تؤله وتمجّد حكامها لذلك حكامها يعتقدون أنهم على حق في نهب ثروات شعوبهم. وأن شعوبهم راضون عن ذلك.

ناريمان الشريف 01-25-2016 11:04 AM

الربيع العربي ...
أي ربيع عربي هذا ؟!
ما حدث في العالم العربي كان صحوة ( مدفوعة الثمن )
وكأن المسؤول عن هذا الثورات كلها واحد ...
سأسميهم ( الأصابع الخفية ) !!!
من الواضح أنهم وجدوا الاسلام والداعين إليه كثر ووجدوا أنهم يتكاثرون في كل أنحاء العالم
فأرادوا أن يعطوننا درساً مؤلماً لا ننساه ..
في فلسطين قلب الصراع في المنطقة :
أوعزوا إلى ( حماس ) بدخول الانتخابات .. وساهموا في فوزها
وبعد ذلك قمعوها وحاصروها وضربوها لكسروا شوكتها
وبهذا ضربوا عصفورين بحجر واحد :
الأول : شبكوا فتح وحماس كأهم فصيلين فلسطينيين .. واستراحوا من مقاومة الفصيلين .
الثاني : استراحوا من قطاع غزة الذي كان يمثل عبئاً عليهم .
في مصر : جاءوا ب ( الإخوان ) وفازوا في الانتخابات .. وبعد ذلك
عوقب الاخوان وكل من يليهم ..
ثم عززوا الخلافات بين السنة والشيعة في أكثر من بقعة في الوطن
ثم أخيراً .. جاءوا بداعش
وبذلك .. جاءت كل النتائج لصالحهم
فشككوا الناس بكل ما هو اسلام ..
وكأنهم يقولون للشعوب العربية : هذا هو الاسلام الذي تريدون
وفي كل الحالات ..
1- المستفيد الأول هو ( الكيان الصهيوني )
2- أحكموا قبضتهم على كل الدول العربية وثرواتها
بالمختصر ... الأصابع الخفية تمثل الباطل هي التي تلعب بالخفاء في كل بلاد الوطن
والشعوب مسكينة تنقاد بلا وعي
وكل ما يحدث هو صراع بين الحق والباطل
أما ما يحدث هنا وهناك .. هو غبار الثورة .. عما قليل سيهدأ ويرضى العربي برغيف الخبز
بعد السيطرة على موارد الوطن الطبيعية
وسنبقى تحت الذل الاستعماري إلى أن تقوم الساعة
....
ما قلته .. ليس تشاؤماً ولكنه الواقع كما أراه بعيوني
أشكرك أخ أيوب على سؤالك


تحية ... ناريمان الشريف

ايوب صابر 01-25-2016 12:41 PM

الاستاذ خالد ابو اسماعيل المحترم

الفقر وغياب الحرية والكرامة ولقمة العيش اشد فتكا من اي عدو خارجي. ان ما حرك الشارع العربي هو الفقر.
راجع ارصدة بن علي او علي عبد الله صالح والقذافي وحتى حسني مبارك وتأمل حياة الترف التي كانوا يعيشونها في تناقض ومقابل مع الفقر المدقع الذي كان قد اصاب الشعوب وستجد بأن سبب الثورات محليا بامتياز.
صحيح ان زيادة نسبة عدد الشباب بصورة ملفته كما هو الحال في مصر مثلا ...كانت عاملا مهما في الحراك ...وكذلك زيادة الوعي لكن الذي دفع الناس للحراك هو الجوع وغياب الكرامة والحرية.

انك لن تستطيع تحريك شعب يعيش في بحبوة من العيش وتتوفر له ادني حدود الحرية والكرامة ويحب قائده مهما فعلت ومهما سلطت عليه من حملات اعلامية وغيرها من الحركات والاساليب الخبيثة.

ان الثورات العربية حدثت لاسباب اقتصادية في معظمها وما يلحق بذلك من غياب للرفاه الاجتماعي ومن معاناة وهي ( الثورات ) سوف تستمر ما دامت هذه الشروط غائبة حتما...قد تلاقي الثورات الامرين كما يحدث في بلاد الشام مثلا ونظرا لدخول عناصر خبيثة في الموضوع مثل التدخل السوفيتي والتدخل الصفوي لكنها في النهاية وما دامت تستمد قوتها من الشعب وتسعى لاحقاق حقوق بسيطة وطبيعية فسوف تستسمر وتنتصر.



عبدالله علي باسودان 01-25-2016 01:03 PM

سبب قيام الثورات العربية ليس كما ذكرتِ .
وكلنا يعرف أن تونس هي التي بدأت بثورة الياسمبن، وسبب قيامها واضح. وتبعتها ثورات أخرى.
جميع الشعوب العربية التي قامت بالثورات ثأروا على نياتهم لتحرير شعوبهم من الفساد والظلم والتبعية.

لكن الحرب المضادة عليهم كانت ولا تزال أقوى بكثير من ثوراتهم فقد ولاتزال تتكالب عليهم جميع قوى الشر و الظلم والفساد في جميع العالم .

ولا أحد ينكر أن جميع الثورات العربية في تونس ومصر ولبيبا واليمن كانت جميع ثوراتهم سلمية ...سلمية.، خلاف ثورة سوريا بدأت سلمية ثم أنقلبت إلى حرب شاملة أكلت الأخر واليابس،
وأيدتهم أمريكا، وأقول بصراحة أي حرب تقوم بها أمريكا نتيجتها الفشل والتدمير، ـ أمريكا أيدتهم
في البداية ثم أنسحبت . كان الثوار يطالبون باسلحة مضادة للطائرات، ولو زودتهم أمريكا بهذا السلاح لكانت الثورة السورية قد انتصرت .


الموضوع مهم جداً ذلك لأنه حياتنا ومستقبل جميع الآ جيال القادمة . ماذا سنورث لهم غير المآسي
بكل ما تحمله كلمة المآسي من معنى.

والذي أراه أن النصر سيكون قريب ... قريب إن شاء الله حليف الشعوب مهما هي الآن مغلوبة على أمرها. ونسأل الله العلي القدير أن يمد شعوبنا العربية بمدد من عنده ذلك لأن الله لايحب الظلم والفاسدين.

ايوب صابر 01-25-2016 01:23 PM

الاستاذ عبد الله باسودان
كأنك تقول "ان الذي يجري في بلاد الثورات العربية هو من تدبير الله عز وجل لميحص الذين آمنو ويمحق الكافرين" ...

لكن الذي يُمحق الان هم الفقراء والمساكين وليس الكافرين... الطائرات الروسية عندما تغير على مدن الشام انما تقتل من ثبت في ارضه وحوصر وجوع واكل اوراق الشجر ...وليس المقتدر الذي هاجر الى اوروبا...ثم هل بقي احد مثلا من شعب الشام لينتصر؟؟!!..
تصور ان مدينة مثل مدينة مضايا فيها ارببعون الفا يموتون جوعا وكانهم مجموعة من القوارض او ربما اقل شأنا؟؟؟!!!!!

الا ترى بأن روسيا وحلفاؤها يشنون حرب ابادة جماعية ساحقة ماحقة وبكافة انواع الاسلحة وعلى راسها الجوع؟؟؟!!!
وهل بقي احد لينتصر..؟؟؟؟ان بلاد الشام تتحول الى دولة صفوية ثانية ان لم يكن محافظة تابعه..بامتياز حيث يتم استخدام السلاح الديمغرافي ايضا لتحقيق ذلك.. انهم يذبحون اهل الشام ويسكنون مكانهم شيعا من افغانستان وبنجلادش الخ...


اقتابس
" اما عن ثورة تونس وكذلك ثورة اليمن بن علي والمخلوع نهبوا ثروات البلاد والعباد حتى لم يبقوالشعوبهم الرمق يقتاتون عليه. والذي أراه في تقديري أن كل شعب يمجد ويؤله رئيسه لابد من أن ينال العقاب من الله في الدينا قبل الآخرة. مشكلة الشعوب العربية أنها الوحيدة من شعوب العالم تؤله وتمجّد حكامها لذلك حكامها يعتقدون أنهم على حق في نهب ثروات شعوبهم. وأن شعوبهم راضون عن ذلك"

- استاذ عبد الله
اصبت حينما قلت بأنهم نهبوا ثروات الشعوب وحتما هذا هو السبب المباشر لكل ذلك الحراك الثوري. فلم يعد للحياة قيمة واصبح الموت ارحم.. ومن هنا قتل الابو عزيزي نفسه. وهذا الفقر هو السبب المباشر الذي حرك الشعوب.
اما ان تلوم الشعوب على ما حصل وعلى اعتبار انها تجازا بما صنعت من تمجيد للحكام فاولا ربما ان الشعوب العربية هي الاقل ولاء لحكامها والاقل تمجيد وتأليه لهم حتما...
انظر الي اوروبا مثلاستجد ان الحكومات الملكية هناك هي المؤلهه... وحتى قيصر روسيا ؟؟!! لكنهم حريصون على الرفاه الاجتماعي لشعوبهم.
وتظل تلك الانظمة حريصة على اكل نصف الكعكه فقط اما اؤلئلك الحكام الذين ذكرتهم فقد ارادو لهم ولابنائهم كل الكعكه وظنوا انهم باقون في حصونهم وفي سدة الحكم بقوة الاجهزة الامنية ودعم النظام العالمي لهم...فكانت المفاجأة انهم لوحقوا زنكة زنكة وشارعا شارعا.
هل صحيح لو ان النظام الليبي وفر لشعبة ادنى حد من الكرامة الانسانية والحرية هل صحيح ان ذلك الشعب كان ليثور؟

انها غلطة الحكام وليس غلطة الشعوب.. وحين تلوم الشعوب كانك تلوم المغتصبة وليس المغتصب.

هذا ما جنته ايدي الحكام الظلمة فاستحقوا ما حصل لهم...ولن تتوقف الثورات حتما الا بعد تغير الواقع المرير لكن كيف سيحدث ذلك ؟ ومتى ؟ واي نوع من النظام السياسي الذي يمكنه ان يوفر بحوبحة العيش في ظل النظام العالمي والواقع المرير ؟ الم تفشل الحكومة التابعة لما يعرف بالاسلام السياسي في تونس والمتحالفة مع بقايا النظام السابق ....فقامت الثورة من جديد ؟

هنا يظل السؤال؟
وهل تستطيع الحكومات البديلية تغيير هذا الواقع ؟ ام ان الامور تحتاج الى نظام حكم جديد من طبيعة اخرى يوفر العدل والحرية والمساؤاة....هذا هو السؤال؟ وما شكل هذا النظام في ظل فشل حكومات الاسلام السياسي التي لها ثقل وكان من الممكن ان توفر بديلا محتملا؟
هل تعود الانظمة الاشتراكية والشيوعية لتطل براسها في ظل غياب العدالة الاجتماعية؟
ام ان نظاما شبابيا له مزاياه الخاصة وغير المسبوقة في طور التشكل؟؟؟؟
وهل يستطع هذا النظام المحتمل والبديل ان ينجح في ظل سطوة القوى العظمى ؟
-


ايوب صابر 01-26-2016 01:06 PM

الاستاذ عبد الله

وحيث انك ذكرت الثورة الفرنسية... اتصور ان سر نجاح الثورة الفرنسية كان في اجتثاث النظام القديم وهو ما يطلق عليه اليوم الدولة العميقة فلم يكن هناك مهادنة ابدا كما فعل الاخوان المسلمون في مصر مثلا. والدليل على ذلك ان الثورة قست جدا بحق كل حتى من تعاطف مع النظام السابق ولو كان عبقريا ذو مكانة واهمية عظيمة مثل الكيميائي الشهير أنطوان-لوران دُ لافوازييه (بالفرنسية: Antoine-Laurent de Lavoisier) عاش ما بين 26 أغسطس 1743 - 8 مايو 1794م.
لقد ارتكب الاخوان خطئا استراتيجيا فادحا في التعامل مع الامور فانقلبت الامور الي اسوء مما كانت عليه بكثير.
واتصور ايضا بأن السبب الاخر في فشل الثورات هو تعدد الرؤوس التي تمثل الثورة ففي الثورة الفرنسية كان جسم واحد يمثل الثوار وعلى الرغم من ذلك احتاجت الثورة 5 سنوات حتى تستقر. لكن في بلادنا تجد ان عدد الجهات التي تحمل لواء الثورة لا يعد ولا يحصى. مثلا في سوريا....

كان سبب الثورة الفرنسية الجوع وانتصرت الثورة وكان سبب الثورات العربية الجوع ولا بد ان تنتصر لكن بعد ان تتوفر عدة شروط من اهمها فهم الواقع والوحدة في رفض الظلم والانقلاب عليه وان يكون هناك قيادة حكيمة بديلة وهذه لا يبدو انها متوفرة الان وحتى عنصر الشباب وقود الثورة ليس لهم هوية او جبهة تمثلهم .

كنت اتصور بأن العسكر هم افضل من يحل ازمة الواقع العربي المرير لان النظم الاسلامية وعلى شاكلة ما حصل في مصر لا يمكن ان يتم قبولها في البلاد العربية وذلك بسبب التعددية والتنوعي العرقي والديني والمذهبي والقومي ولو استمرت حكومة الاخوان لربما انقسمت مصر الى مصرين كما صار السودان سودانيين وربما لأربعة فقد ظهر ان حزب الظلام لا يقل عداء للشعب والشباب والثورات من الدولة العميقة والصدام بينه وبين الاخوان كان حتميا ومسألة وقت حتما
لكن التجربة اثبتت ان حكومة العسكر تحالفت وللاسف مع بقايا النظام القديم ولم تقدم حلول لللاسباب التي ادت الي اندلاع الثورة بل كرست المعاناة والالم وسحقت الحريات والرقاب وهمشت الشباب ولم تتبنى برامج تحسن من ظروف المعيشة ولذلك وكما يقول البرادعي لا بد للثورات ان تنتصر لكن متى وكيف هذه تظل مفتوحة؟




ايوب صابر 01-26-2016 01:30 PM

مقتطفات من مقال الاستاذ فهمي هويدي لهذا اليوم والمنشور في عدة صحف منها الجزيرة نت:

بعنوان "مستقبل لا نراه ويأس نحذر منه"

"شاءت المقادير أن يمر العالم العربي بأسوأ مراحله السياسية، فالحروب الأهلية صارت سمة لعدد من دوله، وآخرون روعهم انهيار أسعار النفط وبات بعضهم يتحدث عن ترتيبات ما بعد البرميل الأخير.

من المفارقات أنه بعد مضي خمس سنوات على ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، فإننا لم نعرف بعد إلى أين نحن ذاهبون، ولا ما هي أولويات التحديات التي نحن مقبلون عليها في العام الجديد."


"يبدو كئيبا هذا العام الجديد. تدل على ذلك القرائن التي أشرت إلى بعضها، وغيرها كثير مما لا يتسع له المقام أو المجال. قد نختلف في تقدير نسبة الكآبة في الكوب، سواء مثلت ربعه أو نصفه أو غير ذلك، إلا أنها موجودة ولا نستطيع أن نتجاهلها. لكن أخوف ما أخافه أن يدفعنا ذلك إلى اليأس والانضمام إلى حملة ملاعنة الربيع العربي وسنينه أو الحنين إلى زمن تزوير الانتخابات والدكتاتورية المقنعة والفساد المستور.

استوقفتني في هذا الصدد مقالة نشرتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في ١٤/١ كتبها فرانسوا هيزبورج أحد خبراء الشؤون الإستراتيجية تطرق فيها إلى الأوضاع السائدة في العالم العربي في الوقت الراهن وقارنها بالخبرة التاريخية الأوروبية. إذ تحدث عما شهدته أوروبا خلال حرب الثلاثين عاما في بداية القرن السابع عشر (بين عامي ١٦١٨ و١٦٤٨) التي أشاعت الاقتتال والخراب والمجاعات في أوروبا. إذ بدأت حربا بين البروتستانت والكاثوليك (السنة والشيعة؟) وانتهت صراعا سياسيا على الحدود والنفوذ اشترك فيه الفرنسيون والألمان والإيطاليون والسويديون والإسبان وغيرهم (هبط خلالها سكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر مليونا ونصف المليون)، وبعدما غرقت أوروبا في الدماء خرجت من أنقاض الحرب الأمَتان الألمانية والفرنسية".

"الرياح التي هبت على العالم العربي في عام ٢٠١١ كانت متوقعة لأن أوضاعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا يمكن أن تستمر على حالها"

أشار الكاتب إلى أن الرياح التي هبت على العالم العربي في عام ٢٠١١ كانت متوقعة لأن التقارير التي تحدثت عن التنمية فيه والفجوة المتسعة بينه وبين العالم الخارجي على كل المستويات بينت أن أوضاعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا يمكن أن تستمر على حالها. وهو ما يهدم مزاعم البعض الذين تبنوا سيناريو "المؤامرة" لتشويه انتفاضة العالم العربي خصوصا في مصر.
لقد حرص الكاتب على أن يحذر من التعجل في تقييم الوضع في العالم العربي تأثرا بالخيبات والصراعات التي عانت منها بعض أقطاره. ودعا إلى قراءة المشهد العربي من خلال استدعاء تلك الخبرة الأوروبية التي شهدتها القارة في القرن السابع عشر، وهو ما أؤيده وأشدد عليه، لكنني تمنيت ألا نستنسخ فظائع وقائع تلك الحرب، كما أنني استشعرت استياء من مدة الثلاثين عاما، لأن أمثالي لن يقدر لهم أن يشهدوا بزوغ حلم الأحياء. وأرجو أن يلمس الأحفاد بعض ثماره
."

خالد أبو إسماعيل 01-26-2016 05:27 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم.
من سيحرر القدس؟
المقاتلون .
كيف ينشأ المقاتلون ؟
بقيام الحروب .
ماعﻻقة اليأس بالنصر؟
(حتى اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا)

ايوب صابر 01-26-2016 08:05 PM

الأستاذة ناريمان

تقولين " الربيع العربي ...أي ربيع عربي هذا ؟!ما حدث في العالم العربي كان صحوة ( مدفوعة الثمن ) وكأن المسؤول عن هذا الثورات كلها واحد ... سأسميهم ( الأصابع الخفية ) !!!"


- لا اتفق معك في هذا التحليل أبدا والأصابع التي تسببت فيما حدث لم تكن خفية بل هي جلية ظاهرة للعيان . انها اصابع الظلم والفساد لأنظمة الحكم التي كانت تظن انه يمكنها الاستمرار الي ما لا نهاية في ظلمها ما دامت مدعومة من القوى العالمية وأجهزتها الأمنية . ذلك الظلم انتج ظروف اقتصادية شديدة الصعوبة وحيث ان تلك الظروف كان مصحوبة بظلم اجتماعي وتكميم للأفواه مما هدر كرامة الانسان البسيط الذي لم يعد قادر على توفير لقمة العيش عندها تساوت الحياة المرة مع الموت فحدث الانفجار. من يتحمل مسؤولية ما حدث ومن كان سببا فيه هم الحكام الظلمة وأنظمة حكمهم التي كانت منفصلة عن الواقع، تعيش في بحبوحة من العيش حياة هنية راغدة بينما كانت الأغلبية من الناس تعيش الفقر والمه.

وتقولين أيضاً" من الواضح أنهم وجدوا الاسلام والداعين إليه كثر ووجدوا أنهم يتكاثرون في كل أنحاء العالم فأرادوا أن يعطوننا درساً مؤلماً لا ننساه ..في فلسطين قلب الصراع في المنطقة : أوعزوا إلى ( حماس ) بدخول الانتخابات .. وساهموا في فوزها وبعد ذلك قمعوها وحاصروها وضربوها ليكسروا شوكتها وبهذا ضربوا عصفورين بحجر واحد :
الأول : شبكوا فتح وحماس كأهم فصيلين فلسطينيين .. واستراحوا من مقاومة الفصيلين .
الثاني : استراحوا من قطاع غزة الذي كان يمثل عبئاً عليهم " .


- اتصور ان الصراع بين حماس وفتح ليس له اي دخل في الربيع العربي هو صراع نفوذ وهو حتما منفصل تماماً عما جرى في البلاد العربية التي اجتاحتها الثورات . هناك كان الجوع والفقر والظلم الاجتماعي هي المحرك .

وتقولين " في مصر : جاءوا ب ( الإخوان ) وفازوا في الانتخابات .. وبعد ذلك
عوقب الاخوان وكل من يليهم
..

- أؤكد لك بان لا احد جاء بالإخوان. الذي حدث ان الثورة في مصر أسقطت النظام فحدث فراغ في السلطة حتى ان الاخوان لم يتوقعوا ما حصل ولم يكونوا مستعدين لتعبئة الفراغ ولذلك تحديدا فشلوا فقد فاجئتهم التطورات المتسارعه ولم يتمكنوا من فهم مما كان يجري وعجزوا عن تطوير او تبني استراتيجية مناسبة تلائم مع ما جرى وتتعامل معه بصورة تمكنهم من طرح انفسهم كبديل مناسب خاصة في مجتمع لا يمكن تجاهل التعددية فيه، والدولة العميقة والمؤسسة العسكرية صاحبة النفوذ الكبير، والشباب الذي كان يسعى لاهداف مغايرة لبرنامج الاخوان وعلى راس هذه الاهداف الحرية وتمكين هذه الشريحة ومشاركتها في الحكم . كل هذه العوامل تجاهلها الاخوان فاستثمرت القوى الاجنبية هذا الإخفاق لتحقق ثغرة وكان الاختراق.


وتقولين " ثم عززوا الخلافات بين السنة والشيعة في أكثر من بقعة في الوطن
ثم أخيراً .. جاءوا بداعش وبذلك .. جاءت كل النتائج لصالحهم فشككوا الناس بكل ما هو اسلام ..وكأنهم يقولون للشعوب العربية : هذا هو الاسلام الذي تريدون
وفي كل الحالات .."


- الخلافات بين السنة والشيعة كانت موجودة ولكنها برزت بعد استيلاء الملالي على الحكم في ايران. الشيعة استقووا بحكم الملالي وظنوا ان بامكانهم القضاء على اهل السنة ولذلك هم يشنون حرب إبادة ضد كل ما هو سني . هذه أيضاً ليس لها علاقة بالربيع العربي. حتى في بلاد الشام الثورة اندلعت بسبب فداحة الظلم الاجتماعي الذي كان يعاني منه اهل السنة تحديدا لكن الفقر هو السبب المباشر هناك أيضاً.
اما التطرف فله اسباب اظنها واضحه جلية وهي اولا نتائج حروب الخليج وافرازاتها. تخيلي ان في العراق ما يقرب من 4,000,000 يتيم ؟ تخيلي هذا الجيش اذا تطرف ماذا يمكن ان يفعل؟ وهناك ايتام في الشام وفي ليبيا يتموا على ايدي الظلمة...حتى في تونس الذي اشعل نفسه واشعل العالم معه هو يتيم البوعزيزي.
.

وتقولين " بالمختصر ... الأصابع الخفية تمثل الباطل هي التي تلعب بالخفاء في كل بلاد الوطن والشعوب مسكينة تنقاد بلا وعي وكل ما يحدث هو صراع بين الحق والباطل أما ما يحدث هنا وهناك .. هو غبار الثورة .. عما قليل سيهدأ ويرضى العربي برغيف الخبز بعد السيطرة على موارد الوطن الطبيعية وسنبقى تحت الذل الاستعماري إلى أن تقوم الساعة. ....

- لا اظن ابدا ان هناك اصابع خفية ساهمت في اندلاع الاضطرابات في الدول العربية والتي تحولت الي ثورات... بل هو الواقع المرير الذي نتج عن الفساد والظلم وتسبب في حالات فقر بشعه تساوى على اثره الموت والحياة. وربما هذا هو السبب الذي جعل الربيع العربي ينحصر في تلك الدول. لان شروط الثورة لم تكتمل ولم تتحقق في باقي البلاد. حتى في المغرب العربي تم التصرف بذكاء فجيئ بحكومة افرغت الحركات الاحتجاجية من محتواها فتراجعت حركة الاحتجاج ولو ان بعض القطاعات ما تزال تشعر بالظلم لكنه ليس عارما يؤدي الي ثورة عارمة.
ما قلته .. ليس تشاؤماً ولكنه الواقع كما أراه بعيوني..

- انني ارى الواقع بصورة مختلفه وهي ان تراكمات الظلم ادت الي الانفجار والثورة بعد توفر شروطها وهي اهمال الشريحة الاكبر في المجتمع وهم الشباب ...والبطالة والظلم الاجتماعي والفقر المدقع وغياب الحريات وبالتالي انتهاك الكرامات فنضجت الثورة واندلعت وهي تراوح مكانها لان الاصابع الخفية التي تقولين عنها تدخلت عند اندلاع هذه الثورات اولا لاحباطها واعادة الحكم الي سابق عهده حتى تضمن الدول الاستعمارية والتي تتبنى ما يسمى بالنظام العالمي ولاء تلك الدول وتبعيتها فليس من المسموح الخروج عن النظام العالمي الا باذنه.
كذلك ارادت هذه الدول ان توصل رسالة بأنه لا يجوز الانقلاب على النظام العالمي الا باذنها وتأيديها ولذلك نجدها تقف ضد اي انقلاب عسكري يقوم من دون اذنها ودعمها وما يلبث ان يفشل... وقد حصل ذلك في افريقا.
الحرب الاهلية القائمة حاليا في دول الربيع العربي بين الظلمة والمظلومين ...قد تستمر كما يقول الاستاذ فهمي هودي 30 سنه وربما اكثر لكن هناك حقيقة واحدة وهي ان المظلومين لن يعودوا الي قمقمهم مرة اخرى دون ان يحققوا ادنى حد من الانتصار وتغير الواقع المرير... ولو ان ذلك ربما لا يكون كافيا ويتسبب في مزيد من سقك الدماء.
وحتما الثورات مستمرة ما دامت شروطها موجودة تخيلي مثلا بأن المعلومات تشير الى وجود من 3 الي 4 مليون مشرد من اطفال الشوراع في مصر ...هذا اذا نسينا سكان المقابر والمعلومات المنشورة على اليوتيوب تشير الى ان اعدادهم قد تتجاوز العشرة مليون. اليست هذه ارض خصبة للثورة والارهاب والتطرف؟
كيف يمكن ان تستقر الامور في مصر وهي مقبلة على جفاف النيل بعد ان سرقت دولة بحجم القرش مياه النيل؟ كيف يمكن لها ان تستقر ونصف الشعب في السجون او المقابر؟ كيف يمكن لها ان تستقر وفيها مثل ذلك الفساد الذي فضيحه ( جنينه) مسؤول هذا الملف؟ كيف يمكن ان تستقر والمشروع الاقتصادي الكبير الوحيد الذي يبدو ان النظام اطلقه كان اقرب الي الخدعه وهو قناة السويس والتي سجلت خسائر لتقوم الحكومة بفرض مزيد من الاجراءات التقشفية التي تسببت بتذمر اضافي؟

الثورات قامت بسبب الظلم وهي مستمرة ما دام الظلم مستمرا وسوف تنتصر اذا ما استمرت شروطها ولكن كيف ومتى وبأي اسلوب هذه تظل مفتوحه.

ايوب صابر 01-27-2016 12:00 PM

الاستاذ خالد وجميع المتحاورين هنا..

للفائدة ولانجاح الحوار نريد هنا ان نحصره بموضوعة "الربيع العربي" ومن خلال هذه المحاور :

- ما هي اسباب اندلاع الربيع العربي ؟ هل كانت اسباب انفعالية لا تمت للواقع بصلة حيث كان اشعال البوعزيزي النار في نفسه السبب المباشر؟ ام هي نتاج واقع مرير وظلم اجتماعي فادح؟ ام ان هناك اصابع خفية؟


- كيف نفهم واقع الربيع العربي الان؟ وما هي اسباب فشله الظاهر المدوي؟ هل الاسباب الدولة العميقة والثورة المضادة ؟ اوهم العسكر وتبعيتهم الى دول النظام العالمي ؟ او الاصابع الخفية؟ ام هو عجز في الذين قاموا بالثورة ( شريحة الشباب ) وغياب البديل المنظم؟ وعجز القوة المنظمة الوحيدة (التنظيمات الاسلامية )عن الارتقاء الى مستوى الطموحات المتوقعة وفشلهم في التعامل مع الامور بواقعية؟

- اين تتجه الامور؟ ما هي التوقعات لما يجري في الدول العربية التي تعرضت لهزات الربيع العربي؟ هل تستقر الامور للثورة المضادة كما حصل في مصر؟ والثورة المضادة المتحالفه مع القوة الاسلامية كما حصل في تونس؟ ام ان الحروب الاهلية هي التي سوف تندلع لحين استقرار الامور لناحية الثوار؟ هل يتكرر ما جرى في فرنسا؟ اي ان تستمر الثورات ومخاضها سنوات عديدة ثم تستقر لشريحة المظلومين؟ هل تمتلك الانظمة الظالمة القدرة على استعادة الامور وفرض الاستقرار بالجزمة العسكرية؟ ام انها حلاوة الروح وهم حتما اصبحوا من الماضي؟
اي ما هو مستقبل ثورات الربيع العربي؟




عبدالله علي باسودان 01-27-2016 12:55 PM


الأخ الباحث القدير ايوب

الربيع العربي لم ولن ينتهي، الآجيال القادمة هم أكثر وعياً مننا، هم الذين سيحررون
القدس الشريف وكل شبر من فلسطين،
على اعتقادي هم سيكونون أكثر وعياً وفهماً لقضايانا الإسلامية والعربية.

أما نحن - ثلث سكان العالم - غثاء كغثاء السيل لا أمل فينا.

" فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ " الرعد 17 "

يا أخي ايوب الظلم لا يمكن أن يدوم ، ولا يعتقد الظالمون أن ظلمهم سيدوم. وإنما هو إستدراج من
رب العالمين.

ايوب صابر 01-27-2016 01:45 PM

هذا المقال يعالج المحاور التي طرحناها للبحث والحوار باقتدرا...

مسار الانتقال الديمقراطي في دول الربيع العربي

بقلم : نورالدين الميلادي

عندما تتمكن الأحزاب الوطنية -سواء كانت إسلامية أو ليبرالية- من إعادة إنتاج نفسها على أسس النجاح المتينة, وعندما تستوعب الشعوب قيم الحرّية وضوابطها، ينطلق مسار الانتقال الديمقراطي الحقيقي.

مثّلت التغييرات السياسية والاجتماعية التي عصفت ببعض الدول العربية منذ اندلاع الثورة التونسية يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011 مرحلة تاريخية فاصلة في تاريخ بعض دول المنطقة مثل تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا. هذه النّقلة التي كان مؤمّلا أن تفتح فصلا جديدا من تاريخ هذه الدول عنوانه الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الانسان والتداول على السلطة، تبيّن أن لها أبعادا مختلفة تماما.

إذ بعد خمس سنوات من اندلاع شرارة أولى الثورات في تونس، صار جليّا أنّها ليست كما ظنّ الكثير وبالخصوص الشعوب المقهورة في تلك الدول والتي عانت عقودا من القهر والتهميش.
فما هو واضح حتى الآن أن الأحداث السياسية والاجتماعية التي تموج بها تلك الدول، هي في واقع الأمر بداية لمخاض طويل، وفي بعضها واقع تقسيم وإعادة تشكيل لبلدان بأكملها سوف تمرّ به منطقة العالم العربي ويمكن أن يستمر لعقود طويلة. هذه الخطط التي تتوضح معالمها يوما بعد يوم ليست وليدة اللحظة، بل هي مسطّرة من طرف قوى دولية وإقليمية منذ زمن.

"الأحداث السياسية والاجتماعية التي تموج بها دول الثورات هي في واقع الأمر بداية لمخاض طويل، وفي بعضها واقع تقسيم وإعادة تشكيل لبلدان بأكملها، ستمرّ به منطقة العالم العربي ويمكن أن يستمر لعقود طويلة"

في خضم هذه الأحداث وبعد السنوات الخمس الماضية والحبلى بالأهوال التي حلت ببعض هذه الدول، من المهم أن نرصد بعض الاستنتاجات لما بات واضحا من معوقات في طريق تحوّل هذه الثورات إلى مشاريع إرساء مسار ديمقراطي سلمي تنعم به تلك الدول، ومن ذلك:

أولا- أصبح جليا بما لا يدع مجالا للشك أن قوى مختلفة محلية وإقليمية ودولية قد وقفت وستبقى تقف سدّا حائلا ضد نجاح أي تجربة ديمقراطية في البلدان المذكورة آنفا، خاصة حينما يتصدّر سدّة الحكم حركات الإسلام السياسي المعتدل، حتى لو اشتركت في السلطة مع أحزاب قوميّة أو ليبرالية.

فالتحديات الجسام التي مرّت بها حكومة الترويكا في تونس مثلا بقيادة حزب حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية بالإضافة إلى التكتّل من أجل العمل والحريات، لم تترك مجالا لإفشال أول تجربة ديمقراطية والإيذان بإجراء انتخابات جديدة تمهّد لعودة ماكينة النظام القديم إلى الحكم، ولكن هذه المرة عن طريق صندوق الاقتراع، في عمليّة بدا أنّها حرّة ونزيهة.

وكذلك فإن التحديات الهائلة التي واجهتها حكومة الرئيس محمد مرسي في مصر والمؤامرات الداخلية والخارجية، كانت كافية لوأد أول تجربة حكم لجماعة الإخوان منذ تأسيسها بعد نحو قرن من النضال الاجتماعي والسياسي.

وللإشارة فإن الاستثناء التونسي الذي تدعمه قولا بعض الدول المتنفذة في السياسة الدولية، كان نتاجا لتخلّي حركة النهضة عن السلطة قسرا والتراجع التّام عن مواقع القرار وعن تزعّم المشهد السياسي، حتى بعد فوزها الكاسح في أول انتخابات ديمقراطية تشهدها البلاد يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011، لأن البديل كان إزاحتها بالقوّة وجرّ الجميع إلى النموذج المصري أو السوري أو اليمني، أي حرب أهليّة يطال لهيبها الجميع.

ثانيا- ولأن استقرار النظام الديمقراطي في هذه الدول يأذن ببداية دورة حضارية جديدة عنوانها عودة العرب والمسلمين إلى دورهم الريادي والتاريخي في البناء الحضاري، فإن قوى خارجية وبتواطؤ محلي وإقليمي ستكبح أيّ استقرار اجتماعي أو تطوّر يمكن أن يؤدي إلى الانعتاق من التبعية للغرب.

والمطلوب هو عرقلة أي نوع من أنواع التطوّر لهذه المنطقة وتأجيل التحاقها بالركب الحضاري، وذلك بإدخالها في حروب داخلية وصراعات تأكل الأخضر واليابس. وهذا التطاحن الداخلي مخطّط له أن يدمّر ليس فقط البنى التحتية من جسور وإعمار، ولكن أيضا مؤسسات الدولة كالمنشآت الاقتصادية والأمنية والعسكرية، بالإضافة إلى الإرث الحضاري والعلمي والتاريخي كالمتاحف والمكتبات والمؤسسات التراثية.

إذ ما تمّ تدميره خلال الحرب على العراق والحرب السورية وما يجري حاليا في اليمن هو دمار حضارة إنسانية عمرها مئات بل آلاف السنين. ويبدو أن قوى الثورات المضادة الداخلية والخارجية قد نجحت في ذلك إلى حد كبير، وباتت تتناوب في كيفية تنفيذ هذا الدور بأشكال مختلفة.

فلا معنى مثلا للسكوت عن الجرائم التي يقترفها نظام بشار الأسد خلال السنوات الخمس الماضية من قصف شعبه بالبراميل المتفجّرة وقبل ذلك بالأسلحة الكيميائية والدمار الهائل لمقدرات الدولة السورية، في الوقت الذي يتفرّج فيه "العالم المتحضّر" على هذه المأساة الإنسانية دون حراك يذكر عدا إغاثة اللاجئين.

ولا معنى للتعامل السلبي مع هذه الكارثة من طرف الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة، فالتدخل السوري والإيراني مثلا في قمع الشعب السوري ومساندة نظام مستبد، لا يوجد له تبرير في القانون الدولي. والأدهى من ذلك أنّ "العالم المتحضّر" مكتوف الأيدي كمن يتفرّج على أحد أفلام الرّعب الواقعية التي قتل فيها إلى حد الآن ما يزيد على 300 ألف شخص، واضطرّ الملايين إلى الهجرة القسرية هربا من الفناء. هذا المسلسل التدميري للإنسان والحضارة في سوريا كان بالإمكان إيقافه بالتدخل العاجل منذ السنة الأولى للثورة السورية، لو توفّرت الإرادة الدولية المناسبة.

"في غمار ممارسة الحكم القصيرة لحركة النهضة في تونس والإخوان المسلمين في مصر، تبيّن الغياب الواضح لمشروع الدولة المدنية الحديثة الذي طالما نادت به حركات الإسلام السياسي المعتدل"
ثالثا- تفاجأت القوى الديمقراطية -ومن ضمنها الإسلامية- بسرعة الوصول إلى هرم السلطة في تونس ومصر عن طريق صناديق الاقتراع بعد عقود من الإقصاء. لذلك تبيّن في غمار ممارسة الحكم القصيرة الغياب الواضح لمشروع الدولة المدنية الحديثة الذي طالما نادت به حركات الإسلام السياسي المعتدل في صراعها الأيدولوجي مع الحركات القومية واليسارية وفي مواجهتها الطويلة للدكتاتورية.

فقد اتضح أن ما كان يصدر من الكثير من الأدبيات لهذه الأحزاب والحركات من شعارات حول الشورى كأداة لاتخاذ القرار، والبديل الاقتصادي الإسلامي كبديل للنظام الرأسمالي المتوحش أو النظام الشيوعي المنغلق ومختلف البدائل الأخرى، ليست سوى شعارات حماسية تأكّد عدم نضجها كمنظومة حكم متكاملة يمكن تنزيلها على الواقع المعقّد في إدارة الدولة للقرن الواحد والعشرين.

وهذا العجز لا يعبّر عن افتقار للمرجعية الاسلامية وتراكم لتجربة الحكم منذ عصر الخلافة الراشدة، وصولا إلى الدولة العثمانية والتجارب الحديثة مثل تركيا وماليزيا، ناهيك عن النماذج الغربية الليبرالية المختلفة في إدارة السلطة بقدر ما يعبّر عن عدم قدرة تلك الحركات على استصحاب مآثر الماضي لصناعة الحاضر والإدارة الإستراتيجية الواعية للمستقبل.
رابعا- أصاب الكثير من المراقبين صدمة بل ودهشة لضعف الأداء في إدارة الدولة والذي تجسّد خلال تجربة حكم الترويكا في تونس وتجربة حكم الإخوان المسلمين في مصر ومن حلّ محلّهم، إذ الملاحظ لفترة إدارة السلطة التي كانت كافية للوصول إلى هذا الاستنتاج، أنّ الكمّ الهائل من الأخطاء وفي بعض الأحيان التجاوزات التي شابت سياسات السلطة، كانت كافية لإفشال تجربتها.

وذلك بداية من الولاءات في توزيع المناصب وعدم اعتماد الكفاءة معيارا، ثمّ استبعاد الكفاءات المهنية والعلمية في شتى المجالات من مواقع القرار، وضعف الأداء في شتى المجالات سواء تعلّق ذلك بالمجال الاقتصادي أو الإعلامي أو التعليمي أو الثقافي.

فلم يكن خافيا أن حزب حركة النهضة مثلا لم يبذل جهدا كافيا خلال فترة تولّيه السلطة في رصد الكفاءات الوطنية على مستوى القطاعات المختلفة ودعم انخراطها في بناء تونس الحديثة. بل إن الحزب عجز عن الاستفادة حتى من السّواد الأعظم من كوادره والمتعاطفين معه في الداخل والخارج في التخطيط والإدارة الماهرة للشأن السياسي خلال فترة حكمه، وبالتّالي غاب عن العديد من الشخصيات التي تولّت مقاليد السّلطة معرفة خبايا الدولة والدواليب العميقة للإدارة التونسية، ثم التجربة العملية في إدارة المؤسّسات ناهيك عن إدارة الوزارات.

والمحصّلة أن تجربة السلطة في تونس خلال السنوات الخمس الماضية كانت بمثابة حقل تجارب على قاعدة سدّدوا وقاربوا، تدرّبت في ثناياها قيادات في الصف الأول وبعض من الصف الثاني على إدارة السلطة ليس إلاّ.

ولا شك في أن المرحلة الحالية ضرورية لكل القوى الديمقراطية كي تعتكف على تقييم أدائها لتجربة الحكم خلال السنوات الخمس الماضية، بما يعني الوقوف على مواطن الضعف والتجاوزات والبحث في كيفية معالجتها. وفي خضم عودة الاحتجاجات المحلية في أماكن مختلفة من البلاد، ينبغي الوقوف على الأسباب الحقيقية لهذه الاضطرابات، والبحث في استحقاقات الثورة التونسية التي لم يتحقق منها إلا النزر القليل.

سادسا- في القابلية للاستعمار، فقد كشفت ثورات الربيع العربي هشاشة الدولة وقابليتها للانهيار بشكل مذهل. حدث ذلك منذ العام 2003 في العراق ثم ليبيا واليمن وسوريا، وبدرجة أقلّ في مصر وتونس. وتبيّن أن الحكومات الدكتاتورية التي سيطرت على السّلطة لعقود من الزمن هي في واقع الأمر بمثابة نمر من ورق ليس إلاّ. لذا برزت قابليتها اللامشروطة لعودة الاستعمار المباشر بعد عقود من الاستقلال المزعوم.

"كشفت ثورات الربيع العربي عن هشاشة الدولة وقابليتها اللامشروطة لعودة الاستعمار المباشر بعد عقود من الاستقلال المزعوم. ومن أبرز مظاهر هذا الضعف الداخلي، قدرة قوى خارجية على اختراق الدولة كما حدث في العراق واليمن وسوريا وليبيا"

ومن أبرز مظاهر هذا الضعف الداخلي قدرة قوى خارجية على اختراق الدولة في كل من العراق واليمن وسوريا وليبيا. وبالتّالي توجيه بوصلة السلطة والتوازنات السياسية والعسكرية لحسابها، إذ يعتبر مثلا التدخّل الروسي والإيراني المباشر لحماية عرش بشار الأسد ذا دلالات عميقة على الهالة المفرغة التي كان يتمتّع بها نظام حافظ الأسد ووريثه بشار في سوريا. والدليل على ذلك مثلا، تصريح حسين سلامي نائب رئيس الحرس الثوري الإيراني يوم 1/1/2016 حول الامتداد الإيراني في سوريا والعراق واليمن بالقول "اليوم إيران أوسع ممّا تحدّده الخرائط الجغرافية".

وبالعودة إلى مقدّمة المقال فإن مرحلة الوصول إلى المربّع الأول الذي استبشرت به دول الربيع العربي يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011 واستمرت ارتداداته إلى دولة القذافي ومبارك وصالح والأسد ووو..، لا تزال بعيدة المنال، وأن انطلاقة نهضة هذه الدول على أساس البناء الديمقراطي والسلم الاجتماعي والتطور الاقتصادي وبالتالي المساهمة البناءة في الحضارة الإنسانية ينبغي أن تمرّ بهذه المرحلة الرّاهنة من المخاض العسير الذي هو مسار عقود من الحروب، تقوم على مقاومة بقايا الاستبداد وأنصار الثورة المضادة والتطرّف بشتى أشكاله، إلى جانب إبطال مفعول التدخلات الخارجية في صنع مصير هذه الدول.

حين يتحقّق ذلك كلّه وتنتفي كلّ مظاهر القابلية للاستعمار، وحين تتمكن الأحزاب الوطنية -سواء أكانت إسلامية أو ليبرالية- من إعادة إنتاج نفسها على أسس متينة من الأخذ بأسباب النجاح، والقبول بالرأي الآخر على قاعدة التوافق والتداول السلمي على السّلطة، وعندما تحرز الشعوب قدرا كافيا من النّضج تستوعب من خلاله قيم الحرّية وضوابطها، ينطلق مسار الانتقال الديمقراطي الحقيقي وتتحدّد معالم المربع الأول للالتحاق بقطار الحضارة في بلدان الربيع العربي.

المصدر : الجزيرة

ايوب صابر 01-27-2016 11:39 PM

تونس.. مهدُ الثورة يُصحّح مسار الربيع

محمد هنيد
​أكاديمي وباحث تونسي

عودة الاحتجاجات الاجتماعية بالشكل الذي نراه في تونس إنما تؤشر على معطيين أساسيين. يتمثل أوّلهما في المعاناة الاجتماعية والفقر والتهميش, ثاني هذه المعطيات يتجلى في فشل المسار الانتقالي سياسيا.

عودة الاحتجاجات
علوية المطلب الاجتماعي
التوظيف ومخاطر الانزلاق
المخارج والمآلات

الثورة ككل حركة اجتماعية إنما تخضع أساسا لشروط النشأة والولادة باعتبارها شروطا قصوى أدّت إلى الانفجار الكبير وهي بذلك وككل حركة فيزيائية إنما تنشد شيئا واحدا وهو تحقيق الشروط التي قامت من أجلها. بناءً عليه فإن إفشال الثورة ومنعها من تحقيق أهدافها إنما يؤدي تلقائيا إلى تجدد شروطها الاجتماعية بما هي شروط فيزيائية قصوى قد تكون كامنة لفترة تطول أو تقصر بفعل التكميم القمعي والتزييف الإعلامي، لكنها ستعود حتما بشكل أقوى من أجل أن تستدركَ فشل الموجة الأولى.
عودة الاحتجاجات
مؤشرات كثيرة داخل مجال الربيع العربي تؤكد ما ذهبنا إليه حيث يعيش مهد الثورة العربية هذه الأيام على وقع احتجاجات دامية تشهدها مدينة القصرين التي تمثل مع محافظة سيدي بوزيد قلب الثورة التونسية. هذه الاحتجاجات هي اليوم بصدد التمدد على كامل مجال الفقر التونسي الذي صنعته سياسات التفقير التي دشنها الاستعمار ومن بعده الوكيل الأول بورقيبة والوكيل الثاني بن علي وتكتّم عنها سياق ما بعد الثورة بفعل معاول الدولة العميقة وتكالب الأحزاب على السلطة.

"لم تقدم الثورة نخبا سياسية قادرة على تجاوز ارتباطاتها الأيديولوجية وصراعاتها القديمة، بل خلقت مساحات شاسعة للقضايا الخلافية المرتبطة بالعقيدة والهوية والمرجعية في وقت لا يسمح بذلك"

الاحتجاجات والمظاهرات التي تذكّر بشتاء 2010 إنما تقوم على نفس الخلفية الاجتماعية، وجوهرُها المطالبة بالتشغيل وبالحق في التنمية وفي العدالة الاجتماعية وفي التوزيع العادل للثروات.
وللتذكير فإن أبرز شعارات الثورة التونسية كان "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق"، لكن الثورة لم تحاسب أحدا من عصابة السرّاق الذين منعوا التنمية والتشغيل ونهبوا ثروات الوطن، ولا هي قدمت نخبا سياسية قادرة على تجاوز ارتباطاتها الأيديولوجية وصراعاتها القديمة وتحديد سقف وطني للإنجاز الثوري، بل خلقت مساحات شاسعة للقضايا الخلافية المرتبطة بالعقيدة والهوية والمرجعية في وقت لا يسمح بإثارة القضايا الممتدة أفقيا بل يتطلب حلولا عمودية آنية للمشاكل الاجتماعية اليومية والآنية.
قد يطول المجال في ذكر ما تعانيه مناطق العمق التونسي من تهميش ومن فقر حوّل حياة الملايين إلى جحيم لا يطاق ودفع بآلاف العائلات إلى الهجرة أو النزوح أو الانحراف أو التطرف أو*الانتحار مثلما يحصل يوميا في مدينة القيروان وفي غيرها من مناطق الفقر والتهميش. لكن الثابت هو أن الورم لا يزال في مكانه، وأن آلام الطبقات الفقيرة لا تزال على حالها رغم كل الوعود التي قُطعت من قبل نفس النظام الذي ارتدى حلّة ثورية ووضع بعض المساحيق للإيهام بالتغيير.

علوية المطلب الاجتماعي
عودة الاحتجاجات الاجتماعية بالشكل الذي نرى في تونس إنما تؤشر على معطيين أساسيين. يتمثل أوّلهما في علوية المطلب الاجتماعي بما هو رأس المطالب الثورية فلم يكن الربيع العربي سياسيا ولا أيديولوجيا البتة، بل كان في أصل نشأته نابعا من المعاناة الاجتماعية ومن الفقر والتهميش الذي هو العنوان الأبرز لسياسة الاستبداد والقمع.
فليس القمع والاستبداد والظلم إلا أداة النظام لنهب الثروات والتمكين للشركات الاستعمارية عبر نظام الوكالة الذي يمكّن من الاستحواذ على ما به تستطيع الجماهير تحقيق نهضة حقيقية والخروج من ربقة التخلف والتبعية والاستعمار.
إنّ الحرية التي طالبت بها الجماهير الثائرة ليست الحرية السياسية بما هي مطلب أيديولوجي حزبي كشرط للتمكين من المناصب والامتيازات، بل بما هي شرط من شروط المطالبة بالعدالة الاجتماعية والتعبير عنها. الحرية هدفها الاجتماعي هو أن تكون مدخلا لمقاومة الفساد الذي تحول إلى دولة داخل الدولة وسرطانا يمنع كل المشاريع القادرة على امتصاص الفقر والبطالة وإخراج الناس من الموت اليومي.
أما ثاني هذه المعطيات فيتجلى في فشل المسار الانتقالي سياسيا بما هو التفاف على مطالب الجماهير صاحبة الثورة ومالكتها الأصلية والمكونة أساسا من الشباب المسحوقين ومن الفقراء والمهمشين، وهي كذلك صاحبة الثروة وصاحبة الحق في إدارتها.
فقد حوّلت النخب السياسية التونسية عبر نظام الوكالة الخارجي لدولة الانقلابات العربية ولسياسة السفارات الأجنبية المطلبَ الثوري إلى محاصصة حزبية بين نخب هي في مجملها جزء لا ينفصل عن نظام بن علي، وتحوّل المسار الانتقالي إلى تقاسم للكعكة التونسية بين الأحزاب والنخب التي لم تشارك فيها أصلا بما فيهم الإسلاميون.

التوظيف ومخاطر الانزلاق
المشهد التونسي اليوم هو هؤلاء الشباب الذين تحركوا بالمئات لحراسة المنشآت العامة ومرافق الدولة جنبا إلى جنب مع قوات الأمن وقوات الجيش الوطني ولمقاومة عصابة النهب والتخريب. وهو ما يكشف بكل وضوح ثلاث نقاط أساسية:
أولاها عودة المشهد الخارجي في الشارع التونسي إلى نقطة البدء الأولى عندما كان الشباب يحرسون المنشآت في شتاء*2010-2011 في الوقت الذي كان فيه القناصة وعصابات النظام يدمرون المرافق الحيوية ويقتلون الأبرياء في الشوارع.
هذا المشهد الجديد الذي يقاوم فيه الشباب التونسيون غير المسيّسين ولا المتحزّبين عصابات المخربين والمندسين وبيادق الثورة المضادة التي تسعى بكل قوتها إلى دفع المسار التصحيحي إلى الهاوية هو في الحقيقة قلب المعركة بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة.
[color="rgb(255, 0, 255)"]"عملت القيادات النقابية خلال السنوات الخمس من عمر الثورة على التوظيف النقابي للأحداث*عبر آلاف الاعتصامات والإضرابات التي استنزفت الاقتصاد الوطني ورهنت البلاد بالقروض المذلّة لصالح القوى الأجنبية"[/color]

الثانية هي الوعي بأن قوى كثيرة تتربص بالمشهد التونسي وبالتجربة التونسية التي تمثل رغم كل مساوئها تجربة متقدمة مقارنة بالتجارب الأخرى الدامية في مجال الربيع العربي. هذه القوى هي التي تسعى إلى إفشال النموذج عبر الدفع بالقوى الحية فيه نحو التطرف والإرهاب والعنف وتدمير المنشآت والمرافق، وهي*القوى نفسها المسؤولة عن جملة العمليات الإرهابية التي حدثت في البلاد واستهدفت قوات النخبة في الأمن والجيش التونسي.

وليست الأموال التي تدفقت على البلاد خلال الحملة الانتخابية من الدولة الخليجية الراعية للانقلابات في منطقة الربيع والتي لا تزال تتدفق إلى اليوم إلا خير شاهد على السعي المحموم من هذه القوى لوأد مكاسب الثورة التونسية.
النقطة الثالثة: لم يغب عن المشهد التونسي اليوم التوظيف الحزبي للمطالب الاجتماعية غير الحزبية حيث قفز الكثير من السياسيين إلى المشهد من أجل تصفية الحسابات في حين كانوا إلى وقت قريب أول المنتفعين من ثورة الفقراء الذين خلّصوهم من الطاغية الذي كان يحول بينهم وبين المناصب التي أمسكوها بعد الثورة.
"الاستئصاليون" أو "عجلة الاستبداد الاحتياطية"*كما يسميها التونسيون إضافة إلى الأذرع الإعلامية لنظام*بن علي التي لم ترحل معه، تسعى اليوم وكما كانت عشية ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 إلى استنساخ نفس الخطاب الانتهازي عبر شيطنة الاحتجاجات والتهجم على دول الجوار وخاصة ليبيا من أجل البحث عن ذرائع واهية لفشلها المبين.
هذا التوظيف السياسي يتناغم مع التوظيف النقابي حيث عملت القيادات النقابية خلال السنوات الخمس من عمر الثورة على حرق المسار الانتقالي اقتصاديا عبر آلاف الاعتصامات والإضرابات التي استنزفت الاقتصاد الوطني ورهنت البلاد بالقروض المذلّة لصالح القوى الأجنبية في الوقت الذي شيّد فيه الاتحاد النقابي مبنى تجاوزت تكلفته 27 مليارا من أموال المحرومين والعاطلين.

المخارج والمآلات
الإنذار التونسي الأخير هو تذكير صريح من القواعد الاجتماعية ومن المفقرين والمحرومين بأن مناورات الدولة العميقة وذراعها الإعلامية قد فشلت فشلا ذريعا في تحويل الصراع من صراع مداره الثروة والحقوق إلى صراع ضد الإرهاب الصناعي وضد بقية الأشباح التي صنعتها منصات إعلام الاستبداد.
الالتفاف اليوم على المطالب الاجتماعية ومنع المحرومين من حقوقهم المشروعة وتأميم الثروات الوطنية والعجز عن تفكيك شبكات الفساد والنهب المنظم من قبل رجال العصابات الذين يتحكمون في رقبة الاقتصاد الوطني هو المسبب الحقيقي لتجدد الانفجار الذي قد يكون يوما ما كارثيا على الجميع.

فـ"النخب السياسية" اليوم تحصد سنوات خمس من العجز عن محاسبة الفاسدين وتكميم العصابات النقابية وتحييد تجار السياسة والنظريات العقيمة وتحصد خاصة التطبيع مع دولة العمق أي دولة الفساد في تجاوز واضح لخطوط الثورة الحمر ولشعاراتها الأبرز.
درس اليوم هو أنه لا صوت يعلو على صوت الشارع بما هو نبض المجتمع الحي وهو الوحيد القادر على تغيير كل المعطيات وحسم أهم المواقف. وليست المسارات السياسية البائسة بما فيها الانتخابات المشبوهة الأخيرة والمؤسسة على المال الخليجي الفاسد إلا محاولات يائسة للقفز على المطلب الاجتماعي بعلوية مفضوحة بان اليوم فشلها الذريع.
[color="rgb(255, 0, 255)"]"المسحوقون والمفقّرون والمعطلون والمهمشون ليس لديهم ما يخسرونه, وكل الحلول الترقيعيّة ومحاولة ربح الوقت من أجل تسهيل مرور العاصفة لن يلغي الإعصار القادم "[/color]

من جهة أخرى فإن الاستحقاقات الشعبية التي تُصوّرها النخب العاجزة على أنها مطالب تعجيزية إنما تمثل الحد الأدنى من الضروريّ اجتماعيا لأن محاربة الفساد وتأميم الثروات عبر مراجعة العقود الاستعمارية وتحديد رواتب النواب والوزراء وتحجيم جشعهم وامتيازاتهم من سيارات ومنح ورواتب وصكوك وأراض وعقارات وفضح الأيادي الملطخة بالدماء العربية والتي تتآمر على ثورة الشعب وثروته هي الرسالة الوحيدة التي يمكن أن ينصت إليها المعطلون والثائرون في تونس.*
فكيف يمكن لرئاسة الجمهورية أن تضاعف من ميزانيتها إلى حدود مائة مليار في الوقت الذي يموت فيه الناس من البرد والجوع في مرتفعات الوسط والجنوب الغربي؟ وكيف يمكن أن يقبل نواب البرلمان الكسيح بالترفيع في أجورهم في الوقت الذي يموت فيه غيرهم فقرا واحتقارا؟
قد يكون هذا الإنذار هو الإنذار الأخير قبل الانفجار القادم وليس البحث من الدولة عن تصدير المشكلة إلى الخارج واتهام المطالب الحقيقية للطبقات المسحوقة بأنها مشاريع مندسّة تستهدف التجربة الديمقراطية إلا استعادة لخطاب بن علي طوال سنوات القمع عند الحديث عن "المعجزة التونسية المستهدَفة" التي انكشفت في النهاية عن واحد من أشرس الأنظمة القمعية وأفشلها اجتماعيا واقتصاديا.
المسحوقون والمفقّرون والمعطلون والمهمشون ليس لديهم ما يخسرونه فهُم في عداد الأموات -مع تأجيل التنفيذ-*وكل الحلول الترقيعيّة ومحاولة ربح الوقت من أجل تسهيل مرور العاصفة لن يلغي الإعصار القادم، بل سيزيد رياحه عنفا وقسوة لن ترحم أحدا.
المصدر : الجزيرة
------------------------------
التعليق الأحدث
منجي التونسي
مقال مهم للهنيدي فيه بعض الحقيقة ولكن فيه كعادة الكاتب تجني واضح على التجربة التونسية الفتية والراءدة. تفسيراته للوضع في تونس مبتور من الدور الاقليمي ودور الارهاب في ما وصل له مؤشر الاقتصاد. مقال فيه كذلك نوع من الشعبوية يصف الواقع بقتامة مفضوحة ولا يقترح اية حلول عملية وواقعية. مقال يتناسى كذلك اننا في 2016 ولسنا في 2010!!

خالد أبو إسماعيل 01-28-2016 01:52 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم.
روى الشيخ المغربي سعيد الكملي أن شيخا أزهريا حدثته نفسه بعد طول مدارسة للعلم أن يتنزه فأوقف سائق تاكسي عصرا وقال له اذهب بي إلى المكان الذي يتنزه فيه الناس فذهب به الى موقع اﻻهرام وكان السائق ماكرا فطلب منه الشيخ أن يوصله الى مكان بقربه مسجد حتى يصلي المغرب فأنزله السائق الماكر وأشار إلى باب دور من دور البغاء وقال له هذا باب المسجد ، ثن تنزه الشيخ وقبل المغرب ذهب إلى دار البغاء التي يظنها مسجدا ينتظر المؤذن فطال الوقت ولم يأت المؤذن فاستغرب الشيخ وفجأة فتحت الباب امرأة فاستغربت منظر الشيخ يقف على باب دور للبغاء ، فبادرها الشيخ ياابنتي أين المؤذن ؟ فلم تحر جوابا فقال لها الشيخ وكان الوقت قد تأخر هيا فلنصل جماعة أنا إمام وأنت خلفي فسكتت المرأة فقال الشيخ ياابنتي لعلك لست بطاهرة ؟ ففعلت هذه الكلمة في المرأة الأفاعيل وأحيت فيها جذوة الإيمان القديمة فأجهشت بالبكاء ، فاستغرب الشيخ وقال لها دعيني أصلي ثم أسمعيني قصتك ، فصلى الشيخ ثم حكت له قصتهافأمرها بأن تحمل أغراضها وتغادر هذا المكان فورا وذهب بها إلى نساء متدينات فأسكنها معهم ثم بعد ذلك زوجها برجل طيب .
قد تسأل أستاذ صابر ماعﻻقة هذا بموضوعنا ؟
ﻻ أظنك قد تعرف الإجابة وأظن باسودان قد يعرفها ﻷن كتاباته فيها نوع آخر من ربط الأسباب بالمسببات ليس عندك .
واسمح لي أنت واﻷستاذ باسودان أن أسألكما وأخمن إجابة كل واحد منكما تبعا لتوقعي لطريقة كل شخص في ربط السبب بالمسبب وتعليله له .
س: ماالرابط بين الخاطر الذي خطر عند الشيخ بالتنزه وبين هداية المرأة ؟
أيوب : ﻻرابط صدفة .
باسودان : والله أعلم أراد الله هداية هذه المرأة واختار هذا الشيخ لتأدية المهمة فخطر الخاطر ثم اختار له السائق الماكر ليمكر مكره - ركزوا على المكر ﻷن الماكر لايدري أن مكره هو المراد ليتحقق الهدف - ثم تتابعت اﻷحداث بتدبير من الحكيم الخبير جل في عﻻه .
أساتذتي لما رفض بنو اسرائيل القتال لتحرير اﻷرض المقدسة وقالوا(إن فيها قوما جبارين) يبدو أنهم جبناء بسبب تربيتهم في ظل نظام وحكم فرعون الذي سامهم سوء العذاب ففسدت التربية ، ثم قالوا(فاذهب أنت وربك فقاتﻻ إنا هاهنا قاعدون).
ثم تاهوا هم وعوائلهم في الصحراء وقد يقول شخص أنها صدفة ثم كانت مدة التيه أربعين سنة وقد يقول قائل أنها صدفة لكنها لم تكن كذلك فليس في القرآن صدفة ، ﻻحظوا المكان والزمن المكان في الصحراء بعيدا عن فرعون والفراعنة وسومهم سوء العذاب أي ليس في دولة فرعون والزمن طال أربعين سنة انقرض فيها الجيل الجبان وولد جيل جديد تربى بعيدا عن بطش فرعون فصار شجاعا ولما كبروا هم من طلب القتال سورة البقرة قصة طالوت عليه السﻻم وجالوت وداود عليه السﻻم الفتى الشاب والفارس المقاتل(وقتل داود جالوت).
لقد رفض الحكام القتال لتحرير اﻷرض كما يعلم الجميع وكل اﻷسباب تقريبا تعود إلى تشبثهم بالسلطة ﻻيريدون تركها ، والله جل في عﻻه استبدل الجيل الجبان من بني اسرائيل لجيل جديد سبب له اﻷسباب وهيأ له اﻷمور فطلبوا هم القتال وكان آباؤهم قد رفضوا من قبله(فسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يقاتلون ...) . ﻻحظوا الصفتين أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، تقريبا تنطبق على الحكام لكن بالعكس أذلة على الغرب والروس أعزة على الشعوب العربية يقاتلون في سبيل الحكم وسبيل الغرب وﻻ يخشون لوم ﻻئم مسلم فعندهم اﻻعﻻم وعندهم وعندهم .
ﻻ أريد أن أقيس سيرة تلك اﻷمة بهذه فأنا لست بعالم ولكني أستأنس وأتفاءل أن التيه هو طريق النصر ، ولو نﻻحظ أين طالت الحرب وتشعبت وكثر المقاتلون وجند للحرب والقتال تقريبا جيل كامل ؟ وهل صدفة أن هذه البﻻد العربية بقرب اﻷرض المقدسة ؟ وهل صدفة أن محتل اﻷرض المقدسة اليهود؟ وهل صدفة أنهم في ذروة إفسادهم وعلوهم علوا كبيرا ؟ وهل صدفة عدى القرآن الفعل(بعثنا عليكم) بعلى ولم يعديه بإلى لأننا نقول بعثت إليك رجﻻ وليس بعثت عليك رجﻻ ؟ قال ابن عاشور : عداه بعلى إيذانا بتضمينه معنى سلطنا أي سلطنا عليكم وبعثنا إليكم . إنه سﻻح التسليط لن تقف بوجهه حتى اﻷسلحة النووية .
هذه دعوة للإخوة بإعادة النظر في مسألة إبعاد فلسطين من حسابات الثورات العربية وتحليلها وتعليلها وربط أسبابها بمسبباتها مستأنسين بآيات القرآن الكريم خاصة قصص بني اسرائيل .
والله أجل وأعلم

ايوب صابر 01-28-2016 04:22 PM

الاستاذ خالد

نعم طبعا كل الامور مرتبطة حتما ولكني لا اصدق هذه القصة عن ذلك الشيخ أبدا فهل يعقل ان يكون هناك شيخ بهذه البلاهة لا يعرف الفرق بين المسجد ودار البغاء ؟

نحن هنا في هذا الحوار نريد ان نركز على ظاهرة الربيع العربي نريد ان نضع هذا الحدث الجلل تحت المجهر نحلله ونفهمه لنعرف ما الذي حدث وأين تتجه الامور ضمن هذه المحاور ....


للفائدة ولانجاح الحوار نريد هنا ان نحصره بموضوعة "الربيع العربي" ومن خلال هذه المحاور :

- ما هي اسباب اندلاع الربيع العربي ؟ هل كانت اسباب انفعالية لا تمت للواقع بصلة حيث كان اشعال البوعزيزي النار في نفسه السبب المباشر؟ ام هي نتاج واقع مرير وظلم اجتماعي فادح؟ ام ان هناك اصابع خفية؟

- كيف نفهم واقع الربيع العربي الان؟ وما هي اسباب فشله الظاهر المدوي؟ هل الاسباب الدولة العميقة والثورة المضادة ؟ اوهم العسكر وتبعيتهم الى دول النظام العالمي ؟ او الاصابع الخفية؟ ام هو عجز في الذين قاموا بالثورة ( شريحة الشباب ) وغياب البديل المنظم؟ وعجز القوة المنظمة الوحيدة (التنظيمات الاسلامية )عن الارتقاء الى مستوى الطموحات المتوقعة وفشلهم في التعامل مع الامور بواقعية؟

- اين تتجه الامور؟ ما هي التوقعات لما يجري في الدول العربية التي تعرضت لهزات الربيع العربي؟ هل تستقر الامور للثورة المضادة كما حصل في مصر؟ والثورة المضادة المتحالفه مع القوة الاسلامية كما حصل في تونس؟ ام ان الحروب الاهلية هي التي سوف تندلع لحين استقرار الامور لناحية الثوار؟ هل يتكرر ما جرى في فرنسا؟ اي ان تستمر الثورات ومخاضها سنوات عديدة ثم تستقر لشريحة المظلومين؟ هل تمتلك الانظمة الظالمة القدرة على استعادة الامور وفرض الاستقرار بالجزمة العسكرية؟ ام انها حلاوة الروح وهم حتما اصبحوا من الماضي؟
اي ما هو مستقبل ثورات الربيع العربي؟




خالد أبو إسماعيل 01-28-2016 07:19 PM

https://youtu.be/zxw_IA486ckاك الرابط يروي الشيخ سعيد الكملي عن الشيخ علي الطنطاوي في مذكراته .

ايوب صابر 01-28-2016 07:46 PM

اشكرك استاذ خالد على الرابط لكن سؤالي لك وهو الذي نبحث عن نظيره هنا هو ما السبب الذي دفع تلك الفتاة الي دار البغاء في رايك ؟
على الاغلب انه الفقر حتما وغياب العدالة الاجتماعية والفساد وهي الاسباب التي تفتك في المجتمعات فتتسبب في مثل هذه الامراض الاجتماعية والثورة هي الوجه الايجابي المعبر عن رفض ذلك الواقع المرير حتما ...
في المجتمعات المريضة ترتفع أيضاً نسبة الانتحار ولا عجب ان يكون السبب المباشر في قيام ثورة تونس والتي جرت خلفها الثورات الاخرى.... انتحار شاب يتيم كان يحاول العمل بائعا متجولا او على قارعة الطريق ليوفر لعائلته لقمة العيش الكريم ...لان المجتمعات الاخرى كانت تعاني من نفس المرض ....
كل ذلك يقول بان المسبب للثورات هو عوامل محلية فلا ايدي خفية وانما اصابع حكومات ظالمه تسببت في كثير من الالم ...
*

ايوب صابر 01-29-2016 07:21 PM

الاستاذ عبدالله

تقول " الربيع العربي لم ولن ينتهي "

- استاذ عبدالله الا ترى بان هذا يتنافى مع الواقع

تونس ....يحكمها تحالف من الدولة العميقة والإسلام السياسي وواضح ان هناك حراك داخلي على الاغلب انه سينتهي بسيطرة اتباع النظام القديم من جديد فتنتصر الثورة المضادة... والدليل محافظة القصرين وما يجري فيها والانقسام وإعادة الاصطفاف في الحزب الحاكم الذي هو من الدولة العميقة اصلا

مصر ....الثورة في خبر كان عمليا وتحالف العسكر مع الدولة العميقة يسيطر بالقوة المفرطة على الامور وربما ان المخرج الوحيد انقلاب عسكري جديد والدليل رابعة وأخواتها

ليبيا.... حدث ولا حرج ويبدو ان الامور تتجه نحو الأسوأ وقد يكون هناك تدخل اجنبي وسيكون هناك حاجة لعمر مختار جديد لتخليص البلاد والدليل بني غازي تنتظر الغزو

سوريا ...اصبحت أثرا بعد عين وتحولت الي مكب للنفايات الروسية والدليل مضايا وأخواتها

اليمن ...وانت من اليمن وأدرى بشعابها يبدو ان أركان النظام القديم ما تزال قائمة ومتماسكة وتقاتل بدعم الاجنبي والدليل تعز وجبالها وربما تحتاج الامور لعشر سنوات حتى يتم إنجاز الثورة والقضاء على كل اجهزة الدولة العميقة والصعود الي صعدة وتحريرها وربما ان الثورة في اليمن لديها افضل فرصة للنجاح بفضل عاصفة الحزم ...

المشكلة التي تواجهها هذه الثورات هي رفض النظام العالمي لها لانها تمثل خروج عن النص والإرادة الاستعمارية ولن يكون من السهل نجاحها في ظل تحالف الدول العظمي التي تسعى بكل قوتها وخبثها الي ان يظل الحال على ما كان عليه ...

ان فشل الثورات العربية هو مصلحة غربية شرقية ولذلك نجد العالم قد تحالف وسعى ويسعى لافشالها فكيف لها ان تنجح ؟



*

ايوب صابر 01-29-2016 08:52 PM

الثورات العربية تنتظر عقيدتها السياسية

عبد الفتاح ماضي
كاتب وباحث أكاديمي

ما ينقص الثورات التي أشعلتها الشعوب العربية هو التفاف الثوار وكل من له مصلحة في تحقيق أهدافها حول مرجعية عليا وعقيدة سياسية واحدة يتم على أساسها بناء نمط جديد للسلطة، والتأسيس لإعادة توحيد المنطقة من جديد.

سنن الكون*
الدويلات العربية القطرية المستبدة
ما العمل؟
ليس للثورات المضادة في عالمنا العربي بعد خمس سنوات من اندلاع الثورات العربية من أجل الحرية والكرامة والعدالة أي مستقبل
، لأنها ضد حركة التاريخ وتعبر عن ردة إلى الوراء، ولم يُكتب لمثيلاتها بالقرن العشرين أن تنجح، رغم أنها كانت أكثر ذكاء وحكمة. فالثورات المضادة تعزز بشكل متسارع التناقضات التي أوجدها نمط السلطة التي أقامته الدويلات القطرية في النصف الأول من القرن العشرين.
إن ما ينقص الثورات التي أشعلتها الشعوب العربية هو التفاف الثوار وكل من له مصلحة في تحقيق أهدافها حول مرجعية عليا وعقيدة سياسية واحدة يتم على أساسها بناء نمط جديد للسلطة، والتأسيس لإعادة توحيد المنطقة من جديد.
سنن الكون
تستهدف الثورات، مثلها مثل كل حركات الإصلاح الحقيقية، إعادة بناء السلطة في المجتمع على أسس مختلفة تماما عما كان سائدا قبلها، استنادا إلى ثلاثة أركان رئيسية على الأقل كما تخبرنا التجارب التاريخية.
*
"تستهدف الثورات إعادة بناء السلطة في المجتمع على أسس مختلفة تماما عما كان سائدا قبلها، استنادا إلى ثلاثة أركان رئيسية على الأقل،*هي العقيدة السياسية, والمؤسسات السياسية, الوحدة الطبيعية"
الأول: العقيدة السياسية، فما من كيان سياسي أو حضارة إلا وقامت على مرجعية عليا يتم تطويرها عبر عملية تاريخية ممتدة، تعبر عن تطور اجتماعي معقد وتتفاعل فيها العقول مع احتياجات الواقع وتظهر خلالها سلسلة من التوافقات الوطنية الواسعة.
*
وتظهر المرجعية في شكل مبادئ أساسية وقيم عليا يستند إليها الأفراد والجماعات والسلطة بمؤسساتها المختلفة في تحديد معايير الانتماء والهوية الجامعة، وأدوات الضبط السياسي والاجتماعي في المجتمع، وطبيعة العلاقات بين الجماعات والأفراد داخل المجتمع وبين هؤلاء والسلطة، واختيار الأولويات في مرحلة تاريخية معينة.
وهذه العقيدة بهذا المعنى لا يمكن لا فرضها على (ولا استيرادها من) الآخرين دون عمليات توطين ومواءمة.
*
هكذا سارت الأمور في كثير من الحضارات القديمة والحديثة مع اختلاف سند مرجعياتها من كهنوتية دينية (كالحضارات القديمة في مصر وبابل وآسيا وفي أوروبا العصور الوسطى) أو إسلامية (تجمع بين مبدأ التوحيد والقيم الدينية التي تنظم الدين والدنيا وبين العقل وحرية التفكير والإبداع في إنزال هذه القيم على الواقع المتغير زمانا ومكانا) أو وضعية (كالحضارة الغربية الحالية التي تقوم على مبادئ عصر التنوير الأوروبي).
الثاني: المؤسسات السياسية، وهي لا تنشأ من فراغ وإنما كنتاج لتطور تاريخي ممتد وثمرة لصراعات وتوازنات مختلفة بالمجتمع، وتعبيرا عن تلك المرجعية وأداة لتحقيق غاياتها.
وتأخذ هذه المؤسسات شكل مجموعة من القيم والقواعد والإجراءات والممارسات والحوافز والجزاءات التي تنظم علاقات السلطة وتدير الصراعات بين الرؤى المختلفة بطرق سلمية، وتحدد آليات وتفاصيل عملية الحكم، كشروط ومؤهلات الحكام والموظفين العموميين، وكيفية مراقبتهم ومحاسبتهم، وكيفية ممارسة السلطة واتخاذ القرار وحدود هذه القرارات.
ولهذا ليس من المتصور، مثلا، أن تصدر المؤسسات الحاكمة في أميركا أو فرنسا قانونا يخالف قيمة جوهرية من قيم الفلسفة الليبرالية (المرجعية العليا هناك) كحرية الرأي أو الملكية الخاصة.
وهذا الركن غير مطلق إذ أثبت التاريخ أن الحضارات تتفاعل بشأنه وتقتبس بعضها من بعض.
الثالث: الوحدة الطبيعية، أي مراعاة العوامل التي تربط بين الشعب الواحد كالعوامل الثقافية والدينية واللغوية والتاريخية والإثنية وغيرها.
وقدمت الحضارت الكثير من النماذج، منها الحضارة العربية الإسلامية التي ضمنت تنوعا وتسامحا وتعايشا ثقافيا ودينيا وعرقيا لم تشهده معظم الإمبراطويات السابقة عليها.
وفي القرنين الماضيين وصل الغربيون لمبدأ القوميات الذي يرفض نظريا*تقسيم الأمة الواحدة إلى عدة دول أو تجميع عدة أمم في دولة واحدة، وعلى أساسه توحدت إيطاليا وألمانيا وظهرت دول قومية أخرى بكل قارات العالم.
*
الدويلات العربية القطرية المستبدة*
دويلاتنا العربية التي ثارت الشعوب ضدها بعد عقود قليلة من ظهورها تمثل الشكل الأسوأ في تاريخ المجتمعات العربية والإسلامية، لأنها تناقضت مع الأركان الثلاثة السابق ذكرها.
"لم تفلح فكرة القومية العربية بمفردها في القيام بالأدوار التي تقوم بها المرجعيات بالدول الحديثة، وأخطأ من تصور أن العقيدة السياسية للدولة الحديثة الغربية تجاوزت التراث الديني والتاريخي القديم"
أولا: نشأت الدولة القطرية بدون عقيدة سياسية متسقة مع ثقافة مجتمعاتها وتراثها، وهذ يتناقض مع سنن تكوين الدول ونظم الحكم من جهة، ويتجاهل تاريخ وثقافة المنطقة التي يشكل الإسلام الركيزة الأولى لها لا من حيث كونه دينا فحسب وإنما أيضا كوعاء حضاري ومعين قيمي وتراث تاريخي من جهة أخرى.
ولم تفلح فكرة القومية العربية بمفردها في القيام بالأدوار التي تقوم بها المرجعيات بالدول الحديثة، وأخطأ من تصور أن العقيدة السياسية للدولة الحديثة الغربية تجاوزت التراث الديني والتاريخي القديم، وأن الحداثة العربية تقتضي التخلي عن التراث العربي والإسلامي.
والأسوأ أن السلطة بالدويلات القطرية قامت بالسيطرة على الدين سيطرة تامة، ونزع الدين من المجتمع ومن الأفراد، وتوظيفه في خدمة السلطة، بجانب السيطرة على الجامعات والمؤسسات الدينية وتحويل العلماء إلى موظفين يعتمدون على السلطة في معاشهم وتعليمهم وترقياتهم بل وفيما يقولونه على المنابر. واليوم يحرم شيوخ السلاطين التظاهر ضد الثورات المضادة ويصفون الداعين إليها بالتخريب والتآمر.
لم يكن لهذه المعادلة مثيل حتى في الملك العضوض حيث ظلت معادلة هيمنة السلطة في البناء الاجتماعي والسياسي على حساب الدين، لكن لم يتم تأميم الدين، وظل للإسلام مساحة حرة، وظل العلماء يتمتعون باحترام السلطة لهم ولعلمهم، وظهرت مدارس ومذاهب فكرية متعددة، كما ظلت هُوية الدولة هُوية عربية إسلامية، وظل الحكام يرفعون هدف حماية الدين ونشر رسالته وخاضت الجيوش معارك للدفاع عن الإسلام. ورغم أن الدولة العثمانية أوجدت هيئات دينية تابعة كهيئة الإفتاء*ظل الأمر إداريا ولم يقصد منه خلق هيئة تراتبية أو كهنوتية.
ثانيا: ظهرت الدويلات القطرية رافعة شعار أنها ستكون دولة على النمط الحديث، لكنها في الواقع جاءت على النقيض تماما، حيث أقامت سلطة قهرية مستبدة تعمل لمصالح ضيقة، ومرتهنة في بقائها على تحالفات مع قوى داخلية وخارجية معادية لتمكين الشعوب وثقافتها، وسيطرت أقليات (وراثية أو حزبية أو عسكرية) على السلطة والثروة، ولم تعرف هذه السلطة حتى المفهوم الإجرائي للعلمانية، أي الفصل بين الدين والدولة من الناحية الوظيفية مع عدم معاداة الدين.
*
ثالثا: ظهرت الدويلات القطرية في تناقض تام مع منطق وكيان الدولة الحديثة ومبدأ القوميات الذي يهتم أساسا بوحدة الشعوب، وفي ظل أوضاع جيوسياسية شهدت قيام الدول الاستعمارية بعملية خداع كبرى حيث وعدت العرب بدولة عربية موحدة بالمشرق مقابل دعمهم للإنجليز ضد العثمانيين بالحرب العالمية الأولى، إلا أن هدفها كان تمهيد الأرض لدولة يهودية في فلسطين وتقسيم المنطقة إلى دويلات بحدود مصطنعة وبمناطق متنازع عليها بين كل الدويلات تقريبا.*
"نموذج الدولة القومية لم يعد قادرا على البقاء أمام تناقضات النظام الرأسمالي العالمي ونفوذ الشركات عابرة القوميات التي تكاد تقضي على مفهوم السيادة، واتجاه الدول القومية نحو التكتل "
ليست هذه التناقضات بالشيء العابر، فقد ترتب عليها (ولا يزال) الكثير من التداعيات السلبية، كترسيخ التقسيم والحدود، وتسابق الأقليات الحاكمة على التحالف والتبعية للقوى الاستعمارية السابقة في ظل غياب الحد الأدنى من مقومات الدولة في معظم هذه الدويلات، بجانب تضرر الوحدة الثقافية والروحية بين شعوب المنطقة خاصة في ضوء الاختراق الثقافي الخارجي وعمليات غسل المخ والتلقين المذهبي التي تقوم بها أجهزة إعلام النخب الحاكمة، واستدعاء ثقافات فرعية ولهجات محلية لا تقوى بمفردها على الصمود في عالم يتحكم فيه الأقوياء وتستخدم فيه كل أدوات الثقافة للهيمنة والسيطرة. فضلا عن امتداد التناقضات إلى الدولة القطرية الواحدة واندلاع الحروب الأهلية والإقليمية.
*
يحدث كل هذا عندنا بينما نموذج الدولة القومية لم يعد قادرا على البقاء أمام تناقضات النظام الرأسمالي العالمي ونفوذ الشركات عابرة القوميات التي تكاد تقضي على مفهوم السيادة، واتجاه الدول القومية نحو التكتل كما في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية.**
*
ما العمل؟
حققت الثورة أولى خطوات نجاحها بإدراك الشعوب أن بإمكانهم إسقاط الطغاة متى اتحدوا ضدهم، وبادخال الشعب في معادلة السياسة وكسر حاجز الخوف لدى قطاعات كبيرة منهم.
وستظل الشعوب تقاوم الطغاة والثورات المضادة التي تعمل ضد منطق التاريخ وضد الرابطة الروحية والدينية والثقافية واللغوية والتاريخية التي تجمع شعوب المنطقة، وما الثورات وكل صور الاحتجاج السلمية وغير السلمية إلا تعبير عن التناقضات التي تغذيها الثورات المضادة ومحاولة للخروج منها.
أمام ثورات العرب فرصة تاريخية للتغيير والتعبير عن موازين القوة الحقيقية التي تمتلكها هذه الشعوب. ولا يؤخر الشعوب إلا اختلاف نخبتها وقواها الحية واهتزاز بوصلة الثورة منهم، وعدم وجود عقل مدبر لها يدرك عمقها التاريخي ويستوعب معطيات واقعها ويستشرف آفاق وفرص النهوض.
ولن يتم هذا إلا عبر بناء مصالحات تاريخية بين كل التيارات الوطنية على اختلاف أيديولوجياتها وتطوير العقيدة السياسية للثورة انطلاقا من احتياجات الواقع الاجتماعي وحقائق التاريخ، والتي لن تتجاهل في اعتقادي العروبة والإسلام والديمقراطية.
"لا يؤخر الشعوب إلا اختلاف نخبتها وقواها الحية واهتزاز بوصلة الثورة منهم، وعدم وجود عقل مدبر لها يدرك عمقها التاريخي ويستوعب معطيات واقعها ويستشرف آفاق وفرص النهوض"
فالعروبة هي (بمقوميْها اللغة العربية والثقافة العربية) الهُوية الثقافية الجامعة لكل العرب، وليست مواقف وممارسات سياسية معينة تُنسب إلى فئة من الناس دون غيرهم.*وهي الإطار الثقافي والاجتماعي الضروري لحماية الوحدة الوطنية لكل بلد عربي وصد الانقسامات التي تُفرز اضطرابات وحروبا أهلية، وهي السياج الحامي للمجتمعات العربية أمام طغيان النزعات المادية ومحاولات فرضْ ثقافة معينة على كل أمم الأرض وشعوبها.
أما الإسلام*فهو (كإطار حضاري) الوعاء الذي أخرج الوطنية والعروبة من محاور القبيلة واللون والعرق والمكانة الاجتماعية إلى رحاب الانتماء الثقافي والحضاري الواحد الذي أرسى دعائمه عرب الجزيرة العربية المسلمون، ثم ساهم فيه مسلمون غير عرب من الفرس والأكراد والأتراك والبربر، ومسيحيون ويهود عرب وغير عرب.
وأيضا الإسلام كدين سماوي سبق الأمم الأخرى في إيداع مهمة بناء المجتمع وتدبير المصلحة العامة في عقول الناس بعد أن حررها من العبودية للنظريات الكهنوتية ومن جبابرة الأرض وقدّم أسس حكم القانون والحرية والعدل والشورى ومقاومة الظلم ومساءلة الحكام والشفافية والفصل ببن المال العام والمال الخاص.
ويكتسب الانطلاق من الديمقراطية، كنظام للحكم، وليس كفلسفة أو مذهب سياسي، أهمية كبرى، لأن هذا النظام ساهمت في تطويره حضارات شتى، بما في ذلك الحضارة الإسلامية، بجانب أنه لا يمكن تجاهل مكتسبات الحضارة أثناء تطوير نظم حكم وطنية حديثة تنظم العملية السياسية وتحمي الحريات والحقوق وتمهد الطريق لظهور حكومة عربية اتحادية واحدة تدير التنوع العربي وتضع مجتمعاتها على بداية طريق النهضة المنشودة.
المصدر : الجزبرة نت
التعليق الأحدث

el hossein maghrib
ليس هنالك أدنى شك في القول أن من الأسباب والدوافع التي ساهمت بشكل مؤسف في وصول الربيع العربي إلى حالة الحيرة واليأس كانت متجلية كذالك في الصراع الإيديولوجي بين نخب الثورة الذي على إثره تما إفراز مرحلة سوداء من إنعدام الثقة بين أصدقاء الثورة،وإذا كانت الرغبة في إسترجاع هبة الربيع وتحقيق مطالبه فلا يجب إسثتناء فكرة توحيد فصائل الحراك وتحديد أولويات تفوق التعصب الإيديولوجي،

ايوب صابر 01-29-2016 09:08 PM

يقول عبد الفتاح ماضي كما في مقاله اعلاه

" ليس للثورات المضادة في عالمنا العربي بعد خمس سنوات من اندلاع الثورات العربية من أجل الحرية والكرامة والعدالة أي مستقبل"

فهل صحيح هذا الادعاء ؟

ايوب صابر 01-30-2016 11:11 AM


الربيع العربي.. القضية 68 لا تزال مستمرة

"شارع اللصوص".. الضياع في زمن الربيع العربي
أسئلة الربيع العربي الثقافي
هل يبكي "القيصر" العربي؟


الكاتب الحرّ
* ناصر يحيى

إحدى المعضلات التي واجهت ثورات الربيع العربي السلمية*-التي تمر ذكراها الخامسة هذه الأيام- هي*كيفية التعامل مع الأنظمة القديمة التي ثارت عليها الشعوب، وهل يتم الإبقاء على إطارها العام ومؤسساتها أو إسقاطها نهائيا، والتخلص من رموزها البشرية، وتطهير مؤسسات الدولة من نفوذهم، خاصة في المجالات الإستراتيجية كالجيش والأمن والإعلام والقضاء، وإعادة بناء الدولة من جديد!
ومن نافلة القول إن جزءا كبيرا من المعوقات التي واجهها الربيع العربي وأوصلته إلى انتكاسات أو الدخول في حروب أهلية مدمرة كان بسبب نجاح قوى الأنظمة السابقة*-أو الدولة العميقة كما صارت تسمى- في حشد قواها من جديد اعتمادا على أنها ظلت في مجملها سليمة بعد الانتصارات الأولية التي تحققت للربيع العربي.

فقد فرضت ظروف معينة أن تستمر تلك الأنظمة الفاسدة قائمة وفاعلة -بعد التخلص فقط من بعض الرموز القيادية الرئيسية المحترقة- في شخوص وأجهزة ومؤسسات وقوانين تحكم سيطرتها الفعلية على البلاد ومؤسساتها، تحمل معها بذور الحقد والانتقام من الربيع العربي، وتستجمع قواها من جديد حتى انقضت على السلطة واستعادت سيطرتها بشعارات جديدة وتحالفات جديدة، معظمها مع قوى من داخل مربع الربيع العربي نفسه!

القضية 68
يمكن تسمية هذه الحالة "القضية 68" نسبة للفيلم المصري الذي يحمل ذات العنوان والذي ظهر نهاية 1968، فقد جسد الفيلم*-الذي أخرجه صلاح أبو سيف عن مسرحية للكاتب لطفي الخولي- معضلة تعامل الثورات مع خصومها وأعدائها، وهل تجتث جذورهم وتنفذ برامجها على الطريقة الثورية الجذرية أو تتعامل معهم وفق الأسلوب الإصلاحي في إتاحة المجال لهم للانخراط في النظام الجديد.. وعفا الله عما سلف!

"القضية 68" فيلم مصري*أخرج عام 1968 انطلاقا من مسرحية بنفس العنوان للكاتب لطفي الخولي
***** تدور حبكة الفيلم في حارة مصرية (رمز للوطن) تدير شؤونها لجنة الحي (رمز للسلطة وقيادة الدولة) التي تضم نوعين من الشخصيات المتناقضة (رمز للمكونات الشعبية)، الأولى: أقلية من الشباب الثوريين تدعو إلى الحسم والتغيير الحقيقي، والثانية: أغلبية من المهنيين والتجار وأصحاب المصالح الخاصة الذين انضموا إلى لجنة الحي حماية لمصالحهم، ومن دون إيمان حقيقي بالمشاركة الشعبية في الحكم.
ويرأس اللجنة رجل*(قام بالدور الممثل صلاح منصور) ذو شخصية إصلاحية توافقية غير حاسمة يريد إرضاء الجميع، ويدعو لحل كل المشاكل بالتفاهم والحب والهدوء رغم معرفته أن الجناح المصلحي يعمل على إفشاله وإزاحته والحلول محله في قيادة اللجنة!

إحدى أبرز مشاكل الحارة كانت ذلك التشقق الذي ظهر في العمارة التي يملكها رئيس اللجنة نفسه ويتخذ من غرفة في سطحها مقرا لإدارة الحي، ويعكس الموقف من هذا التشقق وكيفية إصلاحه رؤى طرفي الصراع داخل اللجنة،*فالطرف الشبابي الثوري يطالب بحل جذري قبل أن يستفحل الخطر وتسقط العمارة على سكانها، محذرا رئيس الحي من خطورة السكوت على الخلل، وفي المقابل يهون الطرف الآخر داخل لجنة الحي من مشكلة التصدع*إلى العمارة ولا يهتم إلا بمصالحه.

وبسبب نفسيته التوافقية غير الحاسمة لا يميل رئيس الحي إلى حل جذري للتصدع، ويفضل إصلاحه على طريقة الترقيع الظاهري، لكن التصدع يستمر ويمتد*إلى كل العمارة حتى يصير كارثة وتسقط*في الأخير!

الربيع العربي*68
تنازع الإرادة الثورية في الربيع العربي اتجاهان، الأول يدعو للحسم وإسقاط النظام القديم نهائيا مهما كانت التكاليف الإنسانية والتضحيات المطلوبة، والآخر يتبنى التدرج في السير*بطريق الإصلاحات والتغيير في إطار القانون والتفاهم مراعاة لموازين القوى، وتجنبا لحروب أهلية دموية كانت تلوح في حالة التغيير الجذري!
وكما لم تثمر الدعوة إلى التفاهم والحب في كسب تيار الانتهازيين والمصلحيين في فيلم "القضية 68" كذلك لم تثمر دعوة التوافق والقبول بالجميع بعد النجاح الأولي للربيع العربي في إقناع بقايا الأنظمة في الدولة العميقة*بالبدء بصفحة جديدة، فقد انقضت قوى الثورة المضادة من جديد على السلطة!

وكما سقطت العمارة على سكانها*كذلك دخلت بلدان الربيع العربي في نفق مظلم بفعل المؤامرات، فالبلد الذي لم تستطع الثورة المضادة العودة فيه إلى السلطة -بالانقلاب العسكري أو بالتآمر الخارجي والتحالفات الانتهازية الداخلية (مع بعض قوى الربيع العربي للأسف الشديد!)- أغرقوه في حروب أهلية دموية أكلت الأخضر واليابس!

وكما تعرض بطل الفيلم داعية الحب والتفاهم إلى السجن 24 ساعة تأديبا له بتهمة إزعاج القضاء والخروج على نظام المحكمة أثناء حضوره جلسة محاكمة في قضية تنازع بين جيرانه من أهالي الحي ومحاولته تهدئتهم*كذلك تعرض رموز ثورات الربيع العربي إلى مؤامرات واعتقل بعضهم وقتل آخرون!

ويخرج رئيس الحي من الحجز محطما نفسيا فقد أهينت كرامته، وأسقطت دعوته إلى التفاهم والحب في حل المشاكل وبالقانون والتي طالما دعا إليها وتحمل بسببها الكثير من النقد واللوم، لكن يبقى مصيره أهون بكثير مما لاقاه أمثاله في ثورات الربيع العربي!

عندما كتب لطفي الخولي مسرحيته (1961) وتحولت لفيلم سينمائي بعد سبع سنوات كانت الديمقراطية والحريات لا تزال هي الحل للمشكلة، ويبدو ذلك من حكاية "العربجي" (الممثل محمد رضا) الذي أحيل للقضاء وتمت إدانته وتغريمه بتهمة فتح نافذة*في بيته من دون تصريح من البلدية ثم إدانته وتغريمه مرة ثانية لأنه قام بسد النافذة من دون تصريح أيضا، ويواجه المواطن البسيط مشكلة مع قانون لا يفهمه ويدينه ويعاقبه لأنه ارتكب خطأ ما ثم يدينه عندما أراد إصلاحه!

وعندما يخرج رئيس الحي من الحجز يقابل "العربجي" الذي كان محتجزا معه وهو يصرخ في الشارع مجسدا حيرة الإنسان العربي من السلطة التي تحكمه ولا تفهمه:
**-"يا ناس.. طيب افتح الشباك وإلا أقفله!".
وحينها يتخلص رئيس الحي من تردده وتوافقيته ويصرخ بدوره:
-افتحوا الشبابيك.. افتحوا الشبابيك.. افتحوا الشبابيك!
المفارقة أن انتكاسة الربيع العربي حدثت بسبب وعي الثوار بأهمية فتح الشبابيك لأن الدولة العميقة كانت لهم بالمرصاد، وتعرف خطورة ذلك فأغلقت عليهم كل نافذة!
___________
* كاتب صحفي يمني
المصدر : الجزيرة
-----------
التعليق الأحدث
إظهار 3/3 تعليقات
النعناع
لا شلت يداك ايها الكاتب,انها مقارنة رائعة وفي محلها خاصة لما قلت:بسبب نجاح قوى الأنظمة السابقة -أو الدولة العميقة كما صارت تسمى- في حشد قواها من جديد اعتمادا على أنها ظلت في مجملها سليمة بعد الانتصارات الأولية التي تحققت للربيع العربي. تحمل معها بذور الحقد والانتقام من الربيع العربي، وتستجمع قواها من جديد حتى انقضت على السلطة واستعادت سيطرتها بشعارات جديدة وتحالفات جديدة
ردا على التعليق(0)
اعلي منا او القعقاع
ان الذي واجه حقا ثورات الربيع العربي وخاصة الثورة المصرية وحفر تحتها منذ البداية و بطريقة ثعبانية و مستترة هو ما يسمى بنادي الملوك و هراوته في ذلك هو النظام القديم الجديد. هذا لب الحقيقة الذي تعزف عن نشره الكثير من الجرائد والقنوات التي و يا اسفاه تتدعي حرية التعبير والصراحة اي كل شئ الا نادي الملوك خط احمر مقدس.

ردا على التعليق
العمورى محمد
انها ثورة شعوبنا للتحرير من الاستعمار اما الانظمة فهى هى الا انظمته وجنده وعملائهم

ايوب صابر 01-30-2016 04:55 PM

بعد خمس سنوات.. هل أعادت النظم ترتيب بنيتها؟

سلامة كيلة
كاتب فلسطيني

بعد خمس سنوات تظهر الرأسمالية المسيطرة، والنظام الذي يمثلها، عاجزين عن تحقيق الاستقرار بالتخلص من الثورة. ويتصاعد عجزهما مع استمرار السياسة الاقتصادية ذاتها، بل زيادة الميل للخصخصة وزيادة الأسعار.

ربما لم يكن أحد يتوقع أن يستمرّ الحراك، وأن تستمرّ الأزمات التي أنتجتها الثورات كل هذه السنوات الخمس، دون أن نلمس أن نهاية قريبة باتت ممكنة. حيث يظهر واضحا أن النظم ذاتها ليست مستقرة، وأن أوضاعها مربكة، ولا يبدو أنها استطاعت تجاوز الهزّة الكبيرة التي أحدثتها الثورات.

"في سوريا لم تنتصر الثورة بعد، حتى في الشكل الأدنى الذي حدث في الثورات الأخرى، وفي ليبيا انقلب الانتصار على نظام القذافي إلى احتراب أهلي،*أما في اليمن فقد "تنازل" علي عبد الله صالح لكنه لم يترك البلد"

في سوريا لم تنتصر الثورة بعد، حتى في الشكل الأدنى الذي حدث في الثورات الأخرى، أي إزاحة الرئيس والعمل على إعادة إنتاج النظام، وما زال الصراع قائما على حقيقة هذه الخطوة التي تبدو ضرورية من أجل وقف الصراع العنيف والوحشي الذي بدأته السلطة، وأدى إلى ردّ عسكري من الفئات التي تظاهرت، وجرى الشغل المتعدد عليه لكي يتأسلم ويتفكك، وبات جزء مهم منه مرتبطا بدول خارجية. وهو الأمر الذي أدى إلى استعصاء وتحكّم خارجي في الحل، وما زالت روسيا المسيطرة الآن تتمسك ببقاء "الرئيس".

وفي ليبيا انقلب الانتصار على نظام القذافي -والذي فتح على مسار ديمقراطي لم يُنجح "الإسلاميين"- إلى احتراب أهلي، وصراع مسلح بين قوى متعددة، كلها لها ارتباطات خارجية، وبالتالي بات الصراع منحكما لمصالح تلك القوى الخارجية. والجهود "الدولية" هي التي تحاول توحيد المقاتلين دون أن تنجح إلى الآن.

أما في اليمن، فقد "تنازل" علي عبد الله صالح بعد ضغوط شديدة من الدول الخليجية، لكنه لم يترك اليمن، ولا سلّم مفاتيح السلطة لوريثه. وبهذا كان "النظام الجديد" هزيلاً، مفككاً، ولا يملك من الأمر شيئاً. ولقد أدى طموح الحوثيين للسيطرة على النظام إلى التحالف مع علي عبد الله صالح، ليتحقق اجتياح اليمن بسرعة فائقة، حيث ظهر أن صالح ما زال يتحكم بالجيش والأمن. وهو الأمر الذي أدخل اليمن في الصراع الإقليمي، وجعل "الشرعية" تعود على مجهود "التحالف العربي".
رغم أن ما جرى يفتح على إعادة ترتيب وضع النظام بشكل مختلف نتيجة اختلال توازنات القوى الداخلية بعد تدمير قوات علي عبد الله صالح وتقزيم الحوثيين، ونتيجة المشاركة الشعبية في الصراع ضد صالح والحوثيين؛ هذا الأمر الذي ربما يجعل مسار التغيير أوسع، وأعمق.

في تونس ومصر كان الأمر أكثر "سلاسة"، وربما تعقيدا. فقد انخرطتا في مسار ديمقراطي أدى إلى وصول جماعة الإخوان المسلمين وحركة النهضة إلى السلطة، فحكمت في تونس بالتحالف مع حزبين صغيرين، واستفردت في مصر بالسلطة. لكن لم يحقق أي منهما تغييرا مجتمعيا، وليس الأمر فقط أنه لم تتحقق مطالب الشعب في العمل والحد الأدنى للأجور، وفي إصلاح التعليم والصحة، بل استمرت في السياسات الاقتصادية ذاتها، خاضعة لشروط صندوق النقد الدولي.

هذا ما استثار ثورة جديدة في مصر أطاحت بالجماعة، لكنها أفضت إلى "عودة النظام القديم" بعنف أشدّ، وميل كبير لسحق الحركة المجتمعية، وبسياسات اقتصادية أكثر سوءا، حيث رفعت الأسعار، وتميل لخصخصة التعليم والصحة والسكك الحديدية.

ولقد أفضى ما جرى في مصر إلى نشوء حراك سياسي مجتمعي ضد "الترويكا" في تونس، لكن استفادت حركة النهضة من "درس مصر" جعلها تتراجع، وتقبل بحكومة تكنوقراط، ثم بانتخابات جعلت ممثلي "النظام القديم" (مع شراذم يسار منهار) هم الحزب الأول، وباتت هي الحزب الثاني، فقامت بعقد تحالف مع حركة نداء تونس. لقد قبلت بتقاسم السلطة، على أن تكون الطرف الثاني. وأيضا استمرت السياسات الاقتصادية ذاتها. وكما في مصر، ظلت الاحتجاجات الشعبية تتصاعد.

[color="rgb(255, 0, 255)"]"في تونس ومصر باتت طبقة الرأسمالية المافياوية تميل إلى العنف، ومنع أي تظاهر أو حراك، وتهدد بتكرار سياسة النظام السوري، فقد ضخمت من أخطار الإسلاميين، ثم أخذت تلوّح بالخطر الإرهابي، من أجل تبرير سياساتها القمعية"[/color]

[color="rgb(255, 0, 255)"]في هذين البلدين يتوضح مدى تمسك الطبقة المسيطرة، أي الرأسمالية المافياوية، ليس بالسلطة فقط بل بالسياسات الاقتصادية التي أفقرت الشعب، ودفعت إلى انفجار الثورات[/color].

ما تغيّر هنا هو أن هذه الطبقة باتت تميل إلى العنف، ومنع أي تظاهر أو حراك، وتهدد بتكرار سياسة النظام السوري. فقد ضخمت من أخطار الإسلاميين، ثم أخذت تلوّح بالخطر الإرهابي، من أجل تبرير سياسات قمعية، وتعزيز السيطرة على المجتمع.

ما ظهر خلال السنوات الخمس هو تمسك الطبقة المسيطرة ونظامها باستمرار السيطرة، ومنع سقوط النظام بأيدي فئات أخرى. لقد قرَّر النظام السوري منذ البدء أن "يقاتل إلى النهاية"، رافضا أي تنازل للشعب، حتى وإن كان شكليا، كما ظهر أن التلاحم بين الفئة المسيطرة وبنية الدولة والطبقة المسيطرة كان كبيرا.

ولتجنب مصير تونس أو مصر قرَّر ممارسة كل العنف الذي يسمح بسحق الثورة، لكنه عجز عن ذلك، وهو الأمر الذي كان يفتح على "تفكك" السلطة وقبول طرف فيها تنحية "الرئيس" كما ظهر نهاية سنة 2012. لكن التدخل الإيراني عبر حزب الله والمليشيا الطائفية العراقية والعالمية والحرس الثوري، منعت ذلك إلى حين (صيف 2015)، ومن ثم تدخلت روسيا للحفاظ على النظام دون تغيير.

في تونس ومصر كان القرار هو ذاته، أي الحفاظ على السيطرة الطبقية لرأسمالية مافياوية، لكن لتحقيق ذلك كان ضروريا التخلي عن الرئيس، والمناورة من أجل إجهاض الثورة من خلال الإيهام بانتصارها، واللعب على الزمن من أجل تفتيت الحراك الشعبي وإنهاء الثورة.

وهو الأمر الذي ما زال قائما، في وضع لم يشر إلى إمكانية نهاية الحراك الشعبي، فقد بات الشعب في وضع لا يستطيع معه الاستمرار كما هو، ومن ثم باتت السلطة عاجزة عن الحكم بآلياتها ذاتها.

وفي هذا الوضع تجري المناورات، والمحاولات من أجل التخلص من الغضب الشعبي وفرض استقرار النظام. فالطبقة المسيطرة تعمل بكل عنف لاستمرار النمط الاقتصادي الريعي الذي شكّلته بالترابط مع الطغم المالية الإمبريالية، والذي يقوم على حرية السوق المطلقة، وتركيز النشاط الاقتصادي في الخدمات والعقارات والسياحة والبنوك والاستيراد والبورصة، وهو النمط الذي يراكم الأرباح الهائلة لتلك الطبقة لكنه يفقر ويهمش الأغلبية من الشعب.
وهو النمط الذي فرض انفجار الثورة بالأساس، حيث بات الشعب عاجزا عن العيش في الوضع الذي وصل إليه. هذا التناقض هو الذي أظهرته الثورات، فوضعت الرأسمالية المافياوية في وضع مربك، وفي إزدواجية هي عاجزة عن تجاوزها.

فأولا، إن وضع هذه الطبقة يفترض استمرار النمط الاقتصادي الريعي، لأنه أساس وجودها، وأساس تراكم أرباحها، وهي لا تستطيع أن تغيّر فيه، وإلا ستنهار كطبقة مسيطرة. لهذا ليس لديها من خيار سوى التمسك بنمطها، وبترابطها مع الطغم المالية العالمية.
وثانيا، إن هذا النمط هو الذي يؤدي إلى البطالة والفقر والتهميش، وهو الوضع الذي يفرض نشوب الثورات.

ولتجاوز ذلك لا بد من تغيير النمط الاقتصادي، وهذا ما لا يتطابق مع مصالح الطبقة الرأسمالية، لهذا تحاول المناورة من أجل تثبيط همم الشعب، لكن الفشل في ذلك يدفع إلى تشديد القمع، واختراع مناورة جديدة تسمى "الحرب على الإرهاب"، وهي السياسة التي تبرر اعتقال وقتل وتجريم كل منتفض أو معترض أو يسعى إلى التغيير.

"ممارسة النظام السوري فتحت على أن يكون العنف الوحشي سياسة رسمية للنظم التي تدافع عن وجودها، رغم أن خمس سنوات من الحراك قد أفضت إلى "ضعف" النظام، وربما عجزه عن المواجهة العنيفة"

لهذا يعود النظام إلى ممارسة العنف بأشكال مختلفة، ربما يكون مثالها الأعلى هو النظام السوري. ولا شك في أن ممارسة النظام السوري قد فتحت على أن يكون العنف الوحشي سياسة رسمية للنظم التي تدافع عن وجودها، رغم أن خمس سنوات من الحراك قد أفضت إلى "ضعف" النظام، وربما عجزه عن المواجهة العنيفة، رغم استمرار ميل النظم لهذه الممارسة.

وهذا الوضع يُظهر أن الطبقة المسيطرة لم تعد متماسكة، وأن تناقضات باتت تخترقها، نتيجة اختلاف الحلول التي تُطرح في مواجهة الشعب، وكذلك نتيجة شعورها بالضعف في مواجهة شعب مصمم على التغيير، وأيضاً كذلك لأن "الصراع الطبقي" بات يخترق النظام" ذاته، كون أن المصالح مختلفة بين الفئة المسيطرة -والتي هي جزء من الرأسمالية المافياوية- وبين الفئات الأخرى التي تنتمي للشعب، وهي مفقرة وتُستَغَلّ ضد الشعب. وبالتالي نلمس هنا "تفككا" في النظام، مترافقا مع استمرار الصراع الطبقي، والحراك الاجتماعي.

الرأسمالية المسيطرة تريد استمرار سياساتها الاقتصادية، التي هي سياسات تزيد الفقر والبطالة والتهميش، وتعمِّق انهيار التعليم والصحة والبنية التحتية، ولكنها تواجه بتمرُّد الشعب دون أن تستطيع الالتفاف عليه، فتميل لمحاولة سحقه، لكنها تُظهر ضعفا لا يجعلها قادرة على ذلك، خصوصا بعد اختراق الصراع الطبقي بنية الدولة.
*
وهو الأمر الذي يفجّر الصراعات بين أطراف الرأسمالية ذاتها، نتيجة اختلاف المصالح، وأيضا اختلاف الرؤى فيما يتعلق بالحل الأصح لتجاوز الثورة. وهذا يُظهر مأزق الرأسمالية ذاتها، ويشير إلى بدء عجزها عن الالتفاف على الثورة، ومن ثم ظهور تناقضاتها.
*
بعد خمس سنوات تظهر الرأسمالية المسيطرة، والنظام الذي يمثلها، عاجزين عن تحقيق الاستقرار بالتخلص من الثورة. ويتصاعد عجزهما مع استمرار السياسة الاقتصادية ذاتها، بل زيادة الميل للخصخصة وزيادة الأسعار دون زيادة الأجور.
*
فالدولة، التي هي أداتها تصبح جزءا من الأزمة مع اختراق الصراع الطبقي لبنيتها، ومن ثم تصاعد تناقضات الرأسمالية ذاتها.

لهذا لا استقرار بعد -وربما لن يكون- في ظل استمرار النظام ذاته والسياسات الاقتصادية الريعية ذاتها.
المصدر : الجزيرة

خالد أبو إسماعيل 01-30-2016 05:05 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذ أيوب بوعزيزي ماقهره ليس الفقر بل إهانة موظفة البلدية التي صفعته كما قيل ، قهر الرجال يعذب اï»»نسان فما بالك بقهر النساء .
لماذا نجحت ثورة الخميني ؟
ï»·ن لها قائد وزعيم مسموع ومطاع .
لذلك ثورات العرب لم تنجح ï»·نها ليس لها قائد وï»·ن بعض الثوار لم يستشعروا أنها مرحلة تاريخية خطيرة ومفصلية ، وأكبر خطأ تسليم الثورة للأحزاب التي لها مصالح ولها مطامع ولها خصومة فيما بينها بل قد تكون حقدا وكراهية كما قال البعض العسكر وï»» اï»»سï»»ميين .

ايوب صابر 01-30-2016 05:24 PM

مرحباً استاذ خالد

اتفق معك ان الثورات تحتاج لقادة أفذاذ لديهم قدرات كرزمية وبرنامج بديل يحل الأزمات التي تسببت في ظهور الثورات اصلا وما كان لعبد الناصر مثلا ان ينجح في انقلابه العسكري الذي سوقه على اساس انه ثورة لو لم يتبنى برنامج اقتصادي اشتراكي خفف المعاناة عن الأغلبية المسحوقة من الشعب.

اما عن سبب الثورة صحيح ان اجهزة الدول التي شهدت الثورات كانت تتعامل مع الناس وكانهم حثالات واقل من حيوانات لكن السبب الذي جعل الناس تهب هو شعورها بالظلم الاجتماعي واهم عنصر في ذلك الظلم هو الفقر

وحينما طرحت حكومات الاسلام السياسي نفسها كبديل كانت الاولويه عندها الفكر والنهج وليس الاقتصاد وتمكين الشباب فظلت اسباب الثورة قائمة وما تزال ولن تهدا الا اذا ما تغير الوضع الاقتصادي وحدثت طفرة مجتمعية

*

ايوب صابر 01-30-2016 05:29 PM


الحراك الثوري العربي في ذكراه الخامسة

بشير عبد الفتاح
بشير عبد الفتاح, أكاديمي وباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

ثمة تحسب أمني محلي وإقليمي عالي المستوى لأي تصعيد للحراك الشعبي العربي هذه المرة، توخيا للحيلولة دون توسعه وانتشاره داخل الدولة الواحدة ككرة الثلج، أو على المستوى الإقليمي وفقا لنظرية الدومينو على غرار ما جرى قبل سنوات خمس.

مع حلول الذكرى الخامسة لاندلاع الحراك الثوري العربي في مثل هذه الأيام من العام 2011، فيما لا تزال حصيلة العوائد الإيجابية التي كانت متوخاة من ورائه بطيئة ومتواضعة، لا سيما الاقتصادية منها؛ تطل برأسها التساؤلات بشأن احتمالات إعادة إنتاج ذلك الحراك في بعض البلدان التي دهمتها رياحه، خصوصا في ظل انبعاث سيناريوهات ومقدمات تصعيدية مشابهة في تونس على خلفية احتجاجات ومواجهات بين الدولة وشرائح شعبية ناقمة على شظف العيش، بالتوازي مع وقوع عمليات "إرهابية" محدودة بمناطق متفرقة في ربوع مصر، تتزامن بدورها مع دعوات حذرة لإطلاق تظاهرات احتجاجية حاشدة.

ففي تونس، التي يتراءى لمراقبين هناك أن ثورتها قبرت على مذبح تسوية فوقية أبرمت بين بقايا النظام البائد وحزب النهضة الإسلامي الذي قايض شراكته الهامشية في السلطة بمصالحة مع الدولة العميقة، تجددت احتجاجات شبان غاضبين يطالبون بالعمل، واجتاحت مدنا عدة من بينها القصرين غربي البلاد، بعد يومين من انتحار شاب عاطل عن العمل احتجاجا على شطب اسمه من لائحة للتوظيف.

"توسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل ما لا يقل عن ثماني مدن تونسية، مما أدى إلى دخول الجيش على الخط وإعلان الداخلية التونسية حظر التجوال بعموم البلاد خلال الليل"

وتوسعت رقعة الاحتجاجات إلى مدن مجاورة قبل أن تتصاعد وتيرتها لتشمل ما لا يقل عن ثماني مدن، كما هددت العديد من النقابات بشن عدد من الإضرابات والاحتجاجات، للتنديد بما أسمته "الفوضى الحكومية في تنفيذ سياستها"، ما أدى إلى دخول الجيش على الخط، وإعلان الداخلية التونسية حظر التجوال بعموم البلاد خلال الليل، ونشر قوات للجيش تحسبًا لإمكانية تحرّك "إرهابيين" في جبال تالة استغلالا منهم لغياب الأمن.
وفي مصر، وبعد مرور خمس سنوات على ثورة يناير/كانون الثاني*2011، لا يزال المصريون يتساءلون عن إنجازاتها وما تبقى منها، وما برح الجدل محتدما والاشتباك لم يفض ما بين 25 يناير/كانون الثاني*2011 و30 يونيو/حزيران 2013، حتى تزايدت المخاوف من اندلاع ثورة جديدة في ظل وجود دعاوى إخوانية بالتظاهر، بالتزامن مع انطلاق دعاوى ثورية واحتجاجية للتظاهر من قبل حركات مدنية أخرى لا تخفي رفضها للمسار الراهن.

غير أن اللافت في الحالة المصرية قد تجلى في رفض قطاع عريض من المصريين لدعاوى التظاهر أو الاحتجاج مجددا، على الرغم من تحفظ الكثيرين منهم على أداء النظام الحالي.

وانطلاقا مما ذكر آنفا، يمكن الوقوف عند بعض الملاحظات اللافتة:
أولها، أن أدبيات علم الاجتماع السياسي، كما خبرات العالم مع التجارب الثورية الشعبية تؤكد أن الحكم على تلك الثورات الحداثية التي لم تتأت على شاكلة الثورات الكلاسيكية التي شهدها العالم خلال القرنين الماضيين، من حيث النجاح أو الفشل أو موعد جني ثمارها، يتطلب مدى زمنيا يتخطى بكثير الخمس سنوات التي تلت اندلاع الحراك الثوري العربي، خصوصا في ظل أجواء الاضطراب الأمني والارتباك الاقتصادي التي تلقي بظلالها على العالم أجمع، وحالة السيولة السياسية والجيوستراتيجية التي تخيم على منطقة الشرق الأوسط برمتها.

وثانيها، أن الدول التي يتهددها شبح الحراك الثوري مجددا تعاني من غياب موجع للكوادر السياسية والإدارية، فضلا عن هشاشة النخب السياسية والفكرية، وعجزها عن ملأ الفراغ السياسي الناجم عن إسقاط الأنظمة البائدة
، إضافة إلى إخفاقها في الاضطلاع بمهمة تنفيذ مطالب الثورة وأهدافها، في الوقت الذي تنزع فيه الحكومات المرتعشة المتعاقبة إلى الاستسهال في التعاطي مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية عبر التوسع في الإجراءات القمعية وتبني سياسات تقشفية لا تلبث أن تعصف بحقوق البسطاء، دون سواهم، بدلا من ابتكار حلول إبداعية للأزمات المزمنة ، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام انبعاث الاحتجاجات الشعبية الغاضبة.

أما ثالثها، فيتجلى في أن هواجس ونذر تجدد الحراك الثوري إنما تنحصر في البلدان التي شهدت انطلاق ذلك الحراك الثوري قبل خمس سنوات، لكنها لم تتعرض للتفكك أو الانهيار أو السقوط في براثن الحروب الأهلية أو الصراعات الطائفية التي باتت تتهدد الدولة الوطنية العربية في مقتل، حيث دشنت تلك الدول مسارات سياسية لإعادة بناء نظام سياسي أقرب للسمت الديمقراطي.
كما انتهجت نهجا تنمويا يتوسل بلوغ نهضة اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة. لكن المشكلة أن عوائد وثمار تلك المسارات والبرامج قد تأخرت، بسبب الإرهاب وسوء التخطيط وغياب الكوادر الإدارية الناجعة والمبدعة، فلا الديمقراطية ترسخت دعائمها ولا التنمية ظهرت بشائرها حتى الآن.
"واحدة من مشكلات دول الثورات العربية تكمن في ارتفاع سقف توقعات الشعوب*وتعجلها قطف ثمار تلك الثورات، في الوقت الذي يعجز فيه مستوى أداء الحكومات والأنظمة الجديدة عن الوفاء بتلك التوقعات "

ورابعها، أن المشكلة الحقيقية تكمن في ارتفاع سقف توقعات شعوب بلدان الثورات وتعجلها قطف ثمار تلك الثورات في الوقت الذي يعجز مستوى أداء الحكومات والأنظمة الجديدة عن الوفاء بتلك التوقعات، في ظل ظروف إقليمية ودولية قلقة ومشكلات محلية معقدة ومزمنة.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الدواعي الاقتصادية والاجتماعية المحركة للاحتجاجات والمغذية للهواجس الخاصة بتجدد الحراك الثوري، والتي تعرف بالاقتصاد السياسي للثورة، إنما تأتي هذه المرة في سياق وضع اقتصادي عالمي متأزم، فلئن قفز معدل البطالة في تونس إلى 15% بعد أن كان 12% عام 2010 -إذ يعاني ثلث الشباب التونسي من البطالة، بينما تبلغ نسبة البطالة في أوساط الخريجين 62%- فليس الحال في مصر بالأفضل على الإطلاق، حيث البطالة المرتفعة والركود الاقتصادي وارتفاع الأسعار وغير ذلك من المشكلات.

وما التراجع الاقتصادي في تلك البلدان بالمنبت الصلة عن تراجع عام يخيم على الاقتصاد العالمي ككل، في ظل عدة معطيات أبرزها: انهيار عدد من أسواق الأسهم الرئيسة حول العالم، وتراجع النمو الاقتصادي في الصين، وتدهور أسعار النفط إلى 27 دولارا للبرميل بسبب زيادة المعروض منه بواقع 31% بعد عودة إيران كمصدر بارز داخل منظمة "أوبك" وزيادة حصص السعودية وليبيا والعراق، فضلا عن تفاقم صادرات الدول من خارج المنظمة، في ظل حرص الدول المصدرة للنفط على إبقاء سعر النفط العادي أقل من النفط الصخري ليستمر الاعتماد الأميركي على نفطها، علاوة على تراجع معدلات نمو الاقتصاد الأميركي بنسب هي الأخطر منذ أربعينيات القرن الماضي.

ونتيجة لذلك تنامت التوقعات بتفاقم معدلات البطالة حول العالم، حيث أعلن المكتب الدولي للعمل أن عدد العاطلين عن العمل في العالم يبلغ حاليا 213 مليون شخص، وقد أرجع خبراء التراجع في معدلات التوظيف وتدهور البطالة في الأشهر الأخيرة إلى تغيير سياسات الدول التي تخلت عن خطط الإنعاش لتتبنى برامج التقشف، وهو ما يهدد باندلاع أزمات اجتماعية حادة.

وقد حذرت صحيفة "الغارديان" البريطانية من تزايد المخاوف من انهيار اقتصادي عالمي يذكر بالأزمة المالية في عام 2008، إثر ما سمته "الهلع الذي يسود الأسواق المالية العالمية"، والذي تمخض بدوره عن موجة من الاهتزازات في الأسواق المالية عززت من اندفاع المستثمرين للبحث عن أماكن آمنة لاستثماراتهم. وبناء عليه، هيمن موضوع تباطؤ الاقتصاد العالمي على أجندة الاجتماع السنوي لصندوق النقد والبنك الدوليين في أكتوبر/تشرين الأول*الماضي.

وخامسها، ثمة تحسب أمني محلي وإقليمي عالي المستوى لأي تصعيد للحراك الشعبي العربي هذه المرة، توخيا للحيلولة دون توسعه وانتشاره داخل الدولة الواحدة ككرة الثلج، أو على المستوى الإقليمي وفقا لنظرية الدومينو على غرار ما جرى قبل سنوات خمس خلت، لا سيما بعد أن حذرت زعيمة حزب العمال التروتسكي في الجزائر لويزة حنون من اندلاع ما أسمته "ثورة اجتماعية"، جراء إمعان الحكومة في تطبيق سياسة وصفتها بـ"التجويعية"، من خلال لجوئها إلى الخيارات السهلة بفرض ضرائب ورفع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية كالوقود والكهرباء والماء، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية بما يكبل القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية البسيطة، دون المساس بمداخيل الطبقة الثرية وكوادر الدولة. الأمر الذي أدى إلى اتساع الاحتجاجات في الشارع الجزائري ضد السياسة الحكومية بعدما هددت العديد من النقابات بشن إضرابات واحتجاجات، للتنديد بما أسمته "الفوضى الحكومية في تنفيذ السياسات".

وأدان خبراء افتقاد الحكومة للشجاعة السياسية بغية إقناع الجزائريين بالإجراءات التقشفية التي تبنتها، فبتجاهلها ثقة الشارع المهزوزة فيها، انتهجت الحكومة أسلوب التحايل على الشعب، بعد إفراد قانون الموازنة لبند يسمح لوزير المالية التصرف في الموازنة العامة، وهو ما تعتبره المعارضة مصادرة لحق البرلمان ولسلطة رئيس الجمهورية.

"أحد أخطر التداعيات السلبية لما تشهده تونس ومصر وغيرهما من الدول العربية هذه الأيام، يكمن في إمكانية تقويضه لثقة مواطني دول الثورات، ليس فقط في جدوى "الثورة" كآلية للتغيير نحو الأفضل، وإنما أيضا في أهمية الديمقراطية التي قد تتمخض عنها"

وربما انبلج ذلك التحسب الأمني من رحم تعاظم المخاوف من استغلال الإسلاميين المتطرفين لأي حراك شعبي جديد، وقيامهم باختطافه والزج به وبدول وشعوب المنطقة والعالم إلى مآلات كارثية مثلما حدث في مصر وتونس، حيث جنحت جماعات إسلامية راديكالية إلى مبايعة وموالاة تنظيم "داعش الإرهابي"، فيما انضوى زهاء ثمانية آلاف "متطرف" تونسي تحت لواء التنظيمات "الإرهابية" في سوريا والعراق، كما تقلد بعضهم مناصب قيادية مهمة داخل الهياكل الإدارية لتلك التنظيمات، لتحتل بذلك الدولة المفجرة للحراك الثوري العربي المرتبة الرابعة فيما يخص قائمة جنسيات المسلحين المنخرطين في تلك الجماعات بعد الشيشان والسعودية ولبنان.

أخيرا وليس آخرا، فإن أحد أخطر التداعيات السلبية لما تشهده تونس ومصر وغيرهما من الدول العربية هذه الأيام، إنما يكمن في إمكانية تقويضه لثقة مواطني تلك الدول، ليس فقط في جدوى "الثورة" كآلية للتغيير نحو الأفضل، وإنما أيضا في أهمية الديمقراطية التي قد تتمخض عنها، كأداة ناجزة لتحقيق الاستقرار والتنمية.

فلم تكن الخطوات المهمة والخجولة التي خطتها كل من تونس ومصر على طريق بناء أنظمة مدنية ديمقراطية بفعل الحراك الثوري، لتنعكس بالإيجاب على الأوضاع المعيشية والحياة اليومية للمواطنين، خصوصا على المدى القصير، وهو الأمر الذي من شأنه أن يقلص مستوى الطلب على الديمقراطية في سائر البلدان العربية، وربما على مستوى العالم الثالث ككل، التي لن تجد نخبها وأنظمتها -غير المؤمنة أصلا*بأولوية قضية الديمقراطية- أية غضاضة في عرقلة أو تجميد مسيرة التحول الديمقراطي القلقة، كلما تراءى لها ذلك، تذرعا بمحاربة "الإرهاب"، والحفاظ على وحدة الدولة الوطنية، أو توسل النمو الاقتصادي.
المصدر : الجزيرة

خالد أبو إسماعيل 01-30-2016 05:48 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشباب الذين دعوا الى التظاهر يوم 25 يناير لم يصدقوا عندما رأوا الجموع الغفيرة وكانوا يظنونها كالعادة يتجمعون ثم يتفرقون عند مجيء اﻷمن المركزي فاتصلوا فيما بينهم وقرروا التوجه الى التحرير .
هذا يعني كما قلت الطغيان أي الظلم الذي تجاوز الحد فانفجر ، ﻻتحدث هبة للجماهير اﻻ بعد طغيان .
كيف يمكن افراز قائد يرضى بقيادته الجميع ؟
بنو اسرائيل لم يستطيعوا ذلكفطلبوا من نبيهم أن يختار الله سبحانه وتعالى القائد فاختار الله سبحانه وتعالى طالوت ، فلم يستجيبوا فورا بل قالوا أنه فقير فرد عليهم النبي أن الله سبحانه وتعالى قد أعطاه القوة والعلم فرضخوا .
إذن مشكلة القيادة والزعامة ليست بسيطة بل معضلة حقيقية .
لما انتصر المجاهدين اﻷفغان على الروس حدث معهم نفس الشيء فلم يرضوا لشخص منهم بالقيادة مما أدى إلى اقتتالهم ، ﻻحظ في مصر لم يرض اﻷحزاب والعلمانيون واللبراليون بقيادة الإخوان فتحالفوا مع الجيش والعسكر وقالوا أن اﻻنتظار إلى اﻻنتخابات ثﻻث سنوات فترة طويلة فكانت البوابة التي ولج منها العسكر إلى السلطة بحجة انقاذا البلد من هذا الإنقسام .

ايوب صابر 01-30-2016 11:47 PM

الاستاذ خالد
حتما أساء الاخوان تقدير الموقف خاصة فيما يتعلق بالثقة بالجيش وكان عليهم ان يدركوا بان عقيدة الجيش وتبعيته وولاءه واهدافه قد تغيرت والذي حصل ان الجيش استغلهم حتى يتغير المزاج العام وكان يعمل من اليوم الاول ضمن خطة مدروسة من اجل سحب الثقة منهم او اغتيالهم معنويا وكان من اهم الوسائل لتحقيق ذلك الاعلام لكن الخطة تشتمل على مجموعة اخرى من الاجراءت وعندما تم تهيئته الظروف انقض الجيش عليهم بتبرير انهم الارهاب رغم انهم استوردوا نهجا هنديا في تعاملهم مع الأزمة فكان إعلانهم بان " سلميتنا أقوى من الرصاص " وجلسوا في الساحات مثل البط ليصطادهم رصاص الجيش وكان ذلك خطئهم الاستراتيجي القاتل .

المشكلة ان الجيش فشل هو أيضاً في اقتناص الفرصة وفشل في التعامل مع الامور بصورة سليمة وبحيث يكسب ود الشريحة المهمشة التي هبت ضد الظلم حيث الجيش همش الشباب وقود الثورة ومحركها وجاء بعجوز كاول رئيس للوزارء ولم يقم باي اجراءات تخفف المعاناة بل على العكس تفاقم الوضع الاقتصادي لذلك يظل الوضع متفجر .

اما فيما يتعلق باختيار القائد فان التاريخ يقول ان افضل القائدة جاؤا من بين الأيتام فلا بد من البحث عن قائد يتيم يمتلك سمات القيادة الفذة واهمها الكرزما التي يستطيع من خلالها الفوز بقلوب وعقول الناس وينحاز للجماهير على شاكلة عبد الناصر ويكون لديه برنامج لتحقيق العدالة الاجتماعية ولا يخشى مراكز القوى لتنفيذه ويكون ولاه للوطن والجماهير المسحوقة ولكن السلطة لا تمنح وانما تؤخذ اي انه لا بد من قيام قائد يتيم بالانقلاب والاستيلاء على السلطة ولذلك لا بد ان يكون من الجيش .

*

ايوب صابر 01-31-2016 02:02 AM

بعد خمس سنوات من الثورة: غياب العدالة الاجتماعية ما زال «قنبلة موقوتة» في مصر تنتظر من يفككها
january 30, 2016
عن القدس العربي

القاهرة ـ «القدس العربي»: بعد خمس سنوات من ثورة يناير في مصر، قد لا يكون من المبالغة القول ان قليلا قد تغير فيما يتعلق بمنهجية التعامل مع مفهوم العدالة الاجتماعية الذي كان حاضرا بقوة سواء في أسباب اندلاع الثورة أو ضمن أهدافها المعروفة. بل ان المواطنين الذين أطلقوا اسم (خساير) على الثورة بدلا من يناير محقون من الناحية الموضوعية، من حيث ان حالة التدهور الاقتصادي في أعقاب الثورة، والذي تتحمل مسؤوليته الإدارات السياسية المتعاقبة وليس الثورة في حد ذاتها، أسهمت في تفاقم الحالة المعيشية للغالبية المسحوقة أصلا بدلا من ان تساعد في تحسين أوضاعهم كما كان مأمولا عندما خرج الملايين إلى الشوارع يطالبون بالعيش بمعنى العيش الكريم وليس الخبز فقط.
وإذا كان تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2007 أكد أن هناك 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، وأن نسبة من يعيشون على دولار واحد يومياً بلغت 3.1٪ من السكان، كما أكدت دراسة لمعهد التخطيط القومي أن أكثر من 16٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر. فان الأوضاع اليوم اسوأ على أي مقياس، إذ تقول الحكومة ان نسبة من يعيشون تحت خط الفقر وصلت إلى 26 ٪ بما يعادل 23 مليون مواطن، وان كانت مصادر أخرى متطابقة تؤكد ان النسبة وصلت إلى 42٪ ما يعادل 37 مليون مواطن. وخسر الاحتياطي النقدي عشرين مليار دولار، حيث هبط من 36 مليار دولار قبل الثورة إلى نحو 16 مليارا فقط الشهر الماضي وهو الحد الأدنى الذي يمكن الحكومة من توفير السلع الغذائية.
وقد أدى تراكم عجز الموازنة العامة العام الماضي إلى إرتفاع حجم الدين العام المحلي إلى 1700 مليار جنيه ما يمثل أكثر من 90٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي وبلغت فوائد هذا الدين الداخلي حوالي 182 مليار جنيه يمثل ربع حجم الإنفاق.
ومن الناحية السياسية لا يجد كثير من المواطنين فارقا كبيرا في تعامل الحكومة مع هذه الأزمة الاقتصادية المتفاقمة مما كانت عليه قبل الثورة. وبنظرة سريعة نجد ان حكومة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كانت رفعت شعار الأولوية لمحدودي الدخل، ومعها رفع الحزب الوطني شعار (وعدنا .. فأوفينا)، وخرج وزير التنمية الاقتصادية حينها ليصرح بأن «المواطن المصري بإمكانه أن يعيش على 150 قرشاً في اليوم»، في دليل واضح على انفصال الحكومة عن الواقع الذي يعيشه الناس، وعدم ادراكها للأزمات التي تزداد تفاقماً يوماً بعد يوم.
وقد أدى ذلك إلى تزايد مطرد في مظاهر الاحتجاج والرفض والتململ الاجتماعي، كمياً ونوعياً سواء على شكل مظاهرات أو اعتصامات أو اضرابات أو تجمهر زاد عددها من 86 احتجاجاً عام 2003 إلى ما يقرب من 900 احتجاج في عام 2008.
وفي الواقع يمكن القول ان ثورة يناير نفسها، وبالتوازي مع عوامل سياسية وأمنية واجتماعية أخرى بالطبع، لم تكن سوى محصلة طبيعية لتلك الاحتجاجات.
وللاستدلال على المنهجية التي تحكم تعامل الحكومة اليوم، نجد ان وزير العدل أدلى بتصريح مشابه قبل عدة شهور قال فيه ان (المواطن يستطيع ان يعيش بجنيهين يوميا) أي ما يعادل ربع دولار. اما على الأرض فان اختلال موازين العدالة الاجتماعية آخذ في التعمق بين فئات المجتمع بسب الزيادة الواسعة في الأسعار كنتيجة طبيعية لانهيار سعر صرف الجنيه أمام الدولار من خمسة جنيهات للدولار عشية الثورة إلى أكثر من ثمانية جنيهات ونصف للدولار في السوق الموازية أو السوداء اليوم. بالإضافة إلى ذلك تستمر مشاكل عدم استقرار العمالة المؤقتة ومطالبتها بالتثبيت، وعدم تناسب الرواتب والأجور رغم زيادتها مع الأسعار.
وبينما كانت حكومة مبارك تفتح أبواب الفساد على مصراعيها للنخبة المقربة من السلطة، فقد فشلت في تقدير خطورة تلك الاحتجاجات حيث أنها في أغلبيتها احتجاجات كانت غير سياسية، وان انتشارها الواسع في نسيج المجتمع وفي مستوياته الأكثر فقراً ومعاناة.
اما الحكومة اليوم فانها تواصل تجاهل خطورة هذه الأزمة. وبالرغم من انها سعت إلى اتخاذ اجراءات تستهدف تقليل الفجوة بين الأغلبية المسحوقة والطبقة الأكثر غنى، إلا ان هناك اجماعا على انها ليست كافية، بل انها لا تقارن بالحجم الهائل للانفاق على مشروعات أخرى.
ومن هذه القرارات، تطبيق الحد الأدنى للأجور (1200 جنيه شهريا) وتطبيق الحد الأقصى (42000 جنيه شهريا)، وزيادة معاش الضمان الاجتماعي إلى 11 مليار جنيه وبالتالي زيادة عدد المستفيدين من هذا المعاش، ورفع أسعار المواد البترولية من بنزين وسولار ومازوت لتوفير 44 مليار جنيه وقد يؤدي ذلك إلى إرتفاع تكلفة نقل الركاب إلى 10٪ على الأقل من وجهة نظر الحكومة، رفع أسعار الكهرباء لتوفير 27 مليار جنيه مع تطبيق نظام الشرائح المتعددة أي أن سعر الكيلو وات في الشريحة العليا للإستهلاك التي يدفعها أصحاب الدخول المرتفعة أصبح 10 أمثال سعر الكيلو وات بالنسبة للفقراء.
ولا يستطيع كثير من المصريين اليوم فهم أولويات الحكومة التي تنفق مئات المليارات من الجنيهات في مشاريع مثل حفر مجرى جديد لقناة السويس أو إقامة عاصمة إدارية جديدة فيما تتفاقم أوضاع الصحة والتعليم والبطالة والاسكان بشكل مطرد دون وجود أي برنامج محدد لاصلاحها.
كما انهم لا يجدون أسبابا مقنعة للتفاؤل بحدوث تغييرات سياسية تصب في مصلحة تحقيق العدالة الاجتاعية المنشودة. ولا يعني هذا ان المجتمع سيقبل استمرار الأوضاع الحالية أو السياسة الحكومية بهذا الشأن. وقد فشلت الحكومة في تمرير قانون الخدمة المدنية الاسبوع الماضي رغم الضغوط القوية على أعضاء البرلمان، في تعبير واضح عن حجم الأزمة في الشارع المحتقن. وبالرغم من تدخل أجهزة الأمن سعيا لعرقلة تشكيل تحالف للعدالة الاجتماعية في البرلمان، فقد وقع النائب هيثم الحريري وآخرون على مذكرة تطالب الحكومة بإجراءات محددة في الاتجاه نفسه، ومنها:
- إعادة توزيع الدخل القومي على أسس عادلة بما في ذلك وضع نظام عادل للأجور يتضمن حداً أدنى يكفي لمعيشة كريمة لأسرة من أربعة أفراد لا يقل عن 1200 جنيه شهرياً، وحداً أقصى لا يتجاوز خمسة عشر ضعف الحد الأدنى، وزيادة الإنفاق في الموازنة العامة على الصحة والتعليم والإسكان وتطوير نظام التأمينات الاجتماعية ليشمل كل الفئات الضعيفة.
– خفض الإنفاق غير الضروري في الموازنة العامة مثل الإنفاق على الأمن المركزي والحرس الجمهوري والعلاقات العامة.
- زيادة الاستثمار بما يكفي لتحقيق معدلات نمو لا تقل عن 6٪ سنوياً .
- رفع المستوى المهاري للداخلين الجدد إلى سوق العمل، وإعادة النظر في سياسة التدريب لربطها بفرص العمل الجديدة وإنشاء مجلس أعلى لتنمية الموارد البشرية يشرف على هذه العملية .
- إعطاء أولوية في البرامج الاستثمارية والاجتماعية لاستئصال الفقر .
وقبل هذا كله بإمكان الحكومة تنظيم لقاءات مع ممثلي الفئات المختلفة للتعرف على مطالبهم ووضع جدول زمني بالأولويات ليطمئنوا أن مشاكلهم في طريقها للحل عبر فترة زمنية مناسبة. وهنا يطرح السؤال الذي يتصور أصحابه أنهم يوجهون به الضربة القاضية إلى أنصار العدالة الاجتماعية، من أين تأتي الموارد التي تكفي لتمويل هذه الإجراءات، والإجابة ببساطة نأتي بها من القادرين، لأن هذا المجتمع لن تستقر أوضاعه ما لم يقم الأغنياء بمسؤوليتهم الاجتماعية، ولن تكون ثرواتهم بأمان ما لم يتحقق لهذا المجتمع الاستقرار بأن يمولوا من فائض أموالهم ما يكفي لسد الاحتياجات الضرورية لأغلبية الشعب، وهناك العديد من الإجراءات التي يمكن أن تحقق هذا الغرض مثلاً:
- فرض ضريبة على الأرباح على المعاملات الرأسمالية التي لا يبذل فيها جهد مثل الاستثمار العقاري في شراء وبيع أراضي البناء وعلى المعاملات في البورصة، وفرض شرائح جديدة تصاعدية في الضريبة العامة تتجاوز العشرين في المئة لتصبح 25٪ ، 30٪ ، 35٪ ، بالنسبة للأرباح التي تتجاوز ملايين الجنيهات سنوياً .
- مراجعة اعتمادات الدعم وخاصة دعم الطاقة التي يتمتع بها القادرون.
- مراجعة عقود استخراج وتصدير البترول والغاز .
وفي النهاية يجمع الخبراء الاقتصاديون على أن المواطنين لن يشعروا بالعدالة الاجتماعية إلا عندما تمكنهم السياسات العامة للدولة من المحافظة على آدميتهم وكرامتهم، وتحقيق احتياجاتهم، والحصول على فرص متساوية دونما إقصاء أو محاباة. فالعبرة ليست برفع شعار العدالة الاجتماعية أو إدراجه في الخطاب السياسي ولا حتى بوضعه في صلب الدستور والقانون، فكل هذه الإجراءات تظل (معلقة في الهواء) ما لم تتم ترجمتها على أرض الواقع في سياسات عامة تطبقها حكومة رشيدة.
وطالما ان هذا لم يتحقق سيبقى غياب العدالة الاجتماعية «قنبلة موقوتة» تنتظر من يفككها .

ايوب صابر 01-31-2016 02:18 AM


5 أعوام على 25 يناير: غاب الثوار وحضر العسكر وخميرة لثورة قادمة تكتمل
إبراهيم درويش
january 30, 2016


بعد خمسة أعوام على مرور الثورة المصرية في 25 يناير تحولت مصر في يوم الذكرى إلى ثكنة عسكرية، وعاد ميدان التحرير الذي انطلقت منه شعلة الثورة إلى «دوار» لمرور السيارات، ولم يعد المكان الذي التقى فيه الثوريون قبل خمسة أعوام وهتفوا «خبز، حرية وعدالة اجتماعية»، صلوا وغنوا وحلموا بغد أفضل ومستقبل جميل لأطفالهم. في يوم الإثنين الأسبوع الماضي بقي الثوار في بيوتهم وتركوا الميدان لهتاف جديد باسم طاغية أو فرعون جديد من فراعنة مصر الذين يتحكمون بمصيرها منذ عقود. وكعادة الفراعنة تصرف النظام بعصبية مبالغ فيها كما لاحظت مجلة «إيكونوميست» (23/1/2016) وقالت إن الحكومة الحالية التي يقودها عبد الفتاح السيسي حاولت منع مخاطر تكرار السيناريو نفسه الذي أطاح بحسني مبارك في عام2011.
ومن أجل نسيان الذكرى «المزعجة» عبأت الحكومة رجال الدين وقادة العمال ومقدمي البرامج التلفزيونية في محاولة لمنع الناس من الخروج إلى الشوارع. وأظهرت الحكومة «حماسا منقطع النظير» وشنت حملة اعتقالات لأشخاص ورمتهم في السجون إلى جانب عشرات الألوف من المعتقلين السياسيين الذين يقبعون فيها. وطال القمع أيضا الصحافيين ومدراء صفحات فيسبوك بل وداهمت الشرطة مسارح وغاليرهات للفنون في وسط القاهرة. وتقترح الممارسات التي قام بها النظام أن الدائرة قد اكتملت، فقد تم تناسي ذكرى الثورة عندما أكدت الدولة على الإحتفال بـ «يوم الشرطة» وهو اليوم الذي اندلعت فيه ثورة 25 يناير. فالدولة المخيفة باتت تحكم عبر الخوف وتبني شرعيتها من خلال العنف وتعامل بوحشية حتى نقادها اللطيفين. فالعنف حسب صحيفة «الغارديان» أصبح عادة يمارسها النظام للتشويش على حياة الناس الناقدين له مع أنهم لا يمثلون تهديدا حقيقيا. وترى الصحيفة أن منظومة العنف هي جزء من تبرير دعاية الحكومة واسطورة محاربة الإرهابيين والتي تقول يجب الإنتصار عليهم بأي ثمن. ولهذا فهي تبرر عبر هذه الإسطورة كل أنواع الإجراءات القاسية. ولا يعني التقليل من شأن التحدي الإرهابي في مصر خاصة ما يجري في سيناء لكن سياسات الحكومة تزيد من خطرها. فسياسة الأرض المحروقة التي تمارسها في سيناء تنفر الناس منها وتجعل المنطقة حضنا لكل المتمردين عليها.
عليه أن يخاف من الشعب
وتعتقد «الغارديان» أن تحدي الإرهاب هو جزء من مشاكل دولة ما بعد انقلاب تموز/يوليو 2013 إلا أن التحدي الحقيقي يظل هو قدرة النظام السيطرة على مجتمع غيرته وبعمق تجربة وثورة عام 2011 لدرجة أنه لم يعد يتقبل بحكم نخبة صغيرة من العسكر والبيروقراطيين ورجال الأعمال المتحالفين معهم. ومن هنا ترى الصحيفة أننا إن نظرنا للثورة من هذه الزاوية فالنظام يواجه معضلة كبيرة. فالمجتمع الذي يحكمه السيسي وإن لم يتغير على مستوى النخبة لكنه تحول على مستوى القاعدة، وهي التي رفضت الخروج للتصويت بالانتخابات البرلمانية في الخريف. وكما يقول جاك شينكرفي كتابه «المصريون: قصة راديكالية» الذي صدر يوم الخميس فمن يغير مسار مصر اليوم ليس السيسي ونخبته ولكنهم المزارعون المتمردون والعمال والمغنون الشعبيون والناشطون والناشطات النسويات الذين يقومون بخلق سياستهم من القاع. من الباكر الحكم على الثورة المصرية، فلم تنته قصتها ولا الثورة المضادة.
علامات تصدع
ولنبدأ بالثورة المضادة، فقد أقام السيسي شعبيته على تصديه للإخوان واستخدامه شماعة الترهيب منهم لتعزيز أعمدة حكمه. ومن هنا أعاد استنساخ «الدولة العميقة» في عهد مبارك والتي تتكون من زمرة أصحاب المصالح والرساميل ومؤسسات الدولة مثل الجيش وقوات الأمن والإعلام والقضاء والقبائل المؤثرة في منطقتي الدلتا والصعيد. ولا يزال السيسي يتمتع بشعبية بين الناس، لكنها ليست كما في السابق والسبب متعلق بالحالة الاقتصادية وتراجع العملة الصعبة رغم الإعلان عن المشاريع الضخمة وافتتاحها بهالة من العظمة والأبهة فالحالة الاقتصادية لم تتغير ولم يحضر المستثمرون بعد، مع أن النظام نجح في مؤتمر شرم الشيخ في أذار/مارس 2015 بالحصول على تعهدات بالمليارات من الدولارات. والمسألة كما لاحظ إريك تريغر في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» (22/1/2016) ونقل عن رجل أعمال مصري قوله «إن كانت شعبيته عندما وصل الحكم هي 93٪ فقد أصبحت الآن 60٪ . مشيرا إلى انتهاء «شهر العسل» للسيسي. وقال تريغر أن مخاوف السيسي من أن يكرر التاريخ نفسه وينتفض الشعب ضده مبررة. لكن الخوف ليس نابعا من هذا الجانب. ففي ضوء ما يجري في دول الربيع العربي من فوضى وحروب ودمار لا أحد من المصريين يرغب الدخول بالمتاهة نفسها. ورأى تريغر أن خوف السيسي يجب أن يكون من «الدولة العميقة» التي وحدتها كراهية الإخوان وتفرقها دائما المصالح. والآن تم تدمير الإخوان وسجن قادتهم وشردوا فلم يعودوا يهددون النخبة الحاكمة، وظهرت ملامح من التوتر بين الرئيس ورجال الأعمال والشرطة والجيش والإستخبارات، ضرب تريغر أمثلة عن المخاوف التي تعتري النخبة ضد بعضها البعض مثل اعتقال رجل الأعمال صالح دياب ونجله في عملية قام بها «زوار الفجر»، وهجوم السيسي على نخبة أصحاب المصالح في كلمة له ببور سعيد. ومنها سماح المخابرات لشلة الإعلام بنقد السيسي كما فعلت لميس الحديدي وزوجها عمرو أديب. و بالسياق نفسه اتهم توفيق عكاشة المخابرات باستخدامه للهجوم على الإخوان. وقال في مقابلة مع يوسف الحسيني «أخذوا ما يريدون ثم أصبح عكاشة مشكلة». ومن مظاهر التوتر داخل الجيش الذي ينحدر منه السيسي سجل الكاتب مستوى من عدم الثقة نابع كما قال تريغر من حالة عدم ثقة وحسد بين قيادات الجيش البارزين. وأخبر مسؤول الكاتب «يقول الجنرالات إن السيسي معزول وأحاط نفسه بمجموعة من الرجال الذين لا يملكون أجوبة». و «بدأوا يطرحون أسئلة، لماذا تغرف الإسكندرية ولماذا قتل السياح المكسيكيون، هذا أمر مثير للخجل». وتظل مؤسسة الجيش هي المؤسسة التي استفادت من التغيير. فشعور السيسي بالامتنان لها جعله يغدق عليها من العطايا والعقود مما وسع امبراطورية الجيش الاقتصادية.
لعبة الجيش
ولا بد من الإشارة إلى حسابات الجيش في الثورة ضد مبارك ومن ثم انقلابه عليها. ويعتقد كل من ناثان براون وياسر الشمي بمقال نشرته دورية «فورين أفيرز» (25/1/2016) أن الجيش تعامل مع الثورة كلحظة تهدد البلاد بالفوضى والإطاحة بالنظام السياسي والاجتماعي. فرغم دعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعض مطالب المتظاهرين خاصة أنه كان ضد توريث مبارك الرئاسة لابنه جمال وكان غير راض عن تنامي سلطات وزارة الداخلية في النظام السياسي إلا أنه تحرك عندما استجمعت الثورة زخما وقام بخلع مبارك الذي كان أحد جنرالات القوات الجوية. وجاء تحرك الجيش ضمن ما يراه دورا تاريخيا لحماية الشعب والتخلص من الشخصيات الحكومية التي فقدت شرعيتها. ويقترح الكاتبان أن الجيش استطاع تحقيق المهمة نظرا لقربه من السياسة منذ ثورة عام 1952. ويناقش الكاتبان أن الجيش حاول عبر ثورة 2011 لعب دور الوصي على البلاد وإصدار المراسيم والإعلانات الدستورية من جهة واحدة مع الحفاظ على حكومة مدنية تتمتع باستقلالية ذاتية في الصحة والتعليم والبنية التحتية. والأكثر طموحا هو أن المجلس سعى لإجراء انتخابات حرة والسماح للأحزاب الإسلامية بالمشاركة ويبدو أن الفكرة كانت تهدف لخلق نظام «استبداد تنافسي». ولو نجح هذا المجهود لأعاد الجيش فرض سلطته ولكن كوصي على نظام شبه ديمقراطي مستقر داخليا ومقبول دوليا. ولكن الجنرالات لم يتمكنوا من السيطرة على النتائج وفشلت استراتيجيتهم. فقد أنتجت الانتخابات البرلمانية عام 2011-2012 برلمانا بأغلبية إسلامية حيث حصل حزب «الحرية والعدالة» المنبثق عن الإخوان المسلمين على نصيب الأسد وتبعهم السلفيون الأكثر تطرفا. وتبخرت الآمال بأن يكون الرئيس عسكريا عندما فاز مرشح الإخوان الثاني محمد مرسي على الجنرال المتقاعد أحمد شفيق. وتحرك مرسي بسحب السطلة التشريعية من المجلس العسكري ثم عين مدير المخابرات العسكرية عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع مكان المشير محمد حسين طنطاوي. ويرى الكاتبان أنه لم يحدث أي تعاون بين الإخوان والمجلس العسكري، بل قام الإخوان المسلمون بحملة تدجين فاشلة للجنرالات. ومع أن التنافس عام 2012 لم يظهر واضحا (وتصرف الإخوان المسلمون وكأن عندهم متسعا من الوقت لإدارة العلاقة) إلا أن الجنرالات كانوا يستعدون لتأكيد صدارتهم. وأثبتت الوقائع أن الجيش تحرك للحد من سلطات البرلمان وتقييد حركة الرئيس الدستورية. وعندما اتضح للجيش أن الإخوان المسلمين يسعون لفرض سيطرة مدنية على القوات المسلحة قامت الأجهزة الأمنية بتشجيع المظاهرات وأطيح بالرئيس. ولا يعفي الكاتبان الإخوان من المسؤولية ويميلان إلى أن الجيش تدخل لإنقاذ البلاد من الانهيار الكارثي وفرض النظام مهما كلف الأمر.
هل أنقذ السيسي البلاد؟
ولكن النظام الذي أنتجه الإنقلاب كان أسوأ من حكم الفرد الواحد الذي كان في عهد مبارك. وقد يكون هناك تقارب من ناحية القمع بين نظام السيسي والفترة الناصرية (1956- 1970) لكن السيسي لا يملك عقيدة ولا حزبا وكل ما لديه هو شعارات قومية باهتة. وهنا يمكن مقارنة نظامه بالأنظمة الاستبدادية التي ظهرت في جنوب أوروبا وأمريكا اللاتينية منتصف القرن العشرين. وفي هذا النظام لا يمارس من السياسة إلا القليل وفي حدود ضيقة. وتترك فيه القرارات المهمة لمؤسسات الدولة المتخصصة (والتي لا تخضع للمساءلة). ويتفاخر جيش مصر أنه أنقذ البلاد من مصير ليبيا وسوريا واليمن. وهو إن كان إنجازا يحسب له لكن حركته لم تقض على الظروف التي قادت للثورة الأولى. فكما تناقش إميلي كرين لين بـ «فورين بوليسي»(27/1/2016) فعلاقة السيسي بالجيش تظل رهنا بقدرته على توفير المشاريع والأموال له. وعندما تنضب الأموال الخليجية سيواجه امتحانا حقيقيا. وفي اندفاعته القصرة الأمد ومشاريعه الضخمة نسي الرئيس المصري الناس العاديين وهم الذين كانوا وقود الثورة. وفي هذا السياق حذرت صحيفة «واشنطن بوست» (25/1/2016) من تفكك النظام المصري الذي تجاهلته إدارة الرئيس باراك أوباما وأستأنفت المساعدات السنوية له بقيمة 1.5 مليار دولار تحت ذريعة أن دعم الأنظمة الديكتاتورية سيقود للإستقرار. وعلقت قائلة «على الإدارة أن تعرف الآن أن مراهنتها كانت سيئة. وفي حالة عدم حدوث تغيرات واسعة في سياسات النظام فمن المتوقع أن تتجه أكبر دولة عربية تعدادا للسكان نحو الإنهيار». وختمت بالقول «لا تستطيع الولايات المتحدة بالضرورة وقف الدمار الذاتي الذي يمارسه السيسي. ويمكنها تعبيد الطريق لمستقبل أفضل من خلال حث النظام على وقف محاكمة المعارضين السلميين بمن فيهم القادة العلمانيون والليبراليون الذين شاركوا في ثورة 2011 ومعظهم إما في السجن أو اختاروا المنفى. وعلى الولايات المتحدة ربط المساعدة بحرية الإعلام وإلغاء القوانين القمعية مثل قانون منع التظاهر». وإن غدا لناظره قريب.
إبراهيم درويش

ايوب صابر 01-31-2016 02:17 PM

تونس.. الانقسام الاجتماعي حقيقة الحقائق

زهير إسماعيل
أكاديمي وباحث تونسي

تونس على مفترق طرق حقيقي، وهي البلد الوحيد من بلدان الربيع التي تواصل مسار انتقالها الديمقراطي، ويؤكّد خبراء الاقتصاد والانتقال الديمقراطي أنه لا سبيل لنجاح هذا الانتقال ما لم ينجح في إحداث نقلة اقتصادية واجتماعية.

الانقسام الاجتماعي حقيقة الحقائق في تونس، وهو انقسام عمودي يشقّ البلاد إلى ساحل وداخل وحاضرة وهامش، والهامش ليس حيّزا جغرافيّا بقدر ما هو "مستوى معيشي"، فكما يكون في مدن الداخل المفقّر نجده مجاورا "لأحياء الفساد البرجوازي" في العاصمة، مثلما هي حال "بوسلسلة" و"الجبل الأحمر" الحيَّيْن الشعبيّيْن المُفقّرَيْن، وقد يتحوّل الهامش إلى ما يشبه "الفيتو" أو المخيّم الفلسطيني، مثل أحياء "دوار هيشر" و"سيدي حسين" و"الكباريّة"، التي تمثّل أحزمة الفقر في العاصمة التونسيّة، وتكاد تتحوّل إلى عوالم اجتماعيّة وتبادليّة ولسانيّة ورمزيّة مستقلّة.

والانقسام الاجتماعي ساحل/داخل لا يمكن إلاّ أن يذكرك بانقسام مخيم/مستوطنة في فلسطين المحتلّة وما جاورها.

"كان الانقسام الاجتماعي سبب الثورة العميق، وكانت انتفاضة الهامش المفقّر 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 صورته السياسية، وكان رأبُه هو الغاية التي تجري إليها، وكان الوجه الاجتماعي للحرية والكرامة هو توحيد البلاد اجتماعيّا"

يشعر من أقام بضاحية قرطاج أو قمرت من سكّان الداخل -لمصادفة عابرة- بأنّه سكن مستوطنة، ويكون هذا الشعور حافزا له على "اكتشاف" أنّ مدينته الأصليّة لا تشبه سوى مكان واحد هو المخيمّ الفلسطيني. فكأنّ في بلادنا جدل لا ينتهي بين المستوطنة والمخيّم، بل بلادنا مستوطنات قليلة ومخيّمات ممتدّة من "بنزرت" إلى "رأس الجدير".

كان الانقسام الاجتماعي سبب الثورة العميق، وكانت انتفاضة الهامش المفقّر 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 صورته السياسية، وكان سبب انتفاضة الهامش الجذريّة، وكان رأبُه هو الغاية التي تجري إليها، وكان الوجه الاجتماعي للحرية والكرامة هو توحيد البلاد اجتماعيّا.

وكان الوصول إلى هذه الغاية المتمثّلة في "توحيد البلاد اجتماعيّا" من خلال تنمية محلية عادلة ومستدامة هو المضمون الاجتماعي للديمقراطيّة في بلادنا، وكنا على وعي بأنّه لا استقرار دون عمليّة التوحيد هذه.

ولم نكن نطمع أن يتحقّق هذا الهدف بقرار سياسي، وإنّما كان مأمولا أن يشرع أصحاب هذا القرار السياسي، الذي حررت الثورة إرادته بالتفويض التاريخي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011، في "مشروع التوحيد الاجتماعي" بوضع اللبنات الأولى المطلوبة وتلبية الاستحقاقات الاجتماعيّة العاجلة.

ولكن العوامل الذاتيّة والموضوعيّة التي ألمّت بمن تمّ تفويضهم حالت دون وضع اللبنة الأولى، وبقي الأمر على حاله بسبب انقسام الطبقة السياسيّة وعجزها عن بناء وفاق وطني كانت البلاد في أشدّ الحاجة إليه، وهو انقسام لا يقلّ خطورة عن الانقسام الاجتماعي.

وكان خبراء الاقتصاد يدركون أنّ شرط النهوض الاقتصادي وانطلاق برنامج تنموي حقيقي شرط سياسيّ وليس اقتصاديّا، ويتمثّل هذا الشرط في استقرار سياسي وهدنة اجتماعيّة تضمن استثمارات ضخمة كانت كفيلة بتحقيق مستويات عالية من النموّ الاقتصادي قد تفوق السبع نقاط، وهو ما يعني تشغيل أكثر من مئة ألف عاطل عن العمل سنويّا.

كانت لانقسام الطبقة السياسيّة وما نتج عنه من تجاذبات حادّة واضطراب اجتماعي نتيجتان كارثيّتان: تعطيل الآلة الاقتصاديّة وعودة المنظومة القديمة بعناوين سياسيّة مستعارة. فكما منع التجاذب السياسي الحادّ والعمليات الإرهابيّة توفير الاستقرار الذي يحتاجه الاستثمار، كان انقسام النخبة المنْفذ الوحيد الذي تسرّبت منه المنظومة القديمة للالتحاق بصفّ "المعارضة" مع انطلاق مرحلة التأسيس التي كانت تعني كلّ القوى التي ضمّها المجلس الوطني التأسيسي، غير أنّ الصراع السياسي بعنوان أغلبيّة وأقليّة وحكم ومعارضة، قبل أن تتوفر أرضيّته المؤسسات والديمقراطيّة ودستوريّة، مثّل انحرافا سياسيّا ما زالت تعاني منه البلاد.

ورغم تبدّل الوجوه السياسيّة في تدبير الشأن العام بقي الشرخ الاجتماعي هو القاسم المشترك بين كلّ المراحل التي شهدتها الحياة السياسيّة والاجتماعيّة في سنوات الثورة الخمس، وكان أداء من تمّ تفويضهم متقاربا رغم اختلاف درجات الإخفاق، ورغم اختلاف هذه الجهات المُفوّضة في مرجعياتها وارتباطاتها وغاياتها، لأنّ قانون الشرخ الاجتماعي كان بمعزل عن منطق الحياة السياسيّة، وقانونه هو الاحتجاج المتواتر.

وتبقى أسباب هذا الاحتجاج فاعلة أيّا كانت الجهة السياسيّة الحاكمة، وهذا لا يمنع وجود جهات سياسيّة وأيديولوجيّة متهيّئة دوما لركوب موجة الاحتجاجات الأصيلة وتوجيهها بما يخدم أجندتها الحزبية والفئويّة. ولقد عرفت الاحتجاجات الأخيرة هذا المصير، فقد انطلقت في بداياتها موحّدة الصوت حول مطلب التشغيل، وكانت تدرك أنّها اشتباك مواطنيّ اجتماعي مع الفساد وبقايا الاستبداد من داخل المنظومة الديمقراطيّة.

"تبقى أسباب الاحتجاج فاعلة أيّا كانت الجهة السياسيّة الحاكمة، لكن هذا لا يمنع وجود جهات سياسيّة وأيديولوجيّة متهيّئة دوما لركوب موجة الاحتجاجات الأصيلة وتوجيهها بما يخدم أجندتها الحزبية والفئويّة"

ومع تطوّر الاحتجاجات تعدّدت الأصوات، وكادت تغطّي على الصوت الشبابي المواطني الاجتماعي، وأمكن تبيّن صوتين إلى جانب صوت الشبيبة الأصيل: صوت ائتلاف التسوية الحاكم، وهو بقدر اعترافه بمشروعيّة المطالب الاجتماعيّة وتذكيره بالتزامه بالنهج الديمقراطي واجتهاده في تجاوز الخطاب الخشبيّ للاستبداد، يبدو متردّدا في القطع مع الفساد أصل الداء وسبب البلاء.

وصوت يطالب مواربة بإسقاط النظام جمَع خليطا من شقوق حزب النداء ومن اليسار المتوتّر دوما مع حزب النهضة، وقد كان صوت الأحزاب الديمقراطيّة الاجتماعيّة متناغما مع صوت الشبيبة وامتدادا له في الساحة السياسيّة، صوت مع الثورة من داخل المنظومة الديمقراطيّة، وهذا ما يجعله في اشتباك دائم مع الفساد الممثل في مكوّنات من الائتلاف الحاكم وفي مواجهة مستمرّة مع ما يهدّد المكاسب من خارج المنظومة الديمقراطيّة، وهو يدرك أنّ للمنظومة القديمة حضورا داخل المنظومة الديمقراطيّة وخارجها، ويعبّر حراك تونس الإرادة بقوّة عن هذا الصوت.

وفي هذا السياق يأتي حديث رئيسه الدكتور محمد المنصف المرزوقي عن دور إحدى الدول العربيّة الصغيرة في استهداف التجربة التونسيّة الرائدة، وهو ليس اتهاما منه لهذه الدولة بقدر ما هو تذكير لها بما صرّح به قادتها وأمنيوها، وما تناقلته وسائل إعلام أميركيّة وأوروبيّة باستهداف تونس، وبما اجتمع من مؤشّرات في الأحداث الأخيرة على هذا التدخّل.

لم تكن الثورة نفسها خارجة عن قانون الانقسام الاجتماعي هذا، غير أنّ من ثاروا في الهامش ونقلوا حركتهم إلى الحاضرة كانوا يُحسنون الظنّ بالطبقة السياسيّة التي خرجت لتوّها موحّدة من مواجهة الاستبداد؛ فقد وحّدها مطلب الحريّة.

كان الهامش الثائر يُحسن الظن بمناضلي الطبقة السياسيّة، لأنّه لم يختبرها، وكانت انتظاراته من أدائها كبيرة، ولكنّ حصاد السنوات الخمس من الثورة كان مرّا، وكان يمكن لبعض الأفذاذ من أهل الاختصاص في الحركات الاجتماعيّة أن يتبينوا ملامح ما سيكون على مدى خمس سنوات منذ القصبة (1) والقصبة (2) وما كان فيهما من احتكاك سياسي غير مسبوق بين الحاضرة ونخبتها والهامش الذي حلّ بينهم ليكتب دستور ثورته على جدران "قصبتهم" الناصعة.

بقي الهامش موضوعا للسلطة حين يستسلم وموضوعا للركوب حين يثور؛ فلم يستطع أن يكون لسان حال نفسه، أو أن يبني مع الحاضرة "خطابا مشتركا جديدا" يمكن أن نطلق عليه خطاب الثورة. كانت هنالك أصداء لصوت الهامش تظهر على مدى السنوات الخمس الماضية وفي محطّات مختلفة: في زمن الترويكا، وفي حكومة التكنوقراط الشهيرة، وهذه الأيّام، ولكن ضجيج الطبقة السياسية -حُكْمًا ومعارضةً- وفي المراحل المذكورة جميعا، كان يطغى على هذا "الصوت الوليد" فيختلط الأمر حتّى على محترفي السياسة والخائضين فيها، وهذه الأيام بدا صوته أوضح رغم ركوب الراكبين وخوف المذعورين.

هذه الحقيقة لا تبرّئ الفريق الحاكم بوصفه مسؤولا مسؤوليّة مباشرة، ولا تُبرّئ أحدا، مع اختلاف في درجة الإدانة؛ فمن الإنصاف أن يُنسّب مَنْ تحمّل المسؤوليّة يوما حديثه في المسألة الاجتماعيّة وأن يكون مروره بنصيبه من الإخفاق أدعى للمصداقيّة، ومن المروءة أن يكفّ من احترف ركوب الاحتجاج الاجتماعي عن توظيف حركة المحرومين من التشغيل وقيام المهمّشين من أجل حقوقهم في خدمة أجندته الفئويّة، ومن المروءة أن يجتهد في بناء معادلة تجمع بين تحقيق جانب من أهداف المحتجّين ونجاحه في دعم صورته ومصلحة البلد.

ومن المفاجآت السارة أن يتجنّب من بيده الحكم اليوم اللغة الخشبيّة وأن يعترف بإخفاقه وافتقاده الرؤية الواضحة والبرنامج الدقيق الملائم، وألاّ يُعلّق فشله على خمسين عاما من التنمية المشوّهة والسياسات الاقتصاديّة الفئويّة، لأنّه لا يفتأ يذكر وراثة إرثها السياسي والرمزي، ولأنّه كان بالأمس لا يُنصف مَنْ طالبه بالهدنة كي يتوفّر المعلوم من شروط التنمية بالضرورة.

ومن الكياسة أن ينتهي الجميع إلى أن منطق التسوية المسمّى "توافقا" لن يُسعف البلاد بالخروج من الأزمة الخانقة، ولئن كان من "فوائد" التسوية تجنيب البلاد الاحتراب الأهلي، إلى حدّ الآن على الأقلّ، فإنّها أورثت حالة من الهشاشة السياسيّة جعلت البلاد غير قابلة للحكم إن لم يكن حكمها مستحيلا أصلاً.

ويتأكّد هذا الاستعصاء بعد انتخابات 2014 التشريعيّة والرئاسيّة التي حملت نداء تونس عنوان المنظومة القديمة إلى الحكم، وهو الحزب الذي وعد التونسيين بازدهار اقتصادي تصنعه كفاءاته الفذّة وبرنامجه الاقتصادي "المذهل".

"تونس هي البلد الوحيد من بلدان الربيع التي تواصل مسار انتقالها الديمقراطي، ويؤكّد خبراء الاقتصاد والانتقال الديمقراطي أنه لا سبيل للنجاح هذا الانتقال ما لم ينجح في إحداث انتقال اقتصادي اجتماعي"

وكان للتونسيين ما توقّعه زعيم النداء، الذي صار رئيس تونس، من الدوار وفقدان الصواب أمام نسبة النموّ التي قاربت الصفر، وتشير بعض الدوائر الاقتصاديّة العليمة إلى تدحرجها إلى ما تحت الصفر، في حين تراوحت النسبة زمن الترويكا بين 2.8 و3.5% وهو ما يجعل المقارنة بين حكم الترويكا وحكم النداء وحلفائه مثيرة للعديد من المفارقات.

ومن هذه المفارقات ما كان قادحا على السؤال التالي: إذا كان فشل الترويكا الرئيسي بسبب رفض المنظومة القديمة وحلفائها النتائج السياسيّة للانتخابات التأسيسيّة أدّى إلى حرمانها من شروط النجاح الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي، فما الذي حرم الائتلاف الرباعي المسمى "ائتلاف التسوية" من النجاح رغم رعاية القديم العائد؟

الجواب يجد حقيقته في المسألة الاجتماعية، وتحديدا في الصدع الاجتماعي الذي لم يُرأَبْ، فضلا عن عامل الفساد الذي تفاقم بعد الثورة، ولا سيّما عودة المنظومة القديمة برموزها التي كانت عناوين الأزمات الاجتماعيّة الحادّة التي عرفتها تونس على مدى عقود.

من المهمّ الإشارة إلى أنّ الإسلام السياسي الذي عُدّ أحد أهمّ الشروط في بناء الديمقراطيّة صار جزءا من التسوية المذكورة رغم إصراره على تسميتها "توافقا"، ومن المهمّ لفت الانتباه إلى أنّ التسوية التي عقدها مع القديم تقع داخل مجال المنظومة الديمقراطيّة سليلة المسار الثوري، ولكن يبدو أنّها مشروطة بإكراهات القديم وبمصالحه الموروثة عن منظومة الفساد.

يقف المتتبع للشأن التونسي على تعقّد المشهد السياسي، وأنّه مشهد انتقالي بامتياز، ولم يفصح عن نتاجه ليستقر عند معادلة سياسيّة واضحة المعالم، ومن المثير أنّ القديم والجديد ليسا جبهتين متقابلتين مثلما كانت عليه الحال عند اندلاع الثورة أو في بدايات المسار التأسيسي، ولئن كان الجديد كلّه منضويا داخل المنظومة الديمقراطيّة فإنّ بعض مكوّناته اليوم جزء من ائتلاف التسوية، في حين توزّع القديم بعد انشقاقه بين داخل المنظومة الديمقراطيّة وخارجها، وهو في موقعيه المختلفين مهدّد للديمقراطيّة الناشئة.

تونس على مفترق طرق حقيقي، وهي البلد الوحيد من بلدان الربيع التي تواصل مسار انتقالها الديمقراطي، ويؤكّد خبراء الاقتصاد والانتقال الديمقراطي أنه لا سبيل لنجاح الانتقال الديمقراطي في تونس ما لم ينجح في إحداث انتقال اقتصادي اجتماعي.

لن تصبح تونس قابلة للحكم إلاّ على أساس أرضيّة وفاق وطني جامعة قوامها خطّة وطنيّة لمقاومة الفساد ومنوال تنموي بأفق مواطني اجتماعي لرأب الصدع الاجتماعي ومصالحة وطنيّة من أجل محاسبة على قاعدة قانون العدالة الانتقاليّة وإستراتيجيّة وطنيّة لمقاومة الإرهاب.

عندها يمكن لصوت الهامش أن يلتقي مع صوت الحاضرة لأوّل مرّة في تاريخ تونس الحديث، وعندها يكون لديمقراطيتنا نكهتها الخاصّة في جمعها بين الحريّة والكرامة.
المصدر : الجزيرة

ايوب صابر 01-31-2016 05:27 PM

الانقسام الاجتماعي حقيقة الحقائق في تونس، وهو انقسام عمودي يشقّ البلاد إلى ساحل وداخل وحاضرة وهامش، والهامش ليس حيّزا جغرافيّا بقدر ما هو "مستوى معيشي"، فكما يكون في مدن الداخل المفقّر نجده مجاورا "لأحياء الفساد البرجوازي" في العاصمة، مثلما هي حال "بوسلسلة" و"الجبل الأحمر" الحيَّيْن الشعبيّيْن المُفقّرَيْن، وقد يتحوّل الهامش إلى ما يشبه "الفيتو" أو المخيّم الفلسطيني، مثل أحياء "دوار هيشر" و"سيدي حسين" و"الكباريّة"، التي تمثّل أحزمة الفقر في العاصمة التونسيّة، وتكاد تتحوّل إلى عوالم اجتماعيّة وتبادليّة ولسانيّة ورمزيّة مستقلّة.


كيف لا تقوم ثورة والوضع كما وصفة هذا الاكاديمي التونسي ؟؟؟!!!

وكيف يكمن توقع انتهاء ربيع تونس والوضع مزري الي هذا الحد وغياب العدالة الاجتماعية هو السمة البارزة ؟



ايوب صابر 02-01-2016 05:51 PM

- هل تمتلك الثورات العربية اي فرصة لتحسين الوضع الاقتصادي في ظل هيمنة البنك الدولي وسياسات العولمة التي تسببت في افقار المجتمعات بداية ؟

- وهل تحسن الأداء الاقتصادي النسبي في زمن مرسي مؤشر على قدرة النظم الثورية ان تحقق انجازات لو تخلصت من تبعيتها الاقتصادية للنظام العالمي واعتمدت سياسات وطنية في المجالات الزراعية والصناعية وحققت الاكتفاء الذاتي ؟

- وهل تمتلك مثل هذه الأنظمة اي امكانية للحياة لو انها تعرضت للمقاطعة الاقتصادية ؟

- الم يعد العالم قرية صغيرة ولا يمكن لاحد ان يغرد خارج السرب ؟

- فهل هناك اي افق لنجاح اين من ثورات الربيع العربي ؟ ام ان الامر اصبح محسوما ويشير الي فشل ذريع لتجربة الثورات ؟
-
هل انتهى الربيع العربي ؟ *

ايوب صابر 02-02-2016 07:57 AM

السنوات الخمس.. خصم أم إضافة؟


لا خير فينا إذا فوتنا الذكرى الخامسة لثورة يناير دون أن نطالع وجوهنا في مرآة الواقع، لكي نجدد مسيرة الثورة ونعالج أسباب انتكاسها.
(1)
ما الذي حدث خلال السنوات الخمس، بحيث كانت الشعارات المرفوعة في عام 2011 تطالب بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، ثم صارت أصوات النشطاء تنادي في عام 2016 بوقف الاختفاء القسري وإدخال البطانيات والأدوية إلى سجن العقرب؟
هذا السؤال ألقيته يوم السبت الماضي (30/1) ووعدت بمحاولة الإجابة عنه. وحين قلَّبت الأمر وجدت أننا لا ينبغي أن نتعجل في إصدار الأحكام، لأن تفاعلات الثورة لا تزال مستمرة بصور مختلفة، ومن ثم يفرض علينا الإنصاف أن نتحدث عن تجربة [color="rgb(255, 0, 255)"]السنوات الخمس التي مرت من عمر الثورة باعتبارها أولى حلقاتها[/color]، وليست كل عمرها. أدركت أيضا أن ثمة مفاتيح ربما سبقت الإشارة إلى بعضها، ومع ذلك يظل استحضارها مهما لكي نتفهم ما جرى ونضعه في إطاره الصحيح، من تلك المفاتيح ما يلي:
"على مدى التاريخ، فإن الثورات الحقيقية استغرقت عقودا (الثورة الفرنسية لم يستقم لها الأمر إلا بعد 80 عاما)، حتى صار طول الأجل من سماتها وأعرافها. الأهم من ذلك أنه ما من ثورة وقعت إلا تعرضت للانتكاس، وحين يحدث ذلك فإن عناصر الثورة المضادة تعود إلى سابق عهدها بصورة أكثر عنفا وشراسة"
- إن الثورة بمعنى إحداث تغيير في النظام والمفاهيم والمشروع وجهاز الإدارة، عمل كبير يتطلب وقتا طويلا وعملا دؤوبا. وهي تختلف عن الانقلاب الذي عادة ما يكتفي بتغيير السلطة بحيث يبقى ما عدا ذلك على حاله (في اللغة الفارسية تعد الثورة انقلابا في كل الأحوال). من هذه الزاوية تعد السنوات الخمس مرحلة تمهيدية وإعدادية. والتقييم في هذه الحالة حين ينصب على الشوط الذي قطعته الثورة، ينبغي ألا يستقبل بحسبانه حكما لصالح الثورة أو ضدها.
- على مدى التاريخ، فإن الثورات الحقيقية استغرقت عقودا (الثورة الفرنسية لم يستقم لها الأمر إلا بعد*80 عاما)، حتى صار طول الأجل من سماتها وأعرافها. الأهم من ذلك أنه ما من ثورة وقعت إلا تعرضت للانتكاس، وحين يحدث ذلك فإن عناصر الثورة المضادة تعود إلى سابق عهدها بصورة أكثر عنفا وشراسة، لأن أداءها كان مشوبا بالرغبة في الانتقام واستئصال قوى الثورة التي أزاحتها.
- إن الثورة كانت بمثابة انفجار لبركان الغضب المتراكم في الأعماق العربية والمصرية منذ عقود، وذلك الانفجار أطلق الأشواق المحبوسة التي تعلقت بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. الأمر الذي يعني أنها كانت إشهارا لثورة الإنسان العربي ضد الظلم السياسي والاجتماعي معا، وقد أثبتت تجربة تونس من خلال الانتفاضة الأخيرة أن زوال الظلم السياسي لا يشبع طموح الجماهير التي لم تتخل عن رفضها للظلم الاجتماعي.
- حين هبت رياح الثورة فإن أصداءها ترددت في عموم الوجدان العربي، وكان تغيير بعض الأنظمة بمثابة الجزء الظاهر منها، في حين في حين أن التغيير الأكبر كان من نصيب حراك المجتمعات وتطلعاتها وأصواتها التي ارتفعت وما عاد ممكنا إسكاتها خصوصا بعدما وجدت في الفضاء الإلكتروني متنفسا لها. ولأنها كانت ثورة أمة وليست ثورة قطر بذاته، فإن عناصر الثورة المضادة في العالم العربي استجمعت قواها واحتشدت لقمعها، فحققت نجاحات في بعض المواقع وأخفقت في مواقع أخرى.
- إن المؤامرة كان لها دورها ووجودها حقا، لكن ذلك لم يكن له علاقة بإطلاق الثورة، وإنما برز الدور بوضوح في محاولات إفشالها أو إجهاضها. وهي المحاولات التي أسهمت فيها الأطراف الإقليمية بدور فعال لا يزال مستمرا حتى الآن.
- ليس صحيحا أن الثورة أتت بالإرهاب الذي خطف الأضواء منها، ولكن الإرهاب خرج من عباءة الأنظمة المستبدة التي تحالفت مع الثورة المضادة. وتشكل سوريا حالة نموذجية في ذلك، لأن ثورة الشعب السوري حين انطلقت من درعا عام 2011 كانت سلمية ولم تطمح لأكثر من إصلاح النظام، ولكن شراسة القمع دفعت الجماهير للدعوة لإسقاط النظام، وحينئذ أُطلق "الشبيحة" وظهرت الجماعات المسلحة التي قلبت المشهد وسوغت لنظام الأسد ادعاءه بأنه يخوض معركة ضد الإرهاب لا ضد شعب يدافع عن حريته وكرامته.
(2)
(2)
حقا كان فعل الثورة في مصر بمثابة لحظة نادرة في تاريخها، ذابت فيها الهويات والتمايزات والخلافات، وانعقد إجماع الأمة على ضرورة الانتصار للوطن، إلا أنها كانت في ذات الوقت ومضة لمعت في الأفق، ثم حجب بريقها بسرعة وجرى تنزيلها إلى الأرض على هيئة مغايرة.
أتحدث عن إخفاقين منيت بهما الثورة المصرية في سنواتها الأولى: أحدهما يتعلق بطمس حقائق الثمانية عشر يوما التي انتهت بإسقاط نظام مبارك، والثاني يتمثل في تأجيل أهدافها والانجرار في مسارات أخرى بعيدة عنها.
"ليس صحيحا أن الثورة أتت بالإرهاب الذي خطف الأضواء منها، ولكن الإرهاب خرج من عباءة الأنظمة المستبدة التي تحالفت مع الثورة المضادة. وتشكل سوريا حالة نموذجية في ذلك، لأن ثورة الشعب السوري حين انطلقت من درعا عام 2011 كانت سلمية ولم تطمح لأكثر من إصلاح النظام، ولكن شراسة القمع دفعت الجماهير للدعوة لإسقاط النظام"
إن تلك اللحظة التاريخية الباهرة والنادرة وغير المسبوقة في مصر، جرى تشويهها بسرعة بحيث أضحت عملا مشبوها وسابقة أو حادثا مؤسفا في السجل العدلي لمجتمع المصريين، وهو ما سوغ اعتبارها مؤامرة من قبل البعض أسهمت في تدبيرها جهات خارجية، الأمر الذي فتح الباب لاتهام المشاركين فيها الذين صاروا بين محكومين في السجون أو مهاجرين خارج مصر، أو متوجسين في داخلها.
إن شئت الدقة فقل إن أحداث الثورة أصبح لها الآن تاريخان في مصر، واحد مدفون ومحبوس والثاني معمم على وسائل الإعلام وحاضر في ساحات المحاكم. التاريخ المدفون كتبته لجنة تقصي حقائق الثمانية عشر يوما المجيدة، التي رأسها المستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض الأسبق، وضمت عددا من كبار رجال القانون والخبراء.
إذ أعدت اللجنة تقريرها في ظل أول حكومة بعد الثورة -في زمن البراءة الأول- وانتهت منه وأعلنته في مؤتمر صحفي يوم*3 أبريل/نيسان 2011، واتهمت فيه الشرطة بالمسؤولية عن قتل الثوار. كما حققت في وقائع أخرى من قبيل ما جرى في واقعة الجمل، وفتح السجون وغير ذلك.
لكن ذلك التقرير تم تجاهله تماما، وجرى الترويج بعد ذلك لصياغة جديدة للوقائع حملت مسؤولية قتل الثوار لعناصر من خارج مصر، وبرأت مرتكبي واقعة الجمل وجعلت فتح السجون جزءا من المؤامرة. (للعلم ثمة تقرير آخر لوقائع مرحلة حكم المجلس العسكري أعدته لجنة محايدة رأسها المستشار عزت شرباص نائب رئيس محكمة النقض، وقد تم تجاهله ودفنه بدوره).

محو التاريخ الحقيقي للثورة الذي قامت به عناصر الدولة العميقة كان تمهيدا لما هو آت، ومقدمة لاستعادة نفوذ وسياسات النظام القديم الذي لم يحاكم رموزه على ما ألحقوه بمصر من فساد سياسي على مدى ثلاثين عاما، وبرّأ أغلبهم من التهم التي وجهت إليهم بخصوص الفساد المالي. وفي الوقت ذاته بُرئت قيادات الشرطة من كل قضايا القتل والتعذيب التي رفعت ضدهم.
حين طمس وجه الثورة وشوهت ملامحه، فإن التساؤل عن مصير شعاراتها وأهدافها لم يعد له محل. إذ لم يكن مستغربا أن تغيب تلك الشعارات عن أجندة النظام القديم الذي عاد إلينا بوجوه جديدة، لذلك أصبح طبيعيا ومفهوما أن تظل تلك الشعارات معلقة في الفضاء بعد مضي خمس سنوات من الثورة، ولم يتم تنزيلها على الأرض بعد، الأمر الذي يعني أن الثورة صارت جزءا من التاريخ وليست جزءا من الواقع.
(3)
يظلم الوضع الراهن في مصر إذا حملناه بكامل المسؤولية عما آلت إليه حال الثورة، ذلك لأنه ورث أوضاعا مختلفة كان لها إسهامها الأساسي في إشاعة حالة القابلية للانتكاس. إذ في ظل تغييب الديمقراطية وانعدام المشاركة الشعبية طوال عدة عقود فقد المجتمع عافيته وضمرت عضلاته بحيث أصيب بدرجة عالية من الهشاشة والضعف. ففقدت مؤسساته استقلالها بحيث تحولت إلى هياكل وكيانات ملحقة بالإدارة السياسية، وهو ما حدث بالنسبة للأحزاب والهيئات الأخرى، ولم تكن شرائح النخبة بعيدة عن تلك الأجواء. فالتحقت الأغلبية ببيت الطاعة الذي هيمنت عليه السلطة السياسية معتمدة في ذلك على الأجهزة الأمنية.
هذا المجتمع الرخو الذي أصابته الإدارة السياسية بالإعاقة، ظل الناس فيه يختزنون الحزن والغضب، حيث لم يجدوا منبرا يعبر عنهم بعدما جرى تأميم المجال العام واختزال الوطن في النظام واختزال النظام في الزعيم الذي بات يستمد شرعيته من قوة الأجهزة الأمنية وبطشها.
وحين تمادى النظام في سطوته وجبروته، فإن جيل الشباب كان وحده الذي غامر بالتمرد واستطاع أن يوظف ثورة الاتصالات لإيصال رسالته إلى الملايين التي اختزنت الغضب واحتملت الهوان والانكسار عدة عقود. تفاعلت الرسالة مع شرارة الثورة التي انطلقت من تونس وأصبحت بمثابة عود الثقاب الذي ألقي في مخزن الوقود والبارود، فكان الانفجار الكبير الذي فاجأ الجميع وأبهرهم.
"لأننا لا نملك ترف الاستسلام، فلا مفر من استنفار همة الشرفاء في مصر ودعوتهم للعودة إلى الاصطفاف وراء شعارات الثورة التي حجبت أو نسيت، ومن ثم فتح باب الحوار حول السبيل إلى تحقيق الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية، والانتقال من مرحلة "الأمن يريد" إلى شعار "الشعب يريد"، بعيدا عن التهريج والتزوير"
حين انتفضت الجماهير في*25 يناير/كانون الثاني*2011 في أجواء الخواء السياسي المخيم آنذاك، فإننا أصبحنا إزاء جسم كبير بلا رأس. وحين غاب الرأس غاب العقل واختلت الرؤية وضاقت الخيارات والبدائل. إذ في ظل الأنقاض التي خلفها النظام السابق عز العثور على بناء محتفظ بقوامه ويمكن المراهنة عليه.
بكلام آخر فإنه حين ماتت السياسة ولم يعد للمجتمع المدني وجود يذكر، فقد البلد بوصلته الهادية وتعذر العثور على قيادة تحظى بالإجماع الوطني. وفي هذه الأجواء أصبحت القوات المسلحة هي المؤسسة الوحيدة التي احتفظت بتماسكها، ومن ثم صارت "خيار الضرورة" الذي لم يكن هناك بديل عنه.
بشكل مواز فإنه في غياب المشاركة الشعبية ضمرت أيضا القوى السياسية واختلت العلاقات بين تياراتها المختلفة التي أصبحت أسيرة تناقضاتها وصراعاتها الأيديولوجية، ومن أسوأ النتائج السيئة التي ترتبت ما تورط فيه المثقفون حين انشقت صفوفهم وتوزعوا بين فصيلين، أحدهما مدني والآخر ديني، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة الصراع الإسلامي العلماني، الذي هزم بسببه الطرفان في نهاية المطاف.
(4)
لست أقلل من شأن أو أهمية موضوع الإرهاب ولا قصة الصراع بين السلطة والإخوان، لأن مستقبل الثورة والوطن بأسره هو الأكثر أهمية في اللحظة الراهنة. وهذا المستقبل لم ينل ما يستحقه من اهتمام في الحوار الدائر الذي بات يستدرجنا إلى أمور فرعية وتفصيلات بعضها يعمق من الجراح والبعض الآخر يوسع من التيه ويحشرنا في نفقه المظلم.
ولأننا لا نملك ترف الاستسلام لذلك المستنقع، فلا مفر من استنفار همة الشرفاء في مصر ودعوتهم للعودة إلى الاصطفاف وراء شعارات الثورة التي حجبت أو نسيت، ومن ثم فتح باب الحوار حول السبيل إلى تحقيق الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية، والانتقال من مرحلة "الأمن يريد" إلى شعار "الشعب يريد"، بعيدا عن التهريج والتزوير.

وتلك هي الخطوة الأولى لطي صفحة المطالبة بوقف الاختفاء القسري والانشغال بإدخال البطانيات والأدوية إلى سجن العقرب أو غيره من السجون، فضلا عن الإجراءات الأخرى التي سحبت الكثير من رصيد الثورة.
المصدر : الجزيرة

ايوب صابر 02-02-2016 09:40 AM

خلاصة مقال فهمي هويدي لهذا اليوم يمكن تلخيصها بما يلي :

" ان ثورات الربيع العربي اشتعلت بسبب عوامل متعددة على راسها غياب العادلة الاجتماعية وحيث ان الثورات المضادة نجحت في وقف المد الجماهيري ولو مؤقتا مما يعتبر انتكاسة لهذه الثورات فقد تكرست الاسباب الموضوعية التي انطلقت هذه الثورات من اجل القضاء عليها وعليه فان هذه الثورات سوف تشتعل من جديد وربما بصورة اكثر حنكة وتنظيما مستفيدة من اخطاء المرحلة الاولى وسوف تنتصر ويستقر لها الامر لو استغرق ذلك 80 عاما"

فهل تتفق مع هذه الرؤيا ؟؟؟؟؟؟
- وهل هذا التحليل قائم على معطيات واقعية ام هو مجرد تمنيات واحلام يقظة ؟
- وهل يمكن للثورة السورية ان تنتصر رغم هذه التدخلات الاجنبية العنيفة جداً وخطط التبديل الديمغرافي ؟
ام ان وجود مثل هذه التدخلات الاستعمارية يغذي الثورة بوقود جديد وان الارض في النهاية ستعود لأهلها مهما تجبر المستعمر وعربيد وكما حصل في فيتنام مثلا ؟




الساعة الآن 06:05 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team