منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   انتحار الفضيلة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=928)

علي بن حسن الزهراني 08-28-2010 05:50 PM

انتحار الفضيلة
 
نامت المدينة الحالمة بين أحضان التاريخ الممتد في طرقاتها المتعفنة بالحفر، والجهل، والناس أيضا !
لم يكن تاريخها العظيم يحمل كثيرا مِنْ تاريخ مَنْ حملتهم في بطنها مئة عام، وفوق ظهرها مئة عام هي نفسها سنوات الحمل والرضاعة والفطام المر..
يتشبث الفضلاء من ساكنيها بأغصان الزيتون الوهمية، ويشربون عصيره، ويغسلون أجسادهم من المقروء فيه؛ لأنهم اعتنقوا فكرة الاستشفاء بالفضيلة..
أما غيرهم من غير الفضلاء، فطفقوا يركبون السحاب المتجهم، يقينا منهم بأنه يجلب الحظ والمطر الذي يسقي الأجساد، ويهلك النسل..
أرادوا ذلك في قناعة الجهال، وغباء الأذكياء، وتفاهة الحمقى عندما تنتحر الفضيلة تحت رمضاء حماقتهم..
تغتصب النساء في ساحات الرذيلة من أجل لقمة عيش يتسولنها، وسهام الفقر تخترق أجسادهن كلما مررن بذي مال سخره في خدمتهن وقضاء حوائجهن من أبسط متطلبات الحياة، وأسوأ مستلزماتها، في زمن التكافل الاجتماعي والانحطاط الخلقي، الذي لم نر مثله حتى في صحونا المتعكر بصفو الحياة في أواخر العصر العباسي الثاني..!
نرتع، ونلهو، ثم نغفل فنغفو على أبواق المحتاجين من الرجال والنساء والأطفال، في الطرقات العامة، وفي الأزقة المظلمة، وبين جنبات الأبواب الزجاجية، التي تعكس ظلام النفوس، وضلال الأخلاق، وتقصير القلوب والأعمار، حيث تموت الفضيلة هناك، وقد مرت قدماها العاريتان على حزم الأشواك، وتستيقظ على أنّاتها ووناتها مدينتهم النائمة، تطل من نافذتها الصغيرة، وهي تتثاءب من شبع النوم، وشبع البطن، ونساؤها يغتصبن جائعات، ورجالها وأطفالها يشردون، ليعودوا إليها بعد مئة عام أخرى يبحثون عن إخوتهم من الزنا وقد استعبدوا، وأمهاتهم العاهرات على جدران القصور وأرصفة الطرقات..عادوا إلى مدينتهم يحملون عقدا نفسية لن تمحوها مئة عام أخرى بعد المئتين..!!
والله من وراء القصد.
أبو أسامة

أمل محمد 08-29-2010 06:08 AM

لم يعـُد للفضيلة ِ ناصـِر في مدائن ٍ سكنها الانحلال الأخلاقي

وتشرّب سكـّانها الصمت رغمـًا عنهم

حتى انحدرت للهاوية

وبقي الفضلاء فيها كالغرباء ..

//

شكرًا لك َ أستاذ علي

أجمل تحيـّة وتقدير ~

عمر مسلط 08-29-2010 09:55 AM

الأخ علي الزهراني /

تحياتي لك ...

إنها الفضيلة ... فإن غابت أو غُيّبت ، فلن تترك لنا سوى الرذيلة ...

ولن يملأ فراغها إلا الفقر وشئ من الفاقة والجوع والعهر ...

فيا ليتها تعود ... أو تجد لها مكاناً بيننا ...


... أبدعتَ في تكثيفك ...

أتمنى لك الخير ....

جميل عبدالغني 08-29-2010 11:59 AM

الله يا أبو أسامة
مقالة تغني كثير من التسائلات وتغني كثيرا من الوهم
للعل الفقر هو سبب كل سهم يقذف في الفضاء
ويتربع على مهرة سوداء وبيضاء يتفاخر وينخر القلوب الجوفاء
أشكرك على علو كعبك ورزانت عقلك

علي بن حسن الزهراني 09-02-2010 09:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل محمد (المشاركة 14373)
لم يعـُد للفضيلة ِ ناصـِر في مدائن ٍ سكنها الانحلال الأخلاقي

وتشرّب سكـّانها الصمت رغمـًا عنهم

حتى انحدرت للهاوية

وبقي الفضلاء فيها كالغرباء ..

//

شكرًا لك َ أستاذ علي

أجمل تحيـّة وتقدير ~

نحن في عالم جميل، ومدائن جميلة، وعبثها من فعل أيد استمرأت السرقة في وضح النهار، وتشربت الرذيلة في غسق الليل..
مئة عام ومئة عام ومئة عام سنظل نطارد الفقراء خلف أبواب موصدة بعبيد النساء الزانيات، المحتاجات إلى قطعة خبز، لا بأس إن كانت جافة أو مغموسة في وحل الكرامة !!
كل التقدير لك أستاذة أمل.
أبو أسامة

علي بن حسن الزهراني 09-02-2010 09:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر مسلط (المشاركة 14400)
الأخ علي الزهراني /

تحياتي لك ...

إنها الفضيلة ... فإن غابت أو غُيّبت ، فلن تترك لنا سوى الرذيلة ...

ولن يملأ فراغها إلا الفقر وشئ من الفاقة والجوع والعهر ...

فيا ليتها تعود ... أو تجد لها مكاناً بيننا ...


... أبدعتَ في تكثيفك ...

أتمنى لك الخير ....

أنت تفهمني، هنا، أستاذ عمر مسلط..
شكرا لمرورك.
تقبل الله منك الصيام والقيام وصالح الأعمال.
أبو أسامة

علي بن حسن الزهراني 09-02-2010 09:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جميل عبدالغني (المشاركة 14434)
الله يا أبو أسامة
مقالة تغني كثير من التسائلات وتغني كثيرا من الوهم
للعل الفقر هو سبب كل سهم يقذف في الفضاء
ويتربع على مهرة سوداء وبيضاء يتفاخر وينخر القلوب الجوفاء
أشكرك على علو كعبك ورزانت عقلك


العم الغالي جميل..
ينتابني حزن عميق عندما نتحدث عن مهرة ومهرة، وفقر وفقر، وفضيلة وفضيلة، ومازال أدعياء الحق ومناصرو المحتاجين شوكة عالقة في حلق المجتمع المحافظ، وينثرون القليل لشراء كفن طفل، وامرأة، وكهل، ماتوا جوعا، والكثير يرزح فوق "بست" المراقص، وعلى أرداف بنات الليل وصدورهن المتورمة حد الشبع من "السليكون"..مازالوا ينثرون الكثير لشراء ناقة، أو مهرة، أو سيارة، أو "نعال" لم تتعد وظيفتها الأساسية ضرب الصراصير من "بني" الحشرات، و"بني" البشر أيضا !
و"بنو" البشر، هنا، وتحت وطأة "النعلة" الجديدة؛ هم قمة الفضيلة الزائفة، ورأس مالها غير المعلن عنه للعالم المتحضر، وهو عالم يقدّر تلك الصراصير القذرة، ويرعى حقوقها كاااااملة أيها الفضلاء !!
حبي وتقديري.
أبو أسامة

سحر الناجي 09-05-2010 11:51 PM



علي بن حسن الزهراني ..

أجل سيدي .. انتحرت الفضيلة وبإيدينا دسسنا لها السم في غصن الزيتون ..
لم يعد يحفزنا البكاء على الأطلال .. بينما التاريخ يحمل قلوبنا ويرحل بلا عودة إلى المجهول ..
وليس من شيمة بعضنا سوى أن نعدد محاسن سيادتنا حتى توارى الفأل وراء جدار الذكرى ..
ولكننا نتكأ على واعز : أن الحلقة قد ضاقت كثيرآ ومآلها الانفراج .. وربما / نرجو/ أنها قريبا ..
فلننتظر .. غد يأتي مترنحا ويستند على أمنية تحمل بين تفاصيلها البشرى ..
شكرآ كبيرة سيدي

ناريمان الشريف 09-06-2010 12:55 AM

نعم يا عزيزي
فكل ما قلته صحيح ...
ولكن الفضيلة لم تنتحر !!
إنها قتلت بمُدى من يدعونها

بارك الله في قلمك

تحية ... ناريمان

جابر الناصر 09-08-2010 07:22 PM

علي الزهراني

لن أتكلم عن مضمون النص ... فالمضمون يُبكي ويُدمي القلب

لكن

أتكلم عن أسلوبك الرائع .. تكثيف .. تغليف المضمون بإطار رائع من

الكلمات المختارة والرائعة ... خطوط واضحة للوصول للفكرة بسلاسة ..

جميل أنت في جدك كما في سخريتك ...

تقبل التحية


الساعة الآن 10:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team