البلاغة لسان العرب
اللغة العربية الفصحى(وليست اللهجة العامية) حباها الله تعالى بمكانة مرموقة بين لغات العالم ال( 6900 لغة ) حيث جعلها لغة القرآن الكريم الذي كان معجزة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وما كان من أمر لغة الأعراب من فصاحة اللسان وجزالة البيان وقصائد الفرسان كل أولئك تراجع أمام لغة القرآن الكريم ولقد أذعن دهاقنة المشركين لفصاحة الآيات المنزلة على محمد صلى الله عليه وسلم فراجعوا أنفسهم بعد عناء العناد واستعملوا عقولهم ليتقبلوا الإسلام دينا ثابتا للعرب وللأمة الإسلامية جمعاء‘ ذلك أنهم وجدوا لغتهم فصيحة بليغة سليمة عند سماعهم آيات القرآن منزلة من لدن حكيم عليم كانت البلاغة القرآنية أشد وقعا على نفوس المشركين من السادات والشعراء والخطباء لأنهم كانوا أفصح المتكلمين وأبلغهم بيانا وبديعا (قالت بنات العم يا سلمى وإنْ---كان فقيرا معدما قالت وإن) ففي هذا البت بلاغة الإيجاز(الحذف) فحذف الشاعر جملة"وإن كان فقيرا معدما فأنا راضية به" والإيجاز بالحذف وصفه البلاغيون بأنه عجيب الأمر شبيه بالسحر، وذاك أنك ترى فيه ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون مبينا إذا لم تبيّن ... أما الإيجاز فله ضربان: أ- إيجاز قصر: وهو تقليل الألفاظ وتكثير المعاني. وقيل: هو تضمين العبارات القصيرة معاني كثيرة من غير حذف. وقيل أيضا: هو الذي لا يمكن التعبير عن معانيه بألفاظ أخرى مثلها وفي عدّتها. وهذا النوع، كما يقول ابن الأثير، هو أعلى طبقات الإيجاز مكانا وأعوزها إمكانا، وإذا وجد في كلام بعض البلغاء فإنما يوجد شاذا نادرا. ومما ورد من إيجاز القصر في القرآن الكريم قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ،) فإن قوله تعالى: الْقِصاصِ حَياةٌ لا يمكن التعبير عنه بألفاظ كثيرة، لأن معناه أنه إذا قتل القاتل امتنع غيره عن القتل، فأوجب ذلك حياة للناس. ويتبين فضل هذا الكلام إذا قرنته بما جاء عن العرب في معناه وهو قولهم: «القتل أنفى للقتل». فقد يخيل لمن لا يعلم أن هذا القول على وزن الآية الكريمة، وليس الأمر كذلك، بل بينهما فروق من ثلاثة أوجه: أحدها ؛ أن القصاص حياة» لفظتان، «والقتل أنفى للقتل» ثلاثة ألفاظ، والوجه الثاني أن في قولهم (القتل أنفى للقتل) تكريرا ليس في الآية، والوجه الثالث أنه ليس كل قتل نافيا للقتل إلا إذا كان القتل على حكم القصاص. ومن أمثلة إيجاز القصر في القرآن الكريم أيضا، قوله تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) كلمتان استوعبتا جميع الأشياء على غاية الاستقصاء. روي أن ابن عمر قرأها، فقال: من بقي له شيء فليطلبه. وقوله تعالى: (وَالْفُلْكِ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ )جمع أنواع التجارات، وصنوف المرافق التي لا يبلغها العد والإحصاء. وقوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ)، فجمع جميع مكارم الأخلاق بأسرها؛ لأن في العفو صلة القاطعين، والصفح عن الظالمين وإعطاء المانعين، وفي الأمر بالمعروف تقوى الله وصلة الرحم، وصون اللسان عن الكذب، وغض الطرف عن الحرمات والتبرؤ من كل قبيح، لأنه لا يجوز أن يأمر بالمعروف وهو يلابس شيئا من المنكر. وفي الإعراض عن الجاهلين الصبر والحلم وتنزيه النفس عن مقابلة السفيه بما يفسد الدين. وقوله تعالى: (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.) فهذه الآية الكريمة تتضمن مع الإيجاز والفصاحة دلائل القدرة. وقوله تعالى: (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها)، فدل بشيئين ؛ الماء والمرعى على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للناس، من العشب والشجر والحطب واللباس والنار والملح والماء، لأن النار من العيدان، والملح من الماء. والشاهد على أنه أراد ذلك كله قوله تعالى: (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ ) ب- إيجاز حذف ----يتبع |
رد: البلاغة لسان العرب
ب- إيجاز حذف :
وهو القسم الثاني للإيجاز، ويعرفه البلاغيون بقولهم: (هو ما يحذف منه كلمة أو جملة أو أكثر مع قرينة تعيّن المحذوف). ولا يكون إلا فيما زاد معناه على لفظه. وعن هذا النوع من الإيجاز يقول ابن الأثير: (أما الإيجاز بالحذف فإنه عجيب الأمر شبيه بالسحر، وذاك أنك ترى فيه ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون مبينا إذا لم تبيّن .) ثم يستطرد في الكلام عن إيجاز الحذف فيقول: والأصل في المحذوفات جميعها على اختلاف ضروبها أن يكون في الكلام ما يدل على المحذوف، فإن لم يكن هناك دليل على المحذوف فإنه لغو من الحديث لا يجوز بوجه ولا سبب. ومن شرط المحذوف في حكم البلاغة أنه متى أظهر صار الكلام إلى شيء غث لا يناسب ما كان عليه من الطلاوة والحسن. و الإيجاز بالحذف يأتي على وجوه مختلفة منها: ١ - ما يكون المحذوف فيه حرفا: نحو قوله تعالى: (قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) فالمراد: تالله لا تفتأ أي لا تزال، فحذفت «لا» من الكلام وهي مرادة. وعلى هذا جاء قول امرئ القيس: فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي أي: لا أبرح قاعدا، فحذفت «لا» في هذا الموضع أيضا وهي مرادة. ومما جاء منه قول أبي محجن الثقفي لما نهاه سعد بن أبي وقاص عن شرب الخمر وهو إذ ذاك في قتال الفرس بموقعة القادسية: فلا والله أشربها حياتي ... ولا أسقي بها أبدا نديما يريد: لا أشربها، فحذف «لا» من الكلام وهي مفهومة منه. ٢ - ما يكون المحذوف مضافا: نحو قوله تعالى: ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ) أي: اسأل أهل القرية وأصحاب العير. ومن ذلك أيضا قوله تعالى: (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ)، أي: من أثر حافر فرس الرسول. وقوله تعالى: (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ)، أي: وجاهدوا في سبيل الله ... ٣ - ما يكون المحذوف موصوفا: نحو قوله تعالى: (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً)، فإنه لم يرد أن الناقة كانت مبصرة ولم تكن عمياء وإنما يريد: آية مبصرة، فحذف الموصوف وهو «آية» وأقام الصفة مقامه. وأكثر وقوع حذف الموصوف في النداء وفي المصدر. أما النداء فنحو قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا السَّاحِرُ )أي: يا أيها الرجل الساحر، وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )... ،* أي: يا أيها القوم الذين آمنوا. وأما المصدر فكقوله تعالى: (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً)، تقديره: ومن تاب وعمل عملا صالحا ... ومما جاء منه في الشعر قول البحتري من أبيات يصف فيها التصاوير التي في إيوان كسرى، وذلك أن الفرس كانت تحارب الروم فصوروا مدينة أنطاكية في الإيوان وحرب الروم والفرس عليها، فمما ذكره البحتري في ذلك قوله: وإذا ما رأيت صورة أنطا ... كية ارتعت بين روم وفرس والمنايا مواثل وأنو شر ... وان يزجي الصفوف تحت الدرفس في اخضرار من اللباس على أص ... فر يختال في صبيغة ورس فقوله «على أصفر»، أي: على فرس أصفر، وهذا مفهوم من قرينة الحال، لأنه لما قال: «على أصفر» علم بذلك أنه أراد فرسا أصفر، كما أن «يختال» قرينة لفظية، لأن الاختيال من صفات الخيل الحسنة. ٤ - ما يكون المحذوف صفة: ولا يسوغ هذا الحذف إلا في صفة تقدمها ما يدل عليها أو تأخر عنها أو فهم ذلك من شيء خارج عنها. أما الصفة التي تقدمها ما يدل عليها فنحو قوله تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)، فحذف الصفة، أي: كان يأخذ كل سفينة صحيحة غصبا. ويدل على المحذوف قوله: «فأردت أن أعيبها» فإن عيبه إياها لم يخرجها عن كونها سفينة، وإنما المأخوذ هو الصحيح دون المعيب. فحذفت الصفة هنا لأنه تقدمها ما يدل عليها. وأما الصفة المحذوفة التي تأخر عنها ما يدل عليها فقول يزيد بن الحكم الثقفي: كل امرئ ستئيم من ... هـ العرس أو منها يئيم يريد: كل امرئ متزوج، إذ دل عليه ما بعده من قوله: «ستئيم منه أو منها يئيم» إذ لا تئيم هي إلا من زوج، ولا يئيم هو إلا من زوجة. فجاء بعد الموصوف ما دل عليه، ولولا ذلك ما صح معنى البيت، إذ ليس كل امرئ يئيم من عرس ولا تئيم منه عرس إلا إذا كان متزوجا. وأما ما يفهم منه حذف الصفة فيه من شيء خارج عن الكلام فقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» فإنه قد علم جواز صلاة جار المسجد في غير المسجد من غير هذا الحديث. فعلم حينئذ أن المراد به الفضيلة والكمال، أي: لا صلاة أفضل أو أكمل لجار المسجد إلا في المسجد. وهذا شيء لم يعلم من نفس اللفظ وإنما علم من شيء خارج عنه. ٥ - ما يكون المحذوف القسم أو جوابه: فأما حذف القسم فنحو قولك: «لأفعلن» أي: والله لأفعلن، أو غير ذلك من الأقسام المحلوف بها. وأما حذف جواب القسم فنحو قوله تعالى: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ)، فإن معناه: ق والقرآن المجيد لتبعثن. والشاهد على ذلك ما بعده من ذكر البعث في قوله تعالى: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ. وقد ورد هذا الضرب في القرآن كثيرا، كقوله تعالى في سورة النازعات: (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً. فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً. فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً. يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ)، فجواب القسم ههنا محذوف تقديره: لتبعثن أو لتحشرن. ويدل على ذلك ما أتى به من ذكر القيامة في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، وكذلك إلى آخر السورة. ٦ - ما يكون المحذوف لو وشرطها، أو جوابها فقط: وذاك من ألطف ضروب الإيجاز وأحسنها. فأما حذف لو وشرطها معا كقوله تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إذن لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) تقدير ذلك: إذ لو كان معه آلهة لذهب كل إله بما خلق ... وكذلك ورد قوله تعالى: (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذن لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) تقديره: إذ لو فعلت ذلك لارتاب المبطلون. ومما جاء من ذلك شعرا قول قريط بن أنيف: لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا إذا لقام بنصري معشر خشن ... عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا ف «لو» في البيت الثاني محذوفة لأنها في البيت الأول قد استوفت جوابها بقوله: «لم تستبح إبلي»، ثم حذفها في الثاني وتقدير حذفها: إذ لو كنت منهم لقام بنصري معشر خشن، أو إذ لو كانوا قومي لقام بنصري معشر خشن. وأما حذف جواب «لو» فكثير شائع نحو: «لو زرتنا أو لو ألممت بنا» معناه: لأحسنا إليك أو لأكرمناك أو ما جرى هذا المجرى. ومنه قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ) أراد: لكان هذا القرآن. فحذف الجواب اختصارا لعلم المخاطب بأن الشرط المذكور لا بد له من جواب. ... هذا عن القسم الأول من أقسام إيجاز الحذف وهو حذف مفرد أو كلمة. وهذا النوع من الحذف يتصرف على أربعة عشر ضربا أتينا هنا على ستة أضرب منها على سبيل المثال أما القسم الثاني من أقسام إيجاز الحذف وهو حذف جملة أو أكثر-----يتبع |
رد: البلاغة لسان العرب
اقتباس:
أشكر لك أستاذنا القدير عبد الستار النعيمي موضوعك المهم المفيد، ومنابر علوم اللعة ترحب بك وبقلمك الجميل. |
رد: البلاغة لسان العرب
اقتباس:
بوركت أيها الكريم وقد ألبست أخاك ضافيا بقولك(أستاذنا) يفضل عنه فحسبه أن يكون تلميذا في هذا الصرح الأدبي الشاهق وإذا أفضيت الى استحسانك ما وجدت غير كلمة شكر وامتنان أزجيها اليك جريا على ديدني مع أصفيائي ثم إنك لازلت منعما بخير ومسرة أخانا ماجدا |
رد: البلاغة لسان العرب
موضوع مميز وممتع ، كل الشكر و التقدير
|
رد: البلاغة لسان العرب
اقتباس:
أشكر لك ذلك وتقبل أسمى تحاياي مع عميم تقديري |
الساعة الآن 02:50 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.