منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   الحداثة الأدبية - محاولة وضع تعريف لها - د. زياد الحكيم (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=24596)

د. زياد الحكيم 05-10-2018 09:09 PM

الحداثة الأدبية - محاولة وضع تعريف لها - د. زياد الحكيم
 



ليس من السهل وضع تعريف للحداثة لانها تشمل جملة من الحركات الفنية والفلسفية المحددة منها الرمزية والمستقبلية والسريالية والتعبيرية. ويزيد من مشكلة وضع تعريف للحداثة ان الكثيرين من الحداثيين – سواء البارزون وغير البارزين - لا يصنفون ضمن اي من هذه الفئات. ولكن ثمة مبادئ اساسية اتصفت بها حقبة الحداثة.

يتصف الادب الحداثي برفضه التقاليد الادبية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر. وعمل الحداثيون على النأي بانفسهم عن تقاليد الحقبة الفيكتورية وسعوا الى وضع اعمال مستقلة عن افكار الادب الفيكتوري وقضاياه وارادوا ان ينتهجوا اسلوبا متميزا عن تاريخ الادب والفن في القرن التاسع عشر. واوجز الشاعر الامريكي ازرا باوند جوهر الحداثة بمقولته المشهورة – ليكن عملك جديدا -. ويعتقد الكثيرون من الكتاب الحداثيين انه بشكل من الاشكال ليس ثمة قصة يمكن ان تكتب لم تكتب من قبل. ولذلك فاذا اراد كاتب ان يكتب قصة فان عليه ان يسعى الى ابتكار شكل جديد لها. من هنا نجد ان الادب الحداثي لجأ الى التجريب والى ابتكار اشكال ادبية جديدة. ومن اشهر اشكال هذا التجريب ما خطه قلم كتاب من امثال جيمس جويس وفيرجينيا وولف وشعراء من امثال ازرا باوند وتي اس اليوت من بين كتاب وشعراء كثيرين اخرين.

ومن الصعب تحديد تاريخ بداية الحركة الحداثية. ولكن الكثيرين من الكتاب والشعراء والنقاد يعتقدون ان الحداثة بدأت مع بداية القرن العشرين، وهو تاريخ شهد نهاية العصر الفيكتوري وتاريخ يرمز الى نهاية قرن مضى. يضاف الى ذلك انه تاريخ شهد ظهور عدد من النظريات التي لم يسبق لها نظير من حيث جدتها واهميتها وتأثيرها، ومنها نظرية تفسير الاحلام لسيغموند فرويد والنظرية النسبية لالبرت انشتاين وبذلك تحقق تحول غير مجرى العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والفنون التشكيلية تغييرا حقيقيا. ولكن الواقع ان القول بان الحداثة بدأت في حوالي عام 1900 يستدعي استبعاد عدد من الكتاب والاعمال التي تنطوي على جملة من المزايا التي توصف بها الحركة الحداثية مما دفع عددا من النقاد الى اعتبار ان الحداثة بدأت حوالي عام 1890. ومن المهم على اي حال ان نعتبر هذا التاريخ تقريبيا ايضا.

من ناحية اخرى يعتبر معظم الدارسين ان الحداثة انتهت حوالي عام 1945 وهو العام الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثانية وحدث فيه تحول كبير في السياسة العالمية والقيم الادبية والثقافية والاجتماعية. ولكن يقول بعض الدارسين ان عام 1939 هو اقرب الى الحقيقة لتحديد نهاية الحركة الحداثية لان هذا العام شهد اهم عمل حداثي متمثل في رواية (يقظة فينيغان) للكاتب الايرلندي جيمس جويس. ويشكل هذا الكتاب اهم نقطة وصلت اليها الحركة الحداثية من حيث التجريب والجدة. واصبح من غير الممكن بعد هذا الكتاب ان يطمح اي من الكتاب الحداثيين ان يأتي بجديد في الحركة. وبذلك بلغت الحركة الحداثية غايتها. وكل ما ظهر من اعمال بعد ذلك اصبح يعتبر جزءا من حقبة اخرى من التاريخ الادبي.

zedhakim@yahoo.co.uk

ايوب صابر 05-11-2018 11:05 AM

يعطيك العافية دكتور . كما في علم النفس والعلوم الاخرى ظني ان قانون الطاقة والذي ينص على ان الطاقة لا تفنى ولا تستحدث مثل حد فاصل بين الماضي والحديث وعلى اثره ولدت نظرية دارون ونظريات الشخصية لدى علماء النفس وعلى راسهم فرويد وحدث فهم مختلف للشخصية ومصدر الطاقات . اظن ان سر الحداثة يرتبط الى حد بعيد بنظرية فرويد للشخصية الذي قسم العقل الى واعي ولا واعي وقال ان مصدر العمل الابداعي اللاوعي . من هنا صار يمكن للعقل اللاواعي ان يكون مصدر للمادة الابدعية وليس بالضرورة من خارج الوعي او اللاوعي الانساني.

اذا الحداثة هي الى حد كبير التعبير عن مكنونات النفس البشرية بحرية التداعي الحر دون التقيد بمواصفات الانماط الادبية كما في معظم الاعمال التي ذكرتها وعلى راسهم جيمس جويس. فهي اذا الى حد بعيد تاريخ لثورة الفكر التي وضعت تعريف اخر حديث للشخصية . *

د. زياد الحكيم 06-12-2018 04:36 PM

الاخ الاستاذ ايوب صابر – شكرا جزيلا على المتابعة.

لا جدال في ان القدرة على الابداع
هي من اهم ما امتاز به البشر من صفات.
فهذه القدرة مكنت البشر من تغيير العالم الذي
يعيشون فيه ومكنتهم ايضا من التكيف مع
الاوضاع التي لا يملكون تغييرا لها. ويمتاز الانسان
بقدرة فائقة على تطوير افكار جديدة وتطبيقها.
ويخبرنا العلماء ان الافكار الابداعية التي تنشأ في الدماغ
هي واحد من اعظم التحديات
المثيرة للاهتمام
في علوم الاعصاب المعاصر.

ماجد جابر 05-25-2019 12:20 AM

رد: الحداثة الأدبية - محاولة وضع تعريف لها - د. زياد الحكيم
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. زياد الحكيم (المشاركة 230011)



ليس من السهل وضع تعريف للحداثة لانها تشمل جملة من الحركات الفنية والفلسفية المحددة منها الرمزية والمستقبلية والسريالية والتعبيرية. ويزيد من مشكلة وضع تعريف للحداثة ان الكثيرين من الحداثيين – سواء البارزون وغير البارزين - لا يصنفون ضمن اي من هذه الفئات. ولكن ثمة مبادئ اساسية اتصفت بها حقبة الحداثة.

يتصف الادب الحداثي برفضه التقاليد الادبية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر. وعمل الحداثيون على النأي بانفسهم عن تقاليد الحقبة الفيكتورية وسعوا الى وضع اعمال مستقلة عن افكار الادب الفيكتوري وقضاياه وارادوا ان ينتهجوا اسلوبا متميزا عن تاريخ الادب والفن في القرن التاسع عشر. واوجز الشاعر الامريكي ازرا باوند جوهر الحداثة بمقولته المشهورة – ليكن عملك جديدا -. ويعتقد الكثيرون من الكتاب الحداثيين انه بشكل من الاشكال ليس ثمة قصة يمكن ان تكتب لم تكتب من قبل. ولذلك فاذا اراد كاتب ان يكتب قصة فان عليه ان يسعى الى ابتكار شكل جديد لها. من هنا نجد ان الادب الحداثي لجأ الى التجريب والى ابتكار اشكال ادبية جديدة. ومن اشهر اشكال هذا التجريب ما خطه قلم كتاب من امثال جيمس جويس وفيرجينيا وولف وشعراء من امثال ازرا باوند وتي اس اليوت من بين كتاب وشعراء كثيرين اخرين.

ومن الصعب تحديد تاريخ بداية الحركة الحداثية. ولكن الكثيرين من الكتاب والشعراء والنقاد يعتقدون ان الحداثة بدأت مع بداية القرن العشرين، وهو تاريخ شهد نهاية العصر الفيكتوري وتاريخ يرمز الى نهاية قرن مضى. يضاف الى ذلك انه تاريخ شهد ظهور عدد من النظريات التي لم يسبق لها نظير من حيث جدتها واهميتها وتأثيرها، ومنها نظرية تفسير الاحلام لسيغموند فرويد والنظرية النسبية لالبرت انشتاين وبذلك تحقق تحول غير مجرى العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والفنون التشكيلية تغييرا حقيقيا. ولكن الواقع ان القول بان الحداثة بدأت في حوالي عام 1900 يستدعي استبعاد عدد من الكتاب والاعمال التي تنطوي على جملة من المزايا التي توصف بها الحركة الحداثية مما دفع عددا من النقاد الى اعتبار ان الحداثة بدأت حوالي عام 1890. ومن المهم على اي حال ان نعتبر هذا التاريخ تقريبيا ايضا.

من ناحية اخرى يعتبر معظم الدارسين ان الحداثة انتهت حوالي عام 1945 وهو العام الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثانية وحدث فيه تحول كبير في السياسة العالمية والقيم الادبية والثقافية والاجتماعية. ولكن يقول بعض الدارسين ان عام 1939 هو اقرب الى الحقيقة لتحديد نهاية الحركة الحداثية لان هذا العام شهد اهم عمل حداثي متمثل في رواية (يقظة فينيغان) للكاتب الايرلندي جيمس جويس. ويشكل هذا الكتاب اهم نقطة وصلت اليها الحركة الحداثية من حيث التجريب والجدة. واصبح من غير الممكن بعد هذا الكتاب ان يطمح اي من الكتاب الحداثيين ان يأتي بجديد في الحركة. وبذلك بلغت الحركة الحداثية غايتها. وكل ما ظهر من اعمال بعد ذلك اصبح يعتبر جزءا من حقبة اخرى من التاريخ الادبي.

zedhakim@yahoo.co.uk

موضوع جدير بالقراءة وبارك الله فيك

أماني عبدالعزيز 05-28-2019 12:40 AM

رد: الحداثة الأدبية - محاولة وضع تعريف لها - د. زياد الحكيم
 
تعريف مهم للحداثة مع ما صاحب هذا المصطلح من جدل كبير في وضع تعريف له وتحديد معالمه
ولك أستاذي كل تقدير وإجلال

بتول الدخيل 06-10-2019 06:44 PM

رد: الحداثة الأدبية - محاولة وضع تعريف لها - د. زياد الحكيم
 
كثيرة مصطلحات الأدب والنقد التي درستها ولكنها صعبة واستفدت منكم في المنتدى منابر في فهم كثير منها
باقة ود لك دكتور:Untitled-3:

ناريمان الشريف 11-12-2019 12:22 PM

رد: الحداثة الأدبية - محاولة وضع تعريف لها - د. زياد الحكيم
 
مقالة جيدة ..
أرى إن الأهم من تحديد موعد نشأة الحداثة هو هؤلاء الكتاب والشعراء الحداثيون
فيم يكتبون وكيف ولمن ..؟؟
خاصة في عالمنا العربي ..
ربما بعض الحداثيون استجدوا شيئاً في الاسلوب بابتكارهم شيئاً جديداً
لكن المحتوى بات فارغاً لافراطهم في استخدام الرمزية بشكل خاطئ
مما أفرغ شعرهم من المتعة التي تجدها في الشعر القديم الأصيل ..
وكنت قلت فيما مضى في موضوع ( من المسؤول عن المسؤول )
إن أكثر ما يغيظ فيما يكتبه الحداثيون
- إن صح التعبير -
هو ذلك الغموض الطاغي على نص قصيدة شعرية أو لوحة أدبية ..
فكل ما هنالك أن صاحبنا أخذ كلمة من الشرق
وأخرى من الغرب ودمجهما معا ليصنع جملته الشعرية ..
( وكأنه يقول للقارئ :
إذا كنت شاطر افهم ماذا أقصد ؟؟)
إنها أشبه بالألغاز والأحاجي .. تحتاج لمتفرغ عقل ليفهم محتوياتها وربما لا يفهم معانيها إلا صاحبها
إنه يحتاج إلى قاموس لغوي وآخر فلسفي .. وربما نحتاج إلى منجم
حتى يفهم ما يقرأ ...

إنني لست ضد الحداثة .. ولست مع الأصالة بالمطلق ..
فلماذا لا تتم المصالحة التاريخية بين الأصالة والحداثة لتكون الوسطية المعقولة ..
لتصبح ( أصالة بلا مغالاة وحداثة دون إفراط )
هنا .. لا نظلم الأصالة العريقة ..
ولا نقصر تجاه الحداثة العصرية
ولا أخفيكم .. والله إنني في بعض الأيام
أقرأ بعض النصوص الأدبية هنا وهناك
ولا أفهمها .. أنقذوني
هل أنا لا أفهم ؟؟
أم أن هذه النصوص أكبر من فهمي المتواضع ؟
أم أنّ.. هذه هي سمة النصوص الأدبية الحديثة
وهذا رابط الموضوع لاستكمال وجهة نظري
http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1534


الساعة الآن 05:09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team