منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   ++ حين تلتقي الأرواح ++ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1645)

أحمد فؤاد صوفي 10-01-2010 02:28 PM

++ حين تلتقي الأرواح ++
 
++ حين تلتقي الأرواح ++



* الجزء الأول *




طرقات متتالية على باب الدار . . تجاوز الوقت منتصف الليل . . الكــل نيـام . .


إنه شيء لا شك يدعو إلى القلق . .


كنت أول من سمع الصوت . . وكان علي أن أقرر . . هل اوقظ والدي ! ! . . ولكنه في الدور العلوي . . أم هل أفتح الباب ! ! . . يحتاج الموقف إلى جرأة


من فتاة في التاسعة عشرة من عمرها . .


تجاوز فضولي خوف الموقف . . تقدمت إلى الباب . . وبجرأة لم أعهدها في نفسي . . فتحته . .


عينان وجلتان فاجأتاني . . قشعريرة باردة سرت في جسدي . .


" لم يفتح لي الباب أحد . . أنا مطارد وأنا بريء . . لم أرتكب أية جريمة " . .


سكت الغريب . . ونظر إلى الأرض . . نظرة صادقة في عينيه . . وضحت لي الطريق . . ودفعتني للتصرف فوراً . . وبدون تردد . .


ثوان مرت كأنها عمر . . لملمت قميصي على جسدي . . وفتحت الباب . . دخل الهارب إلى البيت . . أغلقت الباب خلفه . . ثم تواجهنا . . مرتبك . . ينظر إلى الأرض . . لا يعرف ما يفعل . . كدت من هول الموقف أن أبكي . .


" أرجوك . . تعال معي . ."


وتوجهنا إلى المطبخ . . وضعت أمامه كأس ماء . . ووضعت الإبريق على النار . . لأجهز مشروباً دافئاً . .


" ســــــأوقظ والدي . . ! ؟ . ."


كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة صباحاً . . واقترب انبلاج الفجر . . والفجر يغري النهار . . والنهار يكشف المستور . .


" والدي . . والدي . . ! ! "


تململ الوالد مبتعداً يريد أن يكمل نومته الدافئة . .


" والدي . . والدي . . لدينا في الأسفل ضيف . ." . .


" - - - - - - - - .


" إنه مطارد وخائف . . لا أدري ما أفعل . . أرجوك . . استيقظ وساعدني . . " .


ومن تحت الغطاء الثقيل . . هب جسد ينتفض . . وبلحظة . . أصبح واقفاً . .


" ماذا . . ! ! ماذا قلت . . ! ! " .


" لدينا في الأسفل ضيف . . إنه هارب وخائف . . أرجوك أن تتصرف . . ولكن أرجوك . . لاتطرده مهما حصل . . " .


أسرع الوالد إلى الأسفل . . وأسرعت أنا معه . .واجه الوالد الغريب المطارد بنظرة ساكنة . . ووقف الغريب احتراماً . .


" إني مطارد . . وأنا بريء . . لم أرتكب أي جرم ! ! ".


الوالد : - - - - - - - - .


" ليس لي مكان ألجأ إليه ! ! " .


" لو طلبت مني أن أغادر . . فسوف أغادر فوراً . . لابأس إنه قدري . . لابأس . . أرجو أن تغفر لي وجودي في بيتك ! ! " .


" هناء . . جهزي لنا الشاي . . وطعاماً للافطار ! ! " .


" حسناً . . حسناً ياوالدي . . شكراً لك ! ! " .


بإشارة من يده . . تبع الهارب الوالد إلى الداخل . . أعطاه ملابس جافة . . وأومأ إليه . . " إن الله موجود . . وسيظهر الحق . . اطمئن . . خذ حماماً دافئاً . . وتعال للفطور ! ! " .


شارفت الساعة على السابعة صباحاً . . النشاط يدب في البيت . . والغريب محرج من وجوده بينهم . . الجميع فهم الموضوع . . ولم يعلق احد . . ولم يعترض أحد . . ولم يتضايق أحد . . فنظرات هذا الغريب توحي بالصدق . .


مكث الوالد في البيت . . لم يذهب إلى عمله . . عليه أن يتصرف . . تساعده في ذلك ابنته هناء . .


"ليس لدينا متسع في البيت . . وسوف يتنبه الجيران . . لا يمكننا المخاطرة ! !"


" والدي . . الموضوع خطير . . والمسألة مسألة حياة أو موت . . أرى أن نفرش السقيفة ببعض المستلزمات . . لن يشك في ذلك أحد . . ولنتوكل على الله . . الوقت يداهمنا ! ! . . " .


لمعت عينا الأب . .


" والله لا أرى أفضل من هذه الفكرة . . دعينا نقوم بما يلزم "



عينا الغريب . . امتلأتا حباً . . انقلب كيانه . . لم يسألوه شيئاً . . صدقوه . . وثقوا به . . منحوه الأمان . . وتقبلوا الخطر . .


أحضرت هناء السلم . . تم افراغ السقيفة من محتوياتها . . وتم تنظيفها . . فرش فيها بساط عريض . . وضع فوقه مرتبة نظيفة . . جهزت مع مسـتلزماتهـا ومذياع . . كما تم نقل التلفاز من غرفة الأولاد أيضاً . .


مأوى مؤقت . . أهم ما فيه أنه مملوء بالمحبة والأمان . . ومر اليوم سريعاً . . وكأنه ساعة واحدة . . وبعد أن أخذ الغريب قسطاً من الراحة . . وفي سهرة اليوم الثاني . . بدأ يقص حكايته . .

" كان والدي من الأغنياء المعروفين . . وله منصب شرفي كبير في الوزارة . . طلبوا منه تنفيذ أمور خارجة عن القانون . . وتضر بأشخاص معينين . . وقد تؤدي إلى إعدامهم - - . . رفض والدي وترك الوزارة . . دبروا له تهماً كثيرة . . قبضوا عليه وسجنوه . . وبعد عدة أشهر . . مات في سجنه كمداً . . - - . . قاموا بمصادرة كل أملاكنا . . وقاموا بالحجز على ثروتنا . ."


يتبع. . الجزء الثاني والأخير

أحمد فؤاد صوفي 10-01-2010 02:36 PM

* الجزء الثاني والأخير*




" . . لدي وثائق تدينهم وتثبت جرائمهم . . وتثبت ملكيتنا الضائعة . . هم يريدون هذه الوثائق . . وأنا قد أخفيتها جيداً . . لو قبضوا علي لأنهوا حياتي فوراً . . ليضمنوا سكوتي . . "


انتهى الشاب من حديثه . . وساد الوجوه وجوم التوجس . . إذن فالقضية خطيرة . . والمسؤولية تقع على الجميع . . الحذر واجب الآن بشكل أكبر وبشكل كامل . .


مرت أيام عدة . . جاء رجلان إلى الحي . . السواد رداؤهما . . يسألان السكان عن شاب هارب معهم صورته . . وصارا يجولان في الحي كل يوم . . ويسألان نفس الأسئلة . .


أيام شديدة الوطأة مرت على الجميع . . فانكشاف الأمر يعني فقدان حياة . . ويعني للوالد سجناً دائماً وتعذيباً . .


وتمر الساعات بطيئة . . ثمانية أشهر كاملة . . والشاب قابع في سقيفته . . لايدري به أحد . . أحداث مرت . . مناسبات وأعياد . . وكلها مرت بسلام . .


وفي كل حين . . ورغم موقفه المأساوي المؤلم . . فإن صورة هناء . . الفتاة الجميلة الواثقة . . ما فتأت تظهر أمامه . . كلما تنفس . . وكلما تحرك . .


كيف لفتاة في هذا العمر . . أن تتصرف كالرجال . . كيف لها أن تتحمل الخطر . . لم يجدها مضطربة لحظة واحدة . . نظرتها تحمل شجاعة تنفع الرجال وتدفعهم إلى تأدية الواجب . . لله درك أيتها الجميلة . . كم أنني استقويت بك على الألم . .


تأقلم الجميع . . استوعبوا الوضع الجديد . . وأحسوا بمدى الجدية فيما يفعلونه .


كانت الأعصاب مشدودة . . ولكن الايمان كان كبيراً . .



" أين جلال . . ! ! " وهدر صوت الوالد قبل الظهر . . في غير ميعاده . . " أين جلال . . ! ! " . .


" سقط الطاغية . . وتحررنا إلى الأبد . . "


نزل جلال من السقيفة مسرعاً . . يكذب أذنيه . . لم تتمكن حواسه أن تستوعب مايسمع . . فالخبر كأنه حلم جميل . . أحس نفسه بعالم آخر لم يعتد عليه منذ سنين طويلة . . - - . .


" ماذا قلت ياعمي . . أرجوك . . كررها مرة ثانية . ."


" لقد سقط الطاغية . . قبضوا عليه وأعدموه فوراً . . وقبضوا على أعوانه . . لقد تحررنا . . لن تحتاج إلى التخفي . . وسوف تستعيد حقك المهدور. ."


تقاطرت دموع الفرح من العيون . . وجـــم جلال غير مصدق . .


والتفـت العائلــــــة حـولــــــه تهنــؤه . .


وحدها هناء . . التي تعلقت بشاب أنقذته . . تلاعبت بها عواطفها . . ولم تعرف ما تفعل . . هل تفرح ؟ . . هل تحزن ؟ . . دارت عواطفها بصعوبة . . فما عملته كان واجباً أملاه عليها ضميرها . . ولكنها في نفس الوقت . . ليست قادرة على مغالبة شعورهـــــا . .


غادر جلال البيت لأول مرة بعد ثمانية أشهر كاملـــــة . . غادر إلى بلده القريـب . . وبسهولة استرد أملاكه واسترد ثروته . . وكان يتصل دوماً بوالد هناء يطمئن عنه وعن أفراد العائلة فرداً فرداً . .


مرت الأيـــام سريعة على جلال . . مليئة بالأحداث. . وعاد إلى وضعــه الطبيعي . . ثري من الطبقة العليا . . يسكن منزلاً هو أقرب إلى قصر . . مسموع الكلمة


ذا نفـــــوذ . .


أما هناء . . فكانت الأيام تمضي بها بطيئة ثقيلة . . لا تدري ماذا تفعل فيها . . الشابة الجميلة اعتادت على وجود جلال قربها . . وأحبته . . ولم تستطع اعلان حبها إلا من خلال نظرات قصيرة بين حين وآخر . . فالوضع لم يكن مناسباً . .


ورغماً عنها . . وفي كل ليل . .. كانت قطرات من دموع المحبة . تبلل خديها . .


اكتمل تجديد بيت جلال . . واتصل بالوالد يدعوه أن يقضوا عنده فترة العطــلة . .


تجهزت العائلة للرحلة . . وقد أصبح جلال بالنسبة إليهم . . وكأنه حقيقة فرد من العائلــــــــة . .


وصلـت الســـيارة إلى منزل جلال . . وبدا لهم من بعيد تجمع غفيـــر عند البوابة . . لم يعرفوا في البداية سببه . . وحين اقتربوا . . وجدوا جلال محاطاً بأهله وعشيرته وقد جهز ذبائح كثيرة على شرف قدوم الأحبـــــــــــــاب . .


ضربت الدفوف . . وعلقت الزينة . . وكان الترحيب هائلاً . .


وفي مساء اليوم نفسه . . يقترب جلال من الوالـد متردداً خائفــــاً . .


" مابالك ياجلال . . لم أعتد منك هذا التردد . . ! ! ماذا تريــد . . ! !"


"عمي الغالي . . أريد أن أعقد قراني على هناء اليوم . . بل الآن . . أرجوك ياعمي . . اقبل طلبي . .ولا تكسر خاطري! ! "


فوجىء الوالد بالطلب . . ومع ذلك وحباً بهذا الشاب النبيل . . فقد قام إلى ابنته في غرفتها . . وجمع العائلة حوله . .


" سيتم اليوم ان شاء الله عقد قران هنـــاء على جلال . . ! ! مارأيكــم ! ! "


سكت الجميع . . استحت هناء . . وغزا الاحمرار وجنتيها . . وحتى الوالدة لم تقل شيئاً . .


" تجهزوا . . سنطلب المأذون . . "


وانقضت الأتراح . . وبدأت الأفراح . . هدية من السماء لقلبين أبيضين . . عاشا علـــى المبـــــدأ والحـــــق . .



ألا كم أن رحمة الله واسعة . .


كيف يجيء النصـــيب . . !!


وكيف تلتقي الأرواح . . !!


نقنع بما قسم الله لنــا . .


لا اعتراض على حكمــــــه . .


هـــــــــو المدبـــر . .


هـــــــــو الرحيـــم . .


وهو علام الغيوب . .







** أحمد فؤاد صوفي**

روان عبد الكريم 10-01-2010 02:44 PM

العزيز احمد الصوفى
اين البقية
هو الى بعمله فى الناس يتعمل فيا ههههههه

روان عبد الكريم 10-01-2010 02:47 PM

أعجبتنى القصة ولم تعجبنى النهاية ربما اننى اصبحت اتوقع السؤء هذه الايام

شكرا للك

أحمد فؤاد صوفي 10-01-2010 02:55 PM


روان عبد الكريم . .
أيتها الكاتبة القديرة . .

لاحظت في كتاباتك بعض التشاؤم من الغد. .
ولا ألومك على ذلك . .
ولاحظت أنت بعض التفاؤل في كتاباتي . .
ولا أظنك تلومينني على ذلك . .
لأن الأمل في الغد يجب ألا يموت . .

سررت بوجودك القريب . .
تقبلي تحيتي وودي . .
دام يومك بهيجاً بدون غم وهم . .

** أحمد فؤاد صوفي **

ناريمان الشريف 10-01-2010 04:23 PM

فعلاً إنها الأرواح التي تتآلف رغم كل الظروف القاسية
قصة حب رائعة نشأت في ظروف قاهرة

سلمت يداك أخي أحمد

وتحية ... ناريمان

ايوب صابر 10-02-2010 12:16 AM

قصة محبوكة بصورة جميلة والبداية جيدة ،وتثير في المتلقي الفضول ليستمر في القراءة لكن الفضاءين الزماني والمكاني واسعين جدا ، وطريقة دخول الشاب الى البيت غير واقعية ، وكنت افضل لو انتهت القصة عند :

" تجهزوا . . سنطلب المأذون . . "

فالجزء الأخير فيه وعظ ،ومكانه ليس القصة القصيرة، أيضا هذه الجملة خارجة عن السياق "يحتاج الموقف إلى جرأة من فتاة في التاسعة عشرة من عمرها ."

أحمد فؤاد صوفي 10-04-2010 11:48 PM


أديبتنا الكريمة ناريمان الشريف المحترمة

قصص الحب تنشأ في أجواء رومانسية . .
كما تنشأ في ظروف صعبة مليئة بالألم . .
هكذا هو الإنسان . .
لو حاولنا فهمه وتحليله ما قدرنا . .

تقبلي تحيتي واحترامي . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

ساره الودعاني 10-05-2010 10:57 AM

ثمانية شهور

في تعداد هناء

وفي الأخير نهاية سعيدة لنوايا طيبة..

الأستاذ أحمد فؤاد صوفي

سلم قلمك وفكرك..

أحمد فؤاد صوفي 10-08-2010 02:43 PM

أديبنا الكريم أيوب صابر المحترم

أسعدني تعليقك وأثلج صدري . .
فهو تعليق صحيح ينم عن تحليل أدبي متمكن . .
وهذا بالطبع حين نأخذ القصة كعمل أدبي ونقوم بتشريحه بشكل علمي . .

لي شرح لتعليقك على نقطتين . .
الأولى ما يتعلق بالفضائين الزماني والمكاني . .
فإنني أحب هذه الطريقة من ناحية . .
ودولنا العربية مليئة بأكثر مما جاء بالقصة . .
من ناحية أخرى . .
والنقطة الثانية ما يتعلق بالوعظ . .
فأنا كذلك أحب إدراجه في قصصي . .
ولو أن ذلك يضعف بنية القصة من الناحية التحليلية في بعض الحالات . .
وأنا أؤكد هنا على صحة تعليقك . .

تقبل مني التحية والتقدير . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **


الساعة الآن 06:42 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team