منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ" (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=25183)

ماجد جابر 06-14-2019 08:27 AM

الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ" للشاعرة آمال رضوان بقلم الناقد د. عبد المجيد جابر اطميزة
أولا: النص

.
فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ/ آمال عوّاد رضوان

تَوَارَفْتِ ضَبابًا رَهِيفَ خَطْوٍ
يُوَاعِدُ ظِبَاءَ رُوحِي
بحَّةً
تَ ر ا مَ حْ تِ
بِبَاحاتِ بَوْحِي
غَمَسْتِ أَصَابِعَ نَقَاوَتِكِ بِفَمِ أَحْلاَمٍ تَشْتَعِلُ
وَمِنْ كُوَّةِ عَتْمَتِي
سَطَعْتِ أَرْتَالَ أُنُوثَةٍ صَافِيَة!
*
مَدَدْتُ يَدِي
لأَلْتَقِطَ وَهَجًا أُسْطُورِيًّا يُرَمِّمُ ظِلِّيَ الْهُلاَمِيَّ
لكِنَّكِ.. أَغْمَضْتِ وُرُودَ غُمُوضِكِ
وَرَشَقْتِ سَهْمَ شَقَاوَتِكِ الْمُشِعَّةِ
وَانْخِطَافًا... اصْطَدْتِنِي!؟
كَيْفَ ذَا.. وَأَنَا مَنِ انْسَلَّ مِنْ خُرْمِ مُسْتَحِيلٍ؟
*
تَسَلَّلْتُ إِلَيْكِ
عُصْفُورًا سُومَرِيًّا تُهَفْهِفُ بحَّتُهُ
يَنْقُرُ حَبَّاتِ تِينِكِ المُعَسَّلِ
كَمْ رَطَّبَهَا نَدَى جَمَالِكِ
تَذَوَّقْتُكِ قُرْبَانًا
تَخَمَّرْتِ بِكِ مَوَّالاً
وَمَا انْفَكَكْتُ أُغَرِّدُكِ صَدَى خَيَالٍ
يَمُو/////// جُ
بِي
مَمْهُو/////// رًا
مَأخوذًا بِدَلْعَنَةِ سِرِّكِ
تَسْتَلِبُهُ رَائِحَةُ سَمَائِكِ الْمَائِيَّةِ!
*
بَيْنَ تُرَّهاتِ الزَّحْمَةِ الدّافِئَةِ بِكِ
بَ حَ ثْ تُ
عَنْ هَالاَتِ ضَوْئِكِ الْخَزَفِيِّ!
أَنَا مَنْ بفَوْضَى أَلْوَانِي الْمُشَاكِسَةِ
تَسَرْبَلَتْنِي
فُقَاعَاتُ
الْغُرْبَةِ الْمُغْبَرَّة
انْتَعَلَنِي حِذَاءُ افْتِقَادِكِ
وَخَشَعْتُ بَيْنَ مَسَافَاتِ الْغَدِ
أَتَشَهّى عَنَاقيِدَ حِلْمِكِ
أَتَهَجَّى رُوَاءَ أَطْيَافِ أَمْسِكِ!
*
سِنْدَريلايَ
هيَ ذِي ذَاكِرَتِي الْعَاقِرُ تَحْمِلُ بِكِ
تَلِدِينَني شَاعِرًا يَتَفَتَّقُ وَجْدًا
يَهِيمُ بِنِيرَانِ تِيهِكِ
وَأَنَا الْمُفْعَمُ بِخَرِيرِ غَدِيرِكِ
أَ تَ أَ مَّ لُ كِ
بِمَجَسَّاتِ حُرُوفِي
أَتَحَسَّسُ رِهَامَ خَطْوِكِ
يُوَشْوِشُنِي غُوَايَةَ قَصِيدَةٍ رَاعِدَة!
حُورِيَّتِي
مَنْ بِهَا تَأْتَلِفُ دَمْعَتِي بِبَسْمَتِي
تلَمَّسِي بِدَبِيبِ صَلاَتِكِ
أَكْفَانَ
دُرُوبِي
الْعَرْجَاءِ
عَسَانِي أَقُومُ
عَسَانِي أَفْتَرِشُ الْغَيْمَ هَسِيسَ هُرُوبٍ إِلَيْكِ!
*
غَـــــاشِـــــيَـــــــتِـــــي
يَــــا مَـــــنْ تُـــــراوِحِــــيـــــــنَــــــــنِـــــي
مَا بَيْنَ رَوَائِحِ دَمِي الْمُضْطَرِمِ بِكِ
أمْطِرِي قَلْبِيَ قَمِيصَ نُورٍ رَطِبٍ
وَمِنْ سُبَاتِهِ ابْعَثِيهِ حَيًّا بِكِ
غَسّانِيًّا
عَسَى يَخْفقُ حَرْفِيَ بِكِ
فَلاَ أَسْتَظِلُّ
بِبُرْجِ غَرِيمِي الْخُرَافِيِّ.

ثانيا: التحليل الأدبي
العنوان
"فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
والعنوان أول ما يلفت نظر المتلقي، ويتكون من خبر مرفوع لمبتدأ محذوف تقديره "هذه" والخبر يتكون من مضاف ومضاف إليه وصفة، وفي العنوان انزياح بالحذف. هذا من ناحية التركيب، أما من ناحية المعنى فهو يمثل محتوى القصيدة، فلهول المصيبة التي تعانيها الشاعرة في نصِّها نرى أنها تخاطب القصيدة المتمثلة في قدَرها المجهول أو المرسوم لها- الذي يتخطفنها ويتصيَّدها، فهي الحالمة الخارجة من خرم مستحيل إلى كوة عتمة في حشاها يتربص بها المستحيل، وفي خضمّ التخبط في هذه الفوضى، تلجأ إلى ألوانها المشاكسة، فتشعر بالفوضى التي تجتاح الروح، وعلى طريقة الرمزيين توظِّف الشاعرة خاصية تبادل الحواس، فأسندت الألوان للفوضى، كما أنها أسندت المشاكسة أيضا للألوان وما ينطوي على التعبير والتركيب من انزياحات مختلفة تثير لهفة المتلقي، وقد نجحت الشاعرة في اختيارها للعنوان "ولما كان العنوان على مستوى وظيفته الشعرية يحيل على لغة النص، فإن هذا التحول يتصل أيضا بالتحول الذي طرأ على بنية لغة النص الشعرية، فقد اعتبر جيرار جينيت (أن العنوان يرتبط بعلاقة عضوية مع النص، إذ يشكل بنية تعادلية تتألف من محورين أساسين في العملية الإبداعية هما: العنوان والنص، فالعنوان هو المناص الذي يستند إليه النص الموازي.
كما أن العنوان كما يقول جينيت لا ينفصل عن مكونات النص ومراتبه القوليه، فإن اختياره لا يخلو من قصدية وهو يأتي في إطار سياقات نصية تكشف عن طبيعة التعالق التي تتم بين العنوان ونصه، من هنا فإن عناوين دوواين الشاعر لا يمكن قراءتها خارج تلك الوظيفة الشعرية نظرا لأنه يعبر عن جماع العمل أو عن الفكرة الرئيسة التي تهيمن عليه، فهو مفتاح تأويلي يسعى إلى ربط القارئ بنسيج النص الداخلي والخارجي ربطاً يجعل من العنوان الجسر الذي يمر عليه(1).
وفي مجال الحديث عن العنوان في اللغة والاصطلاح في العربية، قال بازي "العنوان... إظهار خفي ورسم للمادة المكتوبة. انه توسيم وإظهار فالكتاب يخفي محتواه ولا يفصح عنه، ثم يأتي العنوان ليظهر أسراره ويكشف العناصر الموسعة الخفية أو الظاهرة بشكل مختزل وموجز".(2)
الفكرة العامة
تخاطب الشاعرة في هذه القصيدة قدَرها المجهول أو المرسوم لها والذي يتخطَّفها ويتصيَّدها، فتشعر في ذاتها بأنها الحالمة الخارجة من خرم مستحيل إلى كوة عتمة في حشاها يتربص بها المستحيل، وفي خضم التخبط في هذه الفوضى، تلجأ إلى ألوانها المشاكسة، فتارة ترسم ذاتها بألوان الحياة الرافضة للواقع المرير، وبتوظيف وتجيير عدة صور: فترسم ذاتها عصفورا سومريا غريدا ينقر التين المعسَّل، فيخمر ويتخمَّر صوته ويحلو تغريده وعندلته ويحلق في أفق الخيال، حيث تسلبه رائحة السماء ويظل رهين الأفق والخيال صافنا ما بين حِلم وحُلم وما بين غد وأمس، تشده إلى الأرض الغربة المغبرَّة، وتارة ثانية تستحضر ذاتها في أسطورة شقائق النعمان الذي قٌتل ونبتت من دمه وردة إسمها شقائق النعمان فأصبحت هذه الوردة ترمز للدم والانبعاث لان روح أودنيس تحولت في عشتار، وتارة ثالثة تستحضر ذاتها في قصة سندريلا العالمية لتتصاعد أحداث الحلم العبثي الخيالي، لعلّها تخلص من غريمها الخرافي.

وتستهل الشاعرة المقطع الأول موظّفة طريقة السرد قائلة:
"تَوَارَفْتِ ضَبابًا رَهِيفَ خَطْوٍ" "يُوَاعِدُ ظِبَاءَ رُوحِي"/"بحَّةً"/ "تَ ر ا مَ حْ تِ"/"بِبَاحاتِ بَوْحِي"/"غَمَسْتِ أَصَابِعَ نَقَاوَتِكِ بِفَمِ أَحْلاَمٍ تَشْتَعِلُ"/"وَمِنْ كُوَّةِ عَتْمَتِي"/ "سَطَعْتِ أَرْتَالَ أُنُوثَةٍ صَافِيَة!".
"تَوَارَفْتِ ضَبابًا رَهِيفَ خَطْوٍ"/"يُوَاعِدُ ظِبَاءَ رُوحِي""/"بحَّةً"/ "تَ ر ا مَ حْ تِ"/"بِبَاحاتِ بَوْحِي":
تُخاطب الشاعرة قصيدتها المتمثلة في قدرها المجهول وترى أن قدرها قد طال وامتد واشتدّ في عتمته، والضباب يرمز للعتمة والغموض، وتصوره بإنسان له خطوات، ولروح الشاعرة ظباء تُواعَد وصوتها مبحوح لكثرة المناجاة، وتصور الشاعرة البحّة بإنسان يركض مسرعا بباحات بوح الشاعرة حيث تتلاعب بالألفاظ لخلق إيقاع في السطور.
"غَمَسْتِ أَصَابِعَ نَقَاوَتِكِ بِفَمِ أَحْلاَمٍ تَشْتَعِلُ"/"وَمِنْ كُوَّةِ عَتْمَتِي"/ "سَطَعْتِ أَرْتَالَ أُنُوثَةٍ صَافِيَة!": وهذه السطور حافلة بالصور الشعرية والانزياحات المختلفة التي تثير دهشة المتلقي، فللنقاوة أصابع كما للإنسان، وللأحلام فم يشتعل كما الوقود وللعتمة كوة "طاقة" كما للبيت، وللقصيدة أرتال كموكب السيارات، وللأرتال أنوثة كما للكائن الحي....والمقطع بكامله من الأسلوب الخبري الذي يصور مأساة الشاعرة.
وتستمر في مقطعها الثاني:
"مَدَدْتُ يَدِي"/ "لأَلْتَقِطَ وَهَجًا أُسْطُورِيًّا يُرَمِّمُ ظِلِّيَ الْهُلاَمِيّ"/َ "لكِنَّكِ.. أَغْمَضْتِ وُرُودَ غُمُوضِكِ"/"وَرَشَقْتِ سَهْمَ شَقَاوَتِكِ الْمُشِعَّةِ"/"وَانْخِطَافًا... اصْطَدْتِنِي!؟ "/"كَيْفَ ذَا.. وَأَنَا مَنِ انْسَلَّ مِنْ خُرْمِ مُسْتَحِيلٍ؟".
وفي هذا المقطع نرى أن الشاعرة تخاطب قصيدتها تبوح لها عن قدَرها المجهول، فهي الحالمة الخارجة من خرم مستحيل إلى كوة عتمة في حشاها يتربص بها المستحيل، وفي خضم التخبط في هذه الفوضى، تلجأ إلى ألوانها المشاكسة وتستعين في الكشف عن حالتها النفسية بالاتكاء على الأساطير لترميم بقايا شظاياها.
وتقول في المقطع الثالث مخاطبة قصيدتها:
"تَسَلَّلْتُ إِلَيْكِ"/"عُصْفُورًا سُومَرِيًّا تُهَفْهِفُ بحَّتُهُ"/ "يَنْقُرُ حَبَّاتِ تِينِكِ المُعَسَّلِ"/
"كَمْ رَطَّبَهَا نَدَى جَمَالِكِ"/"تَذَوَّقْتُكِ قُرْبَانًا"/"تَخَمَّرْتِ بِكِ مَوَّالاً"/"وَمَا انْفَكَكْتُ أُغَرِّدُكِ صَدَى خَيَالٍ"/"يَمُو/////// جُ"/"بِي"/"مَمْهُو/////// رًا"/"مَأخوذًا بِدَلْعَنَةِ سِرِّكِ"/"تَسْتَلِبُهُ رَائِحَةُ سَمَائِكِ الْمَائِيَّةِ!".

ويحتاج الشاعر دائما لتأثيث نصه بالرموز المختلفة والأساطير ليوغل في أعماق النفس والكون ويسري بالقارئ إلى دلالات النص بطريقة تجعله يؤمن بالتجربة ولا يكتفي بتفسيرها…أضف إلى ذلك أن توظيف الشّاعر المعاصر للتّراث يضفي على عمله الإبداعي “عراقة وأصالة ويمثّل نوعا من امتداد الماضي في الحاضر وتغلغل الحاضر بجذوره في تربة الماضي الخصبة، كما أنّه يمنح الرؤية الشعرية نوعا من الشمول والكلية. (3)
فشاعرتنا في هذا المقطع وبحسب الأسطورة البابلية تلجأ لرسم أولى لوحاتها الفنية في خضم العتمة والتيه، فترسم نفسها عصفورا سومريا غريدا ينقر التين المعسل، فيخمر ويتخمَّر صوته ويحلو تغريده وعندلته ويحلق في أفق الخيال، حيث تسلبه رائحة السماء ويظل رهين الأفق والخيال صافنا ما بين حِلم وحُلم وما بين غد وأمس تشده إلى الأرض الغربة المغبرة، فتلجأ الشاعرة لتوظيف القناع، والقناع اصطلاحاً " وسيلة فنية لجأ إليها الشعراء للتعبير عن تجاربهم بصورة غير مباشرة، أو تقنية مستحدثة في الشعر العربي المعاصر شاع استخدامه منذ ستينيات القرن العشرين بتأثير الشعر الغربي وتقنياته المستحدثة، للتخفيف من حدّة الغنائية والمباشرة في الشعر، وذلك للحديث من خلال شخصية تراثية، عن تجربة معاصرة، بضمير المتكلم أو بتوجيه الخطاب إليها، أو من خلالها. وهكذا يندمج في القصيدة صوتان: صوت الشاعر، من خلال صوت الشخصية التي يعبّر الشاعر من خلالها". (4)
" فكل متلق يستقبل الشخصية المستدعاة ويتعامل معها وفق مكوناته الفكرية والنفسية، ويقوم السياق الذي ترد فيه بدور مهم في توجيه التلقي وتحقيق جدواه ".(5)
ويعمل تناوب السرد والحوار هنا في تشكيل القصيدة على تنوع الإيقاع، فالقصيدة التي تبدأ بداية سردية نرى أن إيقاعها يكون إيقاعاً بطيئاً بعض الشيء، إذ يتجه الخطاب نحو التفصيل والدخول في الجزئيات واستلهام أجواء ذاتية خاصة تقرب كثيراً من المونولوج الداخلي الذي يستدعي إعمال الذاكرة التأملية وما فيها من بطء وهدوء واستكانة ينسجم تماماً مع الأسلوب الحكائي الذي جاء عليه السرد "(6).
وتستمر الشاعرة في نصِّها في المقطع الرابع:
يتبع

ممدوح الرفاعي 06-14-2019 07:20 PM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
الأستاذ الدكتور ماجد جابر تحليل أدبي رائع ومكتمل
حقيقة تتضاءل الأستاذية عند علمكم

ماجد جابر 06-19-2019 12:58 AM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ممدوح الرفاعي (المشاركة 233896)
الأستاذ الدكتور ماجد جابر تحليل أدبي رائع ومكتمل
حقيقة تتضاءل الأستاذية عند علمكم


أشكر لك مرورك الجميل وتعليقك الرائع المفيد أستاذ ممدوح الرفاعي ومنابر علوم اللغة ترحب بك وبقلمك الجميل أجمل ترحيب.

تركي خلف 06-19-2019 05:14 AM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
سلمت الأيادى أخى الكريم. ماجد جابر
فى الإبداع والعطاء المستمر .. وفى نشر الجديد والمفيد
أُحييك على موضوعك الرائع والمميز.. تحياتى لك

:Untitled-6:

ماجد جابر 06-23-2019 01:17 PM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تركي خلف (المشاركة 234138)
سلمت الأيادى أخى الكريم. ماجد جابر
فى الإبداع والعطاء المستمر .. وفى نشر الجديد والمفيد
أُحييك على موضوعك الرائع والمميز.. تحياتى لك

:untitled-6:


أشكر لك مرورك الجميل وتعليقك الرائع المفيد أستاذ تركي خلف ومنابر علوم اللغة ترحب بك وبقلمك الجميل أجمل ترحيب.

ماجد جابر 06-23-2019 09:35 PM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
تكملة تحليل قصيدة فوضى ألواني المشاكسة
وتستمر الشاعرة في نصِّها في المقطع الرابع:
"بَيْنَ تُرَّهاتِ الزَّحْمَةِ الدّافِئَةِ بِكِ"/"بَ حَ ثْ تُ"/"عَنْ هَالاَتِ ضَوْئِكِ الْخَزَفِيِّ! "/
"أَنَا مَنْ بفَوْضَى أَلْوَانِي الْمُشَاكِسَةِ"/"تَسَرْبَلَتْنِي"/"فُقَاعَاتُ"/"الْغُرْبَةِ الْمُغْبَرَّة"/
"انْتَعَلَنِي حِذَاءُ افْتِقَادِكِ"/"وَخَشَعْتُ بَيْنَ مَسَافَاتِ الْغَدِ"/"أَتَشَهّى عَنَاقيِدَ حِلْمِكِ"/
"أَتَهَجَّى رُوَاءَ أَطْيَافِ أَمْسِكِ! ":
وفي هذا المقطع تتزاحم الصور الشعرية والانزياحات المختلفة التي تثير فكر المتلقي، فللزحمة مفارق وترهات دافئة كالماء، وللضوء هالات خزفية، وللألوان فوضى تتصارع وتتشاكس، وللغربة فقاعات كفقاعات الصابون، وللحلم عناقيد كعناقيد العنب، وللأمس أطياف رواء تتهجّى كما يتهجى المتعلم الحروف.
"إنَّ الصورة الشعريّة ليست إضافة تلجأ إليها الشاعرة لتجميل شعرها، بل هي لبّ العمل الشعريّ الذي يجب أن يتّسم بالرقّة، والصدق، والجمال، وتُعدّ عنصراً من عناصر الإبداع في الشعر، وجزءاً من الموقف الذي تمرّ به الشاعرة خلال تجاربها، وقد استطاعت الشاعرة من خلال استخدامها للصور الشعريّة أن تخرجَ عن المَألوف، ولا شكّ في أن للصورة الشعريّة وظيفتها وأهميّتها في العمليّة الشعريّة.. (7)
وفي الصور الشعرية يقوم الخيال ويلعب لعبته و"لا بدّ من الإشارة إلى أنَّ الصورة الشعريّة مُرتبِطة بالخيال؛ فهي وليدة خيال الشاعر وأفكاره؛ إذ يتيح الخيال للشاعرالدخول خلف الأشياء واستخراج أبعاد المعنى؛ لأنَّها طريقته لإخراج ما في قلبه وعقله إلى المحيط الخارجيّ ليشارك فكرته مع المتلقّي؛ لذلك ينبغي أن يكون الشاعر صاحب خيال واسع؛ لكي يتمكّن من تفجير أفكاره وإيصالها إلى المُتلقِّي. (8)
وفي المقطع الخامس تقول الشاعرة:
"سِنْدَريلايَ"/"هيَ ذِي ذَاكِرَتِي الْعَاقِرُ تَحْمِلُ بِكِ"/"تَلِدِينَني شَاعِرًا يَتَفَتَّقُ وَجْدًا"/
"يَهِيمُ بِنِيرَانِ تِيهِكِ"/"وَأَنَا الْمُفْعَمُ بِخَرِيرِ غَدِيرِكِ"/"أَ تَ أَ مَّ لُ كِ"/ "بِمَجَسَّاتِ حُرُوفِي"/ "أَتَحَسَّسُ رِهَامَ خَطْوِكِ"/"يُوَشْوِشُنِي غُوَايَةَ قَصِيدَةٍ رَاعِدَة!"/
"حُورِيَّتِي"/ "مَنْ بِهَا تَأْتَلِفُ دَمْعَتِي بِبَسْمَتِي"/"تلَمَّسِي بِدَبِيبِ صَلاَتِكِ"/"أَكْفَانَ"/
"دُرُوبِي"/"الْعَرْجَاءِ"/"عَسَانِي أَقُومُ"/"عَسَانِي أَفْتَرِشُ الْغَيْمَ هَسِيسَ هُرُوبٍ إِلَيْكِ!":
سِنْدَريلايَ": وفي السطر انزياح بالحذف، يتمثل بحذف حرف النداء، والنداء يفيد التحبب هنا، وتوظف الشاعرة في نصِّها أسطورة ساندريلا التي توفت أمها ويتزوج والدها امرأة أخرى تذيقها كل أصناف الظلم والمهانة وتنتهي ساندريلا بمقابلة أمير يعجب بها ويتزوج منها، وهنا تتخذ الشاعرة شخصية سانديلا كقناع، وكأني بالشاعرة تحلم بالتخلص من ضيقها وهمومها وكبواتها كما خلَّصت الأقدار واقع سانريلا و" يمثِّل القناع شخصية تاريخية – في الغالب – ( يختبئ الشاعر وراءها) ليعبر عن موقف يريده ، أو ليحاكم نقائص العصر الحديث من خلالها". (9)
ويزخر المقطع بالصور الفنية والانزياحات التي تغزو لهفة المتلقي وتثيره:
فتصور الشاعرة ذاكرتها بامرأة عاقر، والعاقر تحمل وتلد، وللتيه نيران تُهام بها، وللحروف مجسات، وللخطو رهام ومطر خفيف يوشوش كما يويشوش الإنسان شخصا آخر، وللصلاة دبيب، والدروب عرجاء لها أكفان، والغيم يُفترَش وله هسيس وصوت خفيف....

وتنشد في المقطع السادس:
"غَـــــاشِـــــيَـــــــتِـــــي"/"يَــــا مَـــــنْ تُـــــراوِحِــــيـــــــنَــــــــنِـــــي"/ "مَا بَيْنَ رَوَائِحِ دَمِي الْمُضْطَرِمِ بِكِ"/"أمْطِرِي قَلْبِيَ قَمِيصَ نُورٍ رَطِبٍ"/"وَمِنْ سُبَاتِهِ ابْعَثِيهِ حَيًّا بِكِ"/ "غَسّانِيًّا"/
"عَسَى يَخْفقُ حَرْفِيَ بِكِ"/"فَلاَ أَسْتَظِلُّ"/"بِبُرْجِ غَرِيمِي الْخُرَافِيِّ. "
وفي هذا المقطع تخاطب الشاعرة قصيدتها فتقول:
"غَـــــاشِـــــيَـــــــتِـــــي"/"يَــــا مَـــــنْ تُـــــراوِحِــــيـــــــنَــــــــنِـــــي": وحرف النداء في السطر الأول محذوف ويتكرر النداء في السطر الثاني، والنداء في الحالتين يفيد التحبب، تحبب الشاعرة لقصيدتها. وتتمنى الشاعرة في هذا المقطع أن تزول عن روحها الغمّة والاضطراب، ويكتنفا الجمال والبهاء،"غَسّانِيًّا": كناية عن الجمال والوضاءة، والقصيدة تحفل باستخدام الرمز وتوظيف الأسطورة و((أن الموقف الأسطوري في صميمه موقف شعري))(10)

لقد كان استعانة الشاعرة بهذه الصورة الشعرية أثر جلي على فكرها وعملها الإبداعي، إذ إنها من وجهتها الفنية توسع دائرة رؤيتها للتراث الإنساني، فتصنع التاريخ وأحداثه، والحكايات الشعبية المتوارثة وجمحات الخيال الموفقة، تصنع كل ذلك مصدرا لإلهامها، حيث يساوي الشاعر المعاصر بين هذه المصادر جميعا، مبتعدا بها عن قيود الحقيقة التاريخية والقداسة الدينية، إلى رحابة التشكيل الخيالي المبدع، غير مرتبط إلا بفنه موظفا هذه العناصر الأولية في عمله الجديد بمضمون تسري فيه روح عصرنا وهمومه. (11)
ونختتم تحليل هذه القصيدة ببيان أهمية توظيف الأسطورة، فالأسطورة وسيلة لا تحمل قيمة شعرية في ذاتها، وهي ليست مجرّد قصص وإنما هي نظرة إلى الحياة وتفسير لها لها، فإن الشاعر لا يلجأ إلى الأسطورة كمادة جاهزة، إنما يشكل أسطورته من خلال تجربته الشعرية، والشعر هو رؤيا قبل كل شيء، والشاعر يتصرّف في الرمز أو الأسطورة بحسب ما تتطلبه تجربته الشعرية، مما يعني أن جمالية الأسطورة والرمز لا تكمن في توظيفهما فحسب، وإنما تكمن في طريقة توظيفهما ومدى انسجامهما مع السياق والمعنى.
.

ولقد نجح بعض الشعراء في منح الأساطير سمة فنية ازدادت بها القصيدة أثرا وجمالا فنيا، إذ عدت بعض قصائدهم الأسطورية رائدة التحول الجذري في أسلوب الشعر العربي، فيتنقل فيها القارئ بين عالمين؛ عالم واقعي ينقل آلام الشاعر و أحزانه في الواقع ، وعالم أسطوري؛ يستحضر فيه أساطير غابرة ليبعث فيها الروح من جديد .

حاتم الحمَد 06-25-2019 11:15 PM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ العزيز والأستاذ الحبيب أبا جابر تتحفنا دائما بدراسات متزنة
وما هذا التحليل الأدبي إلا شاهد على جدية ماتطرح
فهنا تحليل أدبي بمستوى عال من الجودة والتمكن.
وحقيقة استمتعت بهذا التحليل .

الشكر والتقدير لجنابكم الكريم

بتول الدخيل 01-10-2020 01:20 PM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
تحليل رائع ومفيد جدا استاذي الكبير ماجد

باقة ود

ماجد جابر 05-31-2020 08:43 PM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حاتم الحمَد (المشاركة 234591)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ العزيز والأستاذ الحبيب أبا جابر تتحفنا دائما بدراسات متزنة
وما هذا التحليل الأدبي إلا شاهد على جدية ماتطرح
فهنا تحليل أدبي بمستوى عال من الجودة والتمكن.
وحقيقة استمتعت بهذا التحليل .

الشكر والتقدير لجنابكم الكريم


بارك الله فيك وفي مرورك الكريم وتعليقك الجميل أستاذنا القدير حاتم الحمد، ومنابر علوم اللغة ترحب بك وبقلمك الجميل...باقات ورد وتحاياي.

ماجد جابر 12-15-2020 06:12 PM

رد: الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بتول الدخيل (المشاركة 250171)
تحليل رائع ومفيد جدا استاذي الكبير ماجد

باقة ود


بارك الله فيك وفي مرورك الكريم وتعليقك الجميل أستاذة بتول الدخيل، ومنابر علوم اللغة ترحب بك وبقلمك الجميل...باقات ورد وتحاياي.


الساعة الآن 02:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team